بيروت - ندى سعيد
رغم السرية الشديدة التي يفرضها الممثل المصري عادل امام على اعماله ابتداء من فترة التحضير والتجهيز حتى انطلاق مرحلة التصوير، الا ان مشكلة جديدة أشبه بالقنبلة الموقوتة، تواجه احدث افلامه «حسن ومرقص»، لم يتوقعها احد، حيث انتشرت اخيرا على مواقع الانترنت ومن خلال بعض الاسطوانات مشاهد من فيلمه الجديد، تحتوي على ما يقرب من 20 دقيقة من مشاهد متفرقة من الفيلم الذي ما زال يتم تصويره حتى الآن.
الامر الذي أثار غضبه، وجعله يطلب من المنتج عماد الدين اديب صاحب الشركة المنتجة للفيلم التحقيق في هذه الواقعة، وبشكل خاص مع بعض العاملين في الفيلم سواء الانتاج او غيره للوصول الى من تسبب في تسريب هذه اللقطات.
وذكرت المعلومات ان امام يفكر جديا في تعديل بعض المشاهد التي تم تسريبها، ومن المحتمل ان يتم تصوير مشاهد اخرى، رغم ان تحقيق ذلك لن يكون سهلا، حيث سيتم عرض الفيلم خلال الموسم الصيفي.
ومن المتوقع ان يكون «حسن ومرقص» من اكثر الافلام التي ينتظرها الجمهور في الموسم السينمائي المقبل، لأنه يتناول الانسان المصري، مخاطبا في «نفس واحد» عنصري الدولة مسلمين واقباطا، فيتحدث عن الوحدة والتماسك والتعايش في مواجهة ظاهرة التعصب الديني.
وكانت الشركة المنتجة للعمل رصدت له ميزانية ضخمة نظرا لأجر عادل امام المرتفع الذي بلغ في هذا العمل 10 ملايين جنيه، ولأجر عمر الشريف ايضا الذي كان بمنزلة الصدمة للوسط الفني في مصر، اذ اشترط النجم العالمي الا يقل اجره عن مليون يورو، اي نحو 8 ملايين جنيه مصري وهو اجر كبير جدا وغير متوقع، وبذلك ستدفع جهة الانتاج 18 مليون جنيه مصري لبطلي الفيلم فقط بخلاف عناصر التمثيل الاخرى والمخرج والسيناريست والفنيين، بخلاف مصاريف الفيلم نفسه، وبهذا يمكن ان تتخطى ميزانية الفيلم حد الاربعين مليونا.
وكان العمل اشعل ازمة كبيرة في سوق السينما المصرية، والازمة بالطبع خاصة بالاجور، اذ ليس من الطبيعي او المنطقي ان تشتعل الاجور الى هذا الحد في سوق يخسر كل موسم ملايين الجنيهات.
وكان عادل امام اخذ موافقة من الكنيسة المصرية على الفيلم الذي جسد فيه شخصية قس، حيث اكد انه التقى البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية وتحدث معه عن الفيلم لأخذ رأيه في مشهد يعتبر محور احداث الفيلم، ورفض البابا مشهدا من الفيلم بخلع القس لثوبه، لأنه لا يجوز ان يخلع القس ملابسه الكنسية اطلاقا لأنها من امور العقيدة.
لذلك قام عادل امام بتغيير شخصية القس الى رجل كنيسة مسيحي عادي - مدرس مادة اللاهوت - من اجل عدم حرمان الفيلم من هذا المشهد المؤثر.
والزعيم كان يفترض ان يجسد شخصية القس الذي يتعرض لتهديدات من بعض المتطرفين من المسيحيين ويضطر الى خلع ملابسه والتخفي بحيث يرتدي ملابس شيخ، ثم يتعرض لموقف طريف، اذ يطلب منه الاهالي في المنطقة التي فر اليها القاء خطبة الجمعة في المسجد والاجابة في اعقابها عن اسئلة المصلين، كموقف كوميدي ساخر، ويهرب الى الاسكندرية في رحلة مثيرة، ويصل القس الى الاسكندرية ليفاجأ بنار الفتنة الطائفية المستعرة في استعادة لاحداث العام 2005 في ضاحية محرم بك، التي اندلعت بسبب عرض مسرحية داخل احدى الكنائس، وقد تفهم البابا شنودة هدف امام من تنفيذ الفيلم وهو معالجة مشكلة الفتنة الطائفية التي تطل برأسها بين حين وآخر على مصر.
وكذلك اكد يوسف معاطي كاتب العمل ان البابا شنودة الثالث، لم يعترض على تفاصيل فيلم «حسن ومرقص» ولم يضع اي محظورات عليه، بل رحب بالفكرة، وعرض تقديم العون في مناقشة اي تفاصيل اخرى تتعلق بالفيلم.
وكانت جلسة مطولة ضمت الفنان عادل امام مع البابا شنودة، واوضح معاطي قائلا: انه نظرا لما اثير حول الفيلم من جدل كثير، فقد اضطر الى عقد جلسة مطولة بصحبة عادل امام مع البابا شنودة استمرت ثلاث ساعات، ناقش خلالها البابا ادق التفاصيل الشخصية عن الفيلم.
وذكر معاطي انه قام «للمرة الاولى» بتسجيل فكرة الفيلم قبل كتابة السيناريو الخاص به، مشيرا الى انه اختار عنوان «حسن ومرقص» للفيلم رغم وجود فيلم قديم بعنوان «حسن ومرقص وكوهين» ليؤكد ان الازمة قائمة منذ ثورة 1919، ولكنها انحصرت بين حسن ومرقص.
ولفت معاطي الى الصعوبات العديدة التي واجهته في كتابة هذا الفيلم، واولاها ان البطل قسيس، وهي فكرة جريئة تحتاج الى شكل خاص في الكتابة والاهتمام بكل التفاصيل في الحوار.
ويشارك في بطولة الفيلم (كتبه يوسف معاطي ويخرجه رامي امام بعد اعتذار شريف عرفة عن عدم اخراجه لخلافات في وجهات النظر مع يوسف معاطي وتراجع وائل احسان عن اخراج الفيلم نظرا لتعاقده مع السبكي) الى جانب عادل امام كل من عمر الشريف، ولبلبة، ومحمد امام ويوسف داود وهناء الشوربجي وعباس ابوالحسن وشيرين عادل وزينب وهبي وضياء الميرغني وعدد كبير من الفنانين، وهو من تأليف يوسف معاطي، واخراج رامي امام، وانتاج شركة «غودنيوز»، وقد تعدت ميزانيته الثلاثين مليون جنيه، ويناقش الفيلم قضية الوحدة الوطنية بين طرفي المجتمع العربي من خلال علاقة بين رجل مسلم، ورجل دين مسيحي.
«حسن ومرقص» فيلم يجمع بين زعيم السينما المصرية والعربية النجم الكبير عادل امام ومعه النجم العالمي الكبير والنجم العربي الوحيد الذي استطاع ان يصل الى العالمية منذ بداياته السينمائية المصري عمر الشريف ليقدما معا فكرة لم تقدم في السينما المصرية منذ اكثر من 50 عاما، فكان آخر فيلمين يقدمان فكرة الترابط بين المسيحي والمسلم في مصر وتعاونهما ضد اي خطر يحدق بهما هما «حسن ومرقص وكوهين» عام 1954 و«فاطمة وماريكا وراشيل» عام 1949.
وكان قد بدأ تصوير «حسن ومرقص» منتصف فبراير الماضي في استديو مدينة السينما بالقاهرة، حيث قام م.عادل المغربي ببناء اول ديكورات الفيلم الذي يصور بين القاهرة والاسكندرية والمنيا بميزانية ضخمة ومفتوحة، وكان اول المشاهد ظهور عادل امام بزي مدرس لاهوت مسيحي يؤدي الطقوس الدينية في الكنيسة.
وقد اكد عادل امام ان فيلمه الجديد يعد وثيقة سياسية مهمة ترصد التسامح بين الاديان والوحدة الوطنية والعلاقة بين الاقباط والمسلمين، مشيرا الى ان الجمهور سيخرج من دور العرض بعد مشاهدته الفيلم وهو في حالة وئام تام بين المسلم والقبطي.
الصفحة الفنية في ملف ( pdf )