بيروت - ندى مفرج
من ساحة الحرية حيث كان تمثال الشهداء حاضرا إلى جانب الآلاف من اللبنانيين وكانت لحظة البداية بالنسبة للكثير من الشباب الذين وحدهم صوت ماجدة الرومي ودمجتهم مع أرضهم، أدت معهم النشيد الوطني اللبناني وامتزج صوتها بين صوت الأذان وأجراس الكنائس حين استهلت حفلتها بالوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء لبنان الذين سقطوا في الاحداث الاخيرة وفي الحرب المستمرة على ارض لبنان.
استمع الحضور للأغنيات التي أخذتهم بعيدا عن الاجتياحات القريبة والبعيدة، الجو الاحتفالي لم ينغصه شيء، غنت ماجدة للناس بعضا من أحلامهم، وأسمعتهم مع الفرقة الموسيقية بقيادة أيلي العليا ألحانا غابت عنهم منذ العام 2005 حين غنت في انتفاضة الاستقلال.
وأشارت الماجدة لـ «الأنباء» قبل اعتلائها المسرح: الساحة تختصر الوطن وأنا اطلق رسالة سلام، أنا ابنة هذه الارض وواجبي تجاه وطني الذي يمر بمراحل متشعبة تدخله الكبوات والاحزان، لكن الوطن يعود ليقف على رجليه، والحياة تستمر بالنهاية، كما ان هنالك ظلمة ونور، وناس يعملون للسلام وآخرون للحرب، لكن السلام أقوى وأجمل، ورسالتي ستكون وتبقى للسلام للبنان أرض السلام لان هذا هو ما يمليه علي ضميري.
تنوع واختلاف
أشعلت الفنانة ماجدة الرومي الجمهور القادم من بيروت ومن كافة المناطق اللبنانية ومن بلاد الاغتراب كان حشد كبير أتى خصيصا لحضور الحفل، أتى صوتها عاليا موحدا اللبنانيين مع أرضهم، جامعا التنوع والاختلاف من كل المناطق والمذاهب، كأنما في صوتها الوحدة التي افتقدوها خلال الشهر الماضي، وقد حضروا حفلتها التي امتدت إلى ما بعد منتصف الليل في وسط بيروت، ضمن فاعليات المهرجان الفني الذي أطلقته شركة «سوليدير» الثلاثاء الماضي.
كانت ليلة رائعة كما وصفها محبو ماجدة المنتشرون بكثرة في ساحة الشهداء، وقد امتدت السجادة الحمراء تحت قدميها، حضرت فرقتها الموسيقية باللباس الأبيض، كذلك أطلت بثياب بيضاء اللون ولم تغب الابتسامة عن شفتيها وبدت عليها علامات الرضا لتفاعل الناس معها، وقد كان الجمهور أكثر من راق التزم الصمت للاستماع اليها وأحرق التصفيق يديه وهو يصفق لها بحرارة، يستقيم العلم اللبناني وراءها وتسطع شعلة الحرية إلى جانبها، أما أمامها فيستقبلها جمهورها الكبير مرحبا بأعلام كتبت عليها عبارة «لبنان هو ماجدة وماجدة هي لبنان».
لبنانكم لبنانينا
تناغم الجمهور مع أغانيها كان سيد الموقف، كانت في ضيافة لبنان وكان هو في ضيافتها قدمت أغنية للفنان الراحل زكي ناصيف «اشتقنا كتير يا حبايب»، قبل أن يشتعل الجمهور فرحا على أغنية «لبنانكم لبنانينا»، فرفع الجمهور الأعلام اللبنانية، كما غنت للمرة الأولى قصيدة كتبها الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش ولحنها جوزيف خليفة بعنوان «أحلم بالزنابق البيضاء»، معتبرة أن القصيدة تمثل موقفها الشخصي ضد العنف.
ورغم أن الحفل كان وطنيا بحتا، إلا أن أجواء الرومانسية لم تغب عنه، ولم يصمد الجمهور أمام انفعالات الرومي مع أدائها أغانيها، وبينها أغنية «سيدي الرئيس» فانفعل بدوره ولكن من دون أن تؤدي انفعالاته إلى أي فوضى ليستمر المشهد بكل معاني السلام في لقاءعلى أرض الوطن بعيدا عن التعصب، احتل الحب والتعايش إيقاع أغانيها وامتزج في صوتها.
وسط بيروت
ارتفع صوت الماجدة وسط بيروت، والناس وكما يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش تمشي مع ماجدة الرومي كأنها تمشي في تظاهرة، فكان المشهد اشبه بتظاهرة الحياة والمدينة، صوت المدينة الذي لا يغيب الا ليحضر معها أكثر صلابة وعنادا وأكثر ابتكارا وابداعا فحضورها ظهر وكأنها ساحرة من ساحرات جماعة الفن والحرية ومن النساء العاشقات للبنان أولا فهي دائما تحيي حفلات مجانية، تصدر عنها مواقف تدافع فيها عن الوطن والإنسان وتقول أشياء ليست بعيدة عن المعنى السياسي للوطن الكيان والدستور والثقافة والحريات وحقوق الإنسان لا تقول لا للغناء لشعبها، عبرت الى الناس بطرائقها اللطيفة، محافظة على الايمان العميق ببلدها، أبعد حتى من الأمل والرجاء.
صارت ماجدة الرومي أغنية لا يكف الناس عن غنائها وصارت معها و«ست الدنيا» بيروت امرأة من قماشة الياسمين الدمشقي، والخواء الذي صرعه حب بيروت.
واللقاء يتجدد معها مرة ثانية وثالثة والانتماء الوطني كذلك في بيروت، كما بيت الدين، صوت يجيد اصلاح الكثير من الأشياء، أشياء الأحلام.
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )