دمشق – هدى العبود
اقترن اسم المخرج الكبير هيثم حقي بعشرات الأعمال الفنية الناجحة التي ستبقى طويلا في ذاكرة الناس فمن «التقرير، والأرجوحة، والنار والماء، واللعبة» في السينما الى «الأيام المتمردة، وسيرة آل الجلالي، والثريا، وذكريات الزمن القادم، والدغري، وهجرة القلوب الى القلوب، ودائرة النار» في التلفزيون.
أما جديد المخرج هيثم حقي سينمائيا فهو «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي» بعد ان سرقته الدراما التلفزيونية سنين طويلة، والفيلم من تأليف حقي أيضا، وبطولة فارس الحلو، باسم ياخور، قيس الشيخ نجيب، كندة علوش، ورامي حنا.
وقد أثير جدل واسع حول الفيلم قبل ان يعرض لاسيما من ناحية اعتراض الرقابة على بعض مشاهده، إلا أن المخرج حقي نفى ذلك وأكد ان العرض الأول للفيلم جرى في صالة سينما «الكندي» التابعة للمؤسسة العامة للسينما في سورية «جهة حكومية» ومن المقرر ان يعرض في صالات دمشق والمدن السورية. الحوار التالي مع المخرج هيثم حقي يكشف سر عودته الى السينما:
ما أسباب عودتك الى السينما بعد 30 عاما من الغياب؟
ظروف الانتاج الصعب في سورية جعل عودتي للسينما تتأخر، فبعد ان أنهيت دراستي في موسكو عملت في دائرة الانتاج السينمائي في التلفزيون السوري، وقد استطعت انجاز خمسة أفلام قصيرة وفيلم روائي طويل، وقد أنتجت هذه الدائرة مجموعة من الأعمال التي حازت جوائز قيمة في مهرجانات مهمة.
لكن ادارة التلفزيون ارتأت حينها ان مكان الانتاج السينمائي هو مؤسسة السينما وأوقفت إنتاج الأفلام.
وتوجهنا الى المؤسسة التي قمت فيها بإخراج الفيلم الروائي القصير «اللعبة» عام 1979.
واكتشفت في ذلك الوقت ان سورية لن تنتج أكثر من فيلم سينمائي واحد في العام فدخلت مجال الدراما التلفزيونية.
لكن الفيلم السينمائي ظل دائما مشروعا قائما وتقدمت بهذا المشروع لـ «أوربت» التي تجاوبت معي.
ألا تعتقد انك تغامر بهذا المشروع في الوقت الذي تحقق فيه الدراما السورية نجومية مميزة؟
ليس هناك تناقض بين ان تكون لدينا صناعة درامية تلفزيونية وصناعة سينمائية بل على العكس هناك تكامل بينهما، اذ يستفيد كل منهما من الآخر، ودليلي على ذلك اننا في شركة «ريل فيلمز»، التي أديرها أنتجنا عددا كبيرا من الأعمال التلفزيونية هذا العام: «الحصرم الشامي2، وأولاد القيمرية بجزأيه» وسلسلة «أناشيد المطر» المؤلفة من ثلاثة مسلسلات، الى جانب الأفلام السينمائية، كذلك لابد من الاشارة الى نقطة ذات أهمية شديدة وهي اننا استطعنا بواسطة الدراما التلفزيونية ان ننتشر عربيا، وأنا مؤمن بأن الفيلم السينمائي هو سبيلنا الى السوق العالمية، ولنا في السينما الإيرانية خير مثال.
ما مشروع هيثم حقي القادم بعد «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي»؟
هذا الفيلم هو باكورة إنتاجنا لكننا أنتجنا معه في «ريل فيلمز» الفيلم المصري «بصرة» تأليف واخراج أحمد رشوان وبطولة باسم سمرة.
كما تم انتاج الفيلم السوري «رقصة النسر»، تأليف واخراج نضال الدبس وبطولة سلوم حداد وقمر خلف ومهند قطيش.
ويجري حاليا تصوير فيلم «الليل الطويل» من تأليفي ومن اخراج المبدع حاتم علي ومن بطولة خالد تاجا وأمل عرفة وزهير عبدالكريم وباسل خياط وآخرين.
ويتم التحضير في مصر لتصوير فيلم «الطريق الدائري» تأليف واخراج تامر عزت، وهناك فيلم للمخرج السوري المعروف عبداللطيف عبدالحميد سيتم تصويره خلال هذا العام.
ما الفكرة التي يسعى فيلم «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي» لإيصالها وماذا عن الغايات والمقاصد من وراء طرحها؟
بدأت فكرة «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي» عندما قرأت حكاية غيلان الدمشقي في كتاب قديم لمحمد عمارة اسمه «مسلمون ثوار».
وكنت قد كتبت قصة عن مؤلف يتلصص على قمرجي قواد وعاهرة، ويقوم في الوقت نفسه بكتابة روايته التي يبدو فيها عكس ما هو عليه في الحياة.
ففي حين نراه خائفا مقموعا غير قادر على التواصل يكون في روايته محبوبا شجاعا.. الى آخره، ثم خطر لي ان غيلان الدمشقي مثقف ذلك الزمان الذي صمد مصلوبا ولم يتوقف عن حث الناس على إحقاق العدل حسبما تروي أسطورته، يمثل النقيض لهذا النوع من المثقفين المهزومين غير القادرين على أي فعل، وهم في أوهامهم يترددون بين ان يكونوا سلطة ليحصلوا على ما يشتهون وبين ان يأخذوا شرف الموقف الشجاع الذي يدفع الإنسان ثمنه غاليا، لذا قررت ان أجمع كل هذا في فيلم واحد، وأعدت صياغة السيناريو على هذا الأساس، وقمت بربط التاريخي بالمعاصر، واستحضرت النهضويين الذين رفضوا الاستسلام للواقع وسعوا الى تغييره، ولم يقبلوا الانجرار مع السائد، مقابل مثقف مهزوم لا يمثل كل المثقفين حسبما أراد البعض ان يفهم، ففي الفيلم مجموعة شباب مثقفين فاعلين وتغييريين تمثلهم جارة البطل سناء وحبيبها ورفاقهم، فالمثقفون أشكال وأنواع ومذاهب فكرية متناقضة، وكما ان هناك من تبيع نفسها مقابل مال أو مركز اجتماعي أو حياة مرفهة، فإن هناك من المثقفين طوال الزمان وعبر التاريخ والحاضر من يفعل ذلك، كما ان هناك من كان ولايزال يدفع ثمنا غاليا لمواقفه.
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )