كان مشهد اختي اجيال وهي جالسة شاردة الذهن، وقد اتكأت على خدها بيدها مشهدا اقلقني، فسألتها: ما بك؟ ما الذي اعتراك وأحزنك وأبكاك؟
أجابت: صورة أبي الغالي تتراءى لي في كل ركن ومكان بصوته وبنظرته وبضحكته، اشتاق لذلك الحنان.
قلت: صدقيني أبي لم يغب عن مخيلتي لحظة واحدة فأنا أراه في وصال بالمحبة، أراه في ابتهال بالتواصل، اراه في اعتدال بالتسامح، وبالكرم أراه في مشعل.
أراه في جمال كل قيمة جميلة اعيشها او اسمعها او احس بها، أحبه كل يوم اكثر من ذي قبل.
قالت: لقد انتهى وجوده بيننا سينساه الناس.
قلت: اهله واحبابه سيذكرونه على الدوام أبدا لن ينسوه مهما طالت وتوالت السنون والاعوام.
اقتربي مني يا اجيال، سأحكي لك عن ابي الغالي، لقد رحل عنا بالجسد، لكنه لايزال حيا في قلوبنا، نراه في كل مكان وأينما نذهب، أبي الصديق الصدوق الذي جعل المحبة والصراحة والصدق المبدأ الأعلى لنا.
أجيال، إن أبانا رحل وترك وراءه ثروة من الحب في قلب كل من خالطوه، كتبوا عنه حيا فمدحوه وكتبوا عنه راحلا فأبّنوه ورثوه، حتى انه باسم «سفير الحب» سموه.
شهدوا له بالوفاء والطيبة، بالعطاء والتضحية، بالكرم والسخاء، مواقفه نبيلة يذكرها الاحباب والاغراب، مواقفه تجعلني واياك نفخر بوالدنا الخلوق.
اجيال، ان كل الاجيال أحبته ولا تزال تحبه معنا.
قالوا عنه الكثير، قالوا: انه رحل عنا بابتسامته وسماحته.
قالوا: لقد خلف سيرة عطرة وتاريخا مشرفا وفراغا لن يملأه أحد من بعده.
قالوا: انه فنان لا يشبه الا نفسه.
قالوا: هو صاحب التلقائية، والابتسامة الهادئة الشهيرة.
قالوا: انه نجم اجتمعت فيه مواصفات الفنان الانسان.
أبي يا اجيال ترك لنا رصيدا مشرفا من حب الناس والسيرة الحميدة الباعثة على الفخر.
أزاحت أجيال يدها ومسحت بها دموع الشوق لرؤياك يا أبي وارتسمت ابتسامة هادئة ورثتها منك، فقد رأتك فعلا بين سطور الحوار وفي معاني الكلام، فهدأت نفسها، وتنفست الصعداء.
رحمة الله عليك يا أبي
وأسكنك فسيح جناته
ابنتك المحبة
منال محمد سريع السريع
الصفحة الفنية في ملف ( pdf )