ندى شيرازي
«ستكون اكبر مفاجأة في التاريخ الحديث لجوائز الأوسكار اذا فاز فيلم غير «المليونير المتشرد» بأوسكار أفضل فيلم» هذه الجملة احدى الجمل التي عبرت عن آراء نقاد هوليوود قبل حفل الاوسكار عن هذا الفيلم الذي لم يخيب التوقعات وفاز بحصة الأسد في الحفل الـ 81 حاصدا ثماني جوائز ابرزها «أفضل فيلم» ليصبح ثالث الافلام الهندية في تاريخ الاوسكار بعد فيلمي «غاندي» و«العبور إلى الهند» ولتؤكد بوليوود تميزها السينمائي ومنافستها لهوليوود وما الجوائز الثمانية التي حصدها «المليونير» إلا دليل على هذا الأمر لينضم بذلك الى قائمة الافلام الكبار في تاريخ الاوسكار، خاصة اذا ما علمنا انه قبل فيلم «المليونير» فاز فقط سبعة افلام بثماني جوائز أو أكثر في الاوسكار.
وتغلب «المليونير» ذو الميزانية الـ 15 مليون دولار فقط على «حالة بنجامين الغريبة» صاحب ميزانية الـ 150 مليون دولار والذي اكتفى بثلاث جوائز ثانوية بعد ترشحه لثلاث عشرة جائزة.
وخلت حفلة الأوسكار الـ 81 من المفاجآت الثقيلة وجاءت النتائج متفقة في معظمها مع آراء النقاد والتحليلات التي ظهرت ولعل المفاجأة الوحيدة كانت في خسارة «ميكي رورك» جائزة أفضل ممثل وذهابها لشون بين عن فيلم «ميلك»، أما المفاجأة الثانية فكانت بفوز فيلم «ديبار تشرز» الياباني بفئة أفضل فيلم اجنبي متغلبا على الفيلم الاسرائيلي «فالس مع بشير».
الفائز الأكبر
لا شك في أن نجم الاوسكار الـ 81 هو فيلم «المليونير المتشرد» الذي اكتسح الافلام المتنافسة بثماني جوائز في انتصار مميز لفيلم كاد الا يحصل على حق العرض ولم يكن من المقرر ان يعرض في الصالات العالمية.
ويدور الفيلم المفعم بالأمل حول فتى هندي فقير يشارك في برنامج «من سيربح المليون» لكسب المال والحب فكسب ثماني جوائز تاريخية اهمها افضل فيلم وافضل مخرج للبريطاني داني بويل.
وحصل سايمون بيفوي كاتب سيناريو الفيلم على «اوسكار» لافضل سيناريو اعد للسينما، وحصد «المليونير المتشرد» ايضا جوائز «أوسكار» لافضل تصوير وافضل مؤثرات صوتية وافضل مونتاج وافضل موسيقى للمؤلف الموسيقي ا.ر.رحمن وافضل اغنية.
وتعرض الفيلم قبل نجاحاته لمشاكل عديدة عندما تخلت عنه جهة الانتاج الأساسية عنه وهي استديوهات وارنر اندبندنت بيكتشرز التابعة لشركة وارنر بروس العملاقة، ولكن في نهاية الأمر انقذت استديوهات فوكس سيرشينج لايت بيكتشرز الفيلم وعرض في نوفمبر الماضي.
وقال بويل في الكواليس للصحافيين بعد حصوله على جائزة أوسكار افضل مخرج «الفيلم يروي قصة حب ولكنها غير ظاهرة، العمود الفقري للفيلم هو برنامج المسابقات ولكن اذا نظرتم الى ما وراء ذلك فستجدون قصة أخرى مستترة وهي قصة الحب».
والفوز الكبير الذي حققه «المليونير المتشرد» أضفى أجواء تفاؤل على الأوسكار وسط كساد عالمي بعد ان سيطرت في السنوات الأخيرة أفلام الجريمة المظلمة مثل فيلمي «لا مكان للعجائز» و«الراحلون» على جوائز أوسكار لأفضل فيلم.
والفئة الوحيدة التي لم يحصل فيها «المليونير المتشرد» على جوائز كانت في التمثيل الذي حصد نجوم بارزون جوائزه.
وتحدث منتج الفيلم كريستين كولسون عن تسلمه الجائزة عن «الرحلة الرائعة» للفيلم الذي صور بميزانية 15 مليون دولار وحصد حتى الآن ايرادات عالمية تصل الى 160 مليونا. وقال «عندما انطلقنا لم يكن لدينا نجوم ولا نفوذ ولا عضلات. لم يكن لدينا ما يكفي من المال للقيام بما نريد القيام به. لكن كان لدينا سيناريو اغرم به كل الذين اطلعوا عليه».
واضاف المنتج «كنا مسلحين بالشغف والايمان وعندما نتحلى بهاتين الصفتين كل شيء ممكن».
الخاسر الأكبر
اذا كان «المليونير المتشرد» هو الفائز الأكبر فإن «حالة بنجامين الغريبة» هو الخاسر الأكبر بعد اكتفائه بجوائز أفضل اخراج فني وأفضل مكياج وأفضل مؤثرات بصرية واكتفى بهذه الجوائز الثلاث الثانوية بعدما كان مرشحا لثلاث عشرة جائزة أبرزها كان أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل مخرج.
ورغم ان الفيلم أثار الاعجاب العالمي لغرابة وجمالية قصته للمؤلف الأسطوري سكوت فيتسجيرالد عن شخص ولد وهو يحمل ملامح رجل عجوز الا ان الأكاديمية فضلت «البؤس والفقر في مدن الصفيح في بومباي» على حالة بنجامين.
«ميلك» و«بن»
لم يستطع المصارع ميكي روك ان يوجه الضربة القاضية الى زملائه فباغته «شون بن» الذي انتزع جائزة أفضل ممثل عن دوره في فليم «ميلك» بعدما كانت كل الترشيحات تصب لصالح روك عن دوره في فيلم المصارع متفوقا أيضا على فرانك لانغيلا في «فروست ـ نيكسون» وريتشارد جينكنز في فيلم «الزائر» وبراد پيت في فيلم «حالة بنجامين الغريبة».
وفاز «بن» بالجائزة بعد خمس سنوات على نيله جائزة أوسكار لأفضل ممثل عن فيلم «ميستيك ريفر».
وقال بن لدى تسلمه الجائزة «أشكركم. لم أكن أتوقع هذا الفوز».
واوضح «انني فخور لأنني أعيش في بلد ينتخب رجلا أنيقا رئيسا وينتج فنانين شجعانا».
وتابع موجها كلامه الى ميكي رورك الذي رشح في الفئة نفسها «فنانون شجعان تخطوا تحديات كبيرة رغم احساسهم المرهف».
وخلـــص الى القــــول انه بعد سنــــوات من الضــــياع «تمكن (رورك) الذي أعده شقيــــقا من النهـــوض وتجاوز المحن».
الجوكر يفوز
أما في فئة أفضل ممثل مساعد فقد كان التأثر الشديد سيد الموقف في مسرح كوداك عندما منح الممثل الأسترالي هيث ليدجر جائزة أوسكار أفضل ممثل في دور ثان عن دوره في فيلم «باتمان ـ دي دارك نايت» (باتمان ـ فارس الظلام) بعد 13 شهرا على وفاته اثر تناوله جرعة زائدة من الأدوية في عمر 28 عاما.
وقالت كيت ليدجر شقيقة الممثل الراحل الى جانب والديها بعد تسلم الجائزة «كنا نعرف كلانا ان ما انجزته من خلال دور ـ الجوكر ـ كان مميزا جدا وتحدثنا عن اننا سنكون هنا في هذا اليوم العظيم».
وأعرب بعدها كيم ليدجر والد الممثل الأسترالي الراحل هيث ليدجر عن فرحته وفخره بتسلم جائزة الأوسكار التي فاز بها ابنه لأنها تكريم لتصميمه وعزمه الكبيرين.
وتوجه كيم ليدجر الى الحفل المحتشد بالنجوم فقال «أنا أشعر بتواضع كبير كوني بين كل هؤلاء الأشخاص الرائعين في هذا القطاع الرائع وهذه الجائزة تدعم تصميم هيث الكامل لأن تقبلوه بشكل حقيقي، جميعكم هنا زملاؤه في الصناعة التي كان يحبها كثيرا».
وقالت الوالدة «سعدنا كثيرا بالشرف والاحترام الذي منحتموه (لابني) من خلال هذه الجائزة والليلة هي للفرح والاحتفال بانجازاته».
أما كايت شقيقة ليدجر فقالت: «نفتخر بتسلم الجائزة نيابة عن الطفلة الجميلة ماتيلدا» في اشارة منها الى ابنة اخيها البالغة من العمر (3 سنوات).
يشار الى ان ليدجر فاز بجائزة أوسكار «أفضل ممثل مساعد» ليكون ثاني ممثل يفوز بالجائزة بعد وفاته. وكان الممثل الأميركي بيتر فينش قد فاز بجائزة «أفضل ممثل» بعد شهرين على وفاته في يناير 1977 عن دوره في فيلم «الشبكة».
وينسليت والشامبو
وأكدت الأكاديمية رغبتها الدائمة في تكريم الأفلام التي تعالج «المحرقة اليهودية» بفوز الممثلة البريطانية كيت وينسليت بجائزة أفضل ممثلة بعد خمسة ترشيحات سابقة خرجت منها خالية الوفاض ليكون هذا الأوسكار الأول في حياتها.
وتغلبت وينسليت على كل من ميريل ستريب «الشك» وآن هانواي «راشيل تتزوج» وانچيلينا چولي «التبديل» وميلسا ليو «النهر المتجمد».
وتلعب وينسليت في فيلم «ذي ريدر» «القارئ» دور هانا شميت وهي ألمانية يشتبه في ارتكابها جرائم خلال الحرب العالمية الثانية.
وأهدت وينسليت الجائزة الى طفليها وأشادت بمنافساتها لاسيما ميريل ستريب التي رشحت للفوز 15 مرة بجائزة أوسكار خلال حياتها الفنية.
وقالت «لا يمكنني ان أصدق انني في الفئة ذاتها مع ميريل ستريب، أنا آسفة ميريل لكن ينبغي عليك تقبل ذلك».
وأكدت الممثلة البريطانية التي غلبها التأثر انها تمرنت على كلمة الشكر هذه أمام مرآة الحمام وهي في سن الثامنة حاملة علبة الشامبو بدلا من الجائزة. وقالت «أما اليوم فلم يعد بين يدي علبة شامبو».
كروز تدخل التاريخ الإسباني
أصبحت بينلوبي كروز أول ممثلة إسبانية تحصل على جائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «فيكي كريستا برشلونة» للمخرجة وودي آلن متفوقة على كل من إيمي آدامز عن دورها في فيلم «الشك»، وفيولا ديفيز عن «الشك»، وتاراجي بي هنسون عن «حالة بنيامين بوتون الغريبة»، وماريسا تومي عن «المصارعة».
وتلعب كروز في الفيلم دور امرأة إسبانية تقيم علاقة مزدوجة مع زوجها السابق وأيضا مع امرأة أميركية، وهذه هي المرة الخامسة التي يخرج فيها وودي آلن فيلما تحصل فيه الممثلة المساعدة على جائزة أوسكار عن دورها.
داني والدب
وحطت جائزة أفضل مخرج عند داني بويل عن فيلم «المليونير المتشرد» متفوقا على كل من ديڤيد فينشر عن «حالة بنيامين بوتون الغريبة»، ورون هوارد عن «فروست ـ نيكسون»، وغوس فان سانت عن «ميلك»، وستيفن دالدري عن «القارئ».
وتحدث بويل عند تسلمه الجائزة قائلا انه وعد أولاده بأنه في حال فاز يوما بالأوسكار فسيقبلها بروح «تيغر» في الدب «ويني». وتوجه الى الجمهور قائلا «كنتم كرماء جدا معنا هذه الليلة وأود ان أشكركم كثيرا».
كبرى المفاجآت
حقق تتويج الفيلم الياباني «ديبارتشرز» كأفضل فيلم بلغة أجنبية أكبر مفاجأة في حفل توزيع جوائز الأوسكار بعدما توقع الجميع فوز الفيلم الإسرائيلي «فالس مع بير» بالجائزة، ويلعب بطل الفيلم ماساهيرو موتوكي دور عازف فيولونسيل (تشيلو) في فرقة موسيقية، لكن في الوقت الذي أنفق فيه أغلب مدخراته لشراء آلة فيولونسيل جديدة تُحل الفرقة.
ليجد نفسه بلا عمل، فرجع عائدا الى بلده مع زوجته للبحث عن عمل والبدء من جديد.
ويتقدم لنيل وظيفة في إعلان مبوب بعنوان «ديبارتشرز» وتعني باللغة الانجليزية المغادرين في المطار أو الراحلين عن الدنيا معتقدا انه إعلان لوكالة سفر، لكنه يكتشف انه إعلان لطلب متخصص جنازات يعد الجثث للدفن والانتقال للحياة الأخرى.
تزدري زوجته وأصدقاؤه وظيفته الجديدة، لكنه يبدأ في إتقان هذه الشعائر ويجد نفسه ومعنى لحياته في تنظيم عملية الانتقال بين الحياة والموت.
واعترف المخرج الياباني في وقت لاحق بأنه كان يتوقع ان يفوز الفيلم الإسرائيلي بالجائزة.
وقال، وفقا لمجلة «فاريني»: «لا أصدق الأمر، انه أمر لا يصدق.. دائما ما تفوز نوعية أفلام الساموراي التقليدية بجوائز الأوسكار، وهذه هي المرة الأولي التي يفوز فيها فيلم يصور اليابان الحديثة بجائزة الأوسكار».
تغطية خاصة في ملف ( pdf )