- «يا غاية الروح» قريباً.. والبعيجان أكثر من شجعني على الغناء.. انسحابي من «روتانا» بسبب التوزيع السيئ وسياسة الاحتكار.. وراضٍ عن المقابلات الإعلامية ويكفيني تكريم كبار الشخصيات وحب الجمهور
- لم أتأثر بمطرب وإنما تأثرت بالأغنية الناجحة.. والعود مترجم المغني وإيقاع الإحساس وأعرفه سماعياً.. وعبدالكريم عبدالقادر لم يأخذ حقه ورابح صقر ذكي في اختيار ألوانه
- الموجي مدرسة الذوق الموسيقي الرفيع وأخلاقيات جمّة وأولاده على نهجه.. والشريعي «عجيب» وباقر لا يراجع وراءه أحد
- الأغنيات التراثية ذهبت ولن تعود والممكن الوحيد الحفاظ عليها .. والفنون التراثية تحتاج لمن يتقنها
- يمكن للفنان أن يغني بغير لهجته.. ولا أؤيد الاقتباس لأنه حق لمن ذهب
- أنصح الشباب بالحفاظ على اللون الكويتي لأن الأغنية تسجل على الفنان طول عمره
حوار - أميرة عزام
المطرب الفنان مصطفى أحمد حل ضيفا على ديوانية «الأنباء» في لقاء فني، كشف خلاله عن أغنية جديدة سيطلقها قريبا بعنوان «يا غاية الروح»، ولقطات من محطاته الفنية، كما لفت الى الفروقات الهائلة بين النظرة للمطرب الأمس واليوم وصناع الأغنية الكويتية في الماضي القريب والحاضر والتوقعات لمستقبل التراث الفني الكويتي.
ومع الكثير من الهموم التي يواجهها الوسط الفني حاليا سواء في تكلفة الإنتاج أو الصراع بين ما يواكب الأسواق وما يؤرخ الهوية ويحفظ التراث والحقوق، تسلسلت محاور اللقاء كالتالي:في البداية، أعلن الفنان عن الأغنية الجديدة التي سيقدمها قريبا بعد انقطاع طويل بعنوان «يا غاية الروح» وهي من كلمات ناشي الحربي وألحان إبراهيم طامي وهي عاطفية ممزوجة باللون القادري.
وفي أول لقطة لمشواره، صرح بأن اسمه الكامل هو مصطفى أحمد محمد الراشد، موضحا ان الفنان يحيى أحمد هو «اخو دنيا» ويشتركان في البدايات الفنية، لافتا الى ان بداية نشاطه الفني كانت مقتصرة على الجلسات الغنائية الخاصة بمشاركة الشاعر مبارك الحديبي والملحن عبدالرحمن البعيجان، وان برنامج «ركن» الهواة قد شكّل بداية ظهوره الإعلامي عام 1961، مشيرا لتسمية مدير البرامج آنذاك محمد الصوان «فتى الكويت» كلقبٍ له بسبب العادات والتقاليد التي تنظر للمطرب دونيا، اضافة الى خشيته على مشاعر الوالد والعائلة المعروفة والتي حتما سترفض ان يكون احد أبنائها مغنيا!
وعن انسحابه من «روتانا»، اكد الفنان ان آخر البوم له كان مع «روتانا» عام 1989 بسبب التوزيع السيئ لأغنياته وألبوماته التي طلبها أصدقاؤه في البحرين ولم يصلهم، إضافة الى سياسة الاحتكار التي تمنعه من إهداء إحدى الأغنيات القديمة للإذاعة موضحا انه قد وقع العقد دون الانتبــاه للعديد مــن الفقرات والبنود التي لم يفهمها مما اضطره للانسحاب.
وفي لقطة لأولى أغانيه في ستديو الموسيقى في إذاعـــة الكويت عام 1963 بعنــوان «ليش تنسى الأيام» وهي من تأليف وألحان عبدالرحمن البعيجان، أكد المطرب مصطفى احمد ان البعيجان هو اكثر من شجعه على الغناء رغم انه لم يكن يفكر في الوصول الى شهرة وانما احب التعبير عن هوايته، مكررا عباراته المشهورة: «أختار ما يناسبني من الألحان والكلمات التي تعطيني أبعادا ومعانٍي صادقة أحسّ بها وأعايش كلماتها وأترنّم بلحنها» و«الفن بالنسبة لي هواية وليس احترافا» و«لم أقلد أحداً ولم أتأثر بمطرب، وإنما تأثرت بالأغنية الناجحة».
وفي طرفة تنم عن إحساسه المرهف، أشار الى معلم الموسيقى محمد صالح الذي كان يمرّن الموهوبين عام 1962 وقد طلب منه ألا يعاود الحضور مع الآخرين لإجادته العزف على العود «سماعيا» فعندما يسمع اي لحن يقوم بعزفه، مما ساعده على التمكن من الأداء.
وعن طريقة التسجيل الصعبة التي عايشها فنانو الماضي، شرح أحمد أن التسجيل لم يكن سهلا كما تفعل التكنولوجيا الحديثة الآن، فكان عليه أن يجالس العازفين والملحن والصوتيين صباح مساء وإذا اخطأ احدهم، قال: على الجميع أن يعيد العمل كاملاً، أما الآن فكل «تراك» يتم تسجيله منفردا كما يتم تعديل أصوات المطرب والمجموعة ولا يكون الصوت على حقيقته كما في الماضي!
وحول اشتهاره بالسامري والعود، علّق المطرب ان السامري فن يحبه كثيرا كما أحبه اهل الكويت جميعهم وكذلك العرضة، أما عن ارتباطه بالعود، كأغلب فناني الزمن الجميل، فقال: «العود هو مترجم المغني وإيقاع الإحساس ويختلف من عازف لآخر حسب قوة إحساسه والجماليات الرقيقة التي يمكن إضافتها».
وفي لقطات لعلاقاته العميقة مع كبار الفنانين في مصر، اكد احمد على عظيم الثقة والمودة التي جمعته بـ «الموجي» الذي وصفه بالأخلاقيات الجمّة ومدرسة الذوق الموسيقي الرفيع فلم يكن يطالبه أو يشترط عليه أي مبلغ نظير تسجيل أغانيه، كما ان أولاده الذين لا يزالون يذكرون مدح والدهم له يتبعون منهجه الراقي، ذاكرا موقفا احتاج فيه لتنازل من اجل تجديد أغنية «عمر الورد» لتقديمه لـ«روتانا» فلم يمانع أبناء الموجي، مفيدا ان التنازلات في الماضي لم تكن مهمة كما الوقت الحاضر، كما ذكر موقفا لـ محمد حلاوة الذي طالبه بان يغني باللهجة المصرية ولكنه اعتذر لوجود فطاحل الفن المصري.
وكذلك ذكر ان الفنان عمار الشريعي ممتاز و«عجيب» في عمله، وربطه معه بعض الأعمال التي سجلها بمساعدة الفنان الكويتي المتميز احمد باقر، الذي لم يكن يراجع وراءه أحدا لضمان دقته في العمل.
أما عن رأيه في ان يغني المطرب بغير لهجته، فقد أيد ذلك، وضرب احمد العديد من النماذج لفنانين كبار غنوا للكويت مثل عبدالحليم الذي استطاع إيصال رسالته رغم اختلاف لهجته وكذلك وديع الصافي وأم كلثوم وعبدالوهاب ونجاة وغيرهم.
وعن الأغنيات التراثية، اعتقد احمد أنها ذهبت ولن تعود، لاختلاف ميول الأجيال نحوها، وأن الممكن الوحيد لبقائها هو الحفاظ عليها او بالأحرى على ما تبقى منها، معتبرا ان «الأوبريتات» اجتهادات من أصحابها لأن الفنون التراثية تحتاج الى من يتقن ألوانها كالبحريات والقادري وغيرها من الألوان النادرة، مصرحا بأنه لم يسبق له الغناء في أوبريت لأنه ليس لونه كما انه لم يُدعى اليها، مبينا انه سجل بعض الأغنيات الوطنية كتكليف من الوزارة في العيد الماضي، وإذا وجدت كلمات جيدة وألحانا حلوة فلِمَ لا؟، متابعاً ان «كلام التراث ثقيل»، مقارنا كذلك بين المسرح الكويتي في الماضي والحاضر، مبديا أسفه لاختفاء الهوية الكويتية.
أما عن دور «الأنباء» في حياته كمطرب، فقال: لـ«الأنباء» فضل كبير بالانتشار وذلك من خلال الدعم الذي وجدته من قبل مؤسس «الأنباء» العم خالد المرزوق الله يرحمه، وهذا ليس غريبا على عائلة المرزوق.
ونصح الشباب بالحفاظ على اللون الكويتي لأن الأغنية تسجل على الفنان طول عمره، مشيدا باللون الإماراتي المحافظ على هويته، بينما في اغلب الدول العربية حتى في مصر اختفت الأغنية الجميلة من مستوى كلمات وألحان عذبة.
وتابع الفنان حديثه، لافتا إلى اهم الأغنيات التي شعر بانجذاب جمهوره إليها وهي «ما دريت» و«وايد وايد» وأغنية «ترى الليل» التي أعادت غناءها الفنانة نوال، أما شيلة «يقول الشمري» فهي سعودية أعاد غناءها لإعجابه بها، مشددا على ضرورة استئذان المطرب قبل غنائه لأغنية نظيره او من سبقه، كما يجب ان يجيد المطرب هذه الأغنية ويراجع كلماتها مع صاحبها، خاصة إذا كانت من التراث الثقيل حتى لا «يتفشل» أمام جمهوره، وهو ما حدث عندما غنى احد المطربين أغنية قديمة له.
أما عن الاقتباس، فأكد احمد عدم تأييده للنيل من ألحان وكلمات الغير لأنه حق لمن ذهب، مستشهدا بالفنان محمد عبده الذي استأذنه في أغنية «يا عزوتي يا ترى» فقدّر له استئذانه ولكن أفاده بأن اللحن ليس له ثم كتب له فيصل الغريب على لحنها «غريب والله غريب».
ومن جانب عائلي، كشف عن أبوته الحانية لولديه مشعل وأحمد، فمشعل يتابع الفن من بعيد، اما ولده احمد فهو «دزينر كرفت»، موضحا انه بخلاف الجيل السابق لا ينكر على أولاده من الأجيال الجديدة الالتحاق بالفن أو ما يملكونه من موهبة لأن النظرة تغيرت.
وبسؤاله عما اذا كان راضيا عن مقابلاته الإعلامية والصحافية، أفاد بأنه راضٍ ومقتنع بأنه قد نال حقه، لافتا الى تكريم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب له في مهرجان القرين العام الماضي، كما كرمه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، وكذلك الشيخ فيصل المالك حينما كان وكيلا للإذاعة، مكتفيا باحتفاء كبار الشخصيات والمسؤولين به وبحب جمهوره له حين يلقاه.
وفي طرفة أخرى، بيّن ان هناك فنانا يشبهه ويقلده عندما يلبس نظارته وعندما يعدّل غترته يفعل مثله ويحفظ أغنياته اكثر منه، ويقوم بالبروفات بدلا عنه عندما يذهب للبحرين وهو الفنان «احمد المير» الذي يعتبر أرشيفا لجميع ما قدمه في جميع المناسبات الوطنية والدينية والعاطفية، لدرجة انه اصبح يسمعه أغاني قد غناها ونسيها، ويمازحه الشيخ عيسى بن راشد في ذلك قائلا: «انت ما تتغير .. ونسختك معاك».
ومن زاوية أخرى، علق على تسمية مسرح السالمية باسم الفنان عبدالحسين عبدالرضا بسعادته لذلك، راجيا أن يتم إدراج جميع الفنانين المستحقين كذلك، أمثال عوض الدوخي وعبدالله الفضالة وعبداللطيف الكويتي وغيرهم وفاءً لهم، مشيرا إلى أن الإذاعة حاليا لا توجد لديها فرقة موسيقية، والشباب كلٌ من يعتمد على نفسه بتأدية «السينغل» منفردا، أما الألبوم فالمفروض أن يحتوي على ستة أغان بالكثير ليتمكن الجمهور من متابعته ولتكون خالدة.
وردا على سؤال هل تسلم ذات مرة «شيكا على بياض» أجاب بأنه لم يمر عليه ذلك، ولكن يعلم انه يحدث كثيرا في الساحة الغنائية، وتابع: أحيانا يحدث أن الشخص يهدي بكتابة كلماته وألحانه لتكون باسم شخص آخر من أجل المادة ولكن هذا الأمر مكشوف، لأن الألحان تكون معروفة كما أنه من المعروف إذا كان هذا الشخص ملحنا أم لا!
وعن برامج الموسيقى الجديدة، بيّن ضرورة وجود بروفات وتمرينات لتطوير مواهب الشباب وليس للتنافس بينهم بفوز أحدهم دون الآخرين، مبديا إعجابه بالأصوات الجميلة مثل محمد عساف ومحمد رشاد رغم عدم نجاحهما.
وعن أول أجر تلقاه، أفاد بأنه كان مجرد 10 دنانير لم يعلم عنها شيئا حتى الآن، أما الآن فالأغنية تتكلف الكثير من الآلاف للكاتب والملحن والموزع والمجموعة وخلافه وإن كان البعض يقوم بذلك على حسابه من اجل الشهرة، راويا انه عام 1974 تكلف تسجيل أغنية في مصر تشمل الفرقة مع العازفين والكورال والاستديو فقط 130 جنيها مصريا والآن ربما يتكلف الملحن فقط آلافا ولا يحتاج إلا الإرسال بـ «الإيميل» وتحويل المبلغ!
وحول رأيه في جمعية الفنانين الكويتية، أكد أنها كانت في السابق حلوة بجمعة الفنانين معا يستمع كل منهم للآخر ويعدل له الأكبر منه، ويعمل الجميع دون أن يوجد احد يخشى سرقة الأفكار أو الألحان ولكن الآن يجلس كل شخص في غرفته على مكتبه ويعمل بمفرده، مفيدا بأنه لا يرى أملاً في الإنتاج لأن المجهود أصبح فردياً.
وقال عن تجربته في إذاعة صوت الخليج القطرية: «طحت في الخطأ» فلم يكن آنذاك لدى الإذاعة الإمكانيات المتوافرة الآن لتسجيل سهرات المطربين الكبار فلم يتم التجديد والتعديل، كما حدث مع من بعدي من مطربين.
وعن رأيه في بعض المطربين، أكد أن عبدالكريم عبدالقادر لم يأخذ حقه، كما أن رابح صقر يكتظ له المسرح لذكائه في اختيار الألوان السعودية. أما عن علاقته بالفنان يوسف المهنا فهي طيبة ويلتقيه في جمعية الفنانين.
واختتم المطرب الكبير مصطفى احمد باقتراحه بوجوب تكليف للملحنين الكبار مثل يوسف غنام والشعراء بورسلي والحريبي والبناي حتى يحيا اللون الكويتي من جديد.