عبدالحميد الخطيب
عاطفة، حب، شك، غيرة، فروقات اجتماعية ومذهبية، لكن يظل الكويتيون يجتمعون على حب الكويت، يتعاضدون وقت الشدائد وتذوب أي صراعات بينهم في مواجهة الأخطار، ويكونون كالبنيان المرصوص لرعاية الوطن وحمايته، هذا هو مفهوم الوحدة الوطنية الذي قدمه فيلم «هامه» مساء امس الاول في «سنسكيب» ليلى جاليري بالسالمية، حيث عرض لنماذج واقعية يربطهم حب الوطن.
الحكاية بدأت مع «عزيز» الذي كان يحاول ان يهرب هو و«غالية» ليتزوجا بعد ان وقف الاهل في وجه حبهما، لكن ترجع «غالية» عن الهروب، وتمر السنوات ليلتقيا مرة اخرى لكن على متن رحلة متجهة الى ماليزيا والتي يكون «عزيز» قائدها، وخلال الرحلة نتعرف على قصص الكثير من الركاب فنجد الزوج الذي يغار على زوجته، وثان لديه أبناء يرعاهم بعد ان هجرته زوجته التي كان يشك فيها واخرى هدمت حياتها بسبب شخص يحب الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي وكتب تغريدة عنها بعد ان حرقت يدها ما جعلها تنفصل عن خطيبها، ورجل مسن يكره حفيدته ولا يريد ان ينظر اليها لأن أباها غريب ولا يعرف «أصله من فصله»، وايضا بعض اللاعبين الرياضيين وركاب آخرون لديهم توجهات دينية ومذهبية وغيرهم من الجنسيات الاخرى وكيف ينظرون الى الكويتي.
تقع الطائرة ويتعاضد الركاب لإنقاذ الأحياء وبعد جهد جهيد يصلون الى شاطئ احدى الجزر وهنا تبدأ بينهم صراعات من نوع آخر حول القيادة، فكل يريد ان يتحكم في المجموعة وفق أهوائه واتجاهاته، ويتوقف الشد والجذب عندما تضع زوجة أحد الركاب مولودا، حيث توحد الجميع ويشعرون بالسعادة ويعودون الى التعاون من أجل ضمان سلامتهم، وينتهي الفيلم بوصول فرق الإنقاذ والركاب يصلون سنة وشيعة وراء إمام واحد.
الرسالة التي أرادت هبة مشاري حمادة ان تصل الى الجمهور كانت قوية وفيها مباشرة واضحة، وأعلنت من خلالها انها ليست كاتبة قديرة في الدراما والمسرح فقط ولكنها ايضا مبدعة في السينما ولديها افكار متميزة يمكن ان تحلق بها في فضاء الفن السابع، فطريقتها في «هامه» ابتعدت عما يذهب اليه الكثيرون في اختبار المواقف السياسية، ووضعت جل اهتمامها في الجوانب الإنسانية والمشاعر التي تربط بين الكويتيين الذين لا ينظرون الى مرجعياتهم او لون بشرتهم او الفوارق الطبقية عندما يصل الامر الى حماية وطنهم، وابدع المخرج خالد الرفاعي في نقل وجهة نظرها من خلال رؤية إخراجية متميزة لتحفة سينمائية ساحرة، ويبدو انه تعايش مع قصة هبة فقدم مشروع «زين» الوطني وكأنه حلم يستمتع به كل من يشاهده من اول لحظة حتى النهاية.
ما قرأناه على وجوه جمهور الفيلم وهم يضحكون مع المواقف التي يتعرض لها الابطال ضمن الاحداث، ويبكون ويصفقون في المشاهد المؤثرة، اعطى دليلا مؤكدا على ان تجربة «هامه» ناجحة بكل المقاييس، وانها جمعت معطيات العمل السينمائي المتكامل، من حيث القصة والاخراج والتمثيل، فكل أجاد في موقعه، وأشاد كثيرون بشخصية «عزيز» التي جسدها النجم بشار الشطي، فقد كانت العمود الفقري للفيلم، وقدمت بشار بطريقة مختلفة كفنان مهم لديه إمكانات كبيرة تؤهلة لأن يكون نجما سينمائيا كبيرا في المستقبل، فقد عشنا مع «عزيز» جنون الحب والتهور واللهفة وفي مواقف اخرى القيادة والإيمان بقضاء الله وقدره، والتعاون والتنازل من اجل ان يحافظ على حياة الآخرين، بأداء بعيد عن التكلف او الانفعالات الزائدة، وهذا ينطبق ايضا على اداء جميع المشاركين في الفيلم الذين قدموا شخصياتهم بحرفية، ومنهم بيبي عبدالمحسن وعلي كاكولي ويوسف البلوشي وحمد اشكناني وريم ارحمة وزينب غازي وغيرهم.
جدير بالذكر ان كوكبة من السياسيين ونجوم الفن والاعلام والشخصيات العامة حضرت العرض الخاص لفيلم «هامه» ومنهم وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الاعلام بالإنابة الشيخ محمد العبدالله، وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الشباب بالوكالة خالد الروضان، الوكيل بوزارة التجارة والصناعة الشيخ نمر الصباح، الشيخ صباح جابر المبارك، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م.علي اليوحة، الفنانة القديرة سعاد عبدالله، الفنان القدير جاسم النبهان، أحمد إيراج، سليمان القصار، محمد المسري، فاطمة الصفي، فرح الصراف، وغيرهم، بالاضافة الى أسرة شركة «زين» والعاملين في الفيلم باستثناء المخرج خالد الرفاعي الذي لم يحضر لظروف عمله.
الصفي: أفتخر بالتجربة الوطنية .. وفرح الصراف: الفيلم رائع
في تعليق لها، قالت النجمة فاطمة الصفي لـ «الأنباء»: «أفتخر بكل واحد شارك في هذه التجربة السينمائية الوطنية التي تعكس مدى حب الكويتيين لديرتهم، وكنت أتمنى أن أكون معهم لكن الظروف حالت دون ذلك»، مثنية على قصة هبة حمادة وإخراج خالد الرفاعي وأداء الممثلين.
من جانبها، قالت النجمة الشابة فرح الصراف: «ربي يوفقهم من كبيرهم لصغيرهم، الفيلم رائع وفيه قصة وأداء وإخراج، كل شيء متميز ومتعة ما بعدها متعة».
الروضان: الفيلم ينبض بحب الكويت
في كلمة لها قبل بدأ عرض «هامه»، قالت إيمان الروضان الرئيس التنفيذي لشركة زين الكويت: «الفيلم فيه مجهود شبابها وكله عواطف وينبض بشيء واحد وهو حب الكويت، وفيه تختلف الثقافات والاتجاهات، ويؤشر إلى نقطة مهمة بأنه وقت الشدائد كل الاختلافات تختفي ويبقى شيء واحد وهو المعدن الكويتي الأصيل الذي ظهر في التاريخ في اكثر من موقف مثل فترة الغزو الغاشم».
وأضافت الروضان: «الاختلاف سنة الحياة المهم ان نحترم بعضنا البعض، والكويت تجمع الكل وحبها يجمعنا».
محمد العبدالله: جميل أن نشاهد إنتاجاً وطنياً يحمل رسالة هادفة
علت نظرة الابتسامة والرضى وجوه جميع من حضر «هامه»، وكانت ردود الأفعال كبيرة جدا عن الفيلم وجودته وأهمية رسالته، والتقت «الأنباء» بوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الاعلام بالانابة الشيخ محمد العبدالله الذي قال: «أشكر «زين» على ما قدموه من انتاج فني، وجميل ان نشاهد إنتاجا وطنيا يحمل رسالة هادفة، وآمل ان تكون خطوة إيجابية لأعمال متميزة في مناسبة الأعياد الوطنية».
الخشتي: «هامه» يجسد الروح الوطنية
ولم يخف المدير التنفيذي لقطاع العلاقات والاتصالات في «زين الكويت» وليد الخشتي سعادته بالتجربة السينمائية الجديدة التي قدمتها الشركة للجمهور بمناسبة الأعياد الوطنية، وقال في تصريح لـ «الأنباء»: كل عام وانتم بخير بمناسبة الأعياد الوطنية، ومثل ما عودتكم «زين» فهي تبحث في كل عام وتأتي بكل ما هو جديد، وبعد تقديمنا للاغاني والأوبريتات الوطنية، حرصنا هذه السنة على ان يكون هناك شيء مختلف نقدمه للوطن». وتابع الخشتي: «هامه» يجسد الروح الوطنية بين الكويتيين، وفي نهايته يتفقون على حب الكويت وهو الأساس الذي أردنا ان نقدمه ونبرزه للعالم، ونقول إن الكويت واحدة.
بشار الشطي: «هامه» هدية لبلدنا الغالية
عبّر نجم الشباب بشار الشطي عن سعادته بالمشاركة في فيلم «هامه»، مؤكدا انه يعتبر التجربة اضافة كبيرة لمشواره الفني، وقال: أشكر «زين» على هذا العمل الذي يعتبر اقل هدية نقدمها لبلدنا الغالية في الأعياد الوطنية، ولا أنسى توجيه الشكر لفريق عمل الفيلم بالكامل الذين قدموا مجهودا كبيرا، لافتا الى انهم واجهوا ظروفا صعبة أثناء التصوير لكنهم تحملوا ليقدموا عملا يليق بالكويت، مشيرا الى ان الفيلم يعتبر أيقونة جديدة تضاف الى الأعمال السينمائية الكويتية المتميزة.
هبة حمادة: نحن في حالة مشاكسة عامة مع الجمهور
تحدثت الكاتبة القديرة هبة مشاري حمادة عن فيلم «هامه» وأهمية عرضه في المناسبات الوطنية، وقالت في تصريح خاص لـ «الأنباء»: في الوضع العام الذي نعيشه هذه الفترة كنا نحتاج الى ان نقدم مجموعة من الأفكار بصياغة درامية، و«هامه» يعتبر عملا وطنيا، وشخصيا حاولت قدر الإمكان الا يكون موجها او مباشرا، وراعينا فيه جميع الفئات حتى الأطفال كمتلقين، مضيفة: التجربة أحيانا تأتي لظروف معنية، وكتّاب الدراما حلمهم ان يقدموا أعمالا للسينما، فالسينما دائما سلمها أعلى من الدراما، وكالعادة أنا دخلت المسرح تحت عباءة «زين» وها أنا أدخل السينما تحت عباءتها ايضا لاعتبارات ان الأجندة الاجتماعية اللي يشتغلون عليها تشبه أجندتي الاجتماعية. وتابعت هبة: الفيلم كويتي والرسالة اللي يحملها عن الوطن والمواطنة هي رسالة عالمية، وترتكز فكرته على انه لكي نعيش يجب ان نتعايش وان نتقبل الآخر، ومن خلاله نقول ان التطرف له عدة أشكال فمن الممكن مثلا ان يكون فكريا او بسبب لون البشرة.
وعن الجمهور وهل يتقبل هذه الأفكار، ردت: منذ زمن ونحن في حالة مشاكسة عامة مع الجمهور، لذلك دائما نقف في مرحلة رمادية نلفت فيها نظر المشاهد ونحاول ان نستدرجه بالدراما الى ما وراء الدراما، نحن لدينا مجموعة رسائل ثقيلة حاولنا تجميلها، فاشتغلنا على العاطفة والحب والشك والغيرة والفروقات الاجتماعية والحمد لله طلعنا بمزيج حلو.