سماح جمال
«أحاول إدخال ثقافة المخرج الفني إلى الساحة الفنية في الكويت»، بهذا العبارة بدأت فاطمة القامس، مهندسة الديكور والأزياء، حديثها لـ «الأنباء»، وقالت: هذا الاهتمام نابع من باب دراستي وتخصصي الأكاديمي والعملي، فأنا حاصلة على ماجستير في السينوغرافيا بالمسرح الاستعراضي، وقررت ان تكون رسالة الدكتوراه في «المخرج الفني»، وذلك إيمانا مني بأهمية دوره في العمل الفني، وهذا الدور متعارف عليه في كل أنحاء العالم وحتى في المنطقة العربية، ونرى هذا الدور بارزا في الأعمال التي تقدم في مصر او لبنان على سبيل المثال، ولكنهم للأسف في الكويت تحديدا، أو حتى في الخليج على وجه العموم يعطون الكثير من مهام المخرج الفني لمدير الإنتاج وذلك من باب التوفير المادي، ولهذا نرى ان كل فنانة تأتي بملابسها واكسسواراتها الخاصة بها، بغض النظر عن مدى تماشيها في كثير من الأحيان مع روح العمل بصورة عامة، ولذا يفتقد الكثير من الأعمال روح الانسجام او الهرموني بين عناصر العمل الفني بين الأزياء والديكور والإضاءة.
وأكملت القامس: لا أريد ان يفهم من كلامي انني أقلل من المجهود الذي يبذله الكثيرون لإخراج الأعمال التي يقدمونها بأفضل صورة ممكنة، ولكن علينا أن نظهر دور «المخرج الفني» اكثر في العمل، فعلى سبيل المثال المسلسل المصري «حكاية حياة» لا يمكن مقارنته من حيث الديكور والأزياء التي كانت فيه مع أي عمل من الأعمال الدرامية التي قدمت في الساحة الكويتية او الخليجية، مع انه توجد لدينا الكوادر الفنية الحقيقية والقادرة على الإبداع ولكنها تحتاج الى الفرصة لتقدم ما لديها، وأتذكر انني كنت أتابع في احدى المرات مسلسلا دراميا كويتيا، وعندما غيرت المحطة وجدت ان نفس الممثلين موجودون في مسلسل آخر، بل يتم تصويره في المنزل ذاته، ومثل هذا الخطأ كان لا يمكن ان يحدث «لو اننا اعطينا الخبز لخبازه»، وألا نحصر كل اهتمامنا في استخدام الكاميرات الحديثة والتقنيات المتطورة وفقط.
وأردفت: ليس معنى أن المنزل جميل، فهو مناسب او صالح ليكون مكانا للتصوير، وحتى بعد اختيار المنزل فإنه يظل قابلا لفكرة التغييرات والتعديلات بإضافة الأكسسوارات عليه او حتى إزالة جزء من القطع الموجودة لتتماشى مع العمل الذي يصور فيه.
مفهوم التخصص
وحول تفسيرها لعدم اهتمام المنتجين بأهمية دور المخرج المنفذ وحرصهم على تواجده في الأعمال الفنية، قالت القامس: أتذكر انني في إحدى المرات جمعني اجتماع مع احد المنتجين المهمين في الساحة الفنية، وعندما وصلنا في حديثنا عند نقطة الاجر ضحك وقال لي «لماذا ندفع كل هذه المبالغ ومن الممكن ان نستعين بمدير انتاج يهتم بكل التفاصيل دون ان نتحمل تكلفة اضافية؟»، وشعرت بأنه ليس من واجبي ان اشرح له دور «المخرج الفني» في العمل اذا لم يكن لديه هذا الوعي ولم يقدر أهمية ودور المخرج الفني، وفكرة ان المخرج يجب ان يقوم بكل الوظائف الفنية في العمل فكرة لابد ان تنتهى ويبدأ الاهتمام بمفهوم التخصص.
وعما اذا كانت ترى أن «الراعي الإعلاني» قد يؤثر بالسلب على دور المخرج الفني ويحد منه، ردت: هذا الكلام غير صحيح، وأتحدث هنا من واقع تجربة، فقد توليت مهمة الديكور في برنامج «طارق مول 2» للفنان طارق العلي، وهو من انتاج شركة «فروغي للإنتاج الفني» التي أعطتني الصلاحيات الكاملة ووفرت لي جميع الإمكانيات حتى يظهر العمل بالصورة الأمثل، وعندما لم يلتزم احد الرعاة بالاتفاق معي في النواحي الفنية لم يعارضني احد عندما قمت باستبعاده من البرنامج، وذلك لأن الفنان طارق العلي هو فنان حقيقي يعرف أهمية العناصر الفنية وأهمية تكاملها لإخراج العمل بصورة صحيحة ومتكاملة، وليس معنى أن من تم استبعاده كان من «رعاة البرنامج» انه سيتحكم في العناصر الفنية فيه.
العناصر الفنية
وأكدت القامس أنها لم تفقد الأمل في ان الساحة الفنية في الكويت او حتى في الخليج ستهتم بتوافر العناصر الفنية في العمل، وأوضحت قائلة: الحال اليوم افضل بكثير مما كان عليه قبل خمس سنوات، فاليوم هناك منتجون لا يمانعون من انفاق ما يزيد على 100 ألف دينار على الديكور والإضاءة والأزياء لعرض مسرحي، في حين كنا فيما مضى لم يكن للميزانيات المخصصة لهذه البنود أن تقترب من هذا المبلغ ولا بأي صورة من الصور، وعندما قدمنا مسرحية «مدينة الزنوج» كانت نقلة بكل المقاييس، وكنت حريصة اشد الحرص على جميع تفاصيل العمل، ولذا سافرت خصيصا الى الصين حتى اختار المواد الخاصة بالأزياء والأشجار المستخدمة في الديكور، ومن بعد هذا العمل صارت المسرحيات تستعين بالريش والألوان في ملابس الفنانين على الخشبة، وبالطبع نأمل ان ينتقل هذا التطور من مسرح الطفل الى مسرح الكبار كذلك، وشرعت في الخطوة الأولى من خلال مسرحية «ولد بطنها» مع الفنان طارق العلي من خلال اضافة شلال إلى ديكور على الخشبة، وهذا الأمر لم يكن من المتعارف عليه من قبل في مسرح الكبار.
أعمال مسرحية
من ناحية اخرى، تحدثت القامس عن الأعمال الفنية التي قدمتها في الموسم المسرحي الحالي، فقالت: كانت تجربتي المسرحية الثانية مع الفنان طارق العلي بمسرحية «ولد بطنها» بعد ان تعاونت معه في مسرحية «آن فولو»، والعمل من اخراج عبدالعزيز صفر وتأليف بدر محارب، وبعدما انتهيت من قراءة النص جمعتني عدة جلسات نقاش مع الفنان طارق العلي وطاقم المسرحية، وكان قد طلب مني اضافة بعض التفاصيل في الديكور لتساعده على توليد الضحك اكثر من الجمهور، كما جمعني تعاون مع الفنان عبدالمحسن العمر من خلال ثلاثة من أعماله المسرحية، وهي «سعادة السفير» و«ليلى والذيب»، وبحكم ان العرضين كانا يقدمان على نفس الخشبة حرصت على ان يكون الديكور دائريا ليسهل تحويله بين العروض، والمسرحية الثالثة هي «شوبيز» والتي لها مكانة خاصة لأن كل جيلي تقريبا حفر هذا المكان في ذاكرته، لذا كنت شديدة الحرص على جميع التفاصيل من حيث الألوان والديكور المستخدم ليكون أقرب ما يكون للواقع الذي عايشناه في تلك الفترة.
وأضافت فاطمة القامس: كما عملت في مسرحية «وندي» كمخرج فني للإعلان ثم في المسرحية على الأزياء والديكور، وأردت من خلال عملي بالإعلان ان ننقل الواقع الذي سنقدمه على الخشبة وليس ان يكون اعتمادنا على الجرافيك، لأنني أرى انه من غير العدل ان نعلن عن أمور لا يمكن ان نقدمها للجمهور عندما يحضر إلى الخشبة، ولذا قمنا بتصوير الإعلان في مكان اقرب الى «خرابة»، وقمنا بتحويل المكان من الألف إلى الياء بالصورة التي ظهر بها في الإعلان، ولله الحمد لاقى الإعلان والعرض استحسان وإعجاب الجمهور.