مفرح الشمري
@Mefrehs
قدمت جمهورية السودان امس الأول عرضها المسرحي «مراكب الموت» ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت لمسرح الشباب العربي وذلك على خشبة مسرح التحرير بكيفان.
نص المسرحية كتبه ربيع يوسف وأخرجه ماهر حسن وجسد شخوصه ابوبكر فيصل، حسين عثمان، اسراء اسهري، مرتضى حسن بالإضافة إلى سناء سعيد، وناقش قضية في منتهى الخطورة أرقت ولا تزال تؤرق كثيرا من الدول العربية والأوروبية، خاصة ايطاليا، وهي الهجرة غير الشرعية التي يقبل عليها الشباب العربي باندفاع تحت تأثير الظروف الاقتصادية الطاحنة في بلادهم، وأملا في الوصول إلى أوروبا لتحقيق حلم الحياة الكريمة غير عابئين بالمخاطر الشديدة التي تحيط بهذه المغامرة، وقد يدفع الشباب حياتهم ثمنا لحلمهم القاتل وينتهي بهم الحال إلى الموت إما في الصحراء القاحلة أو عرض البحر فهي أشبه برحلة انتحارية.
تدور أحداث المسرحية حول شبكة من المهربين والمتاجرين بأحلام الشباب الذين يدفعونهم إلى الهجرة مقابل تقاضي أموال، حتى ان كان الموت في انتظارهم، وذلك من خلال خمس لوحات تسلط الضوء على قصة مهاجرين أفارقة يحاولون عبور البحر المتوسط بعد قطع مسافات شاسعة في الصحراء السودانية وصولا إلى ليبيا ومنها إلى ايطاليا وهم يحملون طبول كرموز افريقية، ولكل منهم حكاية، فقد دفع شاب أموال الرحلة من بيع كليته، بينما عملت امرأة نادلة ما عرضها للتحرش الجنسي، وشاب آخر تربى في الملجأ، والشاب الثالث كان مغنيا، وسيدة حاولت الهجرة عبر الطرق الرسمية لكن طلبها كان يرفض دائما وهي ترفض الهجرة غير الشرعية لارتباطها بالأم والخوف عليها.
ومن خلال لوحات العرض الخمس عاش الحضور مع مأساة الشباب والسيدتين، فكل منهم يحكي عن أحلامه وتطلعاته وكيف انهارت في وطنه مما دفعه لخوض غمار هذه المغامرة القاتلة، لكن السيدة التي ترفض الهجرة بالطرق غير الشرعية تصرخ فيهم ألا يقتلوا أنفسهم عبر البحر كما مات الآلاف من الشباب الذين حاولوا أن يركبوا «مركب الموت» ولم ينفعهم التجديف ففقدوا حياتهم.صدق العرض بتسليط الضوء على هذه القضية جعل الحضور يتفاعل معه رغم الهنات العديدة في الأمور الفنية.
وعلى مستوى الأداء التمثيلي فقد حاول فريق العمل تقديم أفضل ما لديهم فنقلوا لنا مأساتهم، خاصة معاناة المرأة، وتفاعل الحضور أيضا مع أفراح الشخصيات عبر الإيقاعات السودانية والرقصات التي أضفت جوا من البهجة خفف قليلا من حدة المأساة، كما كان المشهد العرائسي لأعضاء البرلمان الذين يناقشون قضايا الشباب ولكنهم لا يصلون لأي نتائج فيسخر المجتمع لأنهم لم يفلحوا في تحقيق أحلام الشباب.
«ون واي».. والحروب
من جانب آخر، قدمت جمهورية العراق على مسرح الدسمة عرضها الذي حمل عنوان «ون واي» من تأليف وإخراج وميض كاظم.
من خلال عنوان العرض «ون واي»، ويعني طريق واحد أو اتجاه واحد، نتأكد بان الحرب غالبا ما تفرض سطوتها علينا، فهي المتسيدة بسلطتها والمدمرة لمن يعارضها دائما، وحين يشتعل فتيلها لا يتوقف بل يستمر على مدى سنوات وأحيانا قرون دون انطفاء.
وقد أشعلت الحرب نيرانها في هذه الأرض، ولم تجد من يهب لإطفائها، فخلفت الموت والخراب وأجسادا امتزجت بالتراب وطفولة احتضنت دماءها وتجمدت اثر الموت، واصبحت هناك نساء اتشحن بالسواد، لم يغادرن عزلتهن التي تصرخ بكاء، إما على أحد أبنائهن أو على أزواجهن أو تعرضهن للاعتداء والتعنيف، في المقابل رجال دمرتهم الحرب أيضا، والبلد امتلأت بالقبور والكفون والضحايا، وذاكرتها توقفت عند أمرين هما الدماء والموت.
تتناول المسرحية فكرة ما حصل من حروب وتطرف وإرهاب، التي لا زالت حرائقها مشتعلة تحرق كبار السن والشباب والأطفال مثلما تحرق الأخضر واليابس من خيرات البلد وحاضره ومستقبله، وعلى طريقة اللوحات، تطرقت كل حالة في المسرحية إلى مأساتها السوداء الحاصلة جراء آلة الدمار- الحرب، فثمة دلالة واضحة على أن الأحداث تجري في العراق من خلال التأكيد على نهر دجلة في الحوار، مع استعراض ظاهرة الحرب وجانبها السلبي وآثارها المدمرة على البشر، عسكريين كانوا أم مدنيين، وذلك لما تتركه من تشوهات بدنية ونفسية ووجدانية تفسد على الناس معاني المحبة، والتواصل والتعاطف وغيرها من المعاني التي تجعل للحياة وزنا وقيمة.
واعتمدت الرؤية الإخراجية التي استند إليها المخرج وميض كاظم على لغة الجسد في استهلال العرض، بيد أن الإطالة في هذا المشهد أفقدته المتعة، وبعثت بالملل إلى الحضور، وكان من الأفضل اختصار مدة هذه اللوحة للمحافظة على إيقاع العمل وعدم هبوطه، أما بالنسبة للإضاءة فلم تكن موفقة في كثير من الأحيان ولم توضح لنا الكثير من ملامح الوجه للممثلين ما افقد العرض متعته، بالإضافة إلى الأخطاء اللغوية التي كانت مزعجة لبعض الحضور الملمين بالتشكيل اللغوي.
د. يحيى عبدالتواب: البساطة والمتعة في «مراكب الموت».. وعلي العلي: «ون واي» نص مميز وعرض جيد
خلود أبوالمجد
بعد نهاية العرض السوداني «مراكب الموت»، أقيمت الندوة التطبيقية، التي حضرها مخرج المسرحية ماهر حسن، وعقّب عليها د.يحيى عبدالتواب، فيما أدار الجلسة إدريس النبهاني.
وقال عبدالتواب: استمتعت كثيرا بنص المسرحية، فعندما بدأت قراءة النص لم أرَ هذه الأعماق التي تفسر اكثر من طريقة، ولكنني أصف العرض بالبسيط والصادق والممتع.
وأضاف: القضية التي طرحتها المسرحية هي قضية المهاجرين، مشيدا بالمشهد الأخير المأساوي والمعاناة التي عاشها المهاجرون، كون السودان إحدى دول مسار عملية الهجرة، مشيرا الى أن الشخصيات التي بنى عليها المؤلف قصته أظهرت حالات تكاد تكون منفصلة، وقال: لم نجد خطا متراكما، مشيدا بحركة الفتاة التي أدت مشاهد الرقص في العرس.
من جانبه، قال مخرج العمل ماهر حسن: من خلال عرضي قدمت قضية محددة وهي الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، لافتا الى أن معظم المهاجرين من الشباب، وقال في الختام: أشكر الكويت على إقامة هذا المهرجان.
من جانب آخر، عقدت ندوة تطبيقية للعرض العراقي «ون واي» أدارها خالد الرويعي وعقّب عليها المخرج المسرحي الشاب علي العلي، في وجود مخرج العرض ومؤلفه وميض كاظم، وذلك في قاعة الندوات بمسرح الدسمة.
في البداية، أشاد العلي بالنص الذي رآه يعكس معاناة الإنسان ليس العراقي فحسب وإنما العربي، وقال: عندما قرأت النص تساءلت كيف سأراه على الخشبة، لافتا إلى أن الممثل كان هو كل شيء على المسرح، كان الموسيقى، المغني والتشكيل الجسدي والتعبير الحركي، وأضاف: هناك جهد واضح من الممثلين رغم أن العرض يعتبر الأول لبعضهم، مشددا على أن العروض التي تعيش هي التي تعبر عن واقع مجتمعها.
في المقابل، رأى العلي أن مشهد الاستهلال كان طويلا، وأن الإضاءة خانت المخرج في كثير من الأحيان، وقال إن الإضاءة تعتبر الكاميرا على المسرح، لذلك أثرت على الصورة واللغة الإخراجية.
من جهته، أكد المخرج والمؤلف وميض كاظم أن مشاكل الإضاءة وقعت لثلاثة أسباب، هي: أولا أن العرض يقدم لأول مرة، ثانيا ضيق الوقت في الاستعداد له، إضافة إلى قلة أجهزة الإضاءة، مبررا السوداوية في العرض بأنه نقل الرسالة كما هي دون تحميل.
المولوي: الشباب يحتاجون إلى الثقة والدعم للاستمرارية.. والقصابي: دعم كامل للمسرح العماني
خلود ابو المجد
ضمن أنشطة المركز الإعلامي لمهرجان الكويت لمسرح الشباب العربي، أقيم مؤتمر صحافي للوفد القطري المشارك والحديث حول تجربة المسرح الشبابي، وأدار المؤتمر رئيس المركز الإعلامي مفرح الشمري، وضم كلا من رئيس الوفد طلال المولوي ود.حسن رشيد والمؤلف احمد المفتاح والفنان احمد عفيف والمخرج فهد الباكر وأيضا حضور كل من الفنانين محمد المطاوعة ومحمد عادل ومشعل الدوسري وحمد الحداد.
في البداية شكر المولوي أسرة المهرجان على التنظيم والاستضافة، خاصة أن الوفد القطري قد دشن المهرجان بعرضه الأول لمسرحية «همس الكراسي» ووجود ردود الافعال الطيبة والاطلاع على المشاركات الأخرى والاحتكاك مع الفرق العربية المشاركة.
أما د.حسن رشيد، فقال: المسرح إجمالا بدأ من الشباب عبر عدة موارد ومنها المسرح المدرسي، وقد سبقنا في ذلك كل من الكويت والبحرين ونحاول ان نحقق للشباب ما يصبو اليه، وأيضا أتطرق إلى ان الحركة الشبابية كانت مزدهرة من خلال تواجد البعض في الكويت واستكمال دراستهم في المعهد العالي للفنون المسرحية، مضيفا: المسرح الشبابي بحاجة إلى الدعم المعنوي حتى يخلق تواصلا واحتكاكا.
وتطرق إلى المسرح الشبابي في قطر فقال: هو موجود منذ الثمانينيات وأول عمل لي تم عرضه في الكويت وكنا مجموعة نشترك في اكثر من محفل ولم ننتظر الدعم المالي والمسرح المدرسي والأندية كانت تنتج وتظهر المواهب الشبابية وكنا نريد منهم الاستمرارية وحاليا يوجد شباب يلتحق بالفرق الاهلية ونتمنى من الجهات المسؤولة ألا تقف عن الدعم المعنوي والمادي للشباب.
وقال احمد المفتاح: مسرحية «همس الكراسي» سبق ان تم عرضها وتقديمها وذلك في مهرجان المسرح الشبابي في الدوحة عام 2012 وحصلنا على افضل عرض، وعندما طلب منا المشاركة فضلت ان تكون «همس الكراسي».
كما شارك المخرج فهد الباكر الذي قال انه سعيد بالتجربة القطرية في المهرجان والمخرج عنده تجارب كثيرة وهو من المبدعين وان تكون له بصمة في المسرح القطري ويصر على تواجده في المهرجانات المسرحية.
من جانب آخر عقدت جلسة حوارية لوفد سلطنة عمان الشقيقة حضرها رئيس الوفد موسى القصابي وطالب بن محمد البلوشي، وادريس النبهاني، وسعود الخنجري، بالإضافة إلى طاقم عمل مسرحية «لقمة عيش» وأدارها رئيس المركز الاعلامي الزميل مفرح الشمري.
اختزل طالب البلوشي مسيرة مسرح الشباب بالقول: بدأت عام 1974 بين المدرسة والنادي بشباب متحمس، وفي عام 1980 أنشأت وزارة الاعلام فرقة مسرح الشباب وكنا وقتها مجموعة تقارب 40 شابا تبنتنا الوزارة كي نؤسس تلك الفرقة، وكانت أول مسرحية عالمية قدمناها «تاجر البندقية»، ثم توقفت الفرقة عام 90 وتشعبت إلى عدة 34 فرقة تقيم وتؤسس عدة مهرجانات.
وعن البنية التحتية للمسرح لفت القصابي إلى انشاء مراكز ثقافية ودار الاوبرا السلطانية ودار اخرى للعروض تحت الانشاء حاليا في مسقط، كما خصصت مؤسسة السلطان قابوس عاما كاملا للنتاج المسرحي، لذا لابد من جهد شباب يحاكي هذا الجهد المقدم من قبل الجهات المسؤولة، كما لفت إلى مؤسسة بيت الزبير التي أسست مهرجانا خاصا بها.
وأكد القصابي ان الدولة تدعم المسرح العماني سواء كان شبابيا أم من المحترفين.