توفي مساء أمس الأحد الفنان السعودي الكبير ابوبكر سالم (أبو أصيل) بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز الثامنة والسبعين عاما.
وعرف الفنان الراحل بألحانه الجميلة وفنه الراقي، ويعد قامة فنية كبيرة، وذلك لعذوبة صوته وتعدد طبقاته، كما تميز الراحل بقدرته على أداء الألوان الغنائية المختلفة.
ولد الفنان الراحل في 17 مارس 1939 بمدينة تريم التاريخية في حضرموت ونشأ في أسرة عريقة عرفت بالنجابة والذكاء واشتهرت بالعلم والأدب إذ إن غالبية أفرادها شعراء إن لم يكونوا يحملون العلم والشعر في آن معا، عمل في فترة العشرينيات في حقل التعليم ثم استقر في مقتبل شبابه في مدينة عدن وهناك تعرف على الكثير من شعرائها وفنانيها.
قدم نفسه على الصعيد الفني من خلال الحفلات الموسمية التي كانت تقام في عدن وحقق نجاحا باهرا وعرضت حفلاته في تلفزيون عدن ثم في الإذاعة مبشرة بموهبة غير عادية.
ومن أوائل أغاني الفنان الراحل (يا ورد ماحلى جمالك) من كلماته وألحانه، والتي غناها بعد ذلك الفنان السعودي الراحل طلال مداح.
وفي العام 1958 غادر إلى بيروت وكانت إقامته شبه مستقرة هناك في حي الروشة، وسجلت معظم أعماله الفنية في تلك الحقبة، واستطاع من بيروت أن يوسع انتشاره إلى جميع أنحاء الوطن العربي، لكن الحرب الأهلية اضطرته إلى المغادرة عائدا إلى وطنه حيث استقر في عدن لمدة قصيرة، غادرها بعدها إلى مدينة جدة.
والفنان أبوبكر سالم رائد من رواد الطرب الأصيل والمغنى على مر العقود، ومن أعظم الأصوات، حيث إنه تشرب الفن والأدب من أنقى ينابيعه الأصيلة، وخرج في أعماله الفنية عن الإطار المحلي إلى الإطار العربي وشارك في عدد من الحفلات في دول الخليج.
انتقل أبوبكر سالم إلى الكويت حيث عاش فيها فترة قبل أن ينتقل إلى الرياض واستقر فيها وحصل على الجنسية السعودية وغنى للمملكة «يا مسافر على الطائف» و«إلا معك في الرياض» و«برج الرياض» و«يا بلادي وأصلي»، كما غنى لكل من الملكين الراحلين خالد بن عبدالعزيز وفهد بن عبدالعزيز، رحمهما الله تعالى.
بدأ أبوبكر سالم رحلاته المكوكية بين جدة وبيروت حيث سجل مجموعة اسطوانات لأشهر أغانيه، وعلى مدى 50 عاما شكل أبوبكر سالم ثنائيا مميزا مع الشاعر الراحل حسين المحضار والذي كان أعذب ما يكتبه يغنيه الفنان أبوبكر سالم، كما غنى للفنان الراحل الكثير من الفنانين العرب، مثل نجاح سلام ونازك ووردة الجزائرية وطلال مداح وعبدالله الرويشد الذي يعتبره أبا فاضلا له، كما غنى أبوبكر سالم خلال مشواره الفني العديد من الأغاني والأناشيد الوطنية الرائجة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.
وللفنان أبوبكر سالم أيضا ديوان شعر يحتوي على قصائد كتبها طوال مشواره الفني والأدبي.
وعرف عن الفنان أبوبكر سالم الأداء الجميل والراقي، مما جعله من أكثر الفنانين شهرة طوال 4 عقود، كما تميز بذوق فني رفيع ساعده في اختيار ما يغنيه ويؤلف ما يناسبه ويلحن لنفسه ولغيره ويعطي بعضا من الفنانين شيئا من أغانيه، ومن الملامح المميزة له تجربته في البعد الصوفي والذي ظهر جليا في أناشيده الدينية: «يا ساكنين طيبة» و«إلى طيبة» و«بانقرع الباب» و«إلهي في الفلاة دعاك عبد» و«يا رب يا عالم الحال».
حصل الفنان الراحل أبوبكر سالم خلال مسيرته الفنية على العديد من الأوسمة والجوائز والتكريمات الفنية، منها: 1968 الاسطوانة الذهبية من أثينا من شركة الإنتاج اليونانية.
1978 جائزة أفضل صوت في العالم من اليونيسكو من حيث طبقات الصوت في أغنية (أقوله ايه).
1983 غنى في قاعة ألبرت هول في لندن أكبر مسارح العالم الفنية.
1989 وسام الفنون من الدرجة الأولى للفنون من الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح.
1989 وسام تقدير من مهرجان حفلات الأندلس في الكويت.
1995 تكريم من وزارة التراث القومي والثقافة في سلطنة عمان في الفنون والآداب.
2009 تكريم من مهرجان (هلا فبراير) في الكويت.
وكان آخر ألبوم غنائي للراحل ابوبكر سالم في عام 2010 بعنوان «دروب مغلقة» وتضمن 8 أغان متنوعة الألوان.
الراحل قدم الكثير من الأغاني على مدى مسيرته الطويلة وكان من أشهرها: «متى أنا أشوفك»، «24 ساعة»، «شلنا بو جناحين»، «الناس معادن»، «سر حبي فيك غامض»، «ما علينا»، «يا سمار»، «يا مسافر»، «في السما غيم».. وغيرها الكثير.
الرويشد لـ«الأنباء»: فقدتُ أبوي والداعم الكبير لمسيرتي الغنائية
مفرح الشمري
Mefrehs@
«شقول عن فنان كبير تربيت على أغانيه وعشقتها.. الله يرحمه ويغفر له».
بهذه العبارة عبر سفير الأغنية الخليجية عبدالله الرويشد لـ«الأنباء» عن حزنه الشديد لرحيل الفنان الكبير ابوبكر سالم الذي قدم جميع الألوان الغنائية في الساحة الغنائية الخليجية والعربية وأحبه الجميع.
وأضاف قائلا: «برحيل الأصيل» ابوأصيل «كأنني فقدت ابوي والداعم الكبير لمسيرتي الغنائية، كان بالنسبة لي كل شي، الأب والأخ والصديق والناصح، كان يحبه الجميع ولا يكره احدا، ابوأصيل سيد الغناء حتى لو رحل عن دنيانا فإبداعاته موجودة ومحفورة في القلوب».
وسيغادر صباح اليوم الفنان الكبير عبدالله الرويشد الى الرياض للمشاركة في مراسيم التشييع والدفان.. رحم الله الأصيل أبواصيل.
أبوبكر سالم.. كيف مزج الأغنية السعودية بموسيقى اليمن؟
في مشهد لن يتكرر، ترك الفنان السعودي-اليمني الراحل أبوبكر سالم خلفه 6 عقود من تجربة فنية تعتبر بين الأكثر تفردا واختلافا في مسيرة الأغنية العربية، ورحلت روحه إلى السماء بعد معاناة مع المرض.
وقاوم أبوأصيل المرض لسنوات، هزمه غير مرة وعاد للغناء على المسرح ولو جالسا، مثلما كان الحال في حفلته الأخيرة على مسرح سوق واقف بالدوحة عام 2014.
وعام 1939 في مدينة تريم اليمنية، ولد أبوبكر سالم، وهناك نشأ وشغفت روحه الموسيقى اليمنية بثرائها وتعدديتها من الفن الصنعاني إلى الدان الحضرمي، والغناء العدني.
وأواخر الخمسينيات الميلادية انتقل أبوبكر إلى جدة حيث شرارة الحركة الفنية التي أطلقت العهد الجديد للأغنية السعودية، ومن هناك بدأ في تطوير تجربته دون التخلي عن أصالة اليمن في أغنيته مفردة ونغمة، وكانت "يا ورد محلا جمالك" النافذة الأولى لصوت متفرد، وملحن يختلف عن كل من سبقه، وهو ما دفع الراحل طلال مداح لطلب الأغنية وتسجيلها بصوته ضمن أغنيات البدايات.
وعام 1968 حصد أبو بكر جائزة الاسطوانة الذهبية بعد توزيع مليون نسخة من اسطوانة "امتى أنا أشوفك"، ليكرم بعدها بعقد من الزمن بجائزة أفضل صوت في العالم من #اليونسكو، لتفرد أدائه في أغنية "أقول له أيه".
اعتلى أبوبكر أهم مسارح العالم العربي طوال 6 عقود، إلا أن العام 1983 شهد إطلالة مختلفة للراحل بغنائه في قاعة#ألبرت_هول العريقة.
حضور أبو بكر المسرحي وأداءه المتفرد كانا على الدوام إضافة فنية إلى أغنيات فنان القرن، وهو اللقب الذي حصده أثناء تكريمه في جامعة الدول العربية عام 2002، وهو حضور تخلده مئات الأغنيات التي رسخت اسمه كأحد عظماء الموسيقى العربية
يفارق اليوم أبوأصيل جمهوره الواسع متخففا من وهن المرض، وهو الذي غنى مرددا: "أحب الفراق".
هذه الأمراض التي عانى منها أبوبكر سالم قبل رحيله
عانى الفنان الراحل أبوبكر سالم في السنوات الأخيرة من مجموعة من #الأمراض التي لم يغب معه صوته حتى النفس الأخير وظل طوداً بقامته وروحه وابتسامته المعهودة.
وأكد نجله المرافق له أحمد أبوبكر في تصريح سابق لـ"العربية.نت" أن والده عانى منذ سنوات من مشاكل صحية في#القلب وفشل كلوي، وعاد إلى الرياض في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2016 بعد رحلة علاجية في ميونخ بألمانيا.
كما خضع الراحل لعملية قلب مفتوح منذ 5 أعوام في ذات المستشفى الألماني، وكان ترافقه في رحلته العلاجية زوجته أم أصيل ونجله أحمد.
وأيضا حظي أبوبكر سالم بإهتمام ومتابعة حالته الصحية من أعلى المستويات منذ دخوله مستشفى الملك فيصل التخصصي قبل حوالي 10 أعوام.