الكوميديا أو الملهاة نوع من أنواع الأدب الساخر، الغرض منه التسلية والترفيه، وحين دخلت الكوميديا الى عالم التمثيل كان ذلك في عهد المسرح الإغريقي، حيث أبدع الإغريق في التمثيل الكوميدي، وكما هو الحال مع الأدب كان المسرح هو أداء ترفيهي لقصص خيالية أو مواقف ساخرة، وقد نشأت الكوميديا في أوروبا من الأغاني الجماعية الصاخبة ومن الحوار الدائر بين الشخصيات التي تقوم بأداء الشعائر في أعياد إله النماء ديونيسيوس باليونان القديمة، وهي الأعياد التي تمخض عنها فن الدراما.
وتعد مسرحيات «أريستوفان» من أروع الأمثلة على فن الكوميديا القديمة في اليونان، أما فن الكوميديا الحديثة فيمثله «ميناندر»، الذي نسج على منواله كل من «بلاوتس» و«تيرنس». وفي إنجلترا، تمت إضافة فصول للمسرحيات الكوميدية الكلاسيكية خصوصا للأعمال التي تنتمي الى الأدب اللاتيني، وذلك في القرن الـ 16 حتى بلغت المسرحيات مرحلة «الكوميديا الرومانسية» في عصر الملكة إليزابيث وبلغت ذروتها على يد «شكسبير».
أما في فرنسا، فقد مزج «موليير» بين المسرحيات الكلاسيكية وما لها من تأثير، وبين المسرحيات التي أطلق عليها اسم «كوميديا الفن»، ويعد ويليام شيكسبير وموليير من بين المشاهير الذين كتبوا عروضا كوميدية.
وقد عرفت الكوميديا أو الملهاة بأسماء مختلفة، فالبعض سماها بالعبث، وآخرون أطلقوا عليها «القشمرة»، كما في تركيا، حيث يسمى الممثل الكوميدي بـ «القشمر ضحكة». وتطورت الكوميديا في القرن الـ 19 الى سلوك الإنسان والحياة الاجتماعية، وبعد ظهور السينما قل كتاب المسرح وأصبحت أعمال الكوميديا تنسج للسينما، ولكن ذلك لم يقض على المسرح وبدأت الأفلام الكوميدية في الانتشار بشكل سريع.
وكما ذكرنا سلفا فإن تأثير السينما على الترفيه المسرحي كان كبيرا بسبب انخفاض تكلفة العرض، ما أدى الى استقطاب شرائح مختلفة من الجماهير.
تطور فن الكوميديا حتى أصبح يسخر من كل شيء وأي شيء وفي أحيان كثيرة يوصف بالسخافة، فكثير من الأعمال السينمائية في العصر الحديث «سخيفة»، وأفضل من قاموا بتطوير الكوميديا هم كتاب وممثلو الشرق الأوسط، وبدأ هذا التطور في العشرينيات من القرن الماضي، وتحديدا في مصر، حيث أضفت على فن الكوميديا لمسة شرقية تميز العمل ولم تلتزم بالأسلوب الكلاسيكي للمسرح، فكانت لكوميديا الشرق الأوسط طابع خاص جدا.