«ووترغيت» هو اسم لأكبر فضيحة سياسية في تاريخ أميركا، حيث كان عام 1968 عاما سيئا على الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي فاز بصعوبة شديدة على منافسه الديموقراطي همفري، بنسبة 43.5% إلى 42%، ما جعل موقف الرئيس ريتشارد نيكسون أثناء معركة التجديد للرئاسة عام 1972 صعبا جدا.
قرر الرئيس نيكسون التجسس على مكاتب الحزب الديموقراطي المنافس في مبنى ووترغيت، وفي 17 يونيو 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديموقراطي وهم ينصبون أجهزة تسجيل مموهة.
وكان البيت الأبيض قد سجل 64 مكالمة، فتفجرت أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الاتهام إلى الرئيس نيكسون، واستقال على أثر ذلك في أغسطس عام 1974، وتمت محاكمته بسبب الفضيحة، وفي 8 سبتمبر 1974 أصدر الرئيس الأميركي جيرالد فورد عفوا بحق ريتشارد نيكسون بشأن الفضيحة.
هذا هو محور قصة الفيلم الجديد «Mark Felt: The Man Who Brought Down the White House» الذي دخل مؤخرا دور عرض «سينسكيب»، وهو يعتبر من أهم الأفلام السياسية الموثقة، ويعد مارك فلت هو اللاعب الأساسي في كشف هذه الفضيحة التي هزت الولايات المتحدة وأركان البيت الأبيض بل والعالم أجمع.
يتناول الفيلم أحداث الفضيحة بالتفصيل وبأسماء الأشخاص في سياق درامي جديد من نوعه، كاشفا ما وراء الكواليس داخل المطبخ السياسي في البيت الأبيض والمعارك السياسية من أجل منصب الرئاسة، ولكن من هو «فلت»؟ ولماذا يعتبر اللاعب الأساسي في هذه الفضيحة؟
مارك وليام فلت كان عميلا خاصا في مكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي تقاعد من منصبه كنائب مدير المكتب عام 1973، بعد حفظه للسر الذي كتمه لمدة 30 عاما بمشاركة الصحافيين «بوب ودورد» و«كارل برنستين»، اعترف «فلت» في 31 مايو 2005 بأنه من أبلغ عن المخالفات في فضيحة ووترغيت.
ان فيلم «Mark Felt: The Man Who Brought Down the White House» عمل درامي يظهر التفاني في حب الوطن، ويكشف عن كل من مارك فلت والصحافيين اللذين كانا معه في جو من الإثارة والغموض، فلم يعتمد العمل على مجرد سرد سيرة ذاتية بل أضفى عليها حياة افتراضية على طريقة الدراما الجاسوسية، فجاء العمل مشوقا وممتعا بشكل كبير وكأننا أمام فيلم من أفلام الإثارة والغموض، كما كان أداء البطل ليام نيسون رائعا كالمعتاد، حيث تقمص الشخصية لدرجة أن المشاهد كاد أن يعتقد أنه هو فعلا «فلت» العميل الذي فضح العملية التي سميت حينها باسم «عمق الحنجرة» إشارة إلى عملية التجسس على الحزب المنافس لنيكسون لضرب الحزب في عمق داره.
يروي هذا العمل السينمائي السياسي أيضا الحياة العائلية لذلك العميل مع مؤسسة الرئاسة، وكانت الموسيقى التصويرية رائعة فأدخلت المتفرج داخل الأحداث واستطاع معايشتها، وكذلك عنوان الفيلم مشوق جدا ويدعو للتساؤل، من ذلك المدعو مارك فلت الذي أسقط البيت الأبيض؟ كما يطرح الفيلم الكثير من التساؤلات حول ما يدور في أروقة العمل السياسي ويظهر كيف أن الصراع على السلطة من الممكن أن يطيح بالدول العظمى، فالتساؤل الأبرز هو من في خدمة من؟ الساسة في خدمة الشعوب أم العكس؟ هل الأجهزة الأمنية في خدمة الرؤساء أم في خدمة البلاد؟ وتساؤلات أخرى كثيرة ستحيركم أثناء المشاهدة.
«Mark Felt: The Man Who Brought Down the White House» عنوان جذاب خاصة للمهتمين بأمور السياسة والراغبين في تثقيف أنفسهم وتوسيع مداركهم، وفي النهاية لا يسعنا ألا القول إن مارك فلت هو رأس الحربة وراء أكبر فضيحة لحقت بالبيت الأبيض والولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن العمل من بطولة ليام نيسون (مارك فلت)، دايان لين (أودري فلت) أما كتابة السيناريو والإخراج فلبيتر لاندزمان.