يعد القطاع العقاري من أكثر قطاعات الاقتصاد الكويتي تأثرا بالأزمة المالية العالمية التي جاءت تداعياتها لتضع ملحا على الجراح التي كان يعني منها هذا القطاع أصلا من قبل، منذ أواخر عام 2007 وبدايات عام 2008. وإذا كان العقار يمرض ولا يموت، فإنه أصيب بمرض مزمن في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية التي لم تترك شاردة ولا واردة اقتصادية إلا واصابتها بشكل أو بآخر.لكن مع تصاعد نبرة التفاؤل لدى المراقبين والمتخصصين الاقتصاديين بشأن قرب تعافي الاقتصاد العالمي عموما، والاقتصاد الكويتي على وجه الخصوص من تداعيات هذه الأزمة، وفي ظل هذه الأجواء الإيجابية نسبيا انتعشت الآمال في أن يبرأ العقار الكويتي مما ألم به في السنوات الأخيرة، وان يعود لسابق عهده من الازدهار والنمو او على أقل تقدير الاستقرار عند معدلات النشاط الاقتصادي الاعتيادي دون ركود او كساد.
يرى مستثمرون ومراقبون عقاريون ان الوقت قد حان لوضع «خارطة طريق» تتضمن عددا من الخطوات والآليات التي يحتاجها السوق العقاري المحلي للاستفادة من هذه الأجواء الإيجابية واستعادة عافيته من جديد خلال المرحلة المقبلة، وتتمثل معالم هذه الخارطة في الآتي:
1 ـ حل مشاكل التمويل البنكي لشركات العقار:
فمع التحسن النسبي لأوضاع القطاع المصرفي خاصة فيما يتعلق بتوافر السيولة وإمكانية منح قروض، يطالب عقاريون بحل مشاكل التمويل البنكي لشركات العقار، وينادي آخرون بضرورة إعادة النظر في قانون الرهن العقاري، مشيرين الى انه خلال فترة الانتعاش التي عاشها سوق العقار الكويتي بين عامي 2004 و2007 كان هناك توسع في القروض الممنوحة للشركات العقارية التي استفادت بقوة، كما استعادت ايضا البنوك المقرضة وجنت عوائد مالية ضخمة.
2 ـ مراجعة وتفعيل المنظومة القانونية الخاصة بالسوق العقاري:
لاتزال المنظومة القانونية الحاكمة لأوضاع العقار في الكويت، خاصة الاستثماري والتجاري، تعاني من مثالب كثيرة، وخير شاهد على ذلك قانون مشروعات البناء والتشغيل والتحويل الـ b.o.t الذي لم يفعل بالشكل المطلوب ولم تتم الاستفادة منه رغم مرور أكثر من 4 سنوات على صدوره.
3 ـ إيجاد حلول جذرية لمشكلة ندرة الأراضي:
أما «مشكلة المشاكل» في نظر المستثمرين والمطورين العقاريين، والتي تحتاج لحلول جذرية فورية، فتتمثل في الندرة الواضحة في الأراضي التي تخصصها الحكومة لأغراض الاستثمار العقاري، حيث قد تتوافر الإمكانات والقدرات المالية اللازمة والقادرة على تنفيذ مشروعات عقارية تضاهي مثيلاتها في دول الجوار وربما تتفوق عليها، ولكن ندرة الأراضي تقف حجر عثرة امام ذلك.
4 ـ الإسراع بتأسيس المقاصة العقارية:
من المتأمل ان يساهم الإسراع بتأسيس المقاصة العقارية في إعادة تنظيم السوق العقاري المحلي وفق أسس واضحة ومرتبة، تضمن سلاسة الأداء، وشفافيته، وتحول دون ولوج الدخلاء على السوق الذين يتلاعبون أحيانا بالعرض والطلب ويتسببون كثيرا في الكثير من السلبيات التي تضر السوق والمتعاملين فيه.
5 ـ القضاء على البيروقراطية المعيقة:
أخيرا، يطالب مستثمرو العقار الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة بالتدخل الفاعل من اجل إزالة جميع اشكال البيروقراطية المعيقة للاستثمار عموما وللاستثمار العقاري على وجه التحديد، وبحيث يشمل ذلك التنسيق الجهات والهيئات الرسمية المعنية بالاستثمار العقاري مثل بلدية الكويت وفروعها، ووزارة التجارة، ووزارة العدل، والتنسيق بين هذه الجهات والجهات غير الرسمية الممثلة للعقاريين من اتحادات وروابط، بالاضافة الى تقليص الفترة الزمنية للدورة المستندية.