أعطت السعودية أولوية للهيمنة على حساب الديبلوماسية في تشكيل الاتحاد النقدي الخليجي لكنها ستحتاج إلى تطوير علاقاتها مع جيرانها الأصغر في الخليج إذا أرادت للمشروع أن ينجح.
وتريد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي إنشاء تكتل سياسي واقتصادي خليجي مترابط يمكنها قيادته.
وقال مصطفى علاني من مركز الخليج للابحاث في دبي إن مشكلة مجلس التعاون الخليجي ومصدر الحساسيات وانعدام الثقة هي الاعتقاد بأن الشقيقة الكبرى تحاول الهيمنة على باقي الدول الأعضاء.
وعين محافظ البنك المركزي السعودي محمد الجاسر الأسبوع الماضي رئيسا للمجلس النقدي الخليجي في الرياض والذي سيكون نواة لبنك مركزي إقليمي مما يبرز سيطرة المملكة على مشروع العملة الموحدة. وستستمر فترة رئاسته لمدة عام.
وتستضيف الرياض بالفعل عدة كيانات خليجية من بينها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وهي هيئة تنفيذية مشابهة للمفوضية الأوروبية. وسيعمل المجلس النقدي بالأساس على وضع الإطار التنظيمي لبنك مركزي خليجي وسيسعى لرفع مستوى التنسيق في سياسات النقد والصرف الأجنبي تمهيدا لإطلاق العملة الموحدة. لكن أي تعزيز للاتحاد النقدي الخليجي من شأنه أيضا أن يدعم الترابط السياسي في التكتل.
وقد يكون ذلك في صالح الدول الخليجية في مواجهة إيران. وأبدت السعودية بالفعل قلقها من نفوذ إيران في كل من العراق ولبنان.
وقال خالد الدخيل وهو كاتب سياسي سعودي بارز «لا يتمتع مجلس التعاون الخليجي دائما بمستوى عال من التنسيق عندما يتعلق الأمر بسياسته الخارجية. وجود توافق في الآراء بين دول المجلس سيساعد على الحد من نفوذ إيران في المنطقة».
وأضاف «رأينا قدرا من التوافق في الآراء بين دول المجلس بشأن النزاع الإماراتي الإيراني على جزر أبو موسى وبشأن طموحات إيران النووية» مشيرا إلى نزاع حدودي طويل الأمد على الجزر الواقعة في الخليج. وأدت منافسات سياسية قديمة إلى تأجيل إطلاق الاتحاد النقدي الخليجي الذي يهدف الى محاكاة نموذج منطقة اليورو. وانسحبت الإمارات صاحبة ثاني أكبر اقتصاد خليجي من المشروع بعدما وقع اختيار الزعماء على الرياض مقرا للبنك المركزي المزمع ووجهت بذلك ضربة قوية لخطة تعاني منذ عام 2001.
ومازالت العلاقات الديبلوماسية بين السعودية والإمارات متوترة منذ ذلك الحين. والدول التي تعتزم المضي قدما في المشروع هي البحرين والكويت وقطر والسعودية. وفي العام الماضي تخلى مجلس التعاون الخليجي عن موعد نهائي لإصدار العملة الموحدة في 2010 وقال المجلس النقدي إن تحديد موعد جديد لإطلاق العملة الموحدة ليس أولوية.
وقال ديبلوماسي غربي مقيم بالرياض «السعودية تقول لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى إنهم إذا أرادوا لهذا الكيان الاقتصادي الخليجي أن يرى النور فيتعين أن يكون مركز ثقله هنا في الرياض وليس في دبي أو أبوظبي.
ويقول محللون إن تحسن العلاقات بين الدوحة والرياض في الفترة الأخيرة ساعد على إبقاء قطر في المشروع.
وقال علاني في دبي «هناك نوع من التحالف يتكون بين السعوديين والقطريين، ومن شأن فقد قطر أن يمثل مشكلة كبيرة للاتحاد النقدي».
وقال المحلل الكويتي علي النمش الذي جعلت بلاده من إقناع الإمارات وعمان بالعودة إلى المشروع هدفا رئيسيا، إنه ليس عيبا أن تضطلع السعودية بدور ريادي لكن الاتحاد ينبغي أن يضم جميع دول المجلس. وأضاف «لن تكون هناك عملة خليجية بدون الإمارات وعمان. الإمارات هي ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في الخليج بعد السعودية كما أنها نشطة تجاريا في الاستيراد والتصدير ومناطق التجارة الحرة والسياحة الخليجية. وعمان لا تقل أهمية».