- الموسى: الخصخصة لا تعني بالضرورة بيع الأصول العامة المملوكة للدولة
- الخرافي: يجب توليد القناعات بضرورة التغيير حسب رؤية إستراتيجية
محمد عبدالرحمن
يقف العالم الآن على أعتاب مرحلة جديدة من مراحل تطوره الاقتصادي والتكنولوجي، مرحلة تعج بالتطورات والمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية على مختلف الأصعدة، مما يستدعي بلورة رؤية شاملة وصياغة استراتيجية متكاملة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بما يحقق مقتضيات عملية التنمية الشاملة خلال العقود القادمة.
فالفترة الحالية تشكل مرحلة حاسمة لمستقبل الاقتصاد الكويتي، وذلك بالنظر لحجم التحديات التي أصبح يواجهها على الصعيدين الإقليمي والدولي، الأمر الذي يتطلب العمل الدؤوب من أجل زيادة درجة تنافسيته.
وفي هذا الخصوص، ثمة عدد من المتطلبات الواجب الالتفات إليها، وتسليط الضوء عليها بغرض إعادة هيكلة صحيحة للاقتصاد الكويتي، على ضوء تحديد مواطن الخلل الحالية وجوانب القصور حتى يمكن العمل على علاجها، ومن ثم تجنب انعكاساتها السلبية على الأداء الاقتصادي العام في المستقبل المنظور، على أن يتبع ذلك البحث في أفضل السبل الكفيلة بجعلها تواكب ركب التطور والتقدم التقني والتكنولوجي، ومن ثم تكون في مصاف البلدان المتقدمة اقتصاديا وتنمويا وعلى المديين المتوسط والبعيد.
زيادة القدرة التنافسية
وفي هذا السياق، أكد وزير التخطيط الأسبق علي الموسى أنه في مقدمة ما يحتاجه الاقتصاد الكويتي من أجل إعادة الهيكلة وزيادة قدراته التنافسية، ضرورة توسيع وتفعيل مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتأسيس وتعزيز الشراكة بينه وبين القطاع الحكومي، مشيرا إلى أن التخصيص أو الخصخصة لا تعني بالضرورة بيع الأصول العامة المملوكة للدولة أو أن تتخلى الأخيرة عن دورها الاقتصادي.
وأوضح أن التخصيص بلا شك سيأخذ بعين الاعتبار استمرار خضوع قطاعات استراتيجية للدولة بما في ذلك قطاع النفط خاصة ما يتعلق منه بالاستخراج، ومع ذلك تبقى إمكانية إشراك القطاع الخاص قائمة في هذا القطاع مثل أن يسند إليه مسألة التنقيب، خاصة أن الكويت لها تجارب ناجحة في هذا المضمار من خلال الاعتماد على شركات عالمية ومن ثم يصبح من المهم إتاحة الفرصة للقطاع الخاص المحلي للقيام بهذا الدور الحيوي وهو قادر بالفعل على القيام به على الوجه الأكمل.
مشيرا إلى أن ثمة ثوابت تعد محل اتفاق بين الجميع في الكويت وأهمها أن يظل دور الدولة قائما في تقديم خدمات أساسية مدعومة للمواطنين لاسيما في مجال الخدمات الصحية والتعليمية، دون أن ينفي ذلك إمكانية الاستعانة بآليات القطاع الخاص في إدارة المؤسسات الصحية والتعليمية مما يترتب عليه تحسين جودة الخدمة المقدمة، خاصة في حال عدم قدرة الدولة ممثلة في القطاع الحكومي على توفير بعض الخدمات العامة بسبب التشبع أو عدم القدرة على الاستيعاب، وهناك تجربة مهمة وناجحة في الكويت في هذا المجال متمثلة في التعليم العالي، فحين تشبعت جامعة الكويت ولم يعد بمقدورها استيعاب المزيد من أعداد الطلاب تم تطوير خيار البعثات الداخلية الذي يسمح بالتحاق هؤلاء الطلاب في الجامعات الخاصة التي وافقت الحكومة على إنشائها وفق ضوابط معينة تحقق جودة المخرجات التعليمية وتحافظ في الوقت ذاته على الدعم المقدم لقطاع التعليم، وبالتالي الأمر ذاته يمكن اللجوء إليه بالنسبة للخدمات العامة الأخرى.
رؤية استراتيجية
أما رئيس اتحاد الصناعات الكويتية حسين الخرافي فيرى أن إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني تحتاج إلى توافر قناعة ورؤية استراتيجية وبرنامج عمل لترجمة هذه الرؤية وتلك القناعة إلى واقع عملي ملموس يتجاوز التصريحات والشعارات الرنانة، مشيرا إلى أن إعادة الهيكلة الاقتصادية ترتبط بها قضية التخصيص وزيادة مساهمة القطاع الخاص المحلي في النشاط الاقتصادي بما يمكن من تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي.
وأشار إلى أنه انطلاقا من المفهوم الواسع للتجارة، يمكن أن تساهم مختلف القطاعات الاقتصادية في إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بما في ذلك القطاع الصناعي والمالي والمصرفي والعقاري وغيرها، أما بالنسبة للقطاع الصناعي تحديدا فإنه يتسم بالقدرة على المساهمة الفعالة في إعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي عن طريق تطوير مصادر إنتاجية رديفة للنفط، خاصة مع توافر الإمكانات والسيولة المالية، والمواد الخام اللازمة للتصنيع لاسيما تلك المشتقة من النفط، مما يساهم في تطوير صناعات جديدة وفي مقدمتها صناعات البتروكيماويات، بالإضافة إلى موقع الكويت المتوسط القريب من أسواق آسيا وأوروبا.
وفي مقدمة ما يجمع عليه المراقبون والمختصون، المتطلبات التالية:
1 ـ ضرورة مشاركة جميع الأطراف الرسمية والأهلية وتضافر جهودها وتنسيق حركتها على نحو يضمن التخطيط لمستقبل أفضل للاقتصاد الوطني، لأن ذلك هو الاتجاه السائد في العالم الآن، حيث الشراكة الفعالة بين الرؤية الحكومية ورؤى القطاع الخاص في التخطيط للتنمية المستدامة للمجتمع واستشراف آفاق مستقبله التنموي.
2 ـ إدخال الإصلاحات الهيكلية الواجب القيام بها على المستويات التنموية والمالية والاقتصادية، بما في ذلك بناء نموذج تنموي يحمل السمات الخاصة بالكويت اقتصاديا واجتماعيا وسكانيا وثقافيا، وتراعى في الوقت نفسه طبيعة التجارب التنموية التي تتبناها دول الجوار، تحقيقا لقدرة تنافسية عالية وسط المحيط الإقليمي والدولي، ومراعاة الواقعية والتوازن في الأهداف التنموية المراد بلوغها، بحيث لا يطغى جانب على آخر، وبحيث تسير أبعاد تنمية مختلف القطاعات الاقتصادية متوازنة مع بعضها جنبا إلى جنب وبالتوازي ـ وبشكل متناغم ومتناسق في الموضوع والتوقيت ـ مع محاور التنمية الأخرى التعليمية والثقافية والصحية والعمرانية والإسكانية.
3 ـ تنويع مصادر الدخل الوطني، وعدم الاعتماد كلية على مصدر وحيد ناضب مثل النفط، والعمل على تشجيع قطاعات اقتصادية وإنتاجية واعدة كالقطاع الصناعي والخدمي وغيرهما.
4 ـ انتقاء القطاعات الاقتصادية التي سيتم إطلاق يد القطاع الخاص فيها، مع سن التشريعيةات ووضع الضوابط التنظيمية اللازمة لضمان فاعلية الأداء والتأكد من الحفاظ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمالة الوطنية التي ستنتقل للعمل في القطاع الخاص لاحقا.
5 ـ تطوير صناعات غير تقليدية تتجاوز الصناعات الغذائية والتقليدية إلى الصناعات الدوائية وصناعة البتروكيماويات وصناعة الألمنيوم والزجاج ومواد البناء والأصباغ.
6 ـ توقيع اتفاقيات جماعية وثنائية للإعفاءات الجمركية ومنع الازدواج الضريبي والمحاسبي مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والأجنبية التي تربطها بالكويت مصالح اقتصادية وتجارية واستثمارية كبيرة، وتشجيع تأسيس شركات وإقامة مشروعات كويتية وخليجية مشتركة في مختلف جوانب الاستثمار والتنمية، مع مراعاة التكامل بين المشاريع الاستثمارية، وفقا للمزايا التنافسية منعا للتكرار والتداخل غير المطلوب.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإسراع بإنجاز هذه الإصلاحات والمتطلبات من شأنه أن يقلل الكلفة المادية والبشرية المتوقعة لها، ويضاعف في الوقت ذاته من الإيجابيات المتوقعة منها، والعكس صحيح.
تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إدخال إصلاحات هيكلية على المستويات التنموية والمالية والاقتصادية.
تنويع مصادر الدخل الوطني وعدم الاعتماد كلية على مصدر وحيد ناضب مثل النفط.
سن التشريعات لضمان فاعلية أداء القطاع الخاص.
تطوير صناعات غير تقليدية تتمتع الكويت فيها بمزايا تنافسية.
توقيع اتفاقيات جماعية وثنائية مع الدول العربية والأجنبية في مجالات الاستثمار والتنمية.