منى الدغيمي
قال المحاضر بجامعة «لاينبرك» في ألمانيا البورفيسور هانز جيورج ايبرت ان الأزمة المالية العالمية التي تسببت في إفلاس البنوك التقليدية في أوروبا وأميركا، وأدت إلى الشك في الاستقرار المالي الغربي، فتحت أبواب أوروبا على مصراعيها لتعانق الاقتصاد الإسلامي وتفتح المجال لانتشار البنوك الإسلامية في أوروبا.
الاقتصاد الإسلامي في أوروبا
وأضاف خلال الندوة الاقتصادية التي أقامها بنك الكويت الدولي تحت عنوان «الاقتصاد الإسلامي في أوروبا» ورعاها العضو المنتدب حميد الرشيد أن من ضمن الأسباب وراء الاهتمام الأوروبي باستقطاب البنوك الإسلامية، الأموال الموجودة في المنطقة العربية وفي الخليج خاصة التي تتعامل مع الاقتصاد الإسلامي، إضافة لارتفاع نسبة المقيمين المسلمين في أوروبا الأمر الذي تطلب وجوب افتتاح هذه البنوك في أوروبا، مبينا أن الاقتصاد الاسلامي يعمل في أكثر من 50 دولة حول العالم.
وأضاف أن المسلمين على ثقة بأن الاقتصاد الإسلامي هو القادر على حل الأزمة المالية العالمية، مما زاد الاهتمام الغربي بالصناعة المالية الإسلامية والتوجه نحو خدماتها.
معوقات الانتشار
وقال إيبرت ان من أهم معوقات انتشار صناعة الصرافة المالية الإسلامية، قلة الخبرات الإسلامية المالية في أوروبا رغم وجــــود بعض المؤسسات التي تقــــوم بالرقابة والاشــــراف على المؤسسات المالية الإسلامـــية، مشيــــرا إلى أن هيئـــة الرقابة الشرعية مازالت تمثل مشكلة نظرا لطريقة تفسيرها لإجازة المنتجات الجديدة وتوافقها مع الشريعة الإسلامية.
وأضاف أن بعض القوانين الأوروبية قد تعيق انتشار الاقتصاد الاسلامي في اوروبا، مثل نظم الضرائب في بريطانيا وألمانيا. وتوقع ايبرت أن الصناعة الاسلامية ستنتشر أكثر في اوروبا ولكن الصناعة المالية التقليدية ستكون هي السائدة خاصة مع قيامها بفتح فروع اسلامية لها، مبينا ان المنتجات المالية الاسلامية تحتاج إلى وقت واتباع النظام الاسلامي بشكل تدريجي. وردا على سؤال عن مدى قناعة المجتمع الغربي بالاقتصاد الإسلامي وهل يمكن اعتباره حلا للمشاكل الاقتصادية، لاسيما لتداعيات الأزمة المالية الأخيرة، أوضح أن الأزمة المالية بدأت في أميركا وانتشرت في باقي ارجاء العالم، وهي ليست أزمة أميركية أو أوروبية أو اسلامية، ولكنها عالمية، مبينا أن نسبة الاستحواذ السوقي للاقتصاد الإسلامي مقارنة بالاقتصاد التقليدي في أوروبا أو أميركا مازالت صغيرة، وهو الأمر الذي يجعلها عاجزة بمفردها عن تقديم حلول للأزمة، متوقعا حدوث أزمات أخرى مالية، قد يكون للبنوك الإسلامية دور أكبر في حلها وتقديم أدوات جديدة تستطيع التغلب عليها.
وقال: «ربما ستكون البنوك الإسلامية أكثر أمانا لكن لا يمكن الجزم بنجاحها 100% والقول إنها لا تحتوي على أزمات مستقبلية». وعن المعوقات الأخرى التي تحد من انتشار الصناعة المالية الإسلامية غير قانون الضريبة وتواجه الصناعة المالية الإسلامية، وهل هناك رؤية واضحة للمحاكم الأوروبية في حال وجود أي نزاع قانوني قال ايبرت ان هذه المشكلة يمكن حلها عن طريق مفاوضات ومحادثات مع الخبراء الاقتصاديين من البلدان الاسلامية ويمكن تغيير القوانين وفق متطلبات المنتج الاسلامي، ليكون في موقع منافسة مع المنتجات المالية التقليدية.
حيث انه من الصعب جدا على الهيئة الرقابية المصرفية أن تقوم من ناحية بمراقبة المنتجات الاسلامية وتوافقها مع الشريعة ومن ناحية أخرى النظر في النزاعات، معترفا بأن اوروبا ليست لها خبرات في هذا المجال داعيا الجانبين الأوروبي والإسلامي الى أن يتفقا على وجود حلول لتجاوز كل هذه المعوقات. وردا على سؤال: هل للاقتصاد الاسلامي قدرة على اقناع كل الشرائح الاجتماعية بمختلف عقائدها في اوروبا، قال انه من الممكن على اعتبار ان هناك اقتناعا بالمنتج الاسلامي من طرف غير المسلمين فالمسألة لا تتعلق بالعقائد أكثر من تعلقها بالاقتصاد لأنها تدخل ضمن إطار التنافس الاقتصادي وليس العقائدي.
الاقتصاد الألماني
وقال أن الاقتصاد الالماني مستعد لاستقطاب البنوك الإسلامية وباقي البنوك وهو في الوقت الحالي بصدد تسوية بعض القوانين لاسيما قانون الضريبة وقانون النزاعات المصرفية ليتكيف مع المنتج الإسلامي. وبين أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به أوروبا حاليا يستدعي استقطاب الصناعة المالية الإسلامية خاصة في ظل انــتشار المسلمين في دول أوروبا، مــوضحا أن ثلث مسلمي أوروبا يتــواجدون في روسيا، إضافة للـــجزء الأوروبي في تركيا. مضيفا أنه في ألمانيا غالبية المسلمين هناك من أصل تركي حصلوا على الجنسية الألمانية، وفي فرنسا الحالة مشابهة لأن أغلبية المقيمين من المهاجرين العرب من دول شمال أفريقيا، حيث يشكلون نسبة 8%. مشيرا إلى هجرة المسلمين من باكستان والهند إلى بريطانيا.
الحرية المالية
وأكد على أن النظم القانونية في أوروبا تعطي الحرية المالية والتجارية للأفراد المقيمين في الـتعامل بالأدوات الاقتصادية التــي يختارونها وهي لا تتعارض مع النظـــم المالية الإسلامية.
نظام البنوك
بين ايبرت أن نظام البنوك في اوروبا يختلف من بلد إلى آخر، موضحا أنه في ألمانيا تنقسم البنوك إلى ثلاثة أقسام: الاول الحكومية، والثاني القطاع التعاوني، والثالث هو القطاع الخاص، موضحا أن نسبة 75% من قطاع البنوك الألمانية يستحوذ عليها القطاع الحكومي.
وأفاد بأن هناك اهتماما ألمانيا وأوروبيا بالقوانين العربية الاقتصادية والتجارية خاصة لمنطقة الخليج وبشكل خاص القانون الكويتي والبحريني. وعدد إيبرت البنوك الاسلامية التي تعمل في أوروبا والتي بدأت في الثمانينيات، موضحا أنها كانت مرهونة بنسبة التدين التي زادت خلال الفترة الحالية، إضافة للحالة الاقتصادية والظروف التي حدثت الفترة الماضية من أزمة مالية عالمية. وأضاف أن هناك بنكين تطبق فيهما مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث تم في 2006 تأسيس بنك فيصل في سويسرا، إضافة لبعض البنوك الخاصة الإسلامية أو تعاملاتها مع البنوك الإسلامية حول العالم.
وأوضح أن غالبية البنوك العالمية الخاصة تقوم بإصدار أدوات إسلامية مثل الصكوك والصناديق الإسلامية.