-
طبيعة عمل البنك تفرض عليه انتقاء الكوادر الوظيفية ذات الخبرات التخصصية من الناحية الفنية والمهنية عكس ما هو متبع في الجهات الحكوميـة الأخــرى
-
المادة أعفت البنك من التقيد بأحكام قوانين المناقصــات العامــة والوظائــف العامــة المدنية وإلغاؤها يعني تقييد حرية عمل البنك والمرونة المباشرة له
-
أعمال البنك تتصف بالسرعة والسرية في إنجازها وإلزامه بالإجراءات والقواعد المنصوص عليها في قانون المناقصات سيعوق إنجاز الأعمال في الوقت المناسب
-
المقترح يفتح المجال أمام جهات أخرى للتدخل في تسيير أعمال البنك و تسرب وظيفي شهده البنك في الأعوام القليلة الماضية أعمال البنك لا تحكمها معايير الربح والخسارة التقليدية وإنما تقاس بمدى فاعلية السياسات والإجراءات النقدية والرقابية التي يتخذها وينفذها
زكي عثمان
لاشك ان ما يتمتع به البنك المركزي من استقلالية في العمل قد ساهم في اظهار الدور الرئيسي المنوط به والذي تحدد بشكل واضح من خلال القانون رقم 32 لسنة 1968 الذي حدد بوضوح مهام عمل هذا الكيان العملاق ليكون المسؤول الاول عن حركة النقد وتنظيم المهنة المصرفية في الكويت.
وحسبما هو موجود في نص المادة «14/ الفقرة الثالثة» من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية: «وفيما عدا الاحكام الدستورية السارية في شأن اعمال البنك وميزانيته وحسابه الختامي، يضع مجلس الادارة ـ بموافقة وزير المالية ـ سائر النظم والاحكام المتعلقة بشؤون البنك الادارية والمالية بما في ذلك شؤون الموظفين والمحاسبة، دون التقيد في ذلك كله بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية»، الا ان تلك الفقرة استرعت انتباه عدد من اعضاء مجلس الامة وهم مسلم البراك وخالد الطاحوس والصيفي مبارك الصيفي ود.حسن جوهر وعلي الدقباسي الذين تقدموا بمقترح لتعديلها وعلى نحو يلزم المركزي بالتقيد بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية وذلك على عكس ما هو قائم في نص المادة 14 من اعفاء البنك المركزي من التقيد بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية.
وقد تضمنت المذكرة الايضاحية لهذا الاقتراح بقانون ان تقرير ديوان المحاسبة وفحصه لسجلات البنك المركزي عن السنوات الثلاث الماضية اسفر عن تعيينات لعدد من الاجانب ومنحهم ميزات لم يتم عرضها على مجلس الخدمة المدنية وعدم تقيد البنك المركزي بأحكام قانون الوظائف العامة مما يدعو الى تنظيم عقود الاجانب والاداريين ومكافآتهم بالبنك المركزي، كما ان ابرام العديد من العقود لاستخدام الاجانب عامي 2008 و2009 كان على حساب العمالة الوطنية التي تتمتع بخبرات عملية لا تختلف عن العمالة الاجنبية، وانه بمناسبة قيام البنك المركزي بانشاء مبنى الشويخ ومشروع المقر الجديد الذي من المتوقع ان تصل تكلفته الى 125 مليون دينار، تم التعاقد مباشرة مع منفذ المشروع دون الاحتكام لقانون المناقصات العامة، مما قد يرفع تكلفة تلك المشاريع لافتقاد الخبرة المطلوبة للتعاقد وعدم الاستئناس برأي وزارة الاشغال العامة.
وقد حصلت «الأنباء» على نسخة من رد المركزي على تلك المذكرة التي جاء فيها:
جدير بالذكر انه سبق للبنك المركزي الرد بتاريخ 31/1/2008 على اقتراح بقانون مماثل سبق تقديمه من مسلم البراك وعبدالله فالح راعي الفحماء عضوي مجلس الامة، وقد جرى عرض هذا الاقتراح وقتذاك على لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، فلم تقر ما ورد فيه بوجوب تقيد البنك المركزي بقانون الوظائف العامة المدنية وذلك «بسبب طبيعة عمل موظفي البنك المركزي، حيث ينظم شؤونهم المالية والوظيفية كادر خاص، كما تتطلب طبيعة العمل في البنك الاستعانة بخبرات خاصة فاذا ما ألزم البنك بتطبيق قانون الوظائف العامة المدنية فان هذا سيعوقه عن الاستعانة بهذه الخبرات».
وتعليقا على الاقتراح بقانون المقدم، فقد انصب هذا الاقتراح على تعديل «دون التقيد في ذلك كله بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية» من الفقرة الثالثة بالمادة 14 سالفة الذكر، فمن المعلوم ان اعمال البنك المركزي بحكم طبيعتها وبما تهدف اليه من اغراض لا تحكمها معايير الربح والخسارة التقليدية، انما تقاس بمدى فاعلية السياسات والاجراءات النقدية والرقابية التي يتخذها وينفذها، بموجب مسؤولياته حسب القانون في خدمة مصالح الاقتصاد الوطني.
وظائف البنك
وبموجب احكام القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، فإن بنك الكويت المركزي تناط به مسؤولية القيام بأداء وظيفتين عامتين هما ممارسة دور سلطة نقدية مركزية وكذلك دور سلطة رقابية على الجهاز المصرفي والمالي بالكويت، حيث تنص المادة 26 من القانون المذكور على ان: «يمارس مجلس الادارة في حدود احكام هذا القانون كامل الصلاحيات اللازمة لأداء مهمته، ويقوم بصفة خاصة بما يلي:
رسم سياسة البنك النقدية والائتمانية:
وفي إطار القيام بهذه المهمة، يقوم بنك الكويت المركزي برسم توجهات السياسة النقدية وتنفيذها على النحو الذي يحقق أهدافه كسلطة نقدية وبما يخدم مصالح الاقتصاد الوطني، وفي هذا المجال تقوّم أعمال بنك الكويت المركزي بمعيار وحيد هو مدى تحقيق السياسة النقدية لأهدافها بما يتماشى مع مصالح الاقتصاد الوطني، ومن هذا المنطلق فإن بنك الكويت المركزي، بما يجريه من دراسات ومتابعات وبما يقدره من أمور، تتضح أمامه الأسس الملائمة للسياسة النقدية التي ينبغي تطبيقها، والتي تختلف سماتها ومتطلباتها من مرحلة إلى أخرى على ضوء التطورات الاقتصادية والمالية والنقدية المحلية والعالية السائدة.
وفي مجال السياسة الرقابية، يقوم بنك الكويت المركزي بوضع منظومة متكاملة من البرامج والإجراءات والتعليمات والسياسات الرقابية التي تصب في مجملها في المساهمة في تحقيق أحد أهدافه الأساسية المتمثل في المحافظة على استقرار وسلامة الجهاز المصرفي والمالي في الكويت ولتأمين سير العمل في ذلك الجهاز على نحو سليم، ومتابعة تطوير تلك المنظومة بصفة مستمرة في ضوء المستجدات والمتغيرات الحاصلة في المجالين المحلي والعالمي والتطورات في المعايير الرقابية الدولية، وفي هذا الصدد، تنص المادة 71 من القانون رقم 32 لسنة 1968، على ان:
«للبنك المركزي ان يزود البنوك بالتعليمات التي يراها ضرورية لتحقيق سياسته الائتمانية او النقدية او لتأمين سير العمل المصرفي على وجه سليم».
ومن ثم فإن تعديل الفقرة الثالثة من المادة 14 على النحو الوارد في التعديل المقترح من شأنه ان يؤدي الى فتح المجال أمام جهات أخرى للتدخل في تسيير أعمال بنك الكويت المركزي، وقد تنظر جهة الرقابة الأخرى لأعمال بنك الكويت المركزي من منظور يخالف منظور البنك ومنطلقاته، حيث قد يبدو من الظاهر امام مجلس الخدمة المدنية او لجنة المناقصات ان بعض القرارات ببنك الكويت المركزي تتجاهل اعتبارات تحكم تعاملات الجهات الحكومية الأخرى في شأن الأمور الوظيفية والتعاقدات، في حين ان تلك القرارات بميزان طبيعة أعمال البنوك المركزية تعتبر مهمة لمصالح الاقتصاد الوطني، وبالتالي لا تقاس بتلك الاعتبارات.
وغني عن البيان، ان الاستقلالية التي منحها المشرع، بموجب نصوص القانون رقم 32 لسنة 1968، جاءت في إطار ما استقر عليه الفكر الدولي من إعطاء البنوك المركزية الاستقلالية التامة التي تمكنها من ممارسة أعمالها دون ان تكون عرضة لأي تأثير خارجي، ما يمكنها من استخدام الأدوات المتوافرة لها لمباشرة مهامها بفاعلية، وهذا الأمر لا ينفرد به بنك الكويت المركزي، وإنما هو أمر لازم لعمل اي مؤسسة نقدية مركزية، ما يتفق مع الوضع القائم في العديد من التشريعات الدولية والعربية، علما ان غالبية النظم التشريعية قد منحت البنوك المركزية استقلاليتها ـ على اختلاف درجاتها ـ المالية والإدارية.
ومن أجل هذا فإن المادة 14 من القانون رقم 32 لسنة 1968 ـ كما هي قائمة حاليا ـ تنص صراحة على ان:
«يضع مجلس الإدارة ـ بموافقة وزير المالية ـ سائر النظم والأحكام المتعلقة بشؤون البنك الإدارية والمالية بما في ذلك شؤون الموظفين والمحاسبة، دون التقيد في ذلك كله بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية».
تعليق البنك على المقترح
وفي ظل الاعتبارات المقدمة، نورد فيما يلي تعليق بنك الكويت المركزي على الاقتراح بقانون الحالي المقدم من السادة أعضاء مجلس الأمة المحترمين:
أولا: إن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 32 لسنة 1968، الذي صدر في يونيو سنة 1968، قد تضمنت تبريرا لما نصت عليه المادة 14 من القانون المذكور من إعفاء البنك المركزي من التقيد بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية، وقررت انه: «لما كانت طبيعة الوظائف المعهود بها للبنك المركزي تقتضي ان يباشر نشاطه بأكبر قدر من المرونة والفاعلية، فقد أعفته المادة 14 من الخضوع للقواعد المالية والمحاسبية والرقابية التي تخضع لها أجهزة الحكومة والمؤسسات العامة الأخرى».
وقد أدرك مجلس الأمة في عام 1968، وهو يوافق على القانون رقم 32 لسنة 1968، أهمية استقلالية البنك المركزي في وضع اللوائح والأنظمة الخاصة بشؤونه المحاسبية والمالية وشؤون العاملين فيه، وذلك لكي يستطيع البنك المركزي ان يزاول نشاطه بأكبر قدر من المرونة والفاعلية لتحقيق الأغراض المنوطة به ـ دون الخضوع لتأثير أي جهة ـ والتي غايتها مصلحة الاقتصاد الوطني. وجاء هذا الإدراك من المشرع في وقت لم يكن لاستقلالية البنوك المركزية هذا الزخم الموجود الآن، حيث أصبح موضوع استقلالية البنوك المركزية مطلبا أساسيا، لكي يقوم البنك المركزي بدور فعال في قضايا الاقتصاد الوطني، من خلال صياغة وتنفيذ سياسة نقدية يراها البنك المركزي ملائمة لأهداف السياسة الاقتصادية للدولة. وكثيرا ما يؤكد صندوق النقد الدولي على وجوب استقلالية البنوك المركزية، وان تكون لدى البنك المركزي الصلاحية في وضع اللوائح والأنظمة الخاصة بشؤونه الإدارية والمالية والوظيفية.
أحكام قانون المناقصات
ثانيا: إن إلزام بنك الكويت المركزي بالتقيد بأحكام قانون المناقصات العامة، كما هو مطلوب في الاقتراح بقانون محل التعليق، سيترتب عليه إلغاء ما توفره المادة 14 الحالية للبنك من مرونة وفاعلية في تنفيذ أغراضه المنصوص عليها في قانونه، على نحو يساهم في خدمة مصالح الاقتصاد الوطني.
وحري بالبيان، ان إعفاء بنك الكويت المركزي من الخضوع لأحكام قانون المناقصات العامة كان غايته ـ كما ذكرنا ـ توفير قدر من الحرية والمرونة لمباشرة البنك المركزي لأعماله، والتي تقتضي السرعة ولا تحتمل الرجوع الى لجنة المناقصات المركزية، والحكمة من ذلك ان سلوك البنك المركزي المسلك الحكومي بالرجوع الى لجنة المناقصات المركزية يترتب عليه بلا جدال إطالة الإجراءات وبطئها وتفويت الفرصة لاتخاذ القرار في أمور معينة، تتعلق بتعاقداته، في الوقت المناسب، إذ ان العنصر الزمني بالنسبة للبنوك المركزية يختلف عن غيرها من الجهات الحكومية الأخرى، كما ان تعطيل مسار اتخاذ القرار يكون له انعكاس سلبي على حسن سير أعمال البنك المركزي كمرفق عام بانتظام واطراد.
فهناك أعمال مهمة يقوم بها بنك الكويت المركزي وتتصف بالسرعة والسرية في إنجازها، والتزام البنك المركزي بالإجراءات والقواعد المنصوص عليها في قانون المناقصات العامة، سيكون عائقا أمام قيام البنك المركزي بإنجاز تلك الأعمال في الوقت المناسب.
وعلى سبيل المثال ـ لا الحصر ـ فإن طباعة أوراق النقد، وشراء أجهزة فرز النقود وإصلاح ما يطرأ عليها من عطل، وطباعة الشيكات للوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، يضاف الى ذلك ما هو مطلوب من توفير ما تحتاجه ادارة نظم المعلومات وإدارات أخرى في البنك المركزي من برمجيات، كل ذلك يتطلب الإنجاز على وجه السرعة وأي تأخير فيه يترتب عليه توقف حركة العمل بالنسبة لأنشطة مهمة في البنك المركزي.
وبالنسبة للسرية التي تتصف بها بعض احتياجات البنك المركزي، فعلى سبيل المثال المواصفات السرية لآلات فرز النقد، والسرية في كثير من مواصفات البرمجيات التي تنظم الاتصال المباشر بين البنك المركزي والبنوك وكذا مواصفات البرمجيات المتعلقة بنظم أمن معلومات البنك المركزي. والأهم من ذلك ان أوراق النقد الكويتي تحتوي على علامات أمنية سرية وعلمها لدى شركة طباعة أوراق النقد وبنك الكويت المركزي فقط، بل وعدد محدود جدا من العاملين لدى بنك الكويت المركزي، وان مرور التعاقدات المشار اليها بالإجراءات التي تتبعها الجهات الحكومية الأخرى ومن خلال إجراءات المناقصات والمزايدات يفقد المعلومات الخاصة بالعلامات الأمنية ـ لعملة الكويت ـ سريتها، وهذا النهج يعد مخاطرة غير مأمونة العواقب نظرا لتزايد فرص تعرض العملة للتزييف مادامت مواصفاتها الأمنية السرية أصبحت معلومة لدى عدد أكبر من الأفراد.
هذا ولقد تنبه المشرع بالفعل الى خصوصية وضع بنك الكويت المركزي، فعندما ألغى النصوص المانعة من خضوع بعض الهيئات والمؤسسات العامة لرقابة ديوان المحاسبة أو قانون المناقصات العامة بموجب القانون 66 سنة 1998، جاء واستثنى بنك الكويت المركزي في المادة الأولى منه وأبقى على النص المانع المطلوب الغاؤه حاليا، وأكد المشرع في المذكرة الايضاحية للقانون المذكور الحكمة من ذلك، حيث نص على انه: «لتوفير قدر من المرونة لبعض الجهات او العمليات الاستثمارية التي تقتضي السرعة ولعدم تفويت فرصة البت في امورها، لذا فقد جاءت الفقرة الثانية من المادة الأولى باستثناء بنك الكويت المركزي وعمليات بيع النفط ومشتقاته وكذلك العمليات الاستثمارية التي تقوم بها الجهات والمؤسسات الحكومية من الرقابة المسبقة».
ويستدل من هذا النهج التشريعي ان المشرع حريص كل الحرص على المحافظة على جميع جوانب عناصر استقلالية بنك الكويت المركزي، وإلا لكان ألغى ذلك النص بمقتضى القانون 66 لسنة 1998 المشار اليه.
أحكام الوظائف العامة
ثالثا: ان إلزام بنك الكويت المركزي بالتقيد بأحكام الوظائف العامة المدنية يفقد البنك المركزي قدرته على استقطاب الكوادر الوظيفية ذات الخبرة التخصصية من الناحية المهنية، والمتميزة في ذات الوقت، وذلك كله في ظل سوق العمالة التنافسي، والذي تكون الغلبة فيه للمؤسسات المصرفية والمالية الخاصة لما تقدمه من مزايا مادية وعينية لموظفيها، فمن المعلوم ان بنك الكويت المركزي ـ لما لأعماله من خصوصية وتميز ـ يحتاج ان يكون العاملون به ذوي خبرات مغايرة لما تتطلبه الجهات الحكومية الأخرى.
وفي ظل هذا المناخ كان لازما ان يكون من صلاحية بنك الكويت المركزي تقرير اوضاع شؤون التوظيف لديه، بما يتيح له صلاحية جذب ذوي الخبرات للعمل في البنك المركزي، وفي أغلب الأوقات يكون ضروريا اتخاذ القرار وانهاء الاجراءات في وقت وجيز ما يتطلب تحرير بنك الكويت المركزي من قيود الوظائف العامة المتبعة في الجهات الحكومية الأخرى.
وغني عن البيان، ان الحصول على هذه النوعية من الموظفين يستلزم مرونة في شروط التعاقد ما يساعد البنك المركزي على مواجهة المنافسة في سوق العمل الذي يزداد فيه الطلب على اصحاب الخبرة في الأمور المصرفية والمالية.
ومما يؤكد سلامة ما تقدم، الحكم الصادر من محكمة التمييز بجلسة 27/5/1981 في الطعن بالتمييز رقم 129 لسنة 1980، فقد ورد بالحكم ان: «قانون انشاء البنك المركزي رقم 32/1968 حرص على النص في مادته الرابعة عشرة على عدم تقيد البنك بأحكام قانون الوظائف العامة المدنية، ويرد التأكيد على هذا الحرص ومسوغه في مذكرة القانون الايضاحية نقلا عن تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة من ان اللجنة احتفظت بالمرونة اللازمة لأعمال البنك المركزي فأتاحت له عدم التقيد بالنظم والأحكام المعمول بها في الحكومة فيما يتعلق بشؤون الموظفين والمحاسبة، وشؤون البنك الإدارية والمالية، وقررت ايضا عدم التقيد بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة وديوان المحاسبة، بيد ان النص المقترح يستلزم وجود نظام خاص يضعه مجلس الادارة بموافقة وزير المالية، وهذا النظام الخاص الذي يشير اليه نص المادة 14 فيما يختص بشؤون الموظفين صدر به فعلا قرار وزير المالية في 1/2/1969».
ونؤكد في هذا الشأن ان بنك الكويت المركزي من المؤسسات الوطنية التي تولي اهتماما بالغا بالعمالة الكويتية لديها، حيث تجاوزت نسبة العمالة الوطنية الى اجمالي قوة العمل فيه معدل 80% منذ عام 2005 وجميع الوظائف الادارية والاشرافية يشغلها كويتيون، كما انه لا يتم اللجوء الى تعيين غير الكويتيين الا عند الضرورة الملحة وفي الوظائف الفنية التخصصية وفي أضيق الحدود، وذلك عند عدم توافر العمالة الوطنية المؤهلة ووفق قواعد واضحة ومحددة، ولا يخفى ان بنك الكويت المركزي يقوم في كل عام بنشر اكثر من اعلان توظيف تقتصر الدعوة فيه على الكويتيين من حديثي التخرج وأصحاب الخبرات.
وتشير البيانات الى ان المتوسط السنوي لعدد المعينين من الكويتيين خلال السنوات العشر الماضية (1999 ـ 2008) بلغ 57 موظفا، فيما بلغ المتوسط السنوي لعدد المعينين من غير الكويتيين (5 موظفين) فقط، الا ان التسرب الوظيفي الذي شهده بنك الكويت المركزي في الأعوام القليلة بسبب احتداد التنافس بين المؤسسات المصرفية والمالية المحلية على استقطاب العمالة الكويتية أدى الى تسرب بعض الكوادر الكويتية خلال السنوات العشر الماضية، وبغية سد النقص في الوظائف الفنية التخصصية، لجأ بنك الكويت المركزي الى تعيين بعض العاملين غير الكويتيين، وبشكل محدود، خلال هذه الفترة، لاسيما مع استمرار اتساع مسؤوليات ومهام بنك الكويت المركزي نظرا لتزايد ضغط العمل وما أفرزته الأزمة المالية العالمية.
أما بشأن ما تم ذكره عن المزايا الوظيفية الممنوحة لعدد محدود من الموظفين غير الكويتيين، فمن الجدير بالذكر ان هذه المزايا تتمثل في السكن المؤثث وتذاكر السفر وهي تمنح في معظم المؤسسات الحكومية في الدولة، علما أن المزايا المذكورة والمكافآت للموظفين غير الكويتيين تخضع للقواعد واللوائح المطبقة على جميع موظفي البنك.
المقر الجديد للبنك
رابعا: ان الاقتراح بقانون وما ورد من انتقادات في المذكرة الايضاحية على كيفية انجاز مبنى للبنك المركزي في منطقة الشويخ، وعلى اسلوب انجاز مشروع المقر الرئيسي للبنك المركزي يمكن الرد عليه بأن اقامة البنك المركزي لمبان هو امر يحدث لمرة واحدة تمتد الى فترة طويلة في تاريخ مسيرة البنك، وليس من المنطق تأسيس التشريعات على اعمال احادية وعارضة، وتوجد انشطة متعددة وأساسية يقوم بها البنك المركزي تحتاج الى السرعة والسرية في انجازها وسبق ذكرها، وان التقيد بأحكام قوانين المناقصات العامة لن يساعد في انجاز تلك الأنشطة على النحو المناسب وفي الوقت المناسب حسبما تتطلبه حاجة العمل في البنك المركزي، وجدير بالذكر ان هناك لائحة معمول بها لدى البنك المركزي، وموافق عليها من وزير المالية، تنظم قواعد وأحكام حصول البنك المركزي على احتياجاته من الانشاءات العقارية والسلع المنقولة.
ومن جانب آخر، فإن قيام بنك الكويت المركزي بالاستقلال في اتخاذ القرارات وإبرام التعاقدات وجميع الأمور المتعلقة بمشاريعه الانشائية ليس من الأمور المستحدثة، فهناك بعض الجهات والهيئات الحكومية تباشر انشاء المباني الخاصة بها دون الرجوع لوزارة الاشغال، وذلك لخصوصية مبانيها ومتطلباتها من النواحي الفنية والتقنية والأمنية ومستلزمات العمل بها تحتم المتابعة والاشراف واتخاذ القرارات فيما يخص المباني الخاصة بها، لاسيما وان الكثير من الامور الفنية والأمنية التي تخص مباني بنك الكويت المركزي تتطلب متابعة مستمرة من المتخصصين بالبنك واتخاذ القرارات السريعة بشأن اختيار أنسب النظم والتقنيات الحديثة وكيفية تنفيذها.
هذا فضلا عن ان بنك الكويت المركزي قد استعان بجهات متخصصة ذات خبرة في هذا المجال للقيام بتنفيذ مشروع مبنى الشويخ ومشروع مبنى المقر الرئيسي الجديد للبنك المركزي، هذا ولقد تمت مراجعة عقد مقاول المقر الرئيسي الجديد من الفتوى والتشريع، ومن ثم تم عرضه على ديوان المحاسبة في اطار رقابته اللاحقة، ولم تشر اي من تلك الجهات الى وجود خلل في التعاقد يستدعي اصدار تشريع يلغي الاستقلالية الخاصة بالبنك المركزي.
وأخيرا فإن البنك المركزي كمؤسسة عامة من أشخاص القانون العام، وبحكم قيامه على ادارة مرفق عام مستقل من خلال مجلس ادارته في اطار احكام القانون رقم 32 لسنة 1968، ولئن كان يتوافر له عناصر المؤسسة العامة ومقوماتها الا انه يتفرد باستقلالية خاصة منحها له المشرع لتمكينه من تحقيق اغراضه وممارسة نشاطه بأساليب مرنة تساهم في تحقيق مصالح الاقتصاد الوطني، ولذلك فإن استقلالية البنك المركزي، والمزيد من هذه الاستقلالية، تعتبر أمرا لازما لقيام البنك المركزي بتنفيذ أغراضه المنصوص عليها في قانونه والتي غايتها خدمة مصالح الاقتصاد الوطني.
واقرأ ايضاً:
الناتج المحلي الإجمالي القطري بالأسعار الثابتة سينمو 16% في 2010
«كامكو»: نمو أصول البنوك المحلية 2.44% وارتفاع قروض «الوطني» بنسبة 12% في 2009
قرب الانتهاء من صفقة «زين» يرفع سهمها وبعض الشركات المرتبطة بها
أرباح «بيتك» المتوقعة للربع الأول بين 12 و 13 فلساً وتأجيل دعوى البنك ضد «العدل» إلى 26 مايو
7.5 فلوس ربحية «الرابطة القابضة» في الربع الأول
انقسام الرأي في «أجيليتي» بين التسوية أو ترك الأمر للقضاء الأميركي
السهلي: استثمار «الساحل» في «زين» إستراتيجي ولم نحدد آليات الاستفادة من أرباح الصفقة
«بهارتي» تتوقع إتمام صفقة «زين أفريقيا» بحلول منتصف مايو
«جامعة الوطني» تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من برنامج تطوير المهارات القيادية في الجامعة الأميركية ببيروت
المرزوق: تطور الأداء التشغيلي لـ «التمدين العقارية» يعود إلى اعتمادها على مواردها وإستراتيجيتها الأكثر تحفظاً
السميط: «الأهلي» مستمر في تطوير خدماته باستخدام التكنولوجيا المصرفية الحديثة
«جلوبل» تعيّن رئيساً تنفيذياً لها في مصر
أفضل خدمات مصرفية إلكترونية لـ «برقان» من «بانكر ميدل إيست»
3 فلوس أرباح «صافتك» في الربع الأول تعادل 40% من أرباح 2009
«فيفا» تطلق أفضل العروض على شريحة الاتصال «micro sim»
«الخطوط الوطنية» تشارك في معرض سوق السفر العربي للعام الثاني على التوالي
«الدوحة» أفضل بنك في مجال خدمة العملاء