محمد البدري
دعا تقرير اقتصادي متخصص دول مجلس التعاون الخليجي إلى إجراء حزمة من الإصلاحات الهيكلية على المستويات التنموية والمالية والاقتصادية الداخلية والخارجية حتى تتمكن من التعامل بفاعلية مع تداعيات عصر العولمة الاقتصادية، وحذر التقرير من أن التقاعس عن إنجاز هذه الإصلاحات سيلحق ضررا بالغا بمستقبل الأجيال القادمة.
وأشار التقرير الصادر مؤخرا ضمن دورية «انترناشيونال افيرز» الشهيرة إلى أن الملامح العامة للعصر الذي نعيش فيه لاسيما من زاوية التقدم الاقتصادي والتكنولوجي تجعل الدول الناشئة – وفى القلب منها دول الخليج - تقف على أعتاب مرحلة جديدة تعج بالتطورات والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية على مختلف الأصعدة، مما يستدعي بلورة رؤية شاملة وصياغة استراتيجية متكاملة لمستقبل التنمية في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وشدد التقرير على ضرورة مشاركة جميع الأطراف الرسمية والأهلية وتضافر جهودها وتنسيق حركتها علي نحو يضمن التخطيط لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، لافتا إلى أن ذلك هو الاتجاه السائد في العالم الآن من خلال الشراكة الفعالة بين الرؤى الحكومية والأهلية في التخطيط للتنمية المستدامة للمجتمع واستشراف آفاق مستقبله التنموي.
وذكر أن الفترة الحالية تشكل مرحلة حاسمة لمستقبل الاقتصادات الناشئة وذلك بالنظر لحجم التحديات التي تواجهها على الصعيدين الإقليمي والدولي في ظل الازمة المالية، الأمر الذي يتطلب العمل الدؤوب من أجل زيادة درجة تنافسية اقتصاداتها وتعزيز ملاءتها المالية.
وعن أبرز الإصلاحات الهيكلية الواجب على الدول النفطية وفي مقدمتها دول الخليج، القيام بها على المستويات التنموية والمالية والاقتصادية الداخلية والخارجية، أفاد التقرير بأنها تشمل: بناء نموذج تنموي يحمل السمات الخاصة بالدول الخليجية اقتصاديا واجتماعيا وسكانيا وثقافيا، ويراعي في الوقت نفسه طبيعة التجارب التنموية التي تتبناها دول الجوار، تحقيقا لقدرة تنافسية عالية وسط المحيط الإقليمي والدولي، ومراعاة الواقعية والتوازن في الأهداف التنموية المراد بلوغها بحيث تسير أبعاد تنمية مختلف القطاعات الاقتصادية متوازنة مع بعضها جنبا إلى جنب وبالتوازي مع محاور التنمية الأخرى التعليمية والثقافية والصحية والعمرانية والإسكانية.
بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، وعدم الاعتماد كلية على مصدر وحيد ناضب مثل النفط، ويكون ذلك من خلال العمل على تشجيع قطاعات اقتصادية وإنتاجية واعدة كالقطاع الصناعي والخدمي وغيرهما، وكذلك العمل على انتقاء القطاعات الاقتصادية التي سيتم إطلاق يد القطاع الخاص فيها، مع وضع الضوابط التشريعية والتنظيمية اللازمة لضمان فاعلية الأداء والتأكد من الحفاظ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمالة الوطنية التي ستنتقل للعمل في القطاع الخاص لاحقا.
ولفت التقرير إلى حتمية الحد من البيروقراطية المقيتة التي تمثل العقبة الكأداء أمام مبادر ومبدع اقتصادي سواء من داخل الدول العربية أو من خارجها، حيث طول الدورة المستندية وكثرة الأوراق الرسمية المطلوبة والبطء في إنجاز المعاملات مما نجم عنه عزوف الكثيرين عن الاستثمار في هذه الدول.
وخلص التقرير للقول انه على هذه الدول أن تعزز سياساتها الاقتصادية والتجارية من خلال توقيع اتفاقيات جماعية وثنائية للإعفاءات الجمركية ومنع الازدواج الضريبي والمحاسبي، وتشجيع تأسيس شركات وإقامة مشروعات مشتركة في مختلف جوانب الاستثمار والتنمية، ومراعاة التكامل بين المشاريع الاستثمارية المقامة وفقا للمزايا التنافسية لكل دولة منعا للتداخل غير المطلوب.