- السوق يمر حالياً بمرحلة تقلب حادة ومزاجية في القرارات دون وجود ثقة في مستقبل تحسن الأوضاع العامة
زكي عثمان
تماسك السوق من جديد في نهاية جلسات التداول للاسبوع الماضي بعد الانهيار الحاد الذي ألم به الثلاثاء الماضي، في اشارة واضحة الى ان تداولات الثلاثاء كانت استثنائية نتيجة لظروف وعوامل محلية وخارجية تكاتفت لتقود تداولات السوق في هذا اليوم الى هذا التراجع الحاد والذي دفع بالمؤشر العام لمستويات ما قبل الازمة المالية.
عودة السوق التدريجية للتماسك في تداولات الاربعاء والخميس، اوضحت بشكل جلي ان هناك ازمة ثقة في البورصة، حيث تتفاعل بشكل سريع مع اي مشكلة تظهر سواء كانت محلية او خارجية وهو ما جعلها عرضة للتقلبات التي «تأكل» الارباح المتحققة على مدار ايام واسابيع.
وما بين الانخفاض الحاد او كما اطلق عليه «انهيار الثلاثاء» والتماسك المحدود للغاية في جلستي تداول الاربعاء والخميس، يقف متداولو السوق في موقف «المتفرج»، فصغار المستثمرين يقفون في مفترق طرق خطير خلال تلك الفترة متمثلة في الخوف من عودة التداولات الى سابق ما كانت عليه خلال الازمة المالية وبين الارتفاع المحدود الذي يظهر «هشاشة» السوق ومدى جاذبيته الاستثمارية خلال المرحلة المقبلة لاسيما ان نصف العام قد انقضى تقريبا ومازالت التداولات تراوح مكانها والمؤشر السعري يتأرجح بين مستويات الـ 7 آلاف نقطة سواء بالصعود أو الهبوط وهو ما يمثل تراجعا بنسبة تصل الى 45% كما كان عليه قبل اندلاع الازمة.ورغم غياب المعلومات التي يمكن الاستناد اليها في تفسير حقيقة ما يدور في السوق خلال تلك الفترة، الا ان المؤشرات دائما ما تقودنا الى مجموعة من العوامل التي تحكم او توضح ما يدور في جنبات السوق ومن ابرزها:
1- الترقب غير الطبيعي لقطار صفقة «زين ـ أفريقيا»، هذا القطار الذي انطلق منذ اشهر ولم يتوقف حتى الآن، وان اقترب من محطته الاخيرة بوجود معلومات عن تسلم مبالغ الصفقة مع بداية الشهر المقبل وهو الامر الذي القى بظلاله خلال الايام الماضية على عموم السوق وبشكل خاص على تداولات سهم زين ومجموعة اسهم الخرافي، بل وهدد بشكل خفي امكانية انعقاد الجمعية العمومية لـ «زين» في موعدها، ورغم ان الامور تسير في طريقها الصحيح وتقترب العملية من الانتهاء وتسلم القسط الاكبر من قيمة الصفقة وهو الامر الذي سيمثل توفير سيولة كبيرة في ايدي المساهمين سواء من قيمة الصفقة او من خلال اقرار التوزيعات النقدية البالغة 170 فلسا للسهم الواحد.
ولا شك ان انعقاد عمومية «زين» واقرار جميع البنود وفي مقدمتها التوزيعات النقدية قد القى بظلاله على عموم السوق ودفعه للتماسك والارتفاع بشكل حذر، وليؤكد من جديد ان السهم «وقود» السوق خلال الفترة المقبلة والعامل الاول في تحريك التداولات.
2- الآمال الكبيرة المعلقة على «المحفظة الوطنية» باعتبارها «الفارس» الذي سينتشل السوق من كبواته وبالاخص في وقت التراجع وهو الامر الذي يفسر حجم الضغوط الكبيرة على مسؤولي تلك المحفظة علما ان رأسمالها المحدود يجعل منها مستثمرا عاديا في السوق ودوره لا يرتقي الى كونه «صانع سوق حقيقيا» وتبقى كلمة السر دائما في آلية عملها «الاستثمار» فقط وبالتالي فطبيعة عملها هو الشراء وقت الحاجة والبيع وفق آلية الربح وعدم الخسارة.
3- التخوف المستقبلي على سهم اجيليتي بعد دخوله في مرحلة التقاضي مع السلطات الاميركية وهو الامر الذي القى بظلاله على هذا السهم الحيوي الذي طالما كان المحرك الرئيسي للسوق وقائد القطاع اللوجستي محليا واقليميا، وليس هناك ابلغ من حالة القلق التي تنتاب المستثمرين في هذا السهم والترقب المنتظر ايضا لموعد انعقاد الجمعية العمومية للشركة والذي لم يعلن عنه رسميا حتى الآن رغم وجود تسريبات بأنها ستكون في الاسبوعين الاولين من الشهر المقبل.
4- الترقب لاعلانات الشركات عن النتائج المالية نصف السنوية، وهو امر يقلق المتداولين بشكل دوري مع اقتراب نهاية كل ربع سنوي، لاسيما ان العديد من الشركات لم تكشف عن ارقامها المالية ونتائجها ربع السنوية للربع الاول حتى الآن، ولقد درجت العادة على هذا الترقب الذي يمكن ان تكون اثارة وقتية حيث انه وبمجرد بدء توالي تلك الاعلانات وتحديدا من قبل البنوك المحلية فإن المؤشرات العامة للسوق تتحسن وتتعافى.
وقد اجمع مراقبون استطلعت «الأنباء» آراءهم حول حقيقة ما يحدث بالسوق حاليا على ان التداولات تمر بمرحلة تقلب حادة ومزاجية في القرارات دون وجود ثقة في مستقبل تحسن الاوضاع العامة، ويبقى الأمل الوحيد قائما على كيفية الاستفادة من تحسن المناخ الاستثماري المحلي خلال الفترة المقبلة والمستند بالدرجة الاولى الى خطة التنمية، علما ان الهواجس الكامنة في نفوس المتداولين ان تلك الخطة ستأخذ اشهرا حتى ترى النور، اضف لذلك الترقب للاعلان عن هيئة مفوضي هيئة اسواق المال التي سيكون لها دور كبير بالمرحلة المقبلة في ضبط ايقاع السوق والتصدي للعديد من المخالفات التي تصدر عن الشركات وكبار المتداولين دون رقيب.