تستمر السعودية في إقامة المشاريع الاقتصادية الكبرى، رغبة منها في توزيع الدخل الكبير الناتج من تصدير النفط وإنتاجه، للسيطرة على المؤشرات الاقتصادية والمحافظة على النمو الاقتصادي والاستقرار النقدي في المملكة، وآخر هذه المشاريع كان مدينة المعرفة الاقتصادية.
فمنذ إعلان الملك السعودي خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز عن نية الحكومة بناء 5 مدن اقتصادية كبرى تنتشر في مناطق المملكة، لاقت هذه الخطوة استحسان الاقتصاديين والمتابعين والنقاد، إضافة إلى المهتمين بشأن الفرد السعودي، لما تحققه هذه المشاريع من نمو اقتصادي، وتحسن المؤشرات الاقتصادية التي تحقق الرفاهية للفرد داخل الدولة، على الرغم من أن هذه المشاريع تؤدي إلى ارتفاع في مستوى الأسعار، وارتفاع التضخم الناتج من ازدياد الإنفاق الحكومي من قبل الدولة. وفي الأسبوع الماضي، أغلق الاكتتاب العام لمدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة، وهي احد مشاريع «الميجا» الضخمة التي تنفذها الدولة بغرض تحقيق الأهداف الآنفة الذكر، من نمو اقتصادي ومحاربة البطالة التي تسجل معدلات عالية في المملكة.
ومن المتوقع أن يحصل المكتتبون بالحد الأدنى على كامل الأسهم المكتتب بها، حيث بلغ عدد المكتتبين 1.9 مليون مكتتب، لعدد 102 مليون سهم، جمعوا من خلالها 1.75 مليار ريال خلال فترة الاكتتاب، التي من المتوقع إعادة الفائض لحسابات المكتتبين خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأوضح الخبير الاقتصادي عمر آل محمود لـ «إيلاف» أن الهدف من الاكتتاب في مثل هذه المشاريع هو إتاحة الفرصة لذوي الدخل المتوسط للاستفادة من تحسين دخلهم، ولو بنسبة بسيطة، ويأسف لأن ذوي الدخل المحدود لم يستفيدوا منها بشكل كبير، لكون مبلغ 500 ريال للفرد الواحد يعتبر كبيرا بالنسبة إليهم، في ظل ازدياد معدلات الفقر والبطالة في المملكة خلال العامين الماضيين، وتحول الاستهلاك الفردي من الكماليات إلى الضروريات. وأشار إلى أنه ليس من الممكن التخلي عن بعض السلع الضرورية التي أصبحت باهظة الثمن، في ظل ارتفاع المستوى العام للأسعار، من أجل الاكتتاب في مثل هذه المشاريع، التي من الممكن اعتبارها من الادخار قصير الأجل أو الاستثمار. ورأى عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن مثل هذه المشاريع التي تحظى بإنفاق حكومي كبير ليست بحاجة إلى مساهمة الشعب من أجل تغطية رأسمالها، و«لكن هدف الحكومة الذي ذكرناه سابقا، المتمثل في مشاركة الشعب والاستفادة منه، هو الهدف الرئيسي». لكن يخشى آل محمود من مشاركة ما يطلق عليهم «الهوامير» في السيطرة على معظم هذه الأسهم، عن طريق شراء العديد من الأسماء والعوائل التي تحت الطبقة المتوسطة، الذين لا يملكون حسابا في البنك من الأساس، على الرغم من انحسار مثل هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة. وعن فائدة هذه المشاريع ودعمها لاقتصاد الدولة، يشرح آل محمود لـ «إيلاف» أن هذه المشاريع توفر العديد من الوظائف لمتخرجي الجامعات، الذين لا يجدون فرصة عمل مناسبة لهم، كما تزيد من معدل دوران الموظفين داخل القطاع الخاص، مما يزيد من تبادل الخبرات. كما إنها تؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي، الذي بدوره يزيد من حجم الصادرات، وبالتالي يزيد الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى إليها الدولة.
تجاوز الدعم الحكومي، المتمثل في زيادة الإنفاق الحكومي، كما ظهر ذلك في موازنة الدولة للعام 2010، تجاوز الـ 550 مليار ريال.
واحدى القنوات التي تستقبل هذا الإنفاق هي المدن الاقتصادية، التي تحقق العديد من الفوائد التي ذكرت، وتهدف الدولة من مشروع مدينة المعرفة الاقتصادية إلى تخفيض معدلات البطالة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الرغم من ارتفاع معدلات التضخم الناتجة من ارتفاع الإنفاق، فهناك ضرورة لانتشار مثل هذه المدن.