صرح رئيس مجلس إدارة اتحاد مصارف الكويت ورئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للبنك الأهلي المتحد حمد المرزوق بأنه وبالرغم من تأكيد الاتحاد الذي سبق أن أبداه بشأن جدوى صندوق المعسرين في معالجة أوضاع بعض المواطنين ذوي المديونيات المتعثرة إلا أن التعديلات الجديدة المزمع إدخالها على مشروع القانون الذي وافقت عليه اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الأمة والمزمع مناقشته في جلسة خاصة اليوم الاربعاء ينطوي على عدد من الشبهات والمخالفات الدستورية التي ستجعل الطريق إلى الطعن بعدم دستورية القانون في حال إقراره متاحا، علاوة على بعض الملاحظات الفنية والمهنية التي ينبغي تداركها لدى مناقشة مشروع القانون، نوجزها فيما يلي:
أولا: المخالفات والشبهات الدستورية
1- شبهة عدم دستورية المشروع لانطوائه على انحراف تشريعي واعتدائه على الأموال الخاصة: إن القراءة الإجمالية لجملة من النصوص التي أوردها مشروع القانون المذكور وعلى وجه التحديد المواد (من 14 إلى 17) من هذا المشروع يكشف عن انطوائه على حالة من حالات الانحراف التشريعي التي تلحق به عيبا بعدم الدستورية ومن ثم يكون قد وقع في حومة المحظور الدستوري، ومن ذلك أن هذا المشروع في المواد المشار إليها قد قصد وتعمد أن يتم تجريد البنوك والمؤسسات المالية عن حقها بإرغامها على التنازل عن ذلك بحكم صريح فيه كما قررت ذلك المادة (15) من المشروع والتي اعتبرت أن مبالغ الزيادة في المديونية عن الحد الأقصى للقروض نظرا لوجود مخالفة لتعليمات البنك المركزي، تصبح تلقائيا رصيدا للمدين مخصومة من البنك الدائن جزاء مباشرا تتم بموجبه مصادرة الحق والاعتداء على الملك الخاص خلافا للمواد (18، 19، 20) من الدستور، وهو ما يؤكد انطواء هذا المشروع على عيب الانحراف في استخدام السلطة التشريعية، فالنهوض بالمسؤوليات التشريعية لا يبرر إهدار الحقوق أو الاعتداء عليها أو أخذها من أصحابها حتى وإن وجدت التجاوزات، فتلك أوضاع تستحق الجزاءات وتحتاج إلى الحسم فيها بأحقية الدائن أو المدين لمبالغها من خلال أحكام قضائية تحسم ذلك، لا من خلال نص عام يسبغ حكمه ويحسم الأمر بأخذ المال من صاحبه لمجرد أنه ارتكب مخالفات، فتطبق عليه هذه الجزاءات بصورة تلقائية، إذ ان هذه المعالجة التشريعية نمط واضح من أنماط الانحراف في ممارسة السلطة التشريعية.
2- شبهة المخالفة الدستورية بالأثر الرجعي في تطبيق بعض أحكام هذا القانون: إن المواد (14، 15، 16، 17) وهي تتولى وضع الجزاءات على البنوك أو المؤسسات المالية الخاضعة لرقابة البنك المركزي في شأن مخالفتها لتعليمات البنك المركزي قد اشتملت على أحكام تتكامل مع بعضها البعض ولا يمكن النظر إلى أي من هذه المواد بمعزل عن المواد الأخرى المشار إليها، وهي جميعها قد جاءت لتضع جزاءات في مواجهة هذه المؤسسات واعتمدت على معيارين رئيسيين في هذا الشأن:
أ ـ المخالفة للتعليمات والقرارات الصادرة عن بنك الكويت المركزي لتكون أساسا لهذه الجزاءات.
ب - إعادة تسوية وضع الفوائد والعوائد الناجمة عن الزيادة للقرض عن حده الأقصى أو إذا ترتب على ذلك امتداد فترة سداده قبل العمل بهذا القانون.
وفي الحالتين السابقتين يمكن أن نرى وبكل وضوح أن هناك مخالفة صارخة لنص المادة (179) من الدستور التي لا تجيز أن يتم تطبيق القانون بأثر رجعي إلا إذا حصل على أغلبية خاصة، وأنه لا يجوز ذلك في كل الأحوال إذا كان القانون يشمل على نصوص فيها جزاءات ذات طبيعة جزائية (يدخل في عدادها الغرامات المالية التي تطبق مباشرة من المشرع بصورة مطلقة كما هو في نصوص المواد (14 إلى 17) من المشروع وهو أمر محظور، ومن باب أولى بالمقارنة مع الأحكام الجزائية استنادا للقانون والتي يتوقف تطبيقها أساسا على أحكام تصدر عن المحاكم الجزائية)، وإذا كان ما ورد في النصوص المذكورة قد قرر أن يعاقب البنوك والمؤسسات المالية بجزاءات بنصوصه على مخالفات وقعت في الماضي لقرارات وتعليمات كانت صادرة عن البنك المركزي وهي مسألة تخضع في شأن الجزاءات الخاصة بها لأحكام قانون بنك الكويت المركزي وعلى وجه التحديد المادة (85) منه، وكذلك أعاد تسوية وضع المديونية في شأن الزيادة في القرض بالمخالفة لتلك التعليمات والقرارت فارضا بموجب ذلك جزاء مباشرا على ما تم قبل العمل باحكام هذا القانون، فإننا نجد أن هذا المشروع قد انطوى في هذا الخصوص على أثر رجعي غير جائز وفقا للأحكام المقررة بنص المادة (179) من الدستور وهو ما استقرت عليه أحكام القضاء الدستوري في الكويت أيضا.
3- شبهة المخالفة لأحكام الدستور في شأن حماية الأموال العامة: ان من الأمور اللافتة للانتباه في خصوص الطريقة التي يمول فيها الصندوق الذي سينشأ وفقا للمشروع المقدم أنه سيتم من خلال الأخذ من صندوق الاحتياطي العام للدولة، وإذا كان هذا الخيار مقبولا في إطاره العام، إلا أنه قد جاء بصفة عامة ومطلقة دون تحديد لحجم هذا التمويل ولا مدته بما يجعل صندوق الاحتياطي العام للدولة مشرعا أبوابه بصورة كاملة للأخذ منه دون قيد أو شرط، وهذا الوضع للنص الوارد في مشروع القانون المقترح يحمل في ثناياه شبهة المخالفة لأحكام الدستور وعلى وجه الخصوص للمادة (17) منه، فضلا عن المواد الدستورية الأخرى التي تنظم الاحتياطي العام للدولة وميزانيات الدولة وإجراءات واساليب الصرف منها، مما يتطلب تدارك هذا الوضع الخاطئ دستوريا في شان هذا النص الذي ورد في المشروع محل الدراسة.
4- شبهة المخالفة الدستورية لحق التقاضي: وأخيرا نشير إلى أن مشروع القانون محل الدراسة قد أورد حكما في نص المادة (8) منه يقضي بأن لجان التسويات التي يترأسها أحد القضاة تكون قراراتها نهائية ولا يجوز الطعن عليها أمام أية جهة من الجهات، وإذا كانت هذه اللجان هي لجان شبه قضائية، وهي في الوقت ذاته ليست لجان تحكيم مقررة بحكم القانون أو اختيارية يلجأ إليها أطراف التسوية، فإن إعطاء قراراتها صفة نهائية مع عدم قابليتها للطعن عليها أمام أي جهة من الجهات هو تحصين لها من أن ينظرها القضاء ومن ثم تشكل اعتداء من الناحية الدستورية على حق التقاضي المقرر بالمادتين (164، 166) من الدستور، وهو أمر غير جائز ويلحق بالمشروع عيب عدم الدستورية.
ثانياً: الملاحظات الفنية والمهنية
1- ورد في صياغة المادة (11) من مشروع القانون المذكور خلط بين عمل البنوك والمؤسسات المالية التقليدية وتلك التي تمارس نشاطها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
2- تعارض المعالجات التي وردت في المواد (15) و(16) و(17) من مشروع القانون المذكور مع أحكام قضائية صدرت مؤخرا الأمر الذي سيؤدي إلى إرباكات عملية وقانونية لدى تطبيق القانون في حال إقراره.
3- المادة (19) من المشروع المذكور تضمنت توقيع جزاءات على الجهات الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي وتلك الخاضعة لرقابة وزارة التجارة في حال مخالفة التعليمات والضوابط الخاصة بمنح القروض الاستهلاكية والمقسطة. وإن كانت البنوك تتفهم الدوافع السياسية الجامحة وراء تغليظ العقوبة بشكل كبير على هذه المخالفات إلا أن إعادة توجيه الغرامة التي قد تصل إلى خمسين ألف دينار لكل مخالفة من الخزينة العامة للدولة لصالح تخفيض مديونية العميل تعتبر أمرا غير مبرر من الناحية المهنية ولم تدرج عليه التشريعات سواء المحلية أو الدولية، وسيؤثر ذلك سلبا في النشاط المصرفي. وترى البنوك أن تؤول حصيلة هذه الغرامات - إن وجدت - إلى الخزينة العامة للدولة.
4- لم تراع المادة (14) من مشروع القانون المذكور طبيعة المعاملات الخاصة بالبنوك والشركات التي تمارس أنشطتها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية والتي لا تجيز اشتراط إسقاط جزء من الدين عند سداده كاملا قبل حلول أجله.
المخالفات والشبهات الدستورية
شبهة عدم دستورية المشروع لانطوائه على انحراف تشريعي واعتدائه على الأموال الخاصة
شبهة المخالفة الدستورية بالأثر الرجعي في تطبيق بعض أحكام هذا القانون
شبهة المخالفة لأحكام الدستور في شأن حماية الأموال العامة
شبهة المخالفة الدستورية لحق التقاضي