قال الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي (بيتك) محمد العمر إن الانخفاض المتوالي في تكاليف إنتاج الطاقة البديلة يجعل منها مشروعا استثماريا مغريا وواعدا في ظل الاهتمام المتنامي عالميا بهذه التقنية الجديدة التي أصبحت تمثل احد أهم الحلول المطروحة في مواجهة ما يعانيه الاقتصاد العالمي اليوم من تحديات تتعلق بالطاقة والبيئة.
وأشار العمر في كلمته في افتتاح ندوة نظمها بيتك بالتعاون مع مؤسسة «بلومبيرج» لتمويل الطاقة بمشاركة وحضور مكثف لممثلين عن أكثر من أربعين جهة مختلفة ما بين وزارات ومؤسسات حكومية وشبه حكومية وشركات كبرى من القطاعين العام والخاص وشركات النفط ومؤسسات للبحث العلمي والسفارات، الى أنه على الصعيد المحلى يجب أن تمثل رؤية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بشأن ضرورة الاستفادة من الطاقة الجديدة كبديل نظيف يمكن إنتاجه من الرياح أو الشمس وغيرها حافزا للبحث والمتابعة والدراسة المتكاملة لجميع جوانب الموضوع، إذ تبدو الرؤية الاقتصادية لمثل هذه المشاريع ايجابية من ناحية تقليص النفقات المخصصة لبناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء، وجلب عوائد إضافية من بيع النفط بدلا من استهلاكه في هذه المحطات.
لافتا الى أن إطلاق مشاريع الطاقة البديلة من الكويت واحتمالات توسعها لتوفر احتياجات المنطقة من الطاقة، يمكن أن يفتح مجالا واسعا للعمل والاستثمار واستغلال قدرات البلاد وأبنائها، بالإضافة إلى جعلها مركزا لاستقطاب الاستثمارات العالمية العاملة في هذا المجال حيث يصل إجمالي الاستثمارات العالمية المتوقعة في مشاريع الطاقة النظيفة خلال العام الحالي إلى أكثر من 200 مليار دولار.
واشار إلى ان «بيتك» شرع في استكشاف هذا القطاع استنادا إلى رؤية صاحب السمو الأمير، وانطلاقا من الدور الريادي لـ «بيتك» في تطوير الاقتصاد الوطني والنهوض بالمجتمع ومؤسساته وأيضا لاعتبارات اقتصادية حيث تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحدة من اغنى مناطق العالم بالطاقة الشمسية، ووفقا لدراسة أعدها معهد الكويت للأبحاث العلمية فإن أوقات الذروة لهبوب الرياح في الكويت هي الأشهر التي يكون فيها الطلب على الطاقة الكهربائية في أعلى مستوياته، وفى الوقت الذي انخفضت فيه تكاليف إنتاج الطاقة البديلة بشكل ملحوظ فان العديد من الأنظمة والقوانين في دول منطقة الشرق الأوسط أصبحت مواتية ومرحبة بالاستثمار في هذا المجال أكثر من أى وقت سابق، مما جعل البيئة الاستثمارية ممهدة إلى حد كبير، ودفعنا إلى تنظيم مثل هذه الندوة لمناقشة الموضوع من جوانبه المتعددة.
من جانب آخر، قال العمر إن معظم الاستثمارات في الطاقة البديلة تستهدف توليد الطاقة، «وفى منطقتنا يستخدم النفط الذي هو الناتج المحلى الرئيسي وعصب الاقتصاد الوطني على نطاق واسع لتوليد الكهرباء التي تتزايد معدلات الحاجة إليها يوما بعد يوم وبالتالي يتزايد معدل استهلاك الثروة الوطنية في إنتاجها، كما ان لدينا فرصة كبيرة لإنتاج طاقة أنظف ومن وسائل متاحة ومتوافرة وفى نفس الوقت الحفاظ على ثروتنا الوطنية وتوجيه النفط للاستخدام الأساسي في المجالات التي لا غنى عنه فيها، مثل استخدامه كوقود للنقل أو في صناعة البتروكيماويات وغيرها، والتلوث الناتج عن احتراق الفحم والنفط لتوليد الطاقة اثر سلبا على البيئة وزاد من انبعاث الكربون وأصبحت المجتمعات تنفق المليارات على تحسين البيئة».
واضاف: «انها فرصة مواتية للجميع للانتقال إلى أسلوب حضاري جديد وآمن في توليد الطاقة واستخدامها، وكون دول مجلس التعاون مصدرة لرأس المال، فان الطاقة البديلة توفر فرصا جذابة للاستثمارات العالمية، وان المشروع يتكامل فيه الجانبان الحضاري والاستثماري، ومثل هذه المشاريع تمثل أولويــة لــدى بيتـك لأنها تحدث نقلة في حياة المجتمع فضلا عن كونها تحتاج إلى خبرات وقدرات بشرية ومادية، وهى تتوافر لدى بيتك والحمد لله، كما أنها تخدم منهجه في المساهمة في «اعمار الأرض».
من جانبه، قال الخبير في الطاقة البديلة في مؤسسة «بلومبيرغ لتمويل الطاقة الجديدة» ناثانيال بولارد إن من مزايا الاستثمار في الطاقة البديلة، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انه تتوافر الطاقة الشمسية والرياح، وبالتالي فان الفرصة مواتية للإنتاج والتصدير، وتحدث عن اتجاه عالمي متنام للاستثمار في الطاقة البديلة النظيفة والتوسع في استخدام تكنولوجيا وأسواق الطاقة الشمسية والطاقة التي يمكن استخلاصها من الرياح، حيث تزايدت قيمة الاستثمارات في هذا المجال خمس مرات خلال السنوات العشر الماضية، وتركزت في الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة وكندا وألمانيا واسبانيا وايطاليا، إضافة إلى الصين والهند، وأنه من المتوقع تنامي هذا الاتجاه خلال السنوات المقبلة.
وشدد بولارد في تقديمه للموضوع خلال الندوة على ضرورة وجود سياسات حكومية داعمة للاستثمار في الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤكدا بالرسوم التوضيحية والأرقام أن هناك اتجاها عالميا للدفع بمزيد من الاستثمار في قطاع الطاقة البديلة على نطاق واسع وانخفاض مطرد في تكاليف توليد هذه الطاقة مقارنة بأشكال الطاقة التقليدية الأخرى على مدى العقد المنصرم وهو الاتجاه الذي ربما يتعزز خلال السنوات القليلة المقبلة. وردا على سؤال حول السياسات الأكثر فاعلية التي يرى ضرورة انتهاجها لنشر الطاقة البديلة في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، قال إنه يعتقد أن طرح الحكومات عروضا لتنفيذ مثل هذه المشاريع وتقدم مؤسسات التطوير والشركات المختصة بالطاقة لمناقصات تنفيذ هذه المشاريع هو السبيل الأمثل والأكثر فاعلية لدعم إحلال الطاقة البديلة، فمثل هذه الوسيلة ستقود إلى تنفيذ المشاريع بأفضل المواصفات وأرخص التكاليف، ولابد من التزام حكومي بدعم مثل هذه المشاريع مشيرا في هذا الصدد إلى الامتيازات الضريبية التي تمنحها دول متقدمة كالولايات المتحدة لمشاريع الطاقة البديلة لتمكينها من منافسة مشاريع الطاقة التقليدية.