عمر راشد – شريف حمدي
أبدت مصادر في أوساط استثمارية لـ «الأنباء» ارتياحها لقرار «المركزي» الذي رأت فيه خطوة في الطريق الصحيح نحو تعزيز وضع الشركات الجيدة والعمل على الإسراع بالتخلص من أداء الشركات الورقية التي لا جدوى من وجودها في السوق.
ولفتت المصادر الى أن الخطوة وإن جاءت متأخرة فهي أفضل من ألا تأتي مطلقا، موضحة أن الوضع الائتماني متأزم ولن يزيد سوءا بتطبيق تلك المعايير الجديدة وإنما سيعمل على تنظيف السوق.
وقالت المصادر أمام الشركات المتعثرة حل من اثنين إما الدخول تحت مظلة قانون الاستقرار المالي أو إعلان الإفلاس طواعية، مستندين إلى أن تلك الشركات لم تستطع توفيق أوضاعها خلال المرحلة الماضية وسداد التزاماتها المالية ومواجهتها صعوبات حقيقية في ضوء توقف خطوط التمويل من قبل البنوك والمؤسسات المالية لاسيما الأجنبية منها.
في البداية، أوضح الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة الامتياز للاستثمار على الزبيد أن «المركزي» اتخذ قراره بشكل جيد وقائم على فهم أوضاع الشركات الاستثمارية، موضحا أن من حق البنك وضع الضوابط الرقابية التي يراها ضرورية لإصلاح الأوضاع الائتمانية لشركات الاستثمار.
وبين ان «المركزي» قام بوضع تلك الضوابط بعد دراسة متأنية لأوضاع الشركات حاليا، لافتا الى أن الأزمة أظهرت الكثير من العيوب التي كانت تخفيها فترات الطفرة الاقتصادية.
واستدرك الزبيد بالقول إن بعض شركات الاستثمار ليس لديها قدرة تمكنها من الحصول على تمويلات جديدة من السوق، مستدركا أن الشركات المتعثرة تسعى لحلحلة أوضاعها عبر محاولة التخارج من بعض الأصول لديها لسداد التزاماتها قصيرة الأجل.
ومن جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة الأولى للاستثمار خالد السنعوسي ان المعايير الرقابية الجديدة ستساهم الى حد كبير في الحد من الممارسات الخاطئة لبعض الشركات الاستثمارية، مشيرا الى ان تفعيل معايير الرقابة بشكل عام أمر بات مطلوبا في ظل الاساءة لكل شركات الاستثمار وعدم التفرقة بين الشركات الملتزمة وتلك التي تتبع ممارسات خاطئة.
واضاف ان الرقابة يجب ان تشدد ايضا على البنوك التي ساعدت بعض شركات الاستثمار في التمادي في الاخطاء، مشيرا الى الاخطاء التي ادت الى الأزمة الراهنة مشتركة بين البنوك وشركات الاستثمار، وبالتالي لابد من تشديد معايير الرقابة على الجانبين.
وذكر السنعوسي ان الوقت مناسب لفرض مزيد من معايير الرقابة على الشركات الاستثمارية خاصة ان تداعيات الأزمة لاتزال تلقي بظلالها السلبية على الجميع، مشيرا الى ان المعايير الجديدة من شأنها ان تعالج اوجه القصور التي تعتري بعض الممارسات سواء من قبل بعض البنوك او بعض شركات الاستثمار.
ومن جانبها، أوضحت رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للاستثمار نجاة السويدي أن وضع تلك المعايير الجديدة سيؤثر بلا شك على الشركات التي لا تلتزم بتطبيقها منذ فترة وأدى عدم الالتزام بها إلى تضرر تلك الشركات.
وقالت هناك شركات استثمارية تقوم بتطبيق كافة التعليمات الرقابية الصادرة من «المركزي» وتقوم بالتواصل معه في كافة تعاملاتها الخارجية والداخلية، مبينة أن هناك شركات تعاني بسبب التطبيق الحرفي للمعايير الرقابية المفروضة من بنك الكويت المركزي.
وأضافت أنه على العكس الشركات «الجيدة» ستستفيد من تطبيق المعايير الرقابية الجديدة بشكل يعزز من قدراتها الاستثمارية على المدى البعيد.
بدوره، قال الخبير الاستثماري ورئيس مجلس إدارة شركة استراتيجيا الأسبق علي البدر ان تأتي الخطوة متأخرة أفضل من ألا تأتي أبدا، مضيفا أن فرض معايير رقابية جديدة سيسرع من تنظيف السوق من الشركات الورقية ويحافظ على الشركات الجيدة التي تعاني من وجود مثل هذا النوع من الشركات.
ونفى أن يكون للخطوة أي تأثير على وضع الشركات الجيدة، مستدركا أن وضع تلك الضوابط كان من المفترض أن يتم قبل عامين مع بدء التفكير في قانون الاستقرار المالي.
وبين أن «المركزي» لم يقم باتخاذ تلك الخطوة إلا بعد دراسة متأنية لها وقدرته على تطبيقها من خلال الكوادر البشرية الموجودة لديه.
وقال ان أمام شركات الاستثمار المتعثرة حلين لا ثالث لهما، الدخول تحت مظلة قانون تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي أو إعلان إفلاسها.
من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت د.رياض الفرس ان فرض معايير رقابية جديدة على شركات الاستثمار تأخر كثيرا، مشيرا الى ان «المركزي» كان عليه ان يفرض مثل هذه المعايير منذ اندلاع تداعيات الأزمة المالية التي كشفت مواطن الخلل في عدد ليس بقليل من شركات الاستثمار بالكويت.
وأوضح ان هناك شركات استثمارية كانت تقترض من الخارج من دون حساب او رقابة وعندما حلت مواعيد الاستحقاق واجهت ازمة حقيقية انعكست على الاقتصاد المحلي برمته، مشيرا الى ان «المركزي» يشاع عنه دائما انه متشدد مع البنوك ومتساهل مع شركات الاستثمار وانه حان الوقت ليكون هناك مزيد من الرقابة على هذه الشركات التي كان لممارستها غير السليمة دور كبير في وصول الأزمة الى الحد الذي وصلت اليه.
وحول المهلة التي منحها «المركزي» للشركات الاستثمارية للالتزام بالمعايير الجديدة قال د.الفرس انها مهلة طويلة نسبيا ولم نعتدها من «المركزي»، لافتا الى ان امتداد المهلة لمنتصف 2012 يرجع لمعرفة البنك بصعوبة أوضاع هذه الشركات وانها في حاجة لمزيد من الوقت لتعديل كافة أوضاعها.
وحول توقعاته لفرض معايير جديدة على شركات الاستثمار أفاد بأنه اذا كان «المركزي» يفكر في طرح معايير اضافية فعليه ان يطرحها مرة واحدة وليس على مراحل لأن التأخير في فرض كل المعايير الرقابية التي تضمن سلامة الوضع المالي للاقتصاد المحلي أمر غير مقبول.
مصرفيون: القرار يعزز ميزانيات البنوك المثقلة بالمخصصات
أكدت مصادر مصرفية أن تطبيق المعايير الرقابية الجديدة سيعمل على تحريك المياه الراكدة لشركات استثمارية لم تتخذ خطوات إيجابية لتصحيح أوضاعها من خلال زيادة رأسمالها أو اندماجها أو بيع أصول لها لسداد التزاماتها وإنما وقفت «محلك سر» وبالتالي فإن التحرك جاء في التوقيت المناسب بعد منحها المهلة الزمنية الكافية لتعديل أوضاعها دون فائدة.
وقالت إن تلك الخطوة ستعمل على فلترة 70% من الشركات الورقية على مستوى السوق وما يقارب 50% من شركات الاستثمار التي لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها وتشكل عبئا حقيقيا على ميزانيات البنوك. ولم تخف المصادر صعوبة الأوضاع على شركات الاستثمار في ظل الأوضاع التي تواجهها حاليا، مستدركة بأن البتر أحيانا يكون أفضل وسائل العلاج.
أوجه الضعف والقصور
ضعف نظم إدارة المخاطر ونظم الرقابة الداخلية ومعايير الحوكمة
ضعف سياسات إدارة الموجودات والمطلوبات وما ترتب عليها من مشاكل سيولة
عدم رشادة نماذج أعمال بعض تلك الشركات وتحديداً في توسعها بالعديد من مجالات النشاط