- الموسى: أكثر من 100 دكان في الكويت يطلق عليها شركات استثمار!
- الحميضي: هناك شركات عليها ديون خارجية تفوق الـ 50%
-
المري: توقيت المعايير «غير مناسب» وشركات الاستثمار بحاجة لمساعدة البنوك
-
القبندي: معايير «المركزي» الجديدة لم تفرق بين «الغث» و«السمين»
-
الوقيان: معيار الاقتراض الخارجي يحتاج إلى إعادة النظر مع صعوبات منح الائتمان
-
الطواري: المعايير هدفها الحد من الفلتان المالي والمجازفة بحقوق المساهمين
-
النفيسي: أن تأتي الرقابة «متأخرة» أفضل من ألا تأتي مطلقا والتصفية في انتظار البعض والفترة الممنوحة للشركات كافية للالتزام بالمعايير الجديدة
عمر راشد ـ منى الدغيمي ـ شريف حمدي
صدرت تعليمات البنك المركزي الرقابية الجديدة والتي تمثلت في معايير ثلاثة هي الرفع المالي والسيولة السريعة والاقتراض الخارجي على شركات الاستثمار، والتي وإن هدفت في مجملها لحماية حقوق المساهمين ووضع الشركات الاستثمارية نفسها من خطر السقوط في طي النسيان على المديين المتوسط والطويل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أضرت بالسوق على المديين المتوسط والطويل. إلا أن مستثمرين ومحللون أكدوا لـ «الأنباء» أن 90% من شركات الاستثمار ملتزمة بتطبيق المعايير التي عممها «المركزي»، مشيرين إلى أن وضع نسبة لا تقل عن 10% من الأصول السائلة خلال شهر أمر ضروري للوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل وهو من المعايير الذي يعد جرس إنذار للشركات بضرورة التحوط. ولفتوا الى أن معيار الاقتراض الخارجي «تعجيزي» في ظل انسداد قنوات التمويل المحلية من البنوك المحلية، موضحين أن الشركات الاستثمارية بحاجة لمساعدة البنوك المحلية عبر إعادة جدولة ديونها وتوفير السيولة المحلية لها قبل أن تلتزم بتنفيذ هذا المعيار. وتساءل بعض المتحدثين عن جدوى المعايير الرقابية الجديدة وهل هي تأتي حماية للبنوك أم للشركات ومساهميها أم هي عملية تسريع لإسقاط متعمد لبعض الشركات التي يرى المركزي أنها باتت بمثابة بيوت أشباح لا طائل من وجودها؟ ورغم اختلافهم على معيار السيولة السريعة والاقتراض الخارجي بين القبول والاعتراض، إلا أنهم اعترفوا بصعوبة تطبيق معيار الاقتراض الخارجي في الوقت الراهن، موضحين أن ذلك سيشدد من الخناق على وضع الشركات على المديين المتوسط والطويل. وفيما يلي التفاصيل:
بداية، قال رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة الأوراق المالية علي الموسى ان 90% من شركات الاستثمار ملتزمة بالمعايير التي عممها «المركزي» مؤخرا والبقية هي بحاجة أن تكيف أعمالها وفقا للمعايير المعلنة، والتوقيت المحدد بسنتين كاف للتعديل أمورها.
وعن معقولية النسب المحددة للمعايير لاسيما معيار الرفع المالي الذي حدد نسبة إجمالي الالتزامات إلى إجمالي حقوق المساهمين بـ 1:2، قال الموسى إن هذه النسبة تطرح علامة استفهام كبيرة وسيكون من نتائجها أن تبقى شركات الاستثمار في حجم صغير، مشيرا إلى أن غالبية شركات الاستثمار الكويتية تلتزم بنسبة 1:1 وبعضها 1:2 في حين أن النسبة العالمية تتجاوز 10 مرات.
واستدرك بقوله ان النسبة المحددة من طرف «المركزي» بنسبة 1:2 هي معقولة في الوقت الراهن باعتبار أن اغلب الشركات تمتثل لهذه النسبة داعيا إلى انه مع إقرار هذه الضوابط يجب البحث عن طريقة مجدية ومثالية لهيكلة الشركات الاستثمارية التي مازالت تئن من جراء انقطاع الخطوط الائتمانية.
وأضاف في ذات السياق انه يوجد أكثر من 100 دكان في الكويت يطلق عليه شركات استثمار تدير عمليات هزيلة لا تستحق أن يطلق عليها هذا الاسم بالنظر إلى حجم الأموال المدارة.
وقال الموسى إن إدارة المخاطر المفروضة على الشركات الاستثمارية وإدارة الحوكمة إضافة إلى مجموعة أخرى من الإدارات والأجهزة المطلوبة كلها مكلفة وتطلب خبرات عالمية تكاليفها باهظة، متسائلا:كيف لشركات الاستثمار أن توفر كل هذه الأجهزة وهي مكبلة بالكثير من القيود والقاعدة الأساسية تقول بضرورة استقطاب الأموال دون المخاطرة وعالم الاستثمار كله مخاطر؟!
توحيد المعايير
وبدوره، أوضح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة الرتاج القابضة عبدالله القبندي أن معياري السيولة السريعة والرفع المالي جيدان للغاية لوضع الشركات الاستثمارية الحالي والتي تأثرت كثيرا بأوضاع الأزمة المالية العالمية وتضرر منها القطاع الاستثماري بشدة.
ولفت القبندي الى أن وجود سيولة لدى الشركات أمر ضروري للوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل وهو من المعايير الذي يعد جرس إنذار للشركات بضرورة التحوط لأي التزامات من خلال السيولة الموجودة لديها. وبين أن الإشكالية في المعايير الرقابية الجديدة انها لم تفرق بين الغث والسمين في السوق، لافتا الى أن طبيعة أي معايير تصدر من بنك الكويت المركزي.
واستدرك بأن تلك المعايير الهدف الأول منها حماية البنوك المحلية وزيادة قدرتها المالية مثل قانون الاستقرار المالي الذي جاء لحماية أوضاع البنوك.
وأوضح القبندي أن المعيار الأخير والخاص بحجم الاقتراض الخارجي والذي ينص على ألا يزيد هذا الحجم عن 50% لم يراع وضع الشركات الاستثمارية والتي تعاني من صعوبة التمويل مع تشدد البنوك المحلية في منح الاقتراض.
وقال: من أين تأتي الشركات بالسيولة لسداد التزاماتها في ظل تعنت البنوك المحلية سوى من البنوك الأجنبية؟ موضحا أن الأمر سيكون بمثابة مزيد من شد الحبل على رقبة الشركات الاستثمارية وهو ما يعني خروج بعضها من السوق.
شروط «تعجيزية»
ومن جانبه، أشاد نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة نور للاستثمار المالي ناصر المري بالتوجيهات الرقابية الجديدة لبنك الكويت المركزي، مبينا أن من حق المركزي إصدار تعليمات رقابية جديدة تنظم وضع الشركات الاستثمارية وتحافظ على حقوق المساهمين ووضعها في السوق.
واستدرك بأن توقيت تلك المعايير غير مناسب لكثير من الشركات والتي لم تستطع توفيق أوضاعها بعد أن داهمتها الأزمة المالية العالمية وأدت إلى فقدانها الكثير من قيمة أصولها في الخارج وهو ما كبدها خسارة فادحة على المدى البعيد.
ولفت المري الى أن المطلوب لتنفيذ تلك المعايير هو تعاون البنوك المحلية من خلال قيامها بدورها الوطني تجاه الشركات الاستثمارية العاملة في السوق.
وبين أن تلك الشركات تحتاج إلى السيولة وإعادة جدولة ديونها ومنحها التمويل لتنفيذ مشروعاتها التي تمكنها من تحقيق أرباح تشغيلية من خلالها يمكن الوفاء بالتزاماتها.
ورأى المري أن شرط الاقتراض الخارجي والذي يقضي بألا يزيد حجم انكشاف الشركات على الخارج عن 50% «تعجيزي» ولا يمكن الوفاء به مع انسداد قنوات التمويل التي تمثل شريان الحياة للشركات الاستثمارية.
معيار السيولة السريعة «جيد»
ومن جهته، قال رئيس مجلس الإدارة للشركة الكويتية للتمويل والاستثمار صالح الحميضي ان النسب التي حددها بنك الكويت المركزي للمعايير الثلاثة الرقابية الجديدة مقبولة إلى حد كبير، لافتا الى انه بالنسبة لمعيار الرفع المالي والذي يقضي بعدم زيادة نسبة إجمالي الالتزامات الى حقوق المساهمين 1:2 فإنه يعتبر من المعايير التي ستحد من الآثار السلبية التي تعيشها كثير من شركات الاستثمار في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن نسبة السيولة السريعة والتي يجب ألا تقل نسبة الاصول السائلة المستحقة خلال شهر عن 10% من إجمالي الالتزامات أيضا من المعايير التي سيكون لها اثار ايجابية على الوضع العام لشركات الاستثمار، غير أن معيار الاقتراض الخارجي والذي فرض من خلاله «المركزي» عدم زيادة حجم الانكشاف الخارجي على 50% من اجمالي حقوق المساهمين، هذا المعيار يجب أن تكون النسبة حسب حالة كل شركة استثمارية على حدة وان يراعى حجم الديون على كل شركة سواء الديون الخارجية او الداخلية على حد سواء.
واضاف أن شركات الاستثمار تختلف في طبيعة نشاطها رغم انها مصنفة كشركات استثمارية، لافتا الى ان المعايير الرقابية الجديدة ستظهر آثارها الايجابية خلال الفترات المقبلة بعد البدء في تطبيقها بعد نهاية الشهر الجاري، مبينا أن من أهم هذه الايجابيات الحد من تمادي الشركات الاستثمارية في الاقتراض والذي ادى الى صعوبة الوضع لكثير منها في الوقت الراهن.
وأشار الى إلزام «المركزي» لشركات الاستثمار تقديم ما يفيد ببدء تطبيق المعايير الرقابية الجديدة كل ثلاثة أشهر وهي مهلة غير كافية خاصة ان كثيرا من شركات الاستثمار متورطة في مديونيات اكثر من 1:2 كما أن هناك شركات أخرى عليها ديون خارجية تفوق الـ 50% بكثير وهو ما يجعل هناك صعوبة على هذه الشركات في تعديل أوضاعها وبالتالي يجب أن تكون المهلة 6 اشهر على الأقل ليكون أمام هذه الشركات الوقت الكاف لتعديل أوضاعها نسبيا، مشيرا الى أن عدم وجود عقوبات على هذه الشركات قبل حلول منتصف 2012 يعني إنه لا توجد مشكلة لأن هذه المهلة كافية لتعديل الأوضاع.
إدارات المخاطر
وأوضح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة رساميل للهيكلة المالية عصام الطواري أن تعميم البنك المركزي الأخير بخصوص المعايير الجديدة للشركات الاستثمار خطوة ايجابية تأتي ضمن التوجه العالمي في ظل الأزمة المالية العالمية وذلك لغاية خلق إدارة مخاطر خاصة بالشركات الاستثمارية على غرار الجهاز المصرفي بغرض امتصاص الأزمات، وأضاف أن هذه المعايير من شأنها أن توجد إدارة مخاطر داخل الشركات أكثر حصافة وتحوطا، معتبرا أن المعايير المقترحة معقولة ومنطقية، لافتا الى أنه من شأن هذه المعايير أن تحد من الفلاتان المالي للشركات والمجازفة بحقوق المساهمين.
ورأى أن منح شركات الاستثمار مهلة سنتين حتى تستطيع أن تعدل من أوضاعها فترة كافية لهيكلة ديونها، مشيرا إلى أن المطلوب من الشركات واضح وعلى المدى المتوسط ستكون له انعكاسات جيدة.
واستدرك بالقول انه على المدى القصير سيكون هناك خفض لحجم العمليات الاستثمارية وسيكون هناك تقيد في حجم الائتمان إضافة الى أن طبيعة الاستثمارات ستكون تحت المجهر، لافتا إلى أن التعميم بإلزام الشركات الاستثمارية بهذه المعايير فرضته الفترة الراهنة التي يمر بها العالم، قائلا انه إجراء استثنائي لظروف استثنائية وشبه الشركات الاستثمارية كالمصاب بمرض السمنة وجب أن يتبع حمية للحفاظ على صحته من المضاعفات.
وعن مدى كفاية المعايير لتجنب الشركات الأزمات المستقبلية قال ان هذا يرجع بالنظر بالدرجة الأولى إلى «المركزي» باعتباره الجهة الرقابية والمطلع على وضع الشركات الاستثمارية.
إعادة نظر بالاقتراض الخارجي
من جهته، أفاد رئيس مجلس إدارة شركة أعيان للإجارة القابضة سليمان الوقيان بأن معيار الاقتراض الخارجي والذي يلزم الشركات بان يكون الحد الأقصى 50% من إجمالي حقوق المساهمين يحتاج الى اعادة النظر خاصة في الوقت الراهن مع تشدد البنوك المحلية في تقديم التسهيلات الائتمانية وحاجة الشركات الاستثمارية لسيولة، لافتا الى أنه يمكن اجراء تعديلات على هذه النسب في وقت لاحق تكون فيه الأمور افضل مما هي عليه الآن.
وأوضح الوقيان أنه فيما يتعلق بالمعيارين المتعلقين بالرفع المالي والسيولة السريعة فإن النسب التي حددها «المركزي» مقبولة الى حد كبير، مشيرا الى أن المعايير الرقابية يجب أن تتغير نسبها من وقت لآخر حسب الظروف الاقتصادية واوضاع الشركات الاستثمارية.
وحول المدة التي حددها «المركزي» والخاصة بتقديم نتائج المعايير الرقابية الجديدة كل ثلاثة اشهر هي مدة مناسبة جدا بحيث تظل الشركات الاستثمارية بشكل مستمر تحت المتابعة ليتمكن «المركزي» من توجيه تعليماته بشكل متواصل للوصول الى افضل النتائج، مشيرا الى أنه في حال زيادة المدة الى 6 أشهر او سنة على سبيل المثال فإن هذا يتيح المجال لبعض الشركات من التلاعب لمدة أربعة او خمسة اشهر ثم تحاول تعديل اوضاعها في الشهر الاخير قبل موافاة بنك الكويت المركزي بأوضاعها في هذا الخصوص.
وحول توقعاته لإصدار مزيد من المعايير الرقابية من قبل «المركزي» قال على الأرجح أن يصدر «المركزي» معايير اخرى خلال المرحلة المقبلة، لافتا إلى انه لا يريد أن يصدر المعايير دفعة واحدة مراعاة لكثير من شركات الاستثمار التي تواجه صعوبات بالغة في تعديل اوضاعها المالية.
وأكد أن المزيد من الرقابة حتما سيؤدي إلى أوضاع أفضل لشركات الاستثمار، مشيرا إلى انه لو كانت هناك رقابة مشددة على هذه الشركات من قبل لما تفاقمت أزمة شركات الاستثمار بهذا الشكل التي هي عليه الآن.
فترة «كافية»
وعلّق المدير العام في مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية والمالية ناصر النفيسي على أن المعايير الرقابية الجديدة لا توجه للشركات الورقية وإنما للجميع دون استثناء، مستدركا بأن شركات قليلة لن تستطيع الوفاء بتلك الالتزامات لأنها لا تملك المهنية الكافية لتنفيذها. وبين أن الفترة الممنوحة من بنك الكويت المركزي لتلك الشركات لتوفيق أوضاعها «كافية»، حيث انها تنتهي في منتصف عام 2012 ولدى الشركات الفرصة لتوفيق أوضاعها وفقا لها. واوضح أن توقيت صدور تلك المعايير الرقابية الجديدة وإن جاء متأخرا إلا أنه أفضل من ألا تأتي مطلقا، مستدركا بأن تعزيز الدور الرقابي لبنك الكويت المركزي سوف يخلق مزيدا من تصحيح أوضاع السوق بشكل عام على المديين المتوسط والطويل. وتوقع النفيسي سقوط بعض الشركات غير القادرة على الوفاء بمعايير بنك الكويت المركزي الجديدة، واصفا عدد تلك الشركات بأنها «قلة» دون أن يحدد نسبة لها.