ديانا إلياس - رويترز
ستساعد مجموعة من القواعد التنظيمية رغم تأخرها الكويت على تخليص قطاع الاستثمارات من الشركات الضعيفة وجعله أكثر جاذبية لكنها لن تحقق طموح البلاد بالتحول إلى مركز مالي.
وأمهل بنك الكويت المركزي مؤسسات الاستثمار بالبلاد التي تخضع لقواعد فضفاضة عامين للالتزام بقواعد اقتراض أكثر صرامة بعد اكتشاف افتقار كثير منها إلى إدارة المخاطر أثناء الأزمة المالية.
وتضررت الشركات التجارية والقابضة الكثيرة المنتشرة في الكويت تحت مسمى بيوت الاستثمار بشدة جراء الأزمة العالمية التي دفعت الحكومة لتنفيذ خطة انقاذ بقيمة 1.5 مليار دينار العام الماضي.
ويقول منتقدون إن إنشاء بيوت الاستثمار لا يتطلب تراخيص مصرفية رغم أنها تقدم خدمات مصرفية استثمارية وإن بعض الشركات العقارية تحصل على ترخيص بمزاولة أنشطة استثمارية والبعض الآخر يقدم قروضا دون أن يتقيد بمستوى احتياطي إلزامي محدد مثل البنوك. وقال جاسم السعدون المحلل الاقتصادي المستقل «هذا الإجراء هو مجرد محاولة للتعجيل بعملية تنظيف السوق».
وأضاف أن البنك المركزي «يرى أنه إذا ترك الأمور دون تنظيم فستظل الشركات معلقة بين الحياة والموت لفترة طويلة وهو ما يضر بالمساهمين والثقة في السوق».
ويرى سعدون أن 40% من شركات الاستثمار الكويتية كانت أضعف من أن تنجو من الأزمة وأن 40% كانت في أوضاع جيدة بينما كانت النسبة الباقية أكبر من أن يسمح بانهيارها مثل بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) ودار الاستثمار.
وأضاف أن انهيار مثل تلك الشركات سيكون أشبه بكارثة بالنسبة للبنوك وأسعار الأصول والأفراد الذين يستثمرون في صناديقها وحتى بالنسبة للنظام القضائي بسبب العدد الضخم من القضايا الذي قد يواجهه لدى انهيارها.
وتوصلت جلوبل إلى اتفاق مع دائنيها لإعادة هيكلة ديون قدرها 1.7 مليار دولار بينما تقدمت دار الاستثمار التي تكافح لإعادة هيكلة ديون قدرها 3.48 مليارات دولار بطلب للحصول على دعم بموجب خطة الإنقاذ.
وقالت الهيئة المنظمة للسوق إن توجيهات البنك المركزي الجديدة تلزم جميع الشركات الاستثمارية بألا تتجاوز ديونها مثلي حجم رأس المال وأن تغطي السيولة النقدية وما يعادلها 10% على الأقل من الالتزامات وألا تمثل استثمارات الشركات أو عقودها خارج البلاد أكثر من 50% من رأس المال.
وكان محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح قال في مقابلة مع صحيفة في 15 يونيو إن 49 من 100 من شركة استثمار بالبلاد ملتزمون بالفعل بجميع تلك القواعد التنظيمية والباقي ملتزمون بواحدة او اثنتين فقط منها.
وقال جون سفاكياناكيس كبير خبراء الاقتصاد في البنك السعودي الفرنسي إن بعض المؤسسات الكويتية تعلمت بالفعل درسا بشأن مخاطر التعرض الكبير للأسواق العالمية لكنها رغم ذلك «ينبغي عليها أن تشعر بقوة الدولة» وانها من الممكن ان تتعرض لعقوبات إذا لم تلتزم بتلك القواعد. وتتوجه شركات الاستثمار الكويتية إلى الخارج لصغر حجم الاقتصاد الكويتي.
وأضاف سفاكياناكيس «تعرضت «الشركات» لمخاطر كبيرة بسبب الديون الضخمة ولم يتم احتواء تلك المخاطر بالأسلوب المناسب مما أدى لتضررها».
وقال المستشار المالي للرئيس التنفيذي بشركة الامتياز للاستثمار أنور الكندري إن خفض عدد الشركات في قطاع الاستثمار الكويتي إلى عدد مناسب سيستغرق أقل من عامين.
وأضاف «في نهاية الامر سيتراجع عدد شركات الاستثمار إما من خلال الاندماجات او التصفية أو طلبات إلغاء التراخيص». وتضررت البورصة الكويتية ومنافساتها الخليجية بشدة جراء الأزمة المالية وكان ذلك جزئيا بسبب انعدام الشفافية أو القواعد التنظيمية الفعالة مما أدى إلى عجز شركات عن تأدية التزاماتها وتدخل الحكومات.
وتسعى الحكومة لتحويل البلاد إلى مركز مالي خلال السنوات الأربعة المقبلة في اطار خطة تنمية لتنويع الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة ومنح القطاع الخاص دورا أكبر.
ويرى سفاكياناكيس إن منافسة أسواق مثل دبي والبحرين والسعودية ستكون تحديا «هائلا» لأنها أسواق «أفضل تنظيما وأقل مخاطرة وأكثر شفافية واكبر حجما وأكثر تنوعا وعالمية ومعدل كفاية رأس المال بها أعلى».
وكان مجلس الامة أقر في فبراير إنشاء أول هيئة كويتية للأسواق المالية في خطوة كان من المفترض أن تتم منذ فترة طويلة باعتبار أن الكويت ثاني أكبر سوق من حيث القيمة في الشرق الأوسط. ونصف شركات الاستثمار في الكويت مقيدة في البورصة.
ويهدف القانون لرفع مستوى الشفافية وكبح التداولات التي تتم بناء على معلومات سرية والتي تحمل الآن عقوبة السجن خمس سنوات.
وتم إنشاء محكمة خاصة للنظر في القضايا المتعلقة بالسوق لكن لم يتم بعد اختيار رئيس للهيئة المنظمة ولم يدخل القانون حيز التنفيذ.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة كيبكو لإدارة الأصول سعدون علي إن عدة مرشحين رفضوا المنصب بسبب الشروط الصارمة إذ يحظر على الرئيس وجميع أفراد عائلته القيام بأي استثمارات لمدة خمس سنوات.
ويرى سفاكياناكيس ان على هيئة تنظيم السوق الكويتية الجديدة القيام «بتقييم مباشر للأوضاع وما يمكن فعله لمعالجة موضوع الشركات الوهمية».
وأضاف «إذا كانت الكويت تريد أن يكون لها نصيب في المنطقة ككل وان تحظى باحترام المستثمرين الدوليين فعليها أن تلزم الشركات باتباع القواعد».