أظهرت دراسة جديدة صدرت مؤخرا أن الرؤساء التنفيذيين الذين يقومون بإبرام صفقة رئيسية خلال العام الأول من تعيينهم في منصبهم، يتفوقون في الأداء على أقرانهم على الأمد الطويل.وقال فريق مركز أبحاث صفقات الاندماج والاستحواذ (marc) في كلية «كاس بيزنس سكول» بلندن الذي قام بالدراسة، انه قام بفحص 276 صفقة رئيسية أبرمها رؤساء تنفيذيون خلال العام الأول لهم في المنصب في الفترة من 1997 إلى 2009 عبر 12 قطاعا، بما فيها التمويل والطاقة والكهرباء والصناعة والمواد والتجزئة والرعاية الصحية والاتصالات والسلع الاستهلاكية الرئيسية والإعلام والترفيه والمنتجات والخدمات الاستهلاكية والتقنية العالية والعقارات.
وأشارت الدراسة إلى تأثير الرئيس التنفيذي الجديد على المؤسسة، وكيفية استخدام الرؤساء التنفيذيين المعينين حديثا لصفقات الاندماج والاستحواذ لتغيير الاتجاه الاستراتيجي للشركة، ومدى نجاح هذا الأسلوب.
وكشفت الدراسة من خلال العينة التي استطلعها فريق البحث أن متوسط الفترة التي يقضيها الرئيس التنفيذي في منصبه تبلغ 4 سنوات و4 أشهر فقط، مما يسمح بنافذة صغيرة نسبيا لإجراء التغيير، وبالتالي فإن التوسط لإبرام إحدى الصفقات يوفر للرؤساء التنفيذيين فرصة لإعادة تشكيل شركاتهم بسرعة وترك بصمتهم قبل ترك المنصب.
ووجدت الدراسة أنه في حالات كثيرة يكون التغيير الاستراتيجي الرئيسي الذي يقوم به الرئيس التنفيذي في عامه الأول مفيدا، حيث يسهم في تحسين أداء الأسهم، ولكن غالبا ما يؤدي إبرام أكثر من صفقة واحدة إلى أداء أكثر ضعفا، حيث إن إبرام العديد من الصفقات بسرعة جدا يؤدي إلى إعاقة تطوير الصفقة السابقة.
وسلطت الدراسة الضوء على أربعة شروط من المحتمل أن توفر البيئة الملائمة لرئيس تنفيذي جديد لعقد صفقة رئيسية، هي: طريقة تولي المنصب واذا ما تم تعيين الرئيس التنفيذي خلفا لسابقه الذي أجبر على ترك منصبه، وطريقة التوظيف وإذا ما تم تعيين الرئيس التنفيذي خارجيا، وأداء الشركة وإذا ما تراجع أداء الأسهم إلى دون المستوى المتوقع قبل تعيين الرئيس التنفيذي، وحوكمة الشركات من حيث إذا ما كانت الشركة تتمتع بنسبة عالية من المساهمين من الشركات والمؤسسات.
وركزت الدراسة على أربع دول أوروبية رئيسية هي: فرنسا وألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة، وتضمن تغييرات رؤساء تنفيذيين لشركات مدرجة في مؤشرات «كاك»، و«داكس»، و«أيبكس»، و«إف تي إس إي 100».ووفقا لمدير مركز أبحاث صفقات الاندماج والاستحواذ في كلية «كاس بيزنس سكول» البروفيسور سكوت موللر: «يقوم الاندماج أو الاستحواذ بتحويل وتغيير المؤسسة، وبالمقابل، فإن تغيير الرئيس التنفيذي بإمكانه أيضا أن يحول ويغير اتجاه الشركة، ونتيجة لذلك فإنه غالبا ما يرتبط هذان الحدثان ببعضهما البعض، ويظهر هذا التقرير أثر الجمع بينهما».
وأوضح: «يعلم أي رئيس تنفيذي جديد أنه لن يظل يشغل هذا المنصب إلى الأبد، وأن لديه فترة محدودة من الوقت ليترك بصمته وتأثيره في هذا المكان. ولهذا السبب قد يشعر الرؤساء التنفيذيون بضغط عليهم لعقد صفقة خلال العام الأول لهم في المنصب. وتوفر هذه الدراسة التي أجريناها الدعم لهؤلاء الرؤساء التنفيذيين، حيث وجدنا أن الشركات التي يعملون بها قد فاق أداؤها تلك التي يعمل بها رؤساء تنفيذيون لم يقوموا بإبرام أي صفقة في عامهم الأول من شغل المنصب».
واضاف: «يأتي عرض «أصدا» لشراء سلسلة «نيتو» ليؤكد صفقة رئيسية أخرى أعلن عنها رئيس تنفيذي تم تعيينه مؤخرا. فالرؤساء التنفيذيون الجدد لا يتوافر لهم الوقت الكافي لإحداث التأثير، كما أنهم تواقون إلى ترك بصمتهم، واستعراض مواطن القوة لديهم. وأظهرت دراستنا أن الرؤساء التنفيذيين الذين يتمتعون بالجرأة والذين يعقدون صفقة خلال العام الأول من المنصب سوف يتفوقون في الأداء على أقرانهم السلبيين على الأمد الطويل، وبالتالي فإن ذلك لا يعكس نجاحا محتملا بالنسبة لأندي كلارك، الذي تولى مهام منصبه منذ أقل من شهر».
وأشار موللر: «على الرغم من أن الدراسة ركزت على الجانب الأوروبي، إلا أن العوامل المحركة لعملية صنع القرار على مستوى مجالس الإدارات والرؤساء التنفيذيين من المتوقع أن تكون مماثلة لتلك الموجودة في أسواق منطقة الشرق الأوسط».
من جانبه قال مدير تمويل الشركات في الشرق الأوسط في إحدى شركات المحاسبة الرائدة والطالب في برنامج ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية في كلية «كاس بيزنس سكول» للأعمال، طوم هودجسون تعليقا على نتائج الدراسة: «من المؤكد أنني أوافق على الرأي القائل بأن الرئيس التنفيذي الذي يقوم بإبرام صفقة اندماج واستحواذ ناجحة في العام الأول من منصبه لاسيما إن كان ناتجا عن تغيير، فإنه من المحتمل أن ينجح بمرور الوقت. وأنا على قناعة بأن هذا الأمر حقيقي في كل الأسواق».وأضاف: «غالبا ما يؤدي الاندماج في صورته الخالصة إلى وجود مؤسسة جديدة بهيكل تنظيمي، وقاعدة مساهمين، وثقافة جديدة، إلى غير ذلك من الأمور الأخرى. أما الرئيس التنفيذي الذي يقف وراء هذا الاندماج فسوف ينظر إليه على أنه المهندس وراء هذه المؤسسة الجديدة».
مشيرا الى ان ذلك: «يأتي مماثلا لرائد الأعمال الذي يقف وراء شركة يملكها ويديرها والذي غالبا ما يحقق مكانة مرموقة داخل الشركة حتى يصبح من الصعب جدا أن يحل محله أحد آخر.