عمر محمد
في دراسة صدرت اخيرا عن البنك الدولي، توقع البنك أن تشهد معدلات النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي تراجعا طفيفا في المدى المتوسط، حيث يتوقع أن ينخفض معدل النمو الإجمالي من 6% عام 2006 إلى 5.7% في عام 2007 و5.2% عام 2008 و4.9% عام 2009، معللا ذلك بتراخي أسعار النفط العالمية، ما سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات النفطية.
كما عدّ التقرير زيادة الإنتاج من قبل الدول المصدرة للنفط من خارج «أوپيك» أحد المصادر التي ستؤثر في أسعار النفط. وقد عمدت منظمة «أوپيك» بالفعل إلى خفض الإنتاج بواقع 0.55 مليون برميل يوميا أخيرا مقارنة بقيامها بزيادة الإنتاج بواقع 1.7 مليون برميل يوميا في 2004 و2005.
وأضاف التقرير الذي ارتكز حول التطور المالي العالمي أنه على الرغم من ان انخفاض أسعار النفط وحجم الإنتاج سيؤثر في حجم الإنفاق الحكومي في دول المنطقة إلا أن عوائد النفط ستظل عند مستويات مرتفعة، وذلك من شأنه أن يؤدي إلى مواصلة ارتفاع الطلب المحلي والانتعاش الاقتصادي.
في الجانب الآخر، فإن هذا الارتفاع مع وجود قيود على الطاقة الإنتاجية المحلية من شأنه أن يؤدي الى زيادة الواردات من الخارج.
لذلك يتوقع أن تنخفض أرصدة الحسابات الجارية في الدول المصدرة للنفط من 9 و10% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006 إلى 4.4% من الناتج المحلي الاجمالي في 2009، بينما يتوقع أن تنخفض الفوائض في الميزانيات العامة من 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006 إلى 2.9% في 2009.
ووفقا للتقرير، فإن السنوات الثلاث الماضية شهدت أفضل أداء اقتصادي لدول المنطقة خلال العقد الماضي، ولكن التحدي الرئيسي الذي يواجه دول المنطقة هو الحفاظ على هذا النمو وسط بيئة عالمية توفر دعما أقل لتحقيق ذلك الهدف، حيث تتسم بيئة الاقتصاد العالمي بتباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع أسعار النفط وزيادة حدة المنافسة، لذلك فإن مصادر الخطر التي تهدد النمو الاقتصادي في دول المنطقة ناتجة بشكل رئيسي عن الأوضاع الاقتصادية العالمية وليس النهج الاقتصادي أو الفرضيات الاقتصادية الداخلية القائم عليها النمو الاقتصادي في دول المنطقة.
وعلاوة على ذلك، فإن التحديات السياسية والاقتصادية خلال السنوات المقبلة المتمثلة في تسارع معدلات النمو السكاني وزيادة أعداد الشباب الباحثين عن العمل، تمثل جميعها عوامل تضاف إلى عوامل أسعار النفط والطلب العالمي والإنتاج من قبل الدول غير الأعضاء في دول «أوپيك» في خلق تحد كبير أمام دول المنطقة. لذلك فإن منظمة «أوپيك» ستواجه تحديا في الحفاظ على أسعار النفط عند مستويات من شأنها تحسين الإيرادات النفطية ولكن ليس لدرجة أن تخفض الطلب على النفط.
ولقد نجحت المنظمة في السابق في تحقيق هذا التوازن وإن شابته بعض السلبيات، غير أن التوقعات طويلة المدى لأسواق النفط تتسم بايجابية حيث ستبقى الأسواق قوية بفضل زيادة الطلب، وذلك من شأنه أن يؤدي إلى بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة، ومن جهة أخرى، قال التقرير إن إدارة الفوائض النفطية ستبقى تحديا للدول المصدرة للنفط في المنطقة، فالمخاطر الناجمة عن زيادة الطلب المحلي على الأسعار وبالتالي بروز الآثار التضخمية لاتزال تلوح في الأفق إلا أنه من الواضح أن دول المنطقة لجأت أيضا إلى بناء الاحتياطيات المالية والاستثمارية التي يمكن أن تستخدمها لاحقا في إضفاء الاستقرار على برامج التنمية في حال تقلب الإيرادات النفطية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )