-
التوجه لتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري إقليمي يفرض توفير الخدمات المالية والمصرفية التقليدية إلى جانب الإسلامية
-
يصعب تصور قيام هيئة شرعية واحدة للقيام بمهمة الرقابة الشرعية في ظل وجود 20 بنكاً و100 شركة استثمار مسجلة لدى «المركزي»
المحرر الاقتصادي
أكد محافظ البنك المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز صعوبة تحويل كامل الجهاز المصرفي إلى «إسلامي»، موضحا ان تلك الخطوة تواجه صعوبة كبيرة في تحقيقها فضلا عن أنها تبعدنا عن الأنظمة المالية العالمية ما يهدد نظامنا المصرفي بعد تحويله بعدم توافر الكفاءة المطلوبة. وقال المحافظ ردا على 3 مقترحات بقوانين قدمتها مجموعة من أعضاء مجلس الأمة في شأن حظر الفوائد الربوية خلال 3 سنوات من تاريخ العمل بهذه القوانين ونشرها في الجريدة الرسمية والتي حصلت «الأنباء» على نسخة منها، انه يصعب تحقيق ذلك في الوقت الذي يعتمد فيه النظام المالي العالمي بشكل شبه كامل على النموذج التقليدي للأعمال وذلك نتيجة للمشاكل التي ستترتب بحكم الارتباطات المالية والاستثمارية القائمة مع مختلف دول العالم فضلا عن حدوث خلل في المنظومة التشريعية التي تحكمها نصوص قانونية قائمة حاليا.
وأوضح المحافظ ان القانون رقم 30 لسنة 2003 الخاص بالبنوك الإسلامية تضمن الأحكام التي تسمح للبنوك التقليدية بالتحول إلى بنوك إسلامية وفق الشروط والقواعد والإجراءات التي يتعين الالتزام بها من قبل البنوك الراغبة في التحول كليا للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وبناء عليه تم تحول بنكين للعمل الإسلامي ليصل عددها إلى خمسة بنوك إسلامية. وأضاف ان هذه الاقتراحات ستخلق موقفا صعبا في التعامل مع البنوك الأجنبية العاملة في الكويت والبالغ عددها 8 بنوك منها خمسة فروع لبنوك خليجية، ما يؤدي إلى انسحاب بعض أو كل هذه البنوك من الكويت ما يعني إخلال الكويت بالتزاماتها الناشئة عن الاتفاقيات العامة للتجارة في الخدمات المنبثقة عن اتفاق منظمة التجارة العالمية، مؤكدا على ان الجهاز المصرفي يمثل جزءا من النظام المالي العالمي يؤثر فيه ويتأثر به. وقال المحافظ: التوجه لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي يفرض التنوع الكافي في الأنشطة المصرفية ووجود المصارف التقليدية إلى جانب الإسلامية خاصة في ظل استمرار الرغبات في التعامل مع البنوك التقليدية لتلبية طلب مختلف شرائح المجتمع.
وفيما يلي نص المذكرة المتضمنة رد محافظ البنك المركزي على الاقتراح بقانون مقدم من: محمد المطير، د.علي العمير، خالد بن عيسى، د.حسن جوهر ومرزوق الغانم.
أولا: يتضمن الاقتراح بقانون المحاور:
المحور الأول: يحظر على مؤسسات القطاع المصرفي والمالي مزاولة أي عمل يقوم على الفوائد الربوية وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون (بعد ثلاث سنوات من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية).
المحور الثاني: تشكيل هيئة عليا للفتوى والرقابة الشرعية تتبع مجلس الوزراء، وتتولى إبداء الرأي الشرعي في أعمال القطاع المصرفي والمالي والرقابة الشرعية عليه.
المحور الثالث: على مؤسسات القطاع المصرفي والمالي التي تتعامل بالفوائد الربوية توفيق أوضاعها بموجب أحكام هذا القانون، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
المحور الرابع: إلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون.
ثانيا: التعقيب والرأي
(أ) فيما يتعلق بمضمون الاقتراح:
بداية نوضح ان مضمون الاقتراح بقانون لا يقتصر على حظر التعامل بالفوائد، بل انه ينطوي على تحويل شامل للنظام المصرفي والمالي في الكويت للعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية، وذلك خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية. وفي شأن ذلك نوضح ما يلي:
1 - ان النظام المصرفي والمالي وبخاصة المصرفي، يمثل عصب الاقتصاد الوطني ومحور أدائه، كما انه يرتبط بالعديد من القطاعات والنشاطات في الاقتصاد يؤثر فيها ويتأثر بها، ولابد من توافر البيئة التنظيمية والتشريعية والتشغيلية المناسبة له حتى يتمكن من اداء دوره المستهدف في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد على أسس راسخة ومستدامة.
وعلى ذلك، ومن حيث المبدأ، فإنه يصعب تصور تحويل الجهاز المصرفي بالكامل للعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية دون ان يواكب ذلك إجراء الإحلال و/أو التعديلات اللازمة والمناسبة على التشريعات المنظمة للأنشطة الاقتصادية المختلفة وتلك ذات العلاقة بشكل مباشر بأعمال البنوك بما يكفل استمرار عمل الجهاز المصرفي بعد تحوله بالكفاءة المطلوبة.
فلا شك ان أي اخلال تنظيمي أو تشريعي يعتري الجهاز المصرفي ستكون له آثار سلبية كبيرة عليه وعلى دوره المستهدف. وفي اعتقادنا ان اعمال مثل هذا الاقتراح سوف يترتب عليه حدوث خلل في المنظومة التشريعية ـ خاصة المصرفية ـ مع فراغ تشريعي بالنسبة للعديد من المناحي التي تحكمها نصوص قانونية قائمة حاليا.
2 -ان النظر في مشروع مثل الذي يتناوله الاقتراح بقانون، وهو التحويل الشامل للجهاز المصرفي والمالي للعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية خلال المهلة المحدودة الواردة بالاقتراح، لا يمكن ان يتم النظر فيه بمعزل عن النظر في الإطار الأشمل للتحول نحو تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
وكما هو معلوم فإن العمل نحو استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وهو أمر تختص بمتابعته في الأساس «اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية» التي أنشئت لهذا الغرض. وجدير بالذكر ان منهج التحول الذي تتبناه اللجنة هو منهج التدرج في التطبيق في مختلف المناحي، وكما هو واضح فإن الاقتراح بقانون لا يسير على هذا المنهج.
3 -في اعتقادنا ان منهج التدرج في التطبيق هو المنهج الأمثل في عمليات التحول، فالتحول المتسارع بقانون ـ على نسق الاقتراح بقانون المعروض ـ ستكون له تداعيات سلبية على كثير من مناحي الحياة الاقتصادية في الدولة، وستترك آثارا سلبية قد يصعب تداركها في وقت مناسب، خصوصا اذا تعلقت بالجهاز المصرفي لما له من حساسية لجميع التطورات ذات العلاقة.
4 -ونشير في هذا الصدد الى القانون رقم 30 لسنة 2003 الخاص بالبنوك الإسلامية، حيث تم فور صدور القانون إقرار سياسة الترخيص بتأسيس بنوك إسلامية جديدة في الكويت، وهي السياسة التي تعتمد الأسلوب المتدرج في تطبيق القانون.
ولقد تم حتى تاريخه تفعيل ثلاث مراحل لهذه السياسة، حيث تم خلال المرحلة الأولى، التي تم تقريرها في يونيو 2003، إضافة بنكين اسلاميين الى جانب بيت التمويل الكويتي (بنك بوبيان، بالإضافة الى تحول البنك العقاري الكويتي الى بنك اسلامي باسم بنك الكويت الدولي)، كما تم خلال المرحلة الثانية والتي تم تقريرها في ديسمبر 2006 الترخيص بتأسيس بنك اسلامي واحد تؤسسه احدى الجهات الحكومية كمساهم رئيسي، وكذلك السماح بدخول فروع للبنوك الإسلامية الوطنية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولقد تم تنفيذا للمرحلة الثانية تأسيس «بنك وربة» وكذلك السماح بافتتاح فرع لمصرف الراجحي السعودي (بنك اسلامي) كذلك تم خلال المرحلة الثالثة، التي تم تقريرها في مارس 2008، تفعيل المادة الرابعة من القانون رقم 30 لسنة 2003 المشار اليه والتي تجيز للبنوك الكويتية التقليدية القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون التحول الكلي للعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية، حيث تم تنفيذا لذلك تحول بنك الكويت والشرق الأوسط الى بنك اسلامي باسم البنك الأهلي المتحد.
وبناء على ما تم تفعيله من مراحل سياسة الترخيص حتى تاريخه فإن عدد البنوك الاسلامية الوطنية العاملة في الكويت يبلغ حاليا خمسة بنوك منها بنكان تقليديان تم تحولهما الى بنوك اسلامية، كما سلف الذكر، وذلك مقابل خمسة بنوك تقليدية، هذا بالإضافة الى فرع لبنك اسلامي أجنبي.
5 -ويتصل بذلك، ان القانون الخاص بالبنوك الاسلامية المشار اليه قد راعى ومنذ البداية مسألة التحول نحو العمل المصرفي الاسلامي، حيث تضمن الأحكام اللازمة التي تسمح للبنوك الكويتية التقليدية بالتحول الى بنوك إسلامية، فقد نصت المادة الرابعة منه على انه «يجوز للبنوك القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون، وترغب في مزاولة اعمالها طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية، ان تقوم بتعديل أوضاعها وفقا لأحكام هذا القانون وطبقا للشروط والقواعد التي يحددها لها مجلس إدارة البنك المركزي في هذا الشأن».
ولقد وضع مجلس إدارة بنك الكويت المركزي الشروط والقواعد والإجراءات التي يتعين الالتزام بها من قبل البنوك الراغبة في التحول كليا للعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، والتي تم اتباعها في عمليتي تحول البنك العقاري الكويتي (بنك الكويت الدولي حاليا) وبنك الكويت والشرق الأوسط (البنك الأهلي المتحد حاليا) السالف الإشارة اليهما.
6 -ونضيف، ان البنك المركزي قد وضع كذلك ومنذ العام 1997 ضوابط وقواعد لتحول شركات الاستثمار التقليدية الى شركات تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. ولقد تم تطبيقها بالنسبة للشركات التقليدية التي رغبت في التحول. علما بأن عدد شركات الاستثمار التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية يبلغ حاليا 54 شركة من بين اجمالي 100 شركة مسجلة في سجل شركات الاستثمار لدى بنك الكويت المركزي.
7 -ان إعمال مثل هذا الاقتراح بقانون سوف يخلق موقفا صعبا في التعامل مع البنوك الأجنبية التقليدية العاملة في الكويت، فكما هو معلوم فلقد تم في عام 2004 تعديل القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، وذلك بموجب القانون رقم 28 لسنة 2004، بما يسمح للبنوك الأجنبية بافتتاح فروع مصرفية لها في الكويت، وتطبيقا لذلك، وحتى تاريخه، فلقد تم السماح بافتتاح ثمانية فروع لبنوك اجنبية تقليدية (منها خمسة فروع لبنوك من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية).
والهدف من السماح بافتتاح فروع للبنوك الأجنبية، وكما ورد بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 28 لسنة 2004 بتعديل بعض احكام القانون رقم 32 لسنة 1968 المشار اليه، هو مواكبة مرحلة تحرير الخدمات المالية والتمشي مع التزامات الكويت الناشئة عن الاتفاقيات العامة للتجارة في الخدمات المنبثقة عن اتفاق إنشاء منظمة التجارة العالمية وما يتطلبه ذلك من إلغاء القيود التشريعية على دخول البنوك الأجنبية الى السوق المحلي، وبما يسمح في نفس الوقت بتطبيق قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الثامنة عشرة ـ التي انعقدت في الكويت خلال الفترة من 20 حتى 22/12/1997 ـ بالسماح للبنوك الوطنية في دول المجلس بفتح فروع لها في الدول الأعضاء وفق الضوابط المعدة لذلك.
ولا شك في ان إعمال مثل هذا الاقتراح يعني تراجعا سريعا في سياسات الكويت في شأن التنظيم المصرفي في الدولة، بما يمكن ان يؤدي الى انسحاب بعض أو كل تلك البنوك من العمل في الكويت ويخل بالتالي بالهدف من التعديل التشريعي المشار اليه.
8 -ان الجهاز المصرفي المحلي يمثل جزءا من النظام المالي العالمي يؤثر فيه ويتأثر به، فنحن لا نعمل وحدنا بمعزل عن العالم، بل لدينا ارتباطات مالية واستثمارية في مختلف المناطق في شتى بقاع العالم. وأي تغيير جذري في الجهاز المصرفي المحلي ـ مثل المقترح ـ ينبغي ان يتم التحسب له جيدا ودراسة جميع العوامل ذات العلاقة بعناية، حرصا على الحفاظ على وضع الجهاز المصرفي الحالي ومصالحه، والمصالح الاقتصادية للدولة بشكل عام.
والمعنى في ذلك انه يصعب القبول بتحويل كامل الجهاز المصرفي المحلي للعمل المصرفي الاسلامي، في الوقت الذي يعتمد فيه النظام المالي العالمي بشكل شبه كامل على النموذج التقليدي للأعمال، حيث سيرتب ذلك مشاكل كبيرة للجهاز المصرفي، خصوصا في مجال تعاملاته مع النظام المالي العالمي، ستؤثر ولا شك في قدراته وامكاناته على أداء دوره المستهدف.
9 -هناك نقطة جديرة بالايضاح وتتعلق بما ورد بالمذكرة الايضاحية من تبريرات لهذا الاقتراح بقانون، حيث ورد بها ما يوحى بتصور ان صيغ التمويل الاسلامي دون تكلفة أو أقل تكلفة على المقترض من الصيغ التقليدية. وهذا غير حقيقي اطلاقا، فالبنوك الاسلامية تضيف الى التكلفة التي تتحملها ـ في عمليات البيوع على سبيل المثال ـ هامش ربح يتماشى مع مؤشرات السوق، بمعنى ان اجمالي التكلفة التي يتحملها العميل المقترض من الجهة الاسلامية توازي تقريبا التكلفة التي يتحملها العميل لدى اقتراضه من الجهة التقليدية.
10 - نقطة أخيرة تتعلق بالتوجه نحو تحويل الكويت الى مركز مالي تجاري اقليمي، وهذا الأمر يفرض في اعتقادنا ان يتوافر التنوع الكافي في الأنشطة والخدمات التي يقدمها مثل هذا المركز، وبما يلبي احتياجات الأطراف المتعاملة مع مؤسساته، وهو ما يشمل الخدمات المصرفية التقليدية بشكل دائم، فمازالت دول المحيط الاقليمي تعتمد أساسا العمل المصرفي التقليدي لديها الى جانب العمل المصرفي الإسلامي في بعض الدول.
ويتصل بذلك أيضا احتياجات السوق المحلي، فمازالت الرغبات في التعامل مع البنوك التقليدية المحلية سائدة، وهو ما تعكسه بيانات النشاط لنوعي البنوك حتى الآن، ونعتقد ان الأمر يتطلب استمرار توفير احتياجات السوق من الخدمات المصرفية التقليدية جنبا الى جنب مع الخدمات المصرفية الإسلامية بشكل دائم ومستمر وذلك لتلبية الطلب من مختلف شرائح المجتمع.
ب: فيما يتعلق بتشكيل هيئة عليا للفتوى والرقابة الشرعية:
نشير في البداية الى ان الرقابة الشرعية على أعمال البنوك الإسلامية هي أمر منوط بهيئة الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي، وقد تضمن القانون رقم 30 لسنة 2003 الخاص بالبنوك الإسلامية في المادة 93 تنظيم هذه الرقابة، حيث نصت على ان: «تشكل في كل بنك إسلامي هيئة للرقابة الشرعية على أعمال البنك لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة تعينهم الجمعية العامة للبنك، ويجب النص في عقد التأسيس والنظام الأساسي للبنك على وجود هذه الهيئة وكيفية تشكيلها واختصاصاتها وأسلوب ممارستها لعملها.
وفي حالة وجود خلاف بين أعضاء هيئة الرقابة الشرعية حول الحكم الشرعي يجوز لمجلس ادارة البنك المعني احالة الخلاف الى هيئة الفتوى بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تعتبر المرجع النهائي في هذا الشأن.
ويجب على الهيئة ان تقدم تقريرا سنويا الى الجمعية العامة للبنك يشتمل على رأيها في مدى مسايرة أعمال البنك لأحكام الشريعة الإسلامية، وما قد يكون لديها من ملاحظات في هذا الخصوص، ويدرج هذا التقرير ضمن التقرير السنوي للبنك».
ويتمثل دور البنك المركزي في هذا المجال في التحقق من استيفاء متطلبات المادة 93 المذكورة، من حيث تشكيل الهيئة وتحديد اختصاصاتها وأسلوب ممارستها لعملها، اضافة الى التحقق، من خلال أدوات البنك المركزي في الرقابة المكتبية والميدانية، من التزام ادارة البنك الإسلامي بعرض جميع أنواع العقود والمنتجات على هيئة الرقابة الشرعية واقرارها، وتلتزم ادارة البنك بالقرارات التي تصدرها الهيئة.
وقد أصدر البنك المركزي تعليمات خاصة للبنوك الإسلامية لتنظيم عملية تعيين وتحديد اختصاصات هيئة الرقابة الشرعية واسلوب ممارستها لعملها ومتطلبات التقرير السنوي الذي تقدمه الهيئة الى الجمعية العامة للبنك، كما شملت تلك التعليمات الزام مراقب الحسابات الخارجي باجراء الاختبارات اللازمة للتحقق من ان جميع منتجات البنك قد تم فحصها من قبل هيئة الرقابة الشرعية وان الهيئة قررت ان هذه المنتجات تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتجدر الاشارة الى ان شركات الاستثمار التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية تخضع كذلك لذات الاجراءات الرقابية الشرعية، بما في ذلك التعليمات الصادرة لها في شأن هيئات الرقابة الشرعية.
وجدير بالذكر ان فكرة انشاء هيئة رقابة شرعية مركزية بالبنك المركزي المماثلة لما تضمنه هذا الاقتراح بقانون – كانت من بين المقترحات السابق اثارتها في مراحل مناقشة مشروع القانون الخاص بالبنوك الإسلامية المشار اليه، وكانت وجهة نظر البنك المركزي في هذا الخصوص – ومازالت – انه نظرا لاختلاف المناهج الفقهية الإسلامية فإنه يترك لكل بنك حرية اتباع السبل والأدوات التي يراها متفقة مع أي مذهب من المذاهب الفقهية، وحسبما تراه هيئة الرقابة الشرعية الخاصة بكل بنك، ودون التزام جميع البنوك برأي واحد يصدر عن جهة رقابية شرعية واحدة، وكان ان صدر القانون الخاص بالبنوك الإسلامية المشار اليه متضمنا نص المادة 93 المذكورة فيما يخص الرقابة الشرعية على أنشطة البنوك الإسلامية، وموضحا ضمن الركائز الأساسية التي استند اليها مشروع القانون والتي تم ذكرها في مقدمة المذكرة الايضاحية له، ان عملية التحقق من مدى التزام البنوك الإسلامية بأحكام الشريعة الإسلامية في أعمالها وأنشطتها هو أمر مناط بصفة أساسية بهيئة الرقابة الشرعية بكل بنك. ونضيف، ان نص المادة الثالثة من الاقتراح بقانون يعني ان الهيئة المقترحة ستتولى عملية الرقابة الشرعية على جميع مؤسسات القطاع المصرفي والمالي، وبفرض إعمال هذا الاقتراح بقانون، فإن عدد هذه المؤسسات المسجلة فقط لدى بنك الكويت المركزي حاليا هو عشرون بنكا بالاضافة الى 100 شركة استثمار، ويصعب تصور قيام هيئة واحدة بمهمة الرقابة الشرعية على مثل هذا العدد أو على عدد أقل كثيرا منه، الأمر الذي يعني من الناحية العملية والتطبيقية عدم امكانية تطبيق هذا الاقتراح. هذا ويلاحظ وجود عدم اتساق بين نص المادة الثالثة المشار اليها وما ورد بالمذكرة الايضاحية بشأنها، حيث تضمنت المذكرة الايضاحية ذكرا لاختصاصات للهيئة المذكورة لم ترد بنص المادة.
خلاصة ما تقدم يرى البنك المركزي ان الاطار التنظيمي الحالي لعملية الرقابة الشرعية، وفقا للقانون وتعليمات واجراءات البنك المركزي، يعتبر كافيا ومناسبا في تحقيق الهدف من هذه الرقابة على أنشطة البنوك الإسلامية وشركات الاستثمار التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
الخلاصة والرأي
1 -من حيث المبدأ فإنه يصعب تصور تحويل الجهاز المصرفي المحلي بالكامل وبشكل دائم للعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية دون ان يواكب ذلك إجراء الإحلال و/أو التعديلات اللازمة والمناسبة على التشريعات ذات العلاقة. وان اعمال هذا الاقتراح بقانون سيترتب عليه حدوث خلل في المنظومة التشريعية ـ خاصة المصرفية ـ مع فراغ تشريعي بالنسبة للعديد من المناحي التي تحكمها نصوص قانونية قائمة حاليا مما يرتب بالتأكيد خللا في كفاءة وفاعلية الجهاز المصرفي في أداء دوره المنشود في الاقتصاد الوطني.
2 -انه يصعب القبول بتحويل كامل الجهاز المصرفي المحلي للعمل المصرفي الإسلامي في الوقت الذي يعتمد فيه النظام المالي العالمي بشكل شبه كامل على النموذج التقليدي للأعمال، حيث سيرتب ذلك مشاكل كبيرة للجهاز المصرفي، خصوصا في مجال تعاملاته مع النظام المالي العالمي، بحكم الارتباطات المالية والاستثمارية القائمة مع مختلف المناطق في العالم.
3 -ان التوجه نحو تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري اقليمي، وكذلك احتياجات السوق المحلي، يفرض بالتأكيد استمرار توفير الخدمات المصرفية والمالية التقليدية بشكل دائم الى جانب الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية.
4 -ان المنهج الذي تم اتباعه «منهج التدرج» في مجال تطبيق القانون الخاص بالبنوك الاسلامية رقم 30 لسنة 2003 من جانب البنك المركزي، قد أسفر عن وصول عدد البنوك الإسلامية حاليا الى خمسة بنوك، مقابل خمسة بنوك تقليدية، بالإضافة الى فرع لبنك إسلامي أجنبي. ونرى بذلك انه قد تم توفير احتياجات السوق المحلي من حيث نوعي العمل المصرفي بالشكل المناسب، وبما يتفق مع معطيات العمل المصرفي محليا وعالميا، المنوه عنها في هذه المذكرة.
5 -يرى البنك المركزي ان الإطار التنظيمي الحالي لعملية الرقابة الشرعية، وفقا للقانون وتعليمات وإجراءات البنك المركزي، يعتبر كافيا ومناسبا في تحقيق الهدف من الرقابة الشرعية على أنشطة البنوك الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
بناء على جميع ما تقدم، فإن بنك الكويت المركزي لا يوافق على تحول جميع وحدات الجهاز المصرفي المحلي الى العمل المصرفي الإسلامي ودون توفير الخدمات المصرفية التقليدية، ومن ثم فإنه لا يتفق مع ما تضمنه الاقتراح بقانون المشار اليه.