محمود فاروق ـ منى الدغيمي ـ أحمد يوسف
أجمع عدد من المحللين على ان عودة اللون الأخضر للمؤشرات العامة للسوق أمس ما هي إلا دعم مؤقت وليست نقطة انطلاقة لمستويات سعرية جديدة، مبينين أن المعطيات الحالية تشير إلى أن حالتي عدم الاستقرار والتذبذب هما السمة الغالبة للسوق حتى نهاية العام الحالي، وذلك نتيجة عدم وضوح الرؤية وغياب المعلومات، والأجواء الضبابية التي يصعب بناء التقديرات عليها واستشراف المستقبل، ولاسيما أن التفات الجهات الحكومية للبورصة ومحاولتهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ساعد إلى حد بسيط في عودة الآمال المعلقة على أكتاف اجتماع مجلس الوزراء مع الجهات المذكورة. من جانب آخر، أكد الخبراء ان الحل الحقيقي والجذري لمعضلة البورصة يأتي فقط من خلال عودة الثقة للمتداولين عبر التدخل الحكومي لدعم السوق وعدم تركه للمضاربات التي أفقدته توازنه خلال الفترة الماضية، مؤكدين أن ما حدث أمس من عودة اللون الأخضر ما هو إلا دعم يومي مؤقت من قبل بعض الجهات. وفيما يلي تفاصيل الآراء:
بداية قال رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة المجموعة المالية الكويتية حسين العتال ان عودة اللون الأخضر إلى السوق لن تدوم طويلا وما هي إلا ردة فعل طبيعية لبداية تحرك الحكومة بعد ان طلب مجلس الوزراء البحث الجدي في أسباب التراجع التي شهدها السوق في الفترة الماضية.
ورأى العتال ان مسلسل تراجع السوق سيكون مستمرا حتى نهاية هذا العام، متسائلا: كيف يستجيب السوق للارتفاع المتواصل في ظل غياب المحفزات والنتائج السلبية المتوقعة للنصف الثاني للشركات المدرجة؟!
وأكد أن التكاسل في علاج المشكلة الرئيسية للأزمة ولد الكثير من المشاكل التي بدأت تظهر إلى حيز الوجود وهو ما تؤكده التصرفات العشوائية والمتضاربة للمستثمرين.
وبين العتال ان التوجه العام في الكويت هو توجه غير واقعي والخطورة تكمن في استمراره لفترات طويلة، خاصة ان بعض الشركات مازالت تعتقد ان الوضع سيتحسن وستخرج من عنق زجاجة الأزمة المالية بسلام، فالإصلاح أصبح عملية أكثر من ضرورية للخروج من نفق الأزمة.
وختم بقوله: نتمنى ان تكون نتائج النصف الثاني للشركات ليست كارثية وأن يستقر الوضع داخل البورصة ويسدل الستار بالنسبة للتعيينات لهيئة أسواق المال.
عودة الثقة
من جانب آخر، أكد الخبير الاقتصادي حامد السيف ان الحل الحقيقي والجذري لمعضلة البورصة يأتي فقط من خلال عودة الثقة للمتداولين وعبر التدخل الحكومي لدعم السوق وعدم تركه للمضاربات التي أفقدته توازنه خلال الفترة الماضي.
وبين ان ما حدث أمس من عودة اللون الأخضر ما هو إلا دعم يومي مؤقت من قبل بعض الجهات التي لها مصلحة في عودة السوق إلى اللون الأخضر وليس نقطة انطلاقة أو إقلاع لمراحل سعرية جديدة كما اعتقد البعض.
وشدد السيف على ضرورة أن يكون هناك قانون يسمى «تفليسة الشركات»، مستندا في قولّ إلى الدول الأجنبية التي تطبق ذلك القانون حفاظا على الشركات ومستوياتها السعرية من السقوط إلى الهاوية، مطالبا بضخ المزيد من السيولة والاستمرار في ذلك الضخ والتدفق من قبل المجاميع الكبرى وفي مقدمتها المحفظة الوطنية، وكذلك تعديل بعض القوانين التي أصبحت لا تصلح لمعالجة الأوضاع الحالية لتقادمها.
ودعا إلى ضرورة أن تعلم الشركات أن قرارات «المركزي» وإدارة البورصة جميعها تصب في مصلحة السوق ولكن هناك فهم خاطئ للشركات التي تتلاعب بالسوق بهذه القرارات التي يرون على حسب رؤيتهم انها تؤثر في السوق وعلى نشاطهم وادائهم بشكل سلبي ولكن يجب على هذه الشركات ان تستبعد نهجها السابق كي تعود الثقة مرة اخرى.
وشدد على ضرورة أن تكون البنوك أكثر مرونة مع الشركات خاصة ان حجم الودائع لديها يفوق الـ 30 مليار دينار ما بين ودائع مؤسسات وافراد وحكومة لذا يجب ان يكون هناك توجه من البنوك بجزء كبير من هذه الودائع للقطاعات الاقتصادية المقصود بها الاقتصاد الحقيقي لذا يجب ان ترد الاموال الى القطاعات الفاعلة، لاسيما أنه يجب ان تكون خطة التنمية على ارض الواقع ولا تصير حبرا على ورق ولابد ان تتجاوز الدورات المستندية الطويلة ولابد من دعم قوي للشيخ احمد الفهد، فضلا عن ضرورة زيادة الشفافية بالشركات، مشيرا الى ان هذه العوامل لو توافرت لشهدت البورصة صعودا جيدا بخلاف ذلك سيظل الوضع كما هو عليه.
جرعة منعشة
أما رئيس جمعية المحاسبين والمراجعين محمد الهاجري فقد رأى أن عودة الأخضر جرعة منعشة من قبل الحكومة وذلك كردة فعل للمتداولين لانتشار خبر لاجتماع مرتقب للأقطاب الثلاثة وزير المالية ووزير التجارة ورئيس الوزراء.
واعتبر ارتفاع البورصة مؤقتا ولن يستمر طويلا، مشيرا إلى أن التحركات الراهنة من قبل الحكومة عبارة عن جرعة إنعاش وليست جرعة علاج للسوق.
وأكد أن البورصة بحاجة إلى علاج جذري، داعيا إلى ترك المسكنات والتوجه نحو إصلاح اقتصادي يكون فيه دور فاعل للقطاع الخاص، مطالبا بضرورة تنظيف السوق من الشركات «التعبانة» التي فقدت شروط الإدراج والاقتصار فقط على الشركات المليئة والتمديد في المدة القانونية للإدراج.
وأشار إلى أن هذا الإجراء سيصحح من وضع السوق وسيحمي صغار المستثمرين وسيضمن نسبيا استمرار رؤية الأخضر أكثر من مرة في الأسبوع.
و أفاد بأن الحكومة هي اللاعب الأبرز خلال الفترة الحالية لإحداث تغييرات وتأثيرات ايجابية تساهم في تماسك السوق خلال الفترة القادمة نظرا لأن غالبية الشركات المحلية تعاني من مشكلة السيولة والتمويل، مضيفا أن على الحكومة خوض غمار «مباريات» سوق الكويت للأوراق المالية بجهد كبير حتى تسترد المستويات السابقة للتداولات.
الدعم الاستراتيجي
من جهة أخرى قال المحلل الفني محمد الحبيب ان اتجاه السوق في تداولات امس نحو الارتفاع جاء نتيجة لعدة عوامل منها الدعم الاستراتيجي للمؤشر عند 6260 نقطة، وايضا نجاح المؤشر السعري في تقليص الفجوات السعرية بشكل عام.
وأضاف الحبيب ان المحفظة الوطنية قد لعبت دورا منذ بدأ التداولات على اسهم قيادية تشغيلية ومنتقاة الامر الذي حسن من اجواء التداولات في بداية جلسة التداول.
واشار الى ان هناك عددا من صغار المحافظ والمجاميع الاستثمارية قد لعبت دورا جيدا من خلال الشراء على اسهم قيادية قد هبطت كثيرا من مستواها الحقيقي الامر المشجع على اقتناصها.
ولفت الى ان القطاع المصرفي قد شهد تحركا جيدا مقابل قطاعي الاستثمار والخدمات، حيث يبقى القطاع المصرفي محط انظار المستثمرين الذين رأوا ان به العديد من الفرص خصوصا ان هناك بعض الاسهم قد فقدت ما يتراوح بين 40 و 45% من قيمتها منذ شهر ابريل الماضي وقال ان التجميع على هذه الاسعار مع الدخول في فترة إعلانات الربع الثاني يعتبر عاملا مهما بالنسبة للمؤسسات والمحافظ الاستثمارية.
وأكد انه من الملاحظات الهامة ايضا تقليص عمليات التلاعب في اغلاقات الثواني الاخيــرة، حــيث ان الــحديث عــن هيئة سوق المال والعقوبات التي تنتظر هؤلاء المتلاعبين تجعلهم يقلصون هذه الاغلاقات الوهمية مما يعطي الثقة مرة اخرى في تداولات السوق.