شريف حمدي
رغم ان اغلاقات النصف الأول من 2010 لبعض اسهم الشركات القيادية كانت أعلى مقارنة بإغلاقات نهاية 2009 بهدف تجميل ميزانياتها الا ان معظمها سجل هبوطا كبيرا لدرجة ان شركة مثل اجيليتي سجلت هبوطا كبيرا بلغت نسبته 80% من خلال تراجع قيمة السهم بمقدار 255 فلسا ليسجل 315 فلسا وذلك من بداية العام وحتى اقفالات الربع الثاني.
ونظرا لأن اغلب الاسهم القيادية مرهونة حاليا لدى البنوك وهو ما يعني ان البنوك ستزيد من حجم مخصصاتها، خاصة اذا ما أخذنا في الاعتبار ان اغلب الاسهم الرخيصة مرهونة أيضا لدى البنوك، فضلا عن ملكيات بعض البنوك المؤثرة في هذه الشركات، فإن حجم المخصصات ستشهد قفزة لمواجهة أي احتمالات سلبية خاصة ان الربع الأول من العام الحالي شهد استمرارا لتكوين المخصصات من قبل البنوك، حيث بلغت قيمتها 2.1 مليار دينار حتى 31 مارس الماضي، وهي تشكل نحو 7.4% من اجمالي قروض البنوك البالغة 28.1 مليار دينار يخص الربع الأول منها 129 مليون دينار بما يعادل 0.5% من اجمالي أرصدة المخصصات، الامر الذي أدى الى ان بعض البنوك أعلنت عن انكماش في الأرباح وبعضها حقق خسائر متفاوتة. وفي هذا السياق قال مصدر مصرفي لـ «الأنباء» ان رفع سقف المخصصات سيكون امرا حتميا مع نهاية الربع الثاني خاصة في ظل تراجع قيم الأصول المرهونة لدى البنوك، لاسيما مع استمرار تدهور السوق.
وأضاف المصدر ان البنوك ستكون امام خيارين لا ثالث لهما فيما يتعلق بالاسهم المرهونة، فإما بيعها وتسجيل خسائر محققة نظرا لانخفاض قيم هذه الأسهم عن وقت تقديمها كضمانات للبنوك، او الانتظار قليلا ريثما تتحسن اوضاع السوق، وبالتالي ارتفاع قيم هذه الاسهم وهو امر محفوف بالمخاطر، حيث يمكن في المقابل استمرار تدهور اوضاع السوق وبالتالي مزيد من تراجع قيم هذه الاسهم السوقية، مرجحا ان تحتفظ اغلب البنوك بالاسهم المرهونة مع تحمل مخاطر استمرار انخفاضها لعلها ترتفع في حال عاود الانتعاش للسوق ودب في أوصاله من جديد، وهو ما يعني رفع سقف المخصصات لمواجهة كل الاحتمالات.
وحذر المصدر من خطوة اقبال البنوك على بيع الاسهم المرهونة لديها ولو بخسائر، مشيرا الى ان ذلك سيؤدي الى زيادة المعروض في السوق وبالتالي مزيد من التدهور للمستويات السعرية لهذه الاسهم، وستكون هذه الخطوة بمنزلة القشة التي تقسم ظهر السوق، وهو ما يعني ان وضع البورصة الكويتية سيكون أسوأ مما هو عليه الآن وسيجعل شفاءها بعيد المنال.
وذكر في هذا الخصوص أن هناك صعوبة في الوقت الراهن لتسييل الاصول سواء كانت هذه الاصول اسهما او عقارات، نظرا لعدم وجود مشترين في الوقت الراهن رغم تدني الاسعار.
ولفت المصدر الى ان كثيرا من الاسهم ا لمرهونة هي اسهم قيادية ومن ثم فإنها قد تتعافى في أي وقت بغض النظر عن اوضاع السوق، خاصة ان هناك اسهما حققت زيادة في مستوياتها السعرية مع اقفالات الربع الثاني مقارنة مع اقفالات عام 2009، علما بأن سهم بورتلاند على سبيل المثال لا الحصر حقق 36.3% نموا من خلال زيادة في قيمته السعرية 450 فلسا، وكذلك سهم الخليج الذي حقق 25.9% نموا من خلال زيادة في القيمة السوقية بلغت 105 فلوس. وتوقع المصدر ان يكون وضع البنوك المحلية مع نهاية العام الحالي شبيها بوضعها في العام الماضي، حيث رفع المخصصات مع امكانية تحقيق بعضها لخسائر متفاوتة كما حدث في نتائج 2009 والربع الأول من 2010.
.. واستمرار انخفاض الأصول العقارية المرهونة يزيد من حجم المخصصات
شريف حمدي
في ظل تآكل الأصول لا يزال خطر التسييل يهدد الاصول المرهونة التي قدمتها الشركات للبنوك كرهونات للحصول على تسهيلات ائتمانية، ومع استمرار تراجع قيم الاصول العقارية تزداد المخاوف من اقدام عدد من البنوك على بيع هذه الاصول وهو الأمر الذي سيؤدي الى كارثة في السوق العقاري الكويتي، حيث سيترتب على ذلك مزيد من الانخفاض في القيمة، وربما يكون ذلك هو السبب الرئيسي في انتظار البنوك على هذه الاصول لعلها تعود للارتفاع مجددا في حال تحسنت الاوضاع الاقتصادية خاصة مع اقتراب الحكومة من تفعيل خطة التنمية. في هذا الصدد قال رئيس مجلس ادارة شركة مزايا القابضة رشيد النفيسي لـ «الابناء» ان تأثير انخفاض قيم الاصول على الشركات العقارية يختلف بحسب كل شركة وطبيعة اصولها وحجم القروض التي عليها بموجب هذه الاصول، لافتا الى ان هناك شركات عقارية قدمت اراضي كرهونات للحصول على قروض وهناك شركات اخرى قدمت عقارات بعضها في الكويت وبعضها في الخارج، مشيرا الى ان نوعية الاصول هي المعيار في قياس مدى تأثر كل شركة عقارية بأزمة انخفاض قيم الاصول العقارية.
ولفت النفيسي الى ان البنوك التي لديها هذه الاصول كرهونات تنظر بعين الاعتبار لنوعية وجغرافية هذه الاصول على أمل ان تتحسن قيمها وتتجنب البنوك الخسائر المحققة في حال بيع هذه الاصول رسميا.
واوضح ان انخفاض الاصول العقارية يؤثر بشكل مباشر على النشاط التشغيلي للشركات العقارية حيث يؤدي ذلك الى صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لاستمرار النشاط، لافتا الى ان الشركات تضطر للبحث عن مصادر اخرى لتوفير السيولة في ظل صعوبة الاقتراض، مشيرا الى ان البنوك لا توافق على منح قروض اكثر من 50% من قيمة اي مشروع بعدما كانت تمنح في السابق تمويلات تغطي تكاليف المشروعات بنسبة 100%.
ونوه في هذا السياق الى ان بعض الشركات العقارية تلجأ لتنفيذ مشاريعها الى تكوين شراكات لانجاز مشاريع كان بمقدورها تنفيذها بمفردها في السابق.
وحول المخصصات التي من المفترض ان تتخذها شركات العقار لمواجهة الانخفاضات المستمرة في قيم اصولها قال النفيسي ان حجم تكوين المخصصات سيختلف من شركة لأخرى حسب مقدار الانخفاض الذي يتبين للشركات من خلال عمليات التقييم المستمرة لأصولها، مشيرا الى ان المخصصات قد ترتفع خلال المرحلة المقبلة في حال استمر تراجع قيم الاصول العقارية، مشيرا الى انه في المقابل ستقوم البنوك ايضا برفع سقف مخصصاتها لمواجهة هذه الانخفاضات.
10 مليارات دينار القيمة التقديرية للرهونات العقارية
عمر راشد
هل بدأ قطار «التسييل» في التحرك؟ سؤال أبدت أوساط عقارية واقتصادية تخوفها من حدوثه في النصف الثاني من العام الحالي مع عجز شركات عقارية وغير عقارية عن سداد التزاماتها البنكية وهو ما يعني أن تتجه البنوك إلى استخدام آخر الدواء الكي. وكي آلام البنوك لا يمكن أن يتم دون عمليات تسييل رهونات لديها لعملاء من أفراد وشركات عجزوا عن سداد التزاماتهم أو زيادة ضمانات القروض التي حصلوا عليها.
غير أن الرهونات العقارية التي يزيد حجمها عن 10 مليارات دينار باتت قنبلة موقوتة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتقود السوق لسيناريوهات سوداوية أقلها احتمالا مزيد من انهيار قيم الأصول على المدى القصير والذي بدوره سيقود حتما إلى إفلاس المزيد من الشركات على المدى المتوسط والطويل. وعلى الرغم من أن العقار يحقق عائدا في قطاعه الاستثماري يتراوح بين 9 و10%، في الوقت الذي فقد فيه سوق الكويت للأوراق المالية أكثر من 50% من قيمته الرأسمالية، إلا أن مخاطر تسييل تلك الرهونات باتت أحد الهواجس التي يعاني منها السوق العقاري تخوفا من زيادة العرض عن الطلب وكذلك اتجاه الكثير من الأصول العقارية للانخفاض بشكل كبير على وقع تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وتناول عقاريون لـ«الأنباء» أزمة الرهونات العقارية حيث أشاروا إلى أن المشكلة وتفاقمها أتيا على خلفية عدد من الأسباب تتمثل في:
1 شركات عقارية مدرجة لا تملك عقارات مطلقا وهذه الشركات أخذت اسم العقار للهروب من رقابة بنك الكويت المركزي.
2 وزارة التجارة والصناعة لا تملك الإمكانيات التي تؤهلها لتدقيق ميزانيات الشركات العقارية حيث لا تملك فريق عمل مؤهلا ومتخصصا للقيام بهذا الدور مع تزايد أعمال تلك الشركات وزيادة قدراتها الاستثمارية في الداخل والخارج.
3 الكثير من مجالس إدارات تلك الشركات حصلت على تسهيلات ائتمانية للمضاربة في أسواق المال الإقليمية والعالمية بضمانات «وهمية» أو بأصول مبالغ في تقديرها وبمشاركة بيوت استشارية ومكاتب تدقيق محلية وعالمية كانت جزءا رئيسيا من الأزمة المالية.
4 نسبة قليلة من الشركات العقارية لا تتعدى الـ 5% تعمل في أعمال تشغيلية والبقية لا تملك من العمل العقاري سوى الاسم فقط.
ورأوا أن عددا من الإشكاليات تثيرها قضية الرهونات العقارية تتمثل في:
1 تصنيف الرهونات العقارية حيث ان عدم وجود تصنيف لتلك الرهونات أثر سلبا على أداء تلك الشركات بشكل خاص والسوق بشكل عام لأنها «غير مصنفة»، فهناك رهونات عقارية «جيدة» وأخرى «مشكوك في تحصيلها» بينما يوجد نوع ثالث يتعلق بالرهونات العقارية المعدومة أو التي «لا جدوى من تحصيلها»، موضحين أن بنك الكويت المركزي يعد المسؤول الأول والأخير عن غياب التصنيف الدقيق لتلك الرهونات والتي تؤثر بشكل كبير على وضعية الشركات العقارية المدرجة بالسوق حيث يختلط الحابل بالنابل ولا يعرف على وجه الدقة حجم الرهونات العقارية «الجيدة» من الرهونات المسمومة في السوق.
2 استمرار انخفاض قيمة تلك الرهونات عن الحد المصرح به للإقراض نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي هبطت بأسعار الأصول العقارية لنسب تراوحت بين 60 و70% وخاصة العقارات التجارية منها والتي تملكها شركات مساهمة عقارية مدرجة أو غير مدرجة.
3 تسييل الرهونات العقارية حيث بدأ الترقب والتخوف ينتاب البيئة الاقتصادية مجددا، حيث بدأت بنوك محلية تسييل رهونات لديها لعملاء من أفراد وشركات، الأمر الذي أربك السوق وجعل الحديث عن بدء التسييل أمرا يحتاج إلى إعادة نظر من جانب الجهات الرقابية خاصة بنك الكويت المركزي المنوط به حماية الأصول من أسهم وعقارات من خطر إغراق السوق «بعرض جديد» يزيد من حدة انخفاض الأصول مرة أخرى.
وحول آلية العلاج المقترح لتفادي تداعيات أزمة تسييل الرهونات العقارية في حال حدوثها، أوضح عدد من المتخصصين أن هناك عددا من الآليات على رأسها ما يلي:
1 إنشاء لجنة رباعية من البورصة ووزارة التجارة والصناعة وغرفة التجارة واتحاد العقاريين ممثلا عن القطاع الخاص وملاك العقار لإعادة النظر في الشركات العقارية المدرجة وغير المدرجة التي تعاني من تعثر لإيجاد آلية واضحة للتعامل معها.
2 مقايضة قيمة العقار بأسهم أو سندات قابلة للتحويل قد تؤدي إلى تحريك الجمود في بعض الشركات وترفع من نشاط التداول مرة أخرى.
3 تكوين صناديق عقارية ممن يملكون «الكاش»، الأمر الذي سيؤدي إلى اقتناص الفرص الاستثمارية العقارية الواعدة خاصة في العقار التجاري الذي وصل إلى مستويات متدنية للغاية.
4 تشريح وضع السوق العقاري على أسس علمية سليمة وصولا لحلول منطقية قابلة للتطبيق وتتوافق مع الظروف المحلية لا أن يتم استيراد حلول خارجية وتطبيقها دون معرفة تأثير تطبيقها على السوق المحلي سواء على المدى القصير أو الطويل والاستعانة بخبراء عالميين متخصصين في هذا المجال.
5 مطالبة الحكومة بتأجير عقارات تجارية من المستثمرين والتي يمكن من خلالها تحقيق منفعة للمال العام بعائد لا يقل عن 10% من رأس المال المستثمر بدلا من استثماره في شركات إقليمية وعالمية أثبت الواقع الاقتصادي عدم قدرتها على تحقيق منافع استثمارية جيدة.