قفزت أسهم شركة بريتش بتروليوم للنفط (بي پي) اكثر من 5% في تعاملات سوق لندن للاوراق المالية امس بعد اعلان الشركة العملاقة وقف التسرب النفطي في قاع خليج المكسيك مؤقتا.
وكان سهم «بي پي» تراجع دون 300 بنس خلال إحدى مراحل التداولات الشهر الماضي ليسجل أدنى مستوى له منذ أغسطس 1996 لكنه تعافى الى نحو 425 بنسا وسط دلائل على معالجة أزمة تسرب النفط التي كلفت الشركة حتى الآن أكثر من 3.5 مليارات دولار.
وكانت الشركة قد أعلنت انها أوقفت التسرب أمس وأحكمت تركيب غطاء احتواء وزنه 40 طنا على البئر الواقعة على عمق 1.6 كيلومتر تحت المياه بخليج المكسيك. وأضافت «اختبار مقاومة البئر بدأ امس» مشيرة الى أن «الاختبار سيستمر على الأقل لمدة 6 ساعات ويمكن أن يمتد الى 48 ساعة».
نجحت شركة «بي پي» العملاقة للنفط في وقف التسرب النفطي في قاع خليج المكسيك على الأقل مؤقتا بعد ان أعلنت عن تركيب غطاء احتواء جديد على بئر ماكوندو التابعة لها الذي تعرض لانفجار في ابريل الماضي مسببا أسوأ بقعة نفطية قبالة السواحل الأميركية في تاريخ الولايات المتحدة.
وقالت الشركة انها أوقفت التسرب أمس الاول وأحكمت تركيب غطاء احتواء وزنه 40 طنا على البئر الواقعة على عمق 1.6 كيلومتر تحت المياه وهو غطاء أكبر ومحكم أكثر من الغطاء الأول الذي أزالته سابقا.
وخطوة تركيب غطاء الاحتواء ضرورية مع سعي شركة النفط العملاقة الى وقف التسرب بشكل دائم من خلال حفر بئر للتنفيس على ان تغلق البئر المعطوبة بالاسمنت والطين الشهر المقبل.
وكانت الشركة أزالت الاسبوع الماضي غطاء من فوق البئر في إطار خطة لتركيب مجموعة تغطية أكبر يمكنها احتواء ما يصل إلى 80 ألف برميل يوميا بدلا من 25 ألف برميل يوميا كان يحتويها الغطاء القديم.
وبعد أسابيع من التراجع بسبب ارتفاع تكاليف عمليات التطهير والأضرار التي لحقت باقتصاد الولايات الأميركية المطلة على ساحل خليج المكسيك أغلقت الاسهم الأميركية لدى «بي.پي» على ارتفاع بلغ 7.6% أمس الاول بعد الإعلان عن وقف التسرب من البئر.
وعانت الشركة من انتكاسات عدة سابقة في مسعاها لوقف التسرب النفطي الذي بدأ قبل نحو 88 يوما.
واعلنت شركة «بي.پي» يوم الاثنين ان تكلفة التسرب ارتفعت إلى نحو 3.5 مليارات دولار وانها قامت بدفع مطالبات تعويض يتجاوز عددها 52 ألفا بلغت قيمتها نحو 165 مليون دولار. وقالت إن عدد المطالبات التي جرى تقديمها بلغ نحو 105 آلاف.
وهذه أول مرة يتوقف فيها التسرب من البئر ولو مؤقتا منذ الانفجار الذي وقع يوم 20 ابريل في الحفار ديبووتر هورايزون في حادث أدى الى مقتل 11 عاملا.
.. واستمرار المخاوف على مستقبل عمل الشركة لاحتمالات تعرضها لـ «غرامات» كبيرة
عواصم ـ وكالات: أعلن قائد حرس السواحل الأميركي الأدميرال تاد ألن، المكلف بقيادة عمليات تنظيف آثار التسرب النفطي في خليج المكسيك، أن شركة بريتش بتروليوم (بي پي) بدأت تحرز تقدما كبيرا في وقف تسرب النفط من خلال تثبيت غطاء حديدي ضخم سيتمكن من إغلاق الصمامات الثلاثة التي يتسرب منها النفط حتى الآن.
وتعمل شركة «بي پي» منذ ليلة الاول من أمس في تثبيت هذا الغطاء الجديد الموصول بأنبوب لسحب النفط فوق فوهة البئر المتضررة في خليج المكسيك، والذي أطلق عليه اسم: «توب هات 10»، حيث أكد مسؤولون في الشركة أنه بعد تثبيت هذا الغطاء يمكن وقف التسرب بشكل نهائي وسحب كمية من النفط تتراوح بين 40 ألفا و60 ألف برميل نفط يوميا، وذلك بديلا عن غطاء قديم تم نزعه السبت الماضي كان يسحب فقط حوالي 25 ألف برميل يوميا.
ويرى بعض الخبراء أنه في حالة نجاح هذه العملية التي تستغرق نحو 48 ساعة، فإنه سيتم وقف التسرب النفطي والتحكم فيه بشكل تدريجي حتى منتصف شهر أغسطس المقبل، وذلك حتى تنتهي شركة «بي.پي» من حفر بئرين للتصريف تسمحان بشفط الكميات المتسربة من البئر الأولى التي سيتم سدها بالأسمنت، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يوقف التسرب النفطي بشكل نهائي وكامل.
من جانب آخر، أعلنت شركة «بي پي» مؤخرا عن استعادتها 749 ألفا و100 برميل من السائل النفطي المتسرب منذ 20 ابريل الماضي، وانها أزالت أكثر من 240 ألف برميل نفط من سطح الماء في أنحاء متفرقة من خليج المكسيك.
وذكرت الشركة أنها أنفقت 3.5 مليارات دولار لوقف التسرب النفطي حتى 12 يوليو الجاري.
ويرى الخبراء أنه إذا استمرت معدلات الإنفاق التي تتحملها الشركة لمواجهة التسرب النفطي على معدلاتها الحالية حتى نهاية أغسطس المقبل، فإن مجموع التكلفة سيتراوح بين 27 و30 مليار دولار (منها بين 7 و10 مليارات تكلفة إزالة البقعة النفطية ووقف التسرب) تشمل تكاليف وقف التسرب النفطي والاحتواء وحفر آبار الإغاثة والمساعدات المالية للولايات المطلة على الخليج، فضلا عن التعويضات والنفقات الفيدرالية الأميركية.
ويشير المحللون الماليون إلى أن شركة «بي پي» قادرة على تحمل هذا الحجم من النفقات، حيث تتمتع بسيولة نقدية تقدر بنحو 20 مليار جنيه إسترليني في العام الواحد، ولها تسهيلات بنكية عاجلة تقدر بـ 6.7 مليارات، وقد حققت الشركة سيولة بلغت 7.7 مليارات دولار من أنشطتها التشغيلية في الربع الأول من هذا العام بعد أن قدرت أرباحها خلال نفس الفترة بحوالي 6 مليارات دولار.
وعلاوة على ذلك لاتزال القيمة السوقية لأسهم الشركة تبلغ نحو 65 مليار دولار على الرغم من خسارتها نصف قيمتها السوقية منذ غرق حفار ديب ووتر، وهو رقم يزيد في كل الأحوال على مجموع ما ستتحمله الشركة من خسائر حتى انتهاء كارثة التسرب النفطي الراهنة.
ويرى بعض الخبراء أن هذه الأرقام تشير إلى أنه من المستحيل أن تعرف شركة «بي پي» بيعا كاملا أو تقسيما للشركة أو حتى بيع حصص ضخمة فيها، وهي التي لم تعرف انقساما مطلقا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945.
لكن ذلك لا يمنع من أن الشركة قد تضطر إلى بيع أصول تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار.
وتشير بعض الصحف البريطانية إلى أن الحكومتين البريطانية والأميركية بينهما اتفاق ضمني على بقاء شركة «بي پي» قوية لدرجة معقولة، فهي أكبر شركة نفط بريطانية وثالث كبريات الشركات العالمية، ولهذا لا يتوقع أن تحتاج «بي پي» إلى مستثمر استراتيجي في هذا الوقت، إذ يكفيها بيع الأصول السابقة لمجموعة كبرى مثل «أباتشي كوربوريشن» أو «إكسون موبيل» الأميركية التي يقال إنها أخذت موافقة مبدئية من السلطات الأميركية للتفاوض مع «بي پي» حول شراء هذه الأصول.
يذكر أن هناك عدة صناديق سيادية تمتلك حصصا في شركة «بي پي» حيث تمتلك كل من النرويج والكويت حصة تبلغ 1.8%، في حين تمتلك الصين 1.1%، وتمتلك سنغافورة 0.7%.
وتشير بعض الأنباء إلى وجود مستثمرين مثل هيئة الاستثمار الكويتية وأبوظبي وقطر وشركة «بترو تشاينا» الصينية وشركة «شل» الهولندية، كمرشحين رئيسيين لاحتمال شرائهم لأسهم ضخمة بشركة «بي پي».
لكن مسؤولي شركة «بي پي» لم يؤكدوا هذه الأنباء حتى الآن، ويقولون إن الشركة غير مضطرة حتى الآن إلى بيع أسهم كبيرة، كما أنها غير مضطرة إلى طرح أسهم جديدة حتى تتضح جملة النفقات والخسائر الإجمالية من وراء كارثة التسرب النفطي.
من جانب آخر، يرى عدد من الخبراء أن مستقبل شركة «بي پي» في الأمد المنظور يتوقف أيضا على نتيجة التحقيقات القضائية في أسباب كارثة التسرب النفطي، وهي التحقيقات التي بدأت الاثنين الماضي بعد أن شكل الرئيس الأميركي باراك أوباما لجنة تحقيق مستقلة لمعرفة ملابسات الحادث وإعطاء التوصيات المناسبة.
ويتوقع بعض الخبراء أن تؤدي نتائج التحقيق إلى منع شركة «بي. بي» من الحصول على عقود حكومية لفترة ما إذا أدينت بعمل جنائي وفقا لقانون نظافة المياه الأميركي، ويمكن كذلك منع الشركة من الحصول على عقود إذا صدرت ضدها أحكام في دعاوى بالحق المدني لانتهاكها قوانين البيئة.
ويقول خبراء قانونيون إن إثبات بعض الاتهامات الجنائية، ومن بينها الإهمال، سيؤدي إلى تحمل الشركة تعويضات كبيرة جدا قد تؤخر نموها المستهدف لأكثر من ثلاثة أعوام مقبلة، لأن إثبات الإهمال يمكن الادعاء تغريم الشركة بين 1100 و4300 دولار مقابل كل برميل تسرب من النفط في خليج المكسيك، وربما يؤدي إلى حظر عمل الشركة لفترة من الوقت; وهو ما سيضر بدرجة كبيرة بأعمال الشركة نظرا إلى أن 40% من أصولها في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ذلك يرى بعض الخبراء مثل أنتوني سوبينيو، أستاذ القانون الدولي والمحامي الأميركي، أنه ليس هناك الكثير من منتجي النفط الكبار; مما يعني أن الحظر قد يستمر لفترة وجيزة فقط.