مستثمرون وصفوا أداءها الائتماني بـ «المتحفز» للاستحواذ على الشركات المدينة
5 أسباب وراء حذر البنوك المتزايد في منح الائتمان
إعداد: عمر راشد ـ شريف حمدي ـ محمود فاروق ـ محمد البدري
«تعددت الأسباب والموت واحد»، لم يجد مصدر استثماري تعبيرا أدق من هذا المثل العربي الشهير، لوصف ما أسماه بـ «مجزرة بنوك محلية» ضد الشركات الراغبة في منح الائتمان، وقال لـ «الأنباء» ان الإفلاس بات أقرب الطرق أمام الشركات باعتباره قضاء وقدرا وأنه المصير الوحيد أمامها مع انسداد شرايين التمويل عنها.
ودلل المصدر على قوله بأن حذر البنوك المحلية المتزايد تجاه إقراض الشركات كانت نتيجته أن أصبحت تلك الشركات تلفظ أنفاسها الأخيرة كما لو كان الأمر متعمدا للتخلص منها، موضحا ان هذا التعمد سببه رغبة تلك البنوك في الاستحواذ على تلك الشركات المدينة بأقل الأسعار لعلمها أنها فرص ثمينة ستحقق لها إيرادات تشغيلية قوية على المدى البعيد.
وقال إن البنوك المحلية فعلت ذلك تحت سمع وبصر البنك المركزي الذي منذ شهر سبتمبر 2008 وحتى الآن جاءت تعميماته وأدواته الرقابية لحماية البنوك وتعنيف الشركات المقترضة في مختلف القطاعات الاقتصادية، رغم أن بنوكا محلية كانت من أسباب ما آلت إليه الأوضاع من فوضى «ائتمانية» في زمن الطفرة وقبل اندلاع الأزمة.
وأوضح المصدر ان البنوك ليست «حذرة» أو «متخوفة» من منح التسهيلات الائتمانية ولكنها «متحفزة» للانقضاض على الشركات المدينة للاستحواذ عليها بأقل الأسعار، مستدلا على ذلك بالقول ان أقصى تمويل حصلت عليه الشركات منذ تداعيات الأزمة حتى الآن لم يتعد حاجز الـ 50 مليون دينار، مع منح تسهيلات هزيلة تتراوح بين 5 و10 ملايين، مضيفا أن إعادة الجدولة والتمديد كانا السمة الغالبة على النشاط الائتماني للبنوك خلال فترة ما بعد الأزمة حتى الآن. وفي المقابل، رأى أحد المصرفيين ان الأسباب الكامنة وراء حذر البنوك في منح التسهيلات الائتمانية للشركات تنحصر في:
1 -تخوفات من بدء حملة تنظيف الاقتصاد والبورصة من العفن الذي أصاب السوق والمتراكم خلال السنوات الماضية، فالحملة التي تقودها الجهات الرقابية ضد تلك الشركات وتصميم تلك الجهات على تطبيق مبدأ الثواب والعقاب تجعل ما لا يقل عن 20% من الشركات الورقية تحت مقصلة الإفلاس وهو ما سيضــــع الشركات التشغيلية في وضع «صعب» من زاويـــــــة منح الائتمان لهـــــا.
حيـــــث ان البنوك سيــــــزداد حذرهـــــــا وتخوفها لحين الانتهاء من موجـــــة التنظيف تلــــــــك، وسيجعلها تفكر ألف مرة فــــــي أي تمويـــــل يتم منحه لأي جهة كانت خلال النصف الثاني من العام الحالـــــــي.
2 -تخوفات من زيادة حجم المخصصات في حال العجز عن السداد الذي باتت احتمالاته واردة للغاية في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها الشركات والتي لا يعلم من مشاكلها إلا النذر القليل، فشركات كثيرة تقدمت بطلبات للاقتراض ولكنها تحت حجة سرية المعلومات تمكنت من إخفاء معلومات مهمة عن البنوك ما أدى لارتياب البنوك في أمرها على المدى البعيد.
3 -الانهيار الحر للأصول والذي ما إن تظهر بوادر محلية وخارجية لتماسكه حتى يعاود التداعي والانهيار مرة أخرى ومن ثم تتراجع الضمانات المقدمة للقروض من حيث القيمة، الأمر الذي يجعل البنــــوك في موقف المجبر على أخذ مخصصات والصبر علـــــى العميل ومع عجــــــز عملائها عن السداد تتحول تلك القروض إلى تعثر ومن ثم إلى ديون معدومة على المدى البعيــــــــد الأمر الذي يجعل رسملـــــة البنوك أحد أهم الخيارات المطروحة للخروج من «ورطتهـــــا».
ولا تقبـــــــل البنوك اليوم سوى ان ترفض الإقراض بضمان الأسهم باستثناء 15 سهما فقط يمكن أن تقبلها وتفضل الأصول الملموسة «المدرة» القابلة للتسييل في أي وقـــــت، مثل المجوهرات فهي مرغوبة في كل الأوقات في الأزمات والرواج.
4 -تتحفظ البنوك في تقديم أي تمويل موجه لمعالجة الديون أو سداد استحقاقات ما يعني ضرورة دراسة مستقبل ووضع الشركة في مرحلة ما بعد الدين حتى تتمكن الشركة من معالجة ديونها القديمة وسداد ديونها الحالية.
5 -غياب الضمانات وغياب المشاريع ذات المردود الإنتاجي التشغيلي على المدى البعيد، فالبنوك وفي ظل تراجع البورصة لا تجد ضمانات كافية من قبل عملائها من الأفراد والشركات لمنـــــح التسهيلات الائتمانية، كما أن غياب المشاريــــــع الإنتاجية ذات الأداء التشغيلي جعل الحذر سيد الموقف في الأداء العام للقطاع المصرفي وهو ما انعكس على حجم التسهيلات الائتمانية التي ظلت «محلك سر» خلال فترة ما بعد 2008 وحتى الآن حيث لم تزد على 27 مليار دينار.
بعد أن كانت مهمشة قبل الأزمة
تفعيل دور إدارات المخاطر بالبنوك ساهم في خفض معدلات التمويل
قبل أن تهب رياح الأزمة المالية العالمية كانت إدارات المخاطر في كثير من البنوك مهمشة الى حد كبير، ولكن الأمر تغير كثيرا بعد ظهور تداعيات الأزمة المالية وانعكاساتها الخطيرة على البنوك المحلية، والتي كادت تتسبب في مشاكل لا تحمد عقباها لولا تدخل بنك الكويت المركزي لحماية المنظومة المصرفية الكويتية.
ومع تفعيل دور هذه الادارات وهو أمر ايجابي، إلا انه في المقابل أدى الى انخفاض معدلات الإقراض بعد أن أصبح لإدارات المخاطر كلمتها في عمليات الاقراض.
في هذا الاطار قالت مصادر مطلعة ان القروض فــــــي الكويت قبل الأزمة كانت تمنح بالعلاقات الشخصية أو من دون اخذ الضمانات الكافية التي تحفظ حقوقهــــــا، ولم تكن اغلب البنوك تعبأ بإدارات المخاطـــــــر لديها ولا تأخذ برأيها عند الدخول في استثمارات محفوفة بالمخاطر، غير أن الأزمة أثبتت عدم صحة ذلك.
ولفتت المصادر الى أن البنوك بدأت في إعادة هيكلة تلك الإدارات وحولت تبعيتها الى مجالس الادارات مباشرة حتى لا تتعرض لضغوط أو ما شابه، وأصبح رأيها ملزما وهو ما اثر على حجم القروض التي تمنحها البنوك للعملاء، لافتة الى أن هذا الامر ايجابي للبنوك وسلبي بالنسبة للشركات، حيث أدى تفعيل دور إدارات المخاطر الى إغلاق «حنفية» الائتمان التي كانت مفتوحة من دون الحصول على الضمانات الكافية.
وأشارت المصادر الـــــى أن هـــــــذه الخطــــوة سيكون لها دور كبير مستقبلا فــــــي خفض المخصصات التي تضطر البنوك لاتخاذها بنسب عاليــــــة بشكل يؤثر على نتائجها المالية الى حد كبير.
11.7 مليار دينار إجمالي قروض 198 شركة كويتية مدرجة خلال الربع الأول
حصلت 198 شركة كويتية منها 184 شركة مدرجة بسوق الكويت للأوراق المالية في 6 قطاعات هي الاستثمار والتأمين والعقار والصناعة والخدمات والأغذية، بالاضافة الى 14 شركة مدرجة بالسوق الموازي على 11.7 مليار دينار خلال الربع الأول من العام الحالي، وذلك طبقا لبيانات وردت في تقارير لمركز الجمان للاستشارات.
وتنقسم القطاعات في هذا الصدد الى نوعين قطاعات حصلت على قروض مليارية وقطاعات مليونية، اما القطاعات الملياريــــة فتصدرها قطــــــاع الاستثمار من حيث القروض التي حصلت عليهــــا 51 شركة مدرجة بالقطـــــــاع، إذ بلغ إجماليهــــــا 5.7 مليارات دينار وهي أعلى قيمة على الإطلاق وتمثل نحو 48.7% من إجمالـــــي القروض، فيما حــــل قطاع الخدمات فــــــي المرتبـــــة الثانيــــــة بفــــارق كبير حيث بلغت القروض 3.9 مليارات دينار حصلت عليها 56 شركة من الشركات الخدمية المدرجـــــة بالقطـــــاع، فيما حل قطاع الصناعة في المرتبة الثالثة من خــــلال 1.8 مليار دينار حصلت عليها 28 شركـــــة مدرجة بالقطاع.
أما القطاعات المليونية فتصدرها قطاع الأغذية من حيث الحصول على قروض خلال الربع الأول من العام الحالي، إذ بلغ حجم القروض التي حصلت عليها 6 شركات مدرجة بالقطاع 171 مليون دينار، تلاه قطاع التأمين الذي حصل على 17.4 مليون دينار، وتلاه قطاع العقارات الذي حصل على 1.9 مليون دينار وهو أقل القطاعات التي حصلت على قروض خلال الربع الأول من العام الحالي.
وعلى مستوى السوق الموازي فحصلت 14 شركة مدرجة بالسوق الموازي على 66.2 مليون دينار، ولوحظ من خلال الأرقام ان 5 شركات فقط هي التي لم تحصل على قروض في الربــــع الأول من العام الحالي منها شركتان في قطـــــــاع العقارات و3 شركات في قطاع الخدمات، فيما حصلت كل الشركات المدرجة في قطاع الاستثمــــــار والتأمين والصناعة والأغذية فضـــــــلا عن الشركات المدرجة في السوق الموازي على قروض.