شريف حمدي
يشكل التمويل الاستهلاكي في الكويت عنصرا مهما في زيادة معدلات الحركة في سوق السلع الاستهلاكية، ورغم توافر العديد من المؤسسات التمويلية التي تقدم القروض الاستهلاكية في الكويت سواء كانت بنوكا او شركات متخصصة في هذا النوع من التمويل والتي اسهمت خلال السنوات الاخيرة بشكل كبير في تطور النمط الاستهلاكي تجاه السلع المعمرة والسيارات، الا ان الفترة الاخيرة شهدت تراجعا ملحوظ في معدلات التمويل الاستهلاكي على الرغم من زيادة نمو القروض الاستهلاكية في الربع الأول بنسبة 10.5%.
ويرجع ذلك لسببين: الأول هو عدم قدرة كثير من العملاء على سداد ما عليهم لشركات التمويل الاستهلاكي، الامر الذي قابلته البنوك والشركات التمويلية بتقليص حجم الاقراض وتوجيه ما لديها من سيولة للاستثمار المباشر ورفع سقف المخصصات لديها لمواجهة أي تداعيات سلبية قد تنتج عن التراجع في السداد.
اما السبب الثاني فيرجع لقيام بنك الكويت المركزي بفرض شروط اضافية لتنظيم عمليات التمويل الاستهلاكي بعد ملاحظته تراجع معدلات السداد.
ومع هذا التراجع الذي قد يزداد خلال الفترة المقبلة تلوح في الافق عدة تساؤلات مهمة، ابرزها: ما تأثير تراجع عمليات التمويل الاستهلاكي على الاقتصاد المحلي بشكل عام؟
وما اكثر القطاعات تضررا جراء هذا التراجع؟ والى أي مدى ساهمت تعليمات «المركزي» الاخيرة التي تضمنت شروطا اضافية للإقراض الاستهلاكي في تراجع عمليات التمويل.. والى متى ستستمر؟
«الأنباء» استطلعت آراء عدد من المعنيين الذين اجمعوا على ان معدلات التمويل الاستهلاكي في تراجع بشكل عام منذ فترة رغم تحسنها نسبيا في الربع الأول، وان تعليمات بنك الكويت المركزي رغم ما تنطوي عليه من ايجابيات الا انها جاءت لتعزز الركود في سوق السلع الاستهلاكية، مشيرة الى ان السبب الرئيسي في تراجع معدلات التمويل الاستهلاكي هو ضعف قدرة شريحة كبيرة من العملاء على السداد.
وفي هذا السياق قال الرئيس التنفيذي لشركة الأمان للاستثمار محمد القحطاني، ان التمويل يمثل الشريان الرئيسي لكل القطاعات الاقتصادية بشكل عام، وعندما يتوقف هذا الشريان عن الضخ فإنه حتما تتأثر المنظومة الاقتصادية بكل قطاعاتها ولكن بنسب متفاوتة، لافتا الى ان هناك قطاعات تتأثر اكثر من غيرها بتراجع التمويل الاستهلاكي وأبرزها قطاع السيارات الذي يعتمد بشكل أساسي على التمويل الذي تقدمه كثير من الجهات المختصة سواء كانت بنوكا او شركات تمويل، لافتا الى ان الكويت تعد من اكثر الدول الخليجية التي تعتمد على هذه القروض في تنشيط سوق السلع الاستهلاكية.
واوضح القحطاني ان تراجع معدلات الاقراض سيعزز من الركود الاقتصادي، مشيرا الى ان الشروط الجديدة التي اقرها «المركزي» مؤخرا لضبط عمليات الاقراض الاستهلاكي بعد ملاحظة الافــــراط فيها لدرجة اصبح هناك عدم قدرة على الـــسداد من قبل عدد ليس بقليل من العملاء، كان لها تأثير عـلى تراجـــع مـــعدلات القروض الاستـــهلاكية.
من جهته قال عضو مجلس ادارة شركة المشروعات العقارية الكبرى «جراند» اياد السري ان القطاعات الاقتصادية مرتبطة ببعضها البعض، وبالتالي فإن تأثر قطاع ما جراء تراجع عمليات التمويل الاستهلاكي سيؤثر على كثير من القطاعات المرتبطة ذات العلاقة.
وعن دور شروط «المركزي» في انخفاض معدلات الاقراض الاستهلاكي قال السري ان هذه الشروط اثرت بالطبع وأدت الى انخفاضها بشكل ملحوظ الا انها ستحد من الافراط في الحصول على القروض خاصة للعملاء الذين ليست لديهم القدرة الكافية على السداد، مشيرا الى ان القرار يحمل في طياته حماية للمؤسسات التمويلية التي تقدم التمويل الاستهلاكي.