إعادة جدولة الديون.. حلول ذاتية للخروج من عنق الأزمة
إعداد: شريف حمدي ـ محمود فاروق ـ عمر راشد ـ منى الدغيمي
عاطف رمضان ـ محمد البدري ـ أحمد يوسف
منذ بداية ظهور تبعات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المحلي في منتصف 2008، تجلت المشاكل التمويلية التي احاطت بالشركات في مختلف القطاعات وتحديدا في قطاع الاستثمار خاصة مع عدم التدخل الحكومي لمساعدة الشركات إلا من خلال الدخول تحت مظلة قانون الاستقرار المالي، ما دعا جميع الشركات للبحث عن حلول ذاتية للخروج من عنق الأزمة. وبدأت الشركات في الدخول في مفاوضات ماراثونية مع البنوك والجهات الدائنة محليا وعالميا من اجل اعادة هيكلة الديون قصيرة الأجل، ولاتزال المحاولات والجهود المضنية تبذل من مجالس ادارات الشركات لإنهاء المفاوضات بتوقيع عقود هيكلة ديونها، ورغم ذلك لم ينجح سوى القليل من الشركات في ذلك.
ومن ابرز الشركات الكويتية التي نجحت في توقيع عقود إعادة هيكلة ديونها شركة بيت الاستثمار الخليجي (جلوبل) والتي كانت أول شركة محلية تنجح في اعادة جدولة ديونها البالغة 1.7 مليار دولار مع 53 بنكا، وذلك على مدار 3 سنوات وذلك في اكتوبر 2009، وبعد فترة طويلة من التفاوض نجحت بعض الشركات في توقيع عقود اعادة هيكلة ديونها بالفعل مثل الشركة الكويتية للتمويل والاستثمار «كفيك»، حيث نجحت في جدولة ديونها البالغة 145 مليون دينار مع 22 بنكا، وكذلك نجحت شركة المدينة للتمويل والاستثمار في اعادة جدولة 45 مليون دينار من أصل 50 مليون دينار قبل اسابيع قليلة، كما نجحت شركة عقارات الكويت في اعادة جدولة 30 مليون دينار، وكذلك اعلنت شركة صروح للاستثمار عن جدولة ديون بقيمة 10 ملايين دينار في البحرين.
ولايزال الكثير من الشركات الكبيرة في السوق المحلي تبذل كل ما لديها لتكليل جهودها بتوقيع عقود اعادة الهيكلة مع البنوك الدائنة ومنها على سبيل المثال لا الحصر مجموعة عارف للاستثمار، وأعيان للاجارة والاستثمار، والأولى للاستثمار، ونور للاستثمار.. وشركات اخرى اعلنت مرارا وتكرارا أنها وضعت اللمسات النهائية لإعادة جدولة ديونها، غير انها لم تصل الى المحطة الأخيرة في المفاوضات.. ونظرا لأن المهمة شاقة وهناك كثير من العوامل التي توثر فيها بشكل مباشر فكثير من المفاوضات عادت الى المربع الأول بعد ان اوشكت على الانتهاء.
« المركزي» و«البورصة» للشركات: ماذا فعلتم بزيادة رؤوس أموالكم وأين سيتم استغلال الزيادة الجديدة؟
تطرح الجهات الرقابية المتمثلة في بنك الكويت المركزي وإدارة البورصة جملة من الاستفسارات على الشركات التي تتجه الى طلب زيادة رأسمالها لإطفاء خسائرها وتطلب الإجابة عنها بشفافية مطلقة، حيث تقف أمام تلك الشركات تحديات كبيرة قد تكون كفيلة بتغيير مسار القطاع بعد سنوات الطفرة، خصوصا الشركات حديثة التأسيس والتي لم تفلح حتى الآن في اقناع المستثمرين بما لديها من امكانات، نظرا لقصر عمر بعضها، أو لاسباب ترجع إلى عدم جودة ملاءة بعض هذه الشركات، وتبدو المشكلة الحالية عدم تمكن الشركات الاستثمارية الخاضعة لرقابة البنك المركزي التي يتجاوز عددها 99 شركة من الحفاظ على قاعدتها الرأسمالية سليمة، وتوفير مصادر دخل متكرر يكفيها لصمودها في وجه الأزمة.
فى هذا السياق قالت مصادر مراقبة ان هناك 5 تساؤلات تطرحها الجهات الرقابية على الشركات الراغبة في زيادة رأسمالها وهى:
1- اين سيتم استغلال أموال الزيادة، وماذا فعلتم بالزيادة السابقة؟
2 ـ ما مستقبل الشركة خلال السنة المالية المقبلة وما حجم العوائد المتوقعة؟
3 - هل هناك توسعات سواء في السوق المحلى أو الخارجي وما جدواها في ظل هذه الأزمة؟
4 - هل ستتمكن الشركة من تحقيق عوائد جيدة وتقديم خدمة للمساهمين جديدة؟
5 - ما قيمة الأصول لديكم وما قيمتها المتوقعة بعد الزيادة خلال سنة مالية كاملة؟
تلك هي الأسئلة الخمسة التي تطلبها الجهات من الشركات وذلك حرصا منها على سلامة أموال المساهمين والحفاظ على حقوقهم خاصة للشركات الاستثمارية التي خسرت أجزاء من رؤوس أموالها جعلتها تتجاوز الخطوط الحمراء من قبل «المركزي»، وهو انخفاض رأس المال عن 15 مليون دينار وهو الشرط الأساسي في إنشاء الشركات الجديدة، ما جعل طلبات الجهات الرقابية تزيد من حدة أسئلتها وتذهب بها يمينا ويسارا للوصول الى الحقائق حتى لا يتعرض القطاع المالي لهزات عنيفة.
وهنا تقول مصادر ان كل شركة عليها ان تبادر الى مساعدة نفسها، واتخاذ جملة من الإجراءات الأكثر فاعلية التي تتناسب معها، مبينة الى انه لا يمكن ان تبقى كل الأوضاع على ما هي عليه كما هي وقت الرواج والشدة، فيجب اتخاذ قرارات حاسمة بالتخلي عن أصول جوهرية وثمينة وإنقاذ الشركة ومن ثم العودة لبناء اخرى.و مصارحة المساهمين بمنتهى الشفافية وتعريفهم بواقع ومستقبل الشركة حتى يمكن لهم ولغيرهم التفكير بالمساعدة وترسيخ المصداقية والشفافية والابتعاد عن التغرير بصغار المستثمرين ويجب التنازل والتخلي عن بعض المكتسبات التي كانت تعتبر حقا وقت الرواج لاسباب ليست كلها مقنعة، لكن في وقت الأزمة يجب تطويع واتخاذ كل الإجراءات التي تنقذ المؤسسة كما يجب إعادة النظر في التكاليف والأعباء التي كانت تتحملها موازنات الشركة تحت مسميات مختلفة، والتي من شأنها ان ترهق الموازنة حاليا، بما في ذلك نفقات الاستشارات والعمولات التي توزعت ذات اليمين وذات اليسار.