رغم الاعتراف بالإفلاس قانونيا والقبول به واقعيا على المستوى العالمي، الا اننا نصطدم برفضه والهروب منه والحساسية المفرطة إزاءه محليا، فهناك أكثر من شركة المفروض إشهار إفلاسها وخروجها من السوق ترفض هذا المصير وتصر على الاستمرار رغم انتفاء شروط البقاء في السوق.
الأزمة العالمية الراهنة وصعوبة الإيفاء بتسديد الديون وشح السيولة وضعت الشركات المحلية أمام واقع صعب الإقرار به، ألا وهو الإفلاس حيث لا مفر لها من مصير بات محتوما و«شرا لابد منه» كما أقر بذلك معظم الاقتصاديين والخبراء لـ «الأنباء».
وأمام حقيقة الإفلاس التي يأبى الكويتيون الاعتراف بها خاصة والخليجيون عموما للجهل بحيثياتها القانونية من ناحية ورفضها للاعتقاد السائد بأن الافلاس بمثابة إعلان موت الشركة واندثارها والتشهير بسمعتها في السوق من ناحية أخرى.
يعترف أغلبية الاقتصاديين بضرورة إشهار الشركات «الخسرانة» إفلاسها لعدم قدرتها على الاستمرار، مشيرين الى أن الدخول في عمليات الإفلاس ليس بالأمر المدهش أو المستغرب أو المستهجن بل قد يكون حلا جيدا للمستثمرين وللاقتصاد الوطني إلا أنهم يرفضون هذا المصير على مستوى التطبيق.
وكان منطلق رفض أغلبية الكويتيين للإفلاس هو العرف الاجتماعي حيث لم تسجل أي حالة إفلاس للشركات المدرجة أو غيرها في سجلات المحكمة الكويتية حتى الآن مما جعل من الإفلاس سيناريو من السيناريوهات المطروحة فقط على صفحات الجرائد دون الجرأة على طرحه على سجلات الشركات أو وزارة التجارة أو المحاكم.
وأشار الاقتصاديون إلى أن بعضهم يخلط بين مفهومين حيث يفهم التصفية على أنها إفلاس لكن كلا المفهومين لهما أحكامهما وآلياتهما حيث عرف الافلاس بأنه الحالة القانونية التي يوجد فيها التاجر المتوقف عن دفع ديونه في موعد استحقاقها ويتم إشهاره بمقتضى حكم قضائي وقد حددت الفقرة الأولى من المادة 681 من قانون التجارة الكويتي شروط إشهار إفلاس الشركات بقولها: فيما عدا شركات المحاصة يجوز إشهار إفلاس أي شركة إذا اضطربت أعمالها المالية فتوقفت عن دفع ديونها.
وعلى ذلك لابد أن يتوافر في الشركات التي يجوز إشهار إفلاسها شرطان: توقف الشركة عن دفع ديونها بسبب اضطراب أعمالها المالية وثانيهما اكتساب الشركة للشخصية المعنوية المستقلة عن أشخاص الشركاء، ومفهوم هذا الشرط الأخير عدم جواز إشهار إفلاس شركة المحاصة وهي شركة لا تكتسب كما تقدم شخصية معنوية بسبب صفتها المستترة.
وتتأكد حالة الإفلاس على أرض الواقع بصدور حكم من المحكمة ضد الشركة.
أما التصفية فالمشرع الكويتي لم يفرد لها قانونا مستقلا عن قانون الشركات التجارية وإنما جاءت متواءمة مع مواد قانون الشركات التجارية الكويتي رقم 5 لسنة 1960 وتبعا للأحكام التنظيمية للشركات فتتم عند انقضاء الشركة وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه الأحكام مع شروط عقد الشركة أو نظامها، مع مراعاة أسباب الانقضاء الخاصة بكل نوع من أنواع الشركات، وتنقضي كل شركة بأحد أسباب الانقضاء المنصوص عليها في نظام الشركات وتدخل الشركة بمجرد انقضائها في دور التصفية وتحتفظ بالشخصية الاعتبارية بالقدر اللازم للتصفية الى أن تنتهي التصفية، ويقوم بالتصفية مصف واحد أو أكثر من الشركاء أو غيرهم وسواء تم تعيين المصفي من قبل الشركاء كما في (التصفية الاختيارية) أو من الجهة القضائية (ديوان المظالم) يجب أن يتضمن قرار تعيين المصفين سلطاتهم ومكافآتهم وعلى المصفين القيام بجميع الأعمال التي تقتضيها التصفية.
فالتصفية الاختيارية معناها إنهاء عمليات الشركة وحصر موجوداتها واستيفاء حقوقها وسداد ديونها تمهيدا لوضع الأموال الصافية بين ايدي الشركاء لاقتسامها وتوزيعها.
الفرق بين التصفية والإفلاس
الشركة غير القادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير وذلك بسبب تجاوز خسائرها رأس المال وفقدان الضمان الكافي للدائنين تعتبر مفلسة وتطبق عليها أحكام الإفلاس من قبل ديوان المظالم بمعنى ان تكون الشركة متى استغرقت ديونها جميع أموالها فعجزت عن تأدية هذه الديون مفلسة إلا انه يمكن للشركاء تفاديا للحكم بإفلاس الشركة إبرام صلح أو تسوية مع الدائنين والحصول على موافقة الدائنين على التنازل عن جزء من ديونهم او جدولة ديونهم لحمايتهم من الإفلاس، ويشترط لقبول قرار الشركاء بتصفية الشركة ان تكون الشركة قادرة على الوفاء بكافة ديونها أو عليها أن تقدم مركزا ماليا معتمدا من محاسب قانوني مرخص له يثبت قدرتها على الوفاء بديونها في تاريخ الحل والتصفية حتى يتم التصديق على القرار المذكور.
..ومسؤول في «التجارة» ينفي وجود حالات إفلاس
نفى مصدر مسؤول في وزارة التجارة والصناعة لـ «الأنباء» وجود اي حالات افلاس للشركات المسجلة لدى الوزارة، مشيرا الى ان قرار اسقاط اسم اي شركة من سجلات الوزارة لا يكون إلا من خلال حكم صادر من قبل المحكمة وذلك في حال تورط الشركة في حالات تزوير او تلاعب او اي مخالفات من هذا النوع. وعن صمت «التجارة» طوال الفترة الماضية وتحركها تجاه تنظيف البورصة من الشركات المخالفة «فجأة» ذكر المسؤول ان الوزارة اعدت تقارير بشأن الشركات المخالفة، قبل ان يتسلم الوزير احمد الهارون حقيبة «التجارة» مستشهدا بالتقرير الذي اعده قطاع الشركات والتراخيص التجارية بالوزارة عن انجازات هذا القطاع خلال الفترة 2009-2010 حيث ورد فيه اسماء واعداد الشركات المخالفة التي لم تقدم بياناتها المالية للوزارة.
وأوضح أن بعض الشركات المخالفة كانت تبرر موقفها للوزارة من تأخير بياناتها المالية بأن تلك البيانات ارسلت للبورصة أو لدى بنك الكويت المركزي.
واشار الى ان الوزارة لم تنظر الى هذه المبررات والمماطلات وقد وضعت حدودا لذلك وطبقت القانون على هذه الشركات المخالفة ووجهت كتبا رسمية لمجموعة من الشركات المتأخرة في تقديم ميزانياتها للوزارة.
وقال إن التجارة استخدمت المادة 178 من قانون الشركات التجارية والتي تمنحها الأحقية في تحديد موعد الجمعيات العمومية للشركات المخالفة في تقديم ميزانياتها للوزارة بغض النظر عن حضور او عدم حضور مجالس ادارات هذه الشركات المخالفة، لافتا الى ان الهدف من ذلك ان يتلو مندوب الوزارة التقارير التي تتضمن مخالفات هذه الشركات.
ولفت الى ان بنك الكويت المركزي افرج عن ميزانيات 4 شركات وان الوزارة اعطت هذه الشركات مواعيد لعقد عمومياتها.
واستطرد قائلا: «التجارة» اعطت الـ 4 شركات مواعيد لعقد عموميات عادية وبذلك ينتفي دور تطبيق المادة 178 وانه طالما التزمت هذه الشركات فإن الوزارة تتلو تقريرها خلال هذه العمومية.
وزاد قائلا: «التجارة» تريد العنب لا الناطور، وليس هناك داع لعقد عموميات اضطرارية لتطبيق المادة 178 من قانون الشركات فالوزارة تحترم الشركات الملتزمة.
ونفى ايضا المسؤول تقاعس الوزارة خلال الفترة الماضية تجاه الشركات المخالفة مؤكدا في الوقت ذاته ان الوزارة ارسلت كتبا للشركات المخالفة منذ بداية العام الحالي ولكن التشديد على الشركات من قبل الوزارة لم يتم إلا في شهر مايو الماضي.
من جانب آخر، ذكر مصدر لـ «الأنباء» انه وفي حال تحقيق اي شركة لخسائر تتجاوز ثلاثة ارباع رأسمالها يجب على مجلس الإدارة ان يعقد جمعية عامة غير عادية لتقرر ما اذا كانت الحالة تستوجب حل الشركة قبل الأجل أو تخفيض رأس المال او اتخاذ غير ذلك من التدابير المناسبة.
واضاف انه اذا اهمل مجلس الادارة في عقد الجمعية العامة غير العادية او لم يتم انعقاد هذه الهيئة لعدم توافر النصاب القانوني او رفضت الهيئة حل الشركة جاز لكل مساهم ان يلجأ إلى القضاء لحل الشركة.
معايير تصنيف الشركات المتعثرة
الشركات المتعثرة: الشركات التي تبلغ خسائرها التراكمية 50% أو أكثر من رأس المال المدفوع، الشركات التي حققت خسائر لمدة 3 سنوات متتالية وزاد مجموع خسائرها عن 25% من رأس المال المدفوع، الشركات غير العاملة أو المتوقفة جزئيا عن العمل (لأسباب لا تتعلق بإعادة التقييم) لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر دون إبداء الأسباب لذلك، الشركات التي تم إعادة هيكلة رأسمالها بالتخفيض، مع بقاء نسبة من الخسائر المتراكمة تزيد على 20% من رأس المال الجديد، الشركات التي لم تعقد جمعيات عمومية لمدة تزيد على سنتين.
الشركات السائرة نحو التعثر: الشركات التي تحقق خسائر للمرة الأولى وتزيد نسبة هذه الخسائر على 10% من رأسمالها أو لسنتين متتاليتين وبنسبة تزيد على 15% من رأسمالها، الشركات التي تمت اعادة هيكلة رأسمالها (بما يضمن التخلص من الخسائر المتراكمة) أو ألا تزيد هذه الخسائر على نسبة 20% من رأسمالها الجديد، الشركات التي تحقق خسائر تشغيلية لمدة ثلاث سنوات متتالية، وجود قرائن على ضعف الإدارة وعدم قدرتها على التفاعل مع المتغيرات الاقتصادية المختلفة أو وجود حادث طارئ يؤثر بشكل جوهري على سلامة المركز المالي للشركة.