- منح الائتمان لشركات خاصة يتطلب خبرات ائتمانية لا تتوافر إلا لدى وحدات الجهاز المصرفي
المحرر الاقتصادي
اوضح وزير المالية مصطفى الشمالي في رده على الاقتراح بقانون المقدم من بعض اعضاء اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الامة في شأن تعديل بعض احكام القانون رقم 25 لسنة 1974 باعادة تنظيم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بهدف تمويل مشاريع الخطة التنموية للدولة، ان المشروع المقدم يكتنفه العديد من مواطن القصور وعدم الوضوح سواء في الهدف او في آلية التنفيذ، كما أنه لا يوفر بديلا مناسبا لدور الجهاز المصرفي في تقديم التمويل الذي يمكن ان يساهم في تسريع تنفيذ الخطة التنموية. وبين الشمالي في رده على المقترح والذي حصلت «الأنباء» على نسخة منه ان التعديلات المقترحة تسلب البنك المركزي احد اهم اختصاصاته المتعلقة بتوجيه السياسة الائتمانية وذلك وفق الاغراض المنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية مما يؤدي الى حدوث انعكاسات سلبية على الاوضاع الاقتصادية في الدولة بوجه عام.
واستدرك ان الاقتراح المقدم لا يشمل آليات توضح الرقابة على الائتمان، كما لا توجد ضمانات تكفل التزام الجهة المانحة بالاسس والضوابط الائتمانية السليمة، مضيفا ان منح الائتمان لشركات خاصة للقيام بمشروعات كبيرة يتطلب خبرات ائتمانية تستند الى خلفية علمية وعملية لا تتوافر الا لدى وحدات الجهاز المصرفي، الامر الذي يزيد احتمالات المخاطر الائتمانية التي تكتنف عملية الائتمان وهو ما يعرض المال العام للضياع.
وفيما يلي النص الحرفي لرد وزير المالية على الاقتراح المقدم والتعقيب عليه:
بالإشارة الى كتابكم رقم 15139 المؤرخ في 13 مايو والمتضمن رغبة لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمعرفة وجهة نظرنا في الاقتراح بقانون المقدم من الأعضاء أحمد السعدون ومسلم البراك وخالد الطاحوس ود.حسن جوهر وعلي الدقباسي في شأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 25 لسنة 1974 بإعادة تنظيم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
وبداية نعرض فيما يلي التعديلات المقترح ادخالها على احكام بعض مواد القانون رقم 25 لسنة 1974 المشار اليه.
أولا: المادة الثانية الخاصة بغرض الصندوق
1 ـ تم تخفيض النسبة التي يجب ألا يجاوزها رصيد القروض التي يقدمها الصندوق للوزارات والمؤسسات العامة القائمة على تنفيذ مشروعات الرعاية السكنية بدولة الكويت وما يرتبط بها من بنية اساسية وخدمات رئيسية ومرافق عامة، لتصبح 10% من رأسمال الصندوق بدلا من 25% وفق النص الحالي.
2 ـ توسيع أغراض الصندوق بإضافة فقرة ثالثة للمادة الثانية تنص على:
«ويدخل كذلك في اغراضه تقديم القروض لشركات المساهمة الكويتية التي تؤسسها الدولة وتطرح نسبة من اسهمها للبيع في المزاد العلني في سوق الكويت للأوراق المالية بعد العمل بحكم هذه الفقرة وتساهم الحكومة والجهات التابعة لها بنسبة من اسهمها أو بغير هذه المساهمة مع تخصيص باقي الأسهم للاكتتاب العام لجميع الكويتيين، وتقدم القروض لهذه الشركات وفقا لأحكام الفقرة التالية».
3 ـ الكيفية التي يتم بها تحديد قيمة القرض الذي يقدمه الصندوق للشركة المساهمة، حيث تمت اضافة فقرة رابعة للمادة الثانية تنص على:
«وتتولى الجهة الحكومية المكلفة بتأسيس الشركة بالتنسيق مع الصندوق تحديد قيمة القرض ونسبته الى رأسمال الشركة في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، مع بيان شروط منح القرض وفترة سداده على ان يتم ذلك قبل طرح النسبة المقررة من اسهم الشركة للبيع في المزاد العلني، ولا يجوز بعد ترسية المزاد تعديل أي من هذه الشروط، ويعتبر باطلا بطلانا مطلقا كل قرض يقدم وكل إجراء يتخذ بالمخالفة لأحكام الفقرتين الثالثة والرابعة من هذه المادة».
ثانيا: المادة الثالثة الخاصة برأسمال الصندوق
حيث تمت زيادة رأسمال الصندوق ليصبح 10 مليارات دينار بدلا من 2 مليار دينار كويتي تتوزع على النحو التالي:
أ ـ 2 مليار دينار مدفوعة بالكامل كما هو محدد في نهاية السنة المالية 1997/1998 تخصص لأغراض الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون (القروض التي يقدمها الصندوق للدول العربية والنامية).
ب ـ 8 مليارات دينار يخول وزير المالية أداءها دفعة واحدة أو على دفعات، تخصص لأغراض الفقرة الثالثة من المادة الثانية من هذا القانون (قروض للشركات المساهمة الكويتية التي تؤسسها الدولة).
ثالثا: المادة الرابعة التي تجيز للصندوق الاقتراض وإصدار سندات
بحيث تكون حدود الاقتراض والسندات التي يصدرها الصندوق قيمة رأسماله والاحتياطي، بدلا من ضعف رأس المال والاحتياطي، كما تمت إضافة العبارة التالية لهذه المادة: «على ان تخصص 60% من قيمة القرض أو السندات لأغراض الفقرة الثالثة من المادة الثانية من هذا القانون».
التعقيب
وتعقيبا على الاقتراح بقانون المشار اليه، تجدر الإشارة الى انه ومع الاتفاق على أهمية اتخاذ الإجراءات والتدابير التي تكفل نجاح خطة التنمية وتنفيذ المشروعات التنموية، إلا انه من حيث المبدأ يجب عدم تخطي أمور أساسية لها أهميتها في ضمان سلامة أداء النظام المصرفي والمالي في الدولة، ذلك ان اصدار تشريع يسمح بتقديم الائتمان خارج إطار النظام المصرفي مما يعيق بنك الكويت المركزي عن القيام بأحد أهم أغراضه المنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية وتعديلاته، وهي العمل على توجيه سياسة الائتمان بما يساعد على التقدم الاقتصادي والاجتماعي وزيادة الدخل القومي، الأمر الذي سوف يؤدي الى الحد من قدرة البنك المركزي في رسم وتنفيذ السياسة النقدية على الوجه المطلوب، وهو ما يكون له انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية في الدولة بوجه عام.
هذا في الوقت الذي لا تكون فيه أي رقابة على منح هذا الائتمان استنادا الى الاقتراح بقانون المعروض، ولا توجد ضمانات تكفل التزام الجهة المانحة بالأسس والضوابط الائتمانية السليمة، لاسيما ان هذا العمل، وهو منح الائتمان لشركات خاصة للقيام بمشاريع كبيرة، يتطلب خبرات ائتمانية تستند الى خلفية علمية وعملية، لا تتوافر الا لدى وحدات الجهاز المصرفي، ومن ثم تتزايد احتمالات المخاطر الائتمانية التي تكتنف الائتمان المزمع تقديمه خارج النظام المصرفي وهو ما قد يعرض المال العام للضياع. ومما لا شك فيه ان التعديل المقترح ينطوي على تغير جوهري لغرض الصندوق وطبيعة اعماله والتي تتلخص في المساعدة على تطوير اقتصاديات الدول العربية والنامية من خلال تقديم القروض الميسرة لتنفيذ برامجها التنموية، ووفقا لما خلص اليه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في المذكرة التي اعدها حول الاقتراح بقانون المشار اليه المؤرخة بـ 23/5/2010 والمرسلة الى مجلس الأمة الموقر، فإن اضطلاع الصندوق بتقديم القروض للشركات المساهمة الكويتية القائمة بالمشاريع التنموية، سيلقي عبئا كبيرا على الصندوق، الذي لم يسبق له تقديم القروض للقطاع الخاص وتقتصر خبرته على التمويل السيادي المقدم للدول النامية أو بضمانتها حيث ان التعامل مع القطاع الخاص يتطلب توافر كوادر فنية متخصصة لا تتوافر لدى الصندوق.
من جهة أخرى أبدى الصندوق تحفظه بشأن المخاطر الائتمانية التي سيتعرض لها نتيجة تقديم قروض لشركات من القطاع الخاص، وأثار التساؤل بشأن الضمانات التي يمكن ان يحصل عليها مقابل هذه القروض.
وفي ضوء ذلك، يتضح ان الاسلوب المقترح لتمويل المشروعات التنموية يعتبر غير ملائم ويكتنفه العديد من المخاطر التي قد تعرض المال العام للضياع. في الوقت الذي يوجد فيه البديل الأكثر ملاءمة والذي يمكن ان يساهم الى حد كبير في تسريع تنفيذ الخطة التنموية وتوفير مصادر التمويل اللازمة للمشاريع، حيث يمكن تحقيق هذه الأهداف من خلال الجهاز المصرفي المحلي الذي تتوافر لديه الخبرات والكوادر الفنية والمهنية المكتسبة على مدى فترات طويلة. كما تتوافر لديه السيولة اللازمة لتقديم التمويل المطلوب، آخذا في الاعتبار ان التمويل النقدي لمثل هذه المشروعات لن يتم تقديمه على دفعة واحدة وإنما على عدة مراحل ولفترات طويلة ترتبط بالتنفيذ نظرا لطول امد مثل هذه المشروعات. كما ان سياسة البنك المركزي تسمح بمنح استثناءات من الضوابط المقررة في مجال منح الائتمان وذلك بالنسبة للمشروعات الكبيرة ذات الطابع الاستراتيجي، الأمر الذي تم تنفيذه بالفعل في العديد من المشروعات ذات الطابع الوطني في السابق.
جدير بالذكر ان للجهاز المصرفي الكويتي مساهماته المشهودة في ممارسة دوره التمويلي في الاقتصاد الوطني مما كان له اثر في تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار النقدي، حيث لم يعزف أي من البنوك المحلية عن توفير التمويل اللازم للمشروعات الجيدة والتي يتم تنفيذها من قبل شركات تتمتع بجدارة ائتمانية تؤهلها للاقتراض وفقا للمعايير والضوابط الائتمانية السليمة وفي اطار تحديد واضح لما يمكن أن يواجهه البنك من مخاطر ائتمانية.
نقاط الغموض
من جهة أخرى فإنه يلاحظ أن النصوص المعروضة في الاقتراح بقانون يكتنفها الغموض مما يثار معه العديد من الملاحظات والتساؤلات حول آلية التطبيق، والتي نعرض منها ما يلي:
1 ـ يوجد بعض الغموض في نص الفقرة الثالثة، المطلوب اضافتها الى المادة الثانية من قانون الصندوق، فالدولة تؤسس الشركة وتطرح نسبة من الاسهم للبيع في المزاد العلني في سوق الكويت للأوراق المالية، وتساهم الحكومة والجهات التابعة لها بنسبة من الاسهم او لا تساهم، ثم تطرح باقي الاسهم للاكتتاب العام لجميع الكويتيين. ويتجلى الغموض في أن الدولة (الحكومة) عندما تؤسس الشركة لابد ان تساهم في جزء من رأسمال الشركة كمؤسس، وإذا انضمت مع الحكومة مؤسسات حكومية أخرى في عملية التأسيس فلا بد أن تساهم ايضا في جزء من رأسمال الشركة، الأمر الذي لا يبدو متسقا مع العبارة التي وردت في الفقرة الثالثة وهي «أو بغير هذه المساهمة» ذلك ان من يؤسس شركة لابد ان يساهم فيها ليتحمل الالتزامات القانونية التي تكون على المؤسس.
2 ـ من غير الواضح الدور الذي ستقوم به الشركة التي تؤسسها الدولة، فإذا كان المقصود هو قيامها بتنفيذ المشروع بذاتها فإنه يثار التساؤل عن مدى إمكانية نجاح شركة جديدة ليس لها سابق خبرة أو إمكانيات إدارية وفنية في تنفيذ مثل هذه المشروعات الكبيرة.
3 ـ وقد يقال ان دور الشركة مجرد وسيط سيتولى اسناد المشروع لاحدى الجهات المهنية المتخصصة لتنفيذه، لذا لا يبدو وجود مبررات لمثل هذه الوساطة، فالأمر المعتاد هو قيام الحكومة (الجهة الحكومية المعنية) بطرح المشروع على الجهات المهنية المتخصصة واختيار احداها وفقا للتشريعات المنظمة لهذا الأمر، ولا نرى ما يدعو لانشاء شركات تتوسط في هذا الأمر.
4 ـ يرتبط بما تقدم عدة تساؤلات حول الدورة المقترحة للمال العام والتي تتضمن ضخ المال العام في الصندوق الكويتي الذي يعيد اقراضها للشركة المساهمة، وعلى الشركة سداد هذا المال للصندوق، ولا يبدو واضحا مصدر سداد الشركة للقرض المقدم من الصندوق، الا اذا كانت ستقوم ببيع المشروع بعد انجازه الى الحكومة والحصول على قيمته التي يتم من خلالها سداد القرض.
فإذا كان الأمر كذلك، فإن التساؤل يعود مرة أخرى حول جدوى توسيط الشركات المقترحة في هذه الدورة، رغم الأعباء المالية والإدارية لمثل هذه الشركات وتأثيرها على تكلفة المشروعات الحكومية المعنية.
واذا كان المقصود هو استمرار هذه الشركات في تملك وإدارة هذه المشروعات، فإن معنى ذلك عدم وجود مصادر تمويل لديها لسداد القرض، وهي ثغرة واضحة في آلية التنفيذ، هذا فضلا عن عدم وضوح التوجه في شأن الملكية الحكومية للمرافق والاصول الحكومية وفقا للتشريعات السارية في حالة ادخال الشركات المساهمة المقترحة في هذا الصدد، اخذا في الاعتبار ان التعديل المقترح يسمح بانشاء هذه الشركات من دون مساهمة حكومية او بمساهمة بنسبة غير محددة يمكن ان تكون محدودة.
5 ـ بصفة عامة، وكتصور لآلية التنفيذ، وهي غير واضحة في المشروع، فإن انشاء الشركات المساهمة المشار اليها او قيام الصندوق بالاقراض للشركة، لا يبدو في تقديرنا مما يغير من دور البنوك، حيث سيتم بالضرورة اسناد المشروع لجهة مهنية متخصصة في التنفيذ، وهذه ستحتاج الى تسهيلات ائتمانية من البنوك لحين تسلم المستخلصات، وهي الدورة المعتادة لتنفيذ وتمويل مثل هذه المشروعات، هذا فضلا عن الخدمات المصرفية التي تقدمها البنوك لعملائها.
وخلاصة ما تقدم، ان المشروع المقدم يكتنفه العديد من مواطن القصور وعدم الوضوح سواء في الهدف او في آلية التنفيذ، الأمر الذي لا يبدو معه إمكانية تنفيذه بالشكل الوارد في هذا الاقتراح بقانون، كما أنه لا يوفر بديلا مناسبا لدور الجهاز المصرفي الكويتي في تقديم التمويل المطلوب الذي يمكن ان يساهم في تسريع تنفيذ الخطة التنموية.
واقرأ ايضاً:
الفهد: الحكومة أنجزت 25% من خطة التنمية ومستمرة في تنفيذها كاملة
صفر: رسوم على دخول بعض مناطق العاصمة لحل الاختناقات
وزير النفط يؤكد اهتمام الكويت بشراء بعض أصول «بي.پي» .. و«الهيئة» تنفي!
أسهم الخرافي تدفع سيولة السوق للارتفاع وترقب لتطورات صفقة «زين» و«اتصالات» الإماراتية
مجموعة الخرافي تحرز تقدماً في مفاوضات بيع حصتها في «زين» بقيمة 2.5 مليار دولار
«بيتك ـ ماليزيا» يحصل على تصنيف aa+ من «مارك» للتقييم الائتماني
شركة استثمارية مدرجة تسعى للاستحواذ على شركة تأمين قبل نهاية 2010
«الوطني»: 33% الارتفاع في المصروفات في الميزانية الحكومية الحالية
780.1 ألف دينار أرباح «الشعيبة الصناعية»
«الجمان»: الوضع التنظيمي والرقابي مازال دون المستوى
«الكويت الدولي» يبدأ برنامج التدريب الميداني الصيفي للطلاب
«بي پي» تأمل في طي صفحة البقعة النفطية في غضون الساعات القادمة