في الايام الماضية أعلنت الحكومة على لسان وزير النفط الشيخ احمد العبدالله انها تفكر في شراء اصول من شركة بريتش پتروليوم والتي تمتلك فيها هيئة الاستثمار نسبة تقل بقليل عن 2%، ومادام ان هناك تفكير فسيكون هناك قرار، والقرار في نهايته قد يكون الاقدام على الشراء او صرف النظر، وملكية الكويت حاليا بحدود الملياري دولار، وتملكتها الحكومة منذ الثمانينيات من القرن الماضي في وقت كانت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر تقول عن الشركة «ان من يمتلكها يمتلك بريطانيا»، وكانت الشركة تأتي على هرم الشركات النفطية في العالم، وذلك لكبر حجم الشركة وتوسعاتها في القارات الخمس بحثا عن النفط وتطوير الصناعة النفطية وبحثا عن الشراكات مع الحكومات في كثير من الدول، وتعتبر من القوى المؤثرة في القطاعات النفطية التي تعتمد عليها الحكومة البريطانية في التدخل في اقتصادات الكثير من الدول المنتجة للنفط حتى ضغطت على الحكومة الكويتية قبيل الغزو العراقي الغاشم لتقليل كميتها من 22% الى 2%.
وتمتلك معظم الصناديق السيادية في العالم نسبا بسيطة ومحدودة، بمعنى انها شركة متعددة الجنسيات وتمتلك مؤسسة التقاعد البريطانية النسبة العظمي فيها، وهي المالك الرئيسي الذي تحتمي بريطانيا من خلاله حفاظا على القوى العاملة وصندوق المتقاعدين، وبعد ان غرقت الشركة فيما جنته على نفسها في خليج المكسيك بالكارثة البيئية التي افقدتها 10 ملايين برميل نفطي، افقدت الشركة أكثر من 50% من قيمتها السوقية وخسرت الشركة في اعلان الربع الثاني من العام الحالي 18 مليار دولار، وهي الخسارة الكبرى للشركات البريطانية وخسارة دفترية للكارثة، البيئية قد تصل الى اكثر من 70مليار دولار بما فيها صندوق التعويضات التي اعلنت عنه الشركة للمتضررين من الكارثة والذي ستخسر الشركة من خلاله أكبر سوق تعمل فيه حسب الانظمة الأميركية، والتي يعتبر للشركة أكثر من 30% من ايراداتها السنوية واصبحت الشركة مثقلة بالديون تصل الى اكثر من 30 مليار دولار.
وتبلغ قيمة اصولها 230 مليار دولار لو تم عرضها للبيع، وهذا مثار الجدل، حيث سيؤثر حجم المعروض في حجم المبيعات وسيؤثر على اسعار الاصول بما فيها سعر السهم في بورصتي لندن ونيويورك، ومن خلال رؤية المدير التنفيذي الجديد بوب دادالي للشركة فإن الشركة تسعى لتخفيف الاعباء التي عليها ووقف المصروفات التي تتعلق بالابحاث واعمال التنقيب والتطوير والتي تقدر سنويا بـ 20 مليار دولار وهي دلالة على تصغير حجم الشركة مستقبلا.
ومن خلال السيناريو الذي نراه اليوم مع الشركات الكبرى فإن هناك توجها لقادة العشرين الكبار للاقتصاد الدولي يسعي للضغط على الشركات الكبرى لتخفيض احجامها خوفا من السيطرة على قطاعات ولعدم تمكن الحكومات من تقديم المساعدات مستقبلا وهو ضغط متعمد ولا يوجد ما يمنع الشركات الكبرى من الانهيارات والافلاسات التي قد تتعرض لها رغبة في حماية الدول من الافلاسات، ولنا امثلة كثيرة في انرون النفطية التي افلست في بداية الالفية وكذلك شركات الدوت كوم التكنلوجية من وورلدكوم حتى قطاع المصارف بقيادة ليمان براذرز.
وبعد هذه المشاهد التي نراها تحدث في كبرى الشركات المسيطرة على قطاعات فعالة وتمثل قوى اقتصادية تتحكم في صناعتها تعد خطوة لقرارات الاقتصاد الحديث واصحاب القرار في حكومات الدول الكبرى لحماية مجتمعاتها من التدهور في سبيل الحفاظ على ما تبقى من سيولة قد تكون في امس الحاجة لها في اعادة كياناتها ومصالحها بدلا من الصرف غير المبرر لمستقبلها.
بعد هذه الاطلاعات نرى ان الدولة لو اكتفت بما تملكه حاليا لكان القرار الامثل والانسب كي لا تكون ضحية التقاط السكين كما جرى في الكثير من التجارب.
محمد الهاجري
رئيس فريق دريال للتحليل الفني
[email protected]