محمود فاروق
أثار تقرير وكالة التصنيف الائتماني (موديز) بشأن رفع التصنيف السيادي للكويت من حيث النظرة المستقبلية من «سالب» إلى «مستقر» عدة تساؤلات عن العوامل والمعطيات التي استندت إليها الوكالة في رفع التصنيف.
وتأتي تلك التساؤلات بعد أن أعلنت الوكالة عن خفض تصنيف الكويت في يونيو العام الماضي الى «سلبي»، وقالت حينئذ انها سترفع هذا التقييم متى ما تحسنت العلاقة بين الحكومة والبرلمان في الكويت، وهو عامل قالت الوكالة انه سيدعم صياغة وتطبيق القوانين التي من شأنها تطوير سياسة تنويع مصادر الاقتصاد في البلد الخليجي.
تساؤلات عدة طرحتها «الأنباء» على مجموعة من مسؤولي القرار السياسي والاقتصادي حول المعطيات الرئيسية وراء هذا الرفع والعوامل التي استند إليها، خاصة بعد ان بلغت التصنيفات إلى قمتها في العامين الماضيين بسبب الظروف الاقتصادية حينها، وللوقوف على المعطيات وراء الرفع التصنيف.
ومن المهم أولا تحديد العوامل التي أخذتها وكالة التصنيف للجدارة الائتمانية السيادية بعين الاعتبار عند إجرائها للتصنيف واستخراج مؤشر الجدارة، والتي كان أهمها نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي الذي يعكس مقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها وسداد قيمة القرض في خدمة الدين ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدل التضخم، فضلا عن وضع الموازنة العامة، ووضع الميزان الخارجي الذي يدل على أن العجز فيه يدل على اعتماد القطاعين العام والخاص على الموارد المالية من الخارج ووضع المديونية الخارجية والتنمية الاقتصادية والمراجعة التاريخية لعدم السداد.
كما تأخذ تصنيفات الجدارة في الحسبان الأخطار السيادية والتوجهات الحكومية التي قد تؤثر في بيئة الأعمال والعمل المصرفي والاستثمار، بالإضافة إلى درجة انتظام البيئة السياسية العامة في الدولة، والعلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما أنها تركز على درجة ضعف أو قوة تأثير مؤسسات الحكم وأثره المستقبلي على الدولة في إطار السياسات الكلية.
ومن ذلك المنطلق أفادت مصادر متابعة بأن هناك مجموعة من المعطيات الرئيسية التي كانت وراء هذا الرفع ومنها موافقة مجلس الأمة على التشريعات الاقتصادية التي طال انتظارها والتي تناولت العديد من المجالات والقطاعات الاقتصادية في البلاد مثل قانون الخصخصة وقانون هيئة اسواق المال وقانون العمل والموافقة الجماعية على خطة التنمية الجديدة، حيث من المفترض ان تساعد تلك القوانين على تطوير القطاع الخاص الذي يعاني من المحدودية، بالإضافة إلى اجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، فضلا عن تحسن الأداء على الصعيدين المالي والتجاري، لاسيما ارتفاع أسعار النفط والإنتاج ومستويات التحفيز المالي، وموقف البنوك من الإقراض، والتحويلات المالية من الدول المصدرة للنفط إلى الدول المستوردة، والطلب على الواردات غير النفطية في الولايات المتحدة وأوروبا، والأوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة حاليا، الأمر الذي سيدفع الكويت إلى التحسن الاقتصادي الذي سيعود بالإيجاب على نصيب الفرد وتحسن ملحوظ في وتيرة الاقتصاد الوطني وبالتالي عودة الثقة للمستثمرين سواء من المحليين أو الأجانب.
وأشارت المصادر إلى أن سياسة القوة المؤسسية والقدرة على التنبؤ بشكل أساسي تشكل أهمية خاصة في نظرة «موديز» في عمليات تصنيف السندات السيادية المنهجية، وأهمية خاصة كذلك لإدراجها في أعلى تصنيف الفئات، كما ان عودة انتظام البيئة السياسية العامة في الكويت، وانتهاء مرحلة الصدام الصاخب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أثرا بالإيجاب في جدارة الكويت بتصنيفها السيادي الائتماني، مبينة أن مراجعة تصنيف موديز، الذي عادة ما يستغرق عدة أشهر، ركزت على درجة قوة تأثير مؤسسات الحكم وأثرها المستقبلي على الدولة في إطار السياسات الكلية، ومدى تحقيق الأثر المالي الجيد من الخطط الحكومية المتمثلة في خطة التنمية بالتعاون مع القطاع الخاص.
في السياق ذاته، قالت مصادر متابعة ان الكويت تتربع على فوائض مالية ضخمة وأخرى مثلها في الحساب الجاري رغم بعض الآثار الناجمة عن الأزمة المالية العالمية، وان الفائض في الميزانية الحكومية وفي الميزان التجاري سيبقى على درجة عالية من القوة على المدى المتوسط تأسيسا على التقديرات الحالية لأسعار النفط المستقبلية، وان هذه الفوائض لن تتأثر حتى لو ارتفعت مستويات الاستثمارات العامة من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على المشروعات الأمر الذي دفع «موديز» إلى ترقية الكويت إلى مستويات جديدة من التصنيف.
وعبرت المصادر عن تفاؤلها في تحسن النظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للكويت بشكل إضافي في ظل خطة التنمية، لكنها رأت أن ذلك يرتبط بوتيرة تنفيذ المشاريع الواردة فيها، مبينا أن الالتزام بتنفيذ الخطة الخماسية من شأنه أن يدعم النشاط الاقتصادي ويعزز نموه، ما سينعكس إيجابا على التصنيف السيادي على المدى الطويل.