اشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير عن تطورات اسعار النفط والميزانية، الى أن أسعار النفط سجلت ارتفاعا طفيفا خلال يوليو الماضي، بعد أن كانت حركتها تتسم بالضعف في بداية الشهر، معوضة بذلك معظم خسارتها السابقة.
وقد بلغ سعر برميل النفط الخام الكويتي 73 دولارا في نهاية يوليو بعد تراجعه لأقل من 68 دولارا في بداية الشهر، ومع ذلك، لاتزال هذه الأسعار دون أعلى مستوى لها خلال قرابة عامين والبالغ 84 دولارا الذي سجلته في بداية مايو، ورغم بعض التذبذب، فقد ظلت الأسعار تتأرجح ضمن اطار 70 الى 80 دولارا على مدى الأشهر التسعة الماضية، مكرسة مستوى 70 دولارا كحد أدنى حاليا.
ولاحظ «الوطني» أن أداء أسعار النفط الخام اتسم بالقوة خلال يوليو الماضي على الرغم من المخاوف بشأن تباطؤ التعافي الواهن أصلا للاقتصاد العالمي، ويشمل ذلك البيانات الخاصة بتراجع اجمالي الناتج المحلي الأميركي في الربع الثاني من العام الحالي وتباطؤ النشاط الصناعي الصيني لأدنى مستوى له منذ 17 شهرا.
وفي المقابل، كان هناك عاملان معوضان على قدر من الأهمية: أولهما، أنه على الرغم من المخاوف على مستوى الاقتصاد الكلي، فقد كان الطلب على النفط قويا نسبيا، وقد أظهرت أحدث نشرة أصدرتها «مبادرة بيانات النفط المشتركة»، وهي هيئة عالمية تم تأسيسها لتحسين بيانات القطاع النفطي، ارتفاع الطلب على النفط من جانب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في شهر مايو بأقوى وتيرة له منذ أكثر من سبع سنوات.
وثاني هذه العوامل، أن أسعار النفط كانت مدعومة بالأداء الضعيف للدولار الذي تراجع سعر صرفه المرجح بالمعاملات التجارية بواقع 4% في يوليو وبواقع 6% مقابل اليورو، أما بالنسبة الى اليورو، فقد حافظ سعر الخام تقريبا على مستواه عند 56 يورو للبرميل خلال هذا الشهر.
وقد تخطت معظم أسعار النفط المرجعية العالمية حدود 80 دولارا للبرميل في مطلع أغسطس الجاري، وبلغ سعر مزيج غرب تكساس 81 دولارا في 2 أغسطس، بزيادة تقرب من 9 دولارات عن أدنى مستوى له في مطلع يوليو، في حين ارتفع نظيره الأوروبي «برنت» بمقدار 11 دولارا عن أدنى مستوى له ليصل الى 82 دولارا.
كما سجلت العقود الآجلة لهذين المزيجين ارتفاعا قويا فيما يتوقع لأسعارها أن تصل الى حدود 88 دولارا تقريبا مع حلول نهاية 2010.
وأشار «الوطني» الى أن المحللين، وتأييدا لهذه النظرة المستقبلية للأسعار، يتوقعون نموا قويا في الطلب على النفط خلال عامي 2010 و2011، وفي الوقت الذي يتخوف البعض من سيناريو ركود للاقتصاد العالمي مجددا، فان غالبية التوقعات تشير الى أن معظم الزيادة في الطلب على النفط سيأتي من جانب الأسواق الناشئة، غير أن حصة الأسواق الغنية ستزداد هي الأخرى، وبحسب مركز دراسات الطاقة الدولية، على سبيل المثال، فان الطلب العالمي على النفط سيزداد بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا (1.8%) العام الحالي و1.6 مليون برميل (1.8%) في العام المقبل، في حين تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب على النفط العام الحالي بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا (2.1%) و1.4 مليون برميل (1.6%) في العام المقبل.
لكن «الوطني» رأى أن احتمال حصول زيادات كبيرة خلال العام المقبل، سواء في حجم الطلب على النفط أو في حجم الامدادات، يفسح المجال لقدر كبير من الضبابية بالنسبة لآفاق أسعار النفط. وعلى الرغم من الضبابية التي تكتنف الاقتصاد العالمي فان هناك اجماعا واسعا على تنامي الطلب.
وبافتراض أن يرتفع الطلب على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا في 2010- رغم تباطؤ وتيرة النمو العام الحالي - وأن تزداد الامدادات من خارج أوپيك بنحو مليون برميل يوميا، يبدو من المرجح أن تواصل الأسعار انخفاضها في 2011، وقد ينخفض سعر برميل الخام الكويتي من 76 دولارا في الربع الثاني الى ما دون 70 دولارا في الربع الأول 2011.
ومع ذلك، أشار «الوطني» الى أن نموا أسوأ من المتوقع بالنسبة للاقتصاد العالمي يمكن أن يطلق العنان لسيناريو أكثر تشاؤما بالنسبة لأسعار النفط، ويمكن لهذا أن يتحقق، على سبيل المثال، كنتيجة لانحسار الزخم في عملية تعافي الاقتصاد العالمي، أو تطبيق اجراءات حكومية تقشفية أو أزمة تشعلها المخاوف بشأن الديون السيادية، وفي هذه الحالة، فان ارتفاع الطلب بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا فقط في عام 2010 سيدفع بسعر برميل الخام الكويتي الى ما دون 60 دولارا مع بداية 2001، وقد يعتمد حجم هذا الانخفاض وحدته على رغبة أوپيك وقدرتها على اجراء تخفيضات في الانتاج في ظل تراجع العائدات النفطية.
من جهة ثانية، رأى «الوطني» أن نمو الاقتصاد العالمي بوتيرة أقوى مما هو متوقع يمكن أن يؤدي الى ارتفاع حجم الطلب على النفط العام الحالي بمقدار ينسجم مع توقعات وكالة الطاقة الدولية البالغة 1.8 مليون برميل يوميا، ولتفادي تصاعد الأسعار بصورة كبيرة، قد تعمد «أوپيك» الى التساهل في موضوع الحصص، رافعة انتاجها بنحو 0.4 مليون برميل يوميا في مطلع 2011 مقارنة بالسيناريو المذكور آنفا، وبالتالي، قد يصل سعر الخام الكويتي الى منتصف مستويات 80 دولارا بحلول الربع الأول من العام 2011.
ووفقا لهذه السيناريوهات، رجح «الوطني» أن يتراوح متوسط سعر برميل الخام الكويتي لهذه السنة المالية بين 67.3 دولارا و79.9 دولارا، وهذا يتجاوز بشكل كبير مستوى 43 دولارا الذي تقدره الحكومة سعرا لبرميل النفط في ميزانيتها الحالية.
ووفقا لتقديرات الحكومة، فان عجز الميزانية سيصل الى 6.4 مليارات دينار العام الحالي، لكن في الواقع، في حال جاءت المصروفات الفعلية أدنى من تلك المقدرة بما بين 5% و10%، كما يفترض «الوطني»، تشير سيناريوهات أسعار النفط هذه الى تحقيق فائض مالي يتراوح بين 0.9 و5.7 مليارات دينار، وذلك قبل استقطاع احتياطي الأجيال القادمة.
وقد يتحقق هذا الفائض على الرغم من الارتفاع المخطط له في المصروفات الحكومية بنحو 33%، وفي هذه الحال، سيكون الفائض السنوي الثاني عشر على التوالي في ميزانية الكويت بعد الفائض البالغ 6.4 مليارات دينار في السنة المالية 2009/2010.