لم يتخيل مهاجرون تركوا بلادهم قبل عقود طويلة واستقروا في أوروبا أن النجاحات التي حققوها هناك لن تحميهم من اتهامات وتصريحات تنتقد عدم اندماج المهاجرين المسلمين بشكل عام وترى فيهم عبئا على خزينة الدولة.
ورغم أن المجتمعات الغربية بها نماذج لمهاجرين نجحوا في تحقيق الاندماج بل والوصول إلى نجاحات سياسية وعلمية في المهجر إلا أن النقد عندما يأتي لا يفرق بين مهاجر عاطل يعتمد على مساعدات الدولة وبين مهاجر نجح في الوصول إلى مناصب مهمة في مجالات مختلفة.
وشهدت الأسابيع الأخيرة بالتحديد تأججا كبيرا في المناقشات الحادة حول قضية المهاجرين ولاسيما المنحدرين من أصول مسلمة في العديد من الدول الأوروبية.
فبعد الجدل المثار حول حظر حجاب المعلمات في ألمانيا أو منع النقاب في فرنسا، تعالت أصوات صبت انتقادها على المهاجرين بوصفهم أشخاصا ربما يشكلون تهديدا على البلدان التي يعيشون فيها بسبب كثرة عددهم مقارنة بشيخوخة ملحوظة في هذه البلدان.
ففي ألمانيا التي يعيش بها ملايين الأجانب يمثل الأتراك النسبة الأكبر ويقدر عددهم بثلاثة ملايين شخص، صار الجميع يتحدث في الأيام الأخيرة عن المصرفي البارز تيلوزاراتسين خاصة بعد أن أصدر كتابه الجديد «ألمانيا على طريق الفناء» والذي يحذر فيه من أن الألمان ربما يأتي عليهم يوم يشعرون فيه بالغربة في بلادهم.
والسبب في هذا الرأي هو التراجع الكبير لعدد المواليد في ألمانيا في الوقت الذي يزيد فيه عدد المهاجرين الذين يميل معظمهم لإنجاب العديد من الأطفال بحكم عادات وتقاليد اكتسبوها من بلادهم الأصلية.
وتجاهلت هذه التصريحات اعتماد الاقتصاد الألماني الذي يعد الأقوى في أوروبا على العمالة المهاجرة بشكل كبير والدور الذي حققته هذه العمالة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ورغم أن الحكومة الألمانية وعلى رأسها المستشارة أنجيلا ميركل والعديد من الساسة انتقدوا تصريحات زاراتسين وهو عضو في مجلس إدارة البنك المركزي الألماني (بوندسبنك)، كما أن حزبه الاشتراكي الديموقراطي يسعى لاستبعاده، إلا أن اليمين المتطرف في العديد من الدول الأوروبية رحب بالتصريحات لدرجة أن بعض اليمينيين في النسما طلبوا بإقامة «تمثال لزاراتسين ووصفوه بـ «المفكر الشجاع».
ورغم أن تصريحات زاراتسين التي سبق ووصف فيها المهاجرين وبالتحديد المسلمين والأترك بأنهم «آلات تكاثر لانتاج فتيات محجبات» تثير استياء حتى الألمان أنفسهم إلا أنها تلمس في الوقت نفسه نقطة حساسة وهي خوفهم من اختلال النظام الاجتماعي في بلادهم.
ويقول الألماني سفن جارباده الذي يبلغ 42 عاما الذي اعتمد لفترة من حياته على إعانة البطالة بعد تركه لعمله كفني إضاءة في أحد المسارح: «لا أتفق بالطبع مع تصريحات زاراتسين ولكني أعتقد أنه من غير الممكن أن تدفع الدولة إعانات ومساعدات لأشخاص أجانب يعيشون عندنا ويرفضون تعلم اللغة أو أي شيء آخر وينقلون هذا الأمر إلى أبنائهم فهم بالتالي أشخاص يحصلون على النقود ولا يدفعون شيئا».
يذكر أن ألمانيا، صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، خصصت 177 مليار يورو هذا العام كنفقات خاصة بالإنفاق الاجتماعي وهو ما يعادل 54% من إجمالي موازنة الدولة.
ويوضح جارباده الذي يعيش بالقرب من مدينة هامبورج في شمال ألمانيا: «توجد بعض المدن في ألمانيا التي اندمج الأتراك والأجانب بشكل عام فيها مع الألمان بطريقة جيدة ولكن هذا لا يمنع أن هناك أحياء كاملة في مدن مثل كولونيا أو برلين يعيش فيها أجانب انعزلوا تماما عن المجتمع الألماني ويطبقون عاداتهم فقط وهؤلاء هم من يخشاهم زاراتسين».
أما كريستيان كيه31 عاما فيقول: «أعتقد أن زاراتسين طرح مشكلة حقيقية نعاني منها في ألمانيا والدليل هو أن نسبة كبيرة من الألمان تتجاوز 50% تؤيد رأيه وفقا لاستطلاعات الرأي».
وتصادف هذا الجدل الذي أثاره المصرفي الألماني مع جدل آخر في السويد التي تستعد لانتخابات برلمانية هذا الشهر.
قضية الاندماج
ولم تكن قضية الاندماج بمنأى عن الحملات الانتخابية في السويد حيث أثار إعلان انتخابي مصور لحزب الديموقراطيين المعادي للأجانب حالة من الخلاف وصل إلى خارج حدود البلاد.
ويظهر في الإعلان مجموعة من النساء المنتقبات اللاتي يدفعن بعربات أطفال ويجرين بسرعة من أجل الحصول على النقود من خزينة في حين تظهر على الجانب الآخر عجوز سويدية تعاني من صعوبة في المشي وتحاول الوصول إلى نفس الخزينة.
ويرسل الإعلان بإشارة للناخب مفادها: «عليك الاختيار بين المتقاعدين المحليين والمهاجرين».
وقررت محطة تلفزيونية سويدية منع هذا الإعلان حيث رأت أنه يحض على الكراهية ضد الأجانب ولكن هذا القرار أثار استياء الجارة الدنمارك التي رأت أنه يمثل رقابة توقف عمل الديموقراطية وطالبت بإرسال مراقبي انتخابات إلى السويد.
واكتمل الجدل حول هذا الموضوع عندما خرج السياسي الهولندي المعادي للإسلام خيرت فيلدرز بتصريحات جدد فيها مطالبته بوقف الهجرة إلى الدول الغربية من جميع الدول التي تقطنها أغلبية مسلمة.
ونشرت هذه التصريحات في نفس يوم نشر كتاب المصرفي الألماني زاراتسين وبالرغم من أن ساسة بارزين من الحزب المسيحي الديموقراطي في هولندا طلبوا من فيلدرز «التحفظ» في تصريحاته التي يطلقها من هذا النوع خاصة بعد أن فاز حزبه «حزب من أجل الحرية» في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في يونيو الماضي بـ 24 من إجمالي 150 مقعدا ليصبح بذلك ثالث قوة سياسية في البلاد والذي قد يشارك في تشكيل الحكومة الجديدة.
وسواء كان السبب في هذه المناقشات هو محاولة للمس مشكلة يراها البعض حقيقية في بعض المجتمعات الغربية أو أنها تهدف في الأساس لاستمالة اليمين واستغلال هواجس المواطنين المسبقة من الهجرة والمسلمين للفوز بأصواتهم الانتخابية، فإنه من الواضح أن الجدل حول القضية لن ينتهي قريبا.
واقرأ ايضاً:
«جلوبل»: تراجع صافي إيرادات فوائد القطاع المصرفي الكويتي بما يقرب من 4% على أساس سنوي
795.6 مليون دينار إجمالي قيمة التداول في أغسطس الماضي
«المتحد» يعلن أسماء الفائزين في السحب الأسبوعي على جوائز «الحصاد الإسلامي»
795.6 مليون دينار إجمالي قيمة التداول في أغسطس الماضي
«أجيليتي» توزع 6 آلاف وجبة إفطار في الصليبية
الشايع: «المباني» تقدّر جهود وأهمية كل موظف ومساهماته في إنجازاتها
العنزي: «هيئة الصناعة» أعدت برنامجاً لتأهيل المنشآت الصناعية للحصول على شهادات الجودة
«سيتي جروب» تضيف 50 حافلة إلى أسطولها لتلبية احتياجات السوق المحلية
الغزالي: «التنمية والسياسات الاقتصادية» تناقش مؤشرات الإنذار المبكر للأزمات المصرفية في الدول العربية
المطوع: من المبكر زيادة رأسمال «صفوان» البالغ 5 ملايين دينار
الجبر: نرفض محاولات تخفيض تكاليف عقود مشاريع نظافة المدن بزعم معالجة فروق الأسعار