ذكر تقرير بنك الكويت الوطني انه مع تعافي الاقتصاد في المنطقة سيعود الانتباه لينصب حتما على الجهود لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط وعلى تطوير قاعدة صناعية، مبينا ان قطاع البتروكيماويات في المنطقة يعتبر المرشح الرئيسي لدفع عجلة التطور، حيث من المسلم به ان هذا القطاع قد لا يساهم بشكل جدي في تنويع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي كونه صناعة تشتق منتجاتها النهائية من النفط والغاز الطبيعي، ولكنه سيمكن الاقتصادات المحلية من زيادة القيمة المضافة لنشاطات قطاعاتها النفطية والمتركزة حاليا بشكل كبير على الاستكشاف والإنتاج، والأهم من ذلك ربما أنه يقدم فرصا لزيادة دور القطاع الخاص في مجال تملك فيه المنطقة تفوقا تنافسيا مهما، وقد يكون أيضا مصدرا رئيسيا جديدا لإيرادات الصادرات.
واستعرض «الوطني» صناعة البتروكيماويات حيث قال ان الإنتاج البتروكيماوي يبدأ بالنفط الخام والغاز الطبيعي، والذي يمكن تكريرهما للوصول إلى عدد من المنتجات المختلفة، 4 منها هي المكونات الرئيسية لهذه الصناعة، وهي: النفتا والبوتين والإيثين والبروبين.
ومن ثم تمر هذه المنتجات بعملية تعرف بالتكسير وذلك للوصول إلى منتجات بتروكيماوية أساسية.
وبين ان هناك بصفة أساسية فئتان عريضتان من البتروكيماويات: الأولفينات (الهدروكربونات الإثيلينية) والعطريات، وتعرف هذه الفئات بتكوينها الكيميائي، وتتميز الفئة الثانية برائحتها. وتشكل أولفينات الإيثيلين والبروبيلين الأساس لقسم كبير من السوق العالمي للبتروكيماويات، بما أنها مكونات أساسية في إنتاج المواد البلاستيكية والمطاط والصموغ. وتتضمن العطريات الأساسية البنزين والتولوين، والتي من استخداماتها النهائية الأصباغ والمنظفات. ويتوقع أن يرتفع إنتاج البتروكيماويات بقوة على مدى السنوات القادمة، حيث ان التطور الاقتصادي في اكبر الأسواق الناشئة يزيد الطلب على السلع الاستهلاكية.
وأشار التقرير الى ان هيكل قطاع البتروكيماويات الكويتي أصبح معقدا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، مع نشوء شركات جديدة ووجود ملكيات متقاطعة. وقد شكلت الشراكات العامة ـ الخاصة حجر الزاوية في هذا القطاع في الكويت، ويستشهد بنجاحها أحيانا كمرجع لتبني خطط مماثلة في صناعات أخرى. وتقود 4 شركات العمليات والمشاريع الرئيسية: إيكويت وشركة الكويت للعطريات وشركة الكويت للأولفينات وشركة الكويت للستايرين. وتعرف الشركات الـ 3 الأخيرة مجتمعة باسم «إيكويت الكبرى» (أو إيكويت 2).
وفيما يلي وصف موجز لكل من تلك الشركات:
1 ـ إيكويت (بدأت الإنتاج في العام 1997): ملكية مشتركة بين الحكومة ومساهمين كويتيين وشركة «داو للكيماويات» الأميركية. وتعتبر إيكويت في طليعة هذا القطاع، حيث ولد نجاحها الشركات الـ 3 الأخرى، وتنتج حوالي 0.8 مليون طن سنويا من الإيثيلين الذي يستخدم في إنتاج حوالي 1.2 مليون طن سنويا من المنتجات المشتقة، ويتم تصدير معظم إنتاجها.
2 ـ شركة الكويت للأولفينات (2008): ملكية مشتركة عامة-خاصة تعرف أيضا باسم «أولفينات 2»، وتنتج حوالي 0.85 مليون طن سنويا من الإيثيلين الذي يحول إلى منتجات مشتقة يتم تصدير معظمها.
3 ـ شركة الكويت للستايرين (2009): ملكية مشتركة عامة-خاصة أخرى، ولكن هذه المرة بين شركة داو وشركة الكويت للعطريات. تنتج هذه الشركة 0.45 مليون طن سنويا من الستايرين، وهو مشتق من الإيثيلين، وتستخدم منتجا من شركتي الكويت للستايرين والكويت للأولفينات كمادة خام.
4 ـ شركة الكويت للعطريات (2009): مملوكة بمعظمها من الحكومة، وهي المشروع الوحيد للكويت في مجال العطريات، تنتج حوالي 0.8 مليون طن سنويا من الباراكسيلين الذي يتم تصديره وتزود أيضا شركة الكويت للستايرين، وهي مساهمة فيها، بالبنزين. وتعرف أحيانا باسم شركتها التابعة وهي شركة الكويت لإنتاج الباراكسيلين، ورغم أن هذه الشركات منفصلة إداريا، فإن معظم إدارة أعمالها تقوم بها فعليا شركة إيكويت، وبالتالي فإن أرقام الإنتاج لبعض الشركات تصدر على أنها لإيكويت.
وهكذا يكون لدى الكويت قدرة إنتاجية مجموعها 1.6 مليون طن سنويا من الإيثيلين وحوالي 1.2 مليون طن سنويا من العطريات (وكذلك أكثر من 2 مليون طن سنويا من المنتجات المشتقة). ويجعل هذا الإنتاج من الكويت لاعبا بارزا في السوق العالمي، رغم أنها ليست لاعبا رئيسيا. ويقدر الإنتاج العالمي من الإثيلين، مثلا، بحوالي 115 مليون طن هذا العام، تساهم فيه الكويت بحوالي 1.5% من السوق، أي أقل من إنتاج قطر البالغ 2.6 مليون طن سنويا ومن إنتاج السعودية البالغ 10 ملايين طن سنويا وهو الإنتاج الرئيسي في المنطقة. وبشكل مماثل، فإن الكويت يحظى بنسبة 3% تقريبا من السوق العالمي للباراكسيلين (تقدير بنك الكويت الوطني).
ولكن عموما، فإن الإنتاج البتروكيماوي العالمي كان يتحرك في السنوات الخيرة باتجاه الشرق الأوسط وبعيدا عن آسيا وأوروبا وشمال أميركا، وذلك بسبب التفوق التي تتمتع فيه المنطقة من ناحية أسعار المواد الخام (وكذلك تواجدها الجيد في الأسواق الآسيوية). ويتم تزويد كثير من المنتجين الخليجيين المدعومين حكوميا بمواد تشغيل رخيصة من المصافي المحلية أو بالغاز الطبيعي، ما يجعل سعر التكلفة لديهم أقل من سعر التكلفة لدى المنتجين الآخرين.
وبالفعل، فإن سعر النفط المرتفع في السنوات الأخيرة قد زاد التفوق في سعر التكلفة في الخليج، إذ تفيد التقديرات في هذه الصناعة بأن حصة منطقة دول التعاون الخليجي من القدرة الإنتاجية العالمية للإثيلين، مثلا، قد ترتفع من 14% في العام 2009 إلى حوالي 20% بحلول العام 2014.
يساهم قطاع البتروكيماويات بشكل كبير في الاقتصاد، إذ شكل حوالي 12%من الإنتاج الصناعي في العام 2009. وإضافة إلى ذلك، فقد ارتفعت مساهمته بسرعة من 2% فقط في العام 2001. وتبقى طبعا حصة القطاع الصناعي لمجموع الناتج المحلي الإجمالي للكويت صغيرة دون 10%. ويذكر أيضا أنه بمحاذاة قطاع التكرير، فإن أسعار البتروكيماويات تتحرك بالتماشي مع أسعار النفط الخام، ما يعني أن حصتها من الناتج الصناعي يمكن أن تكون متقلبة جدا.
وقد ساهمت البتروكيماويات بشكل كبير في صادرات الكويت، حيث بلغت 235 مليون دينار (814 مليون دولار) في النصف الأول من العام 2010. وبالطبع فإن هذا الرقم يبدو ضئيلا مقارنة بمساهمة القطاع النفطي الهائلة البالغة 8.4 مليارات دينار، ومع ذلك، فإنه يساوي حوالي نصف الصادرات غير النفطية وثلثي الصادرات غير النفطية الكويتية المنشأ، وقد بلغ قطاع البتروكيماويات هذه المرتبة في بضع سنوات فقط، وهو بذلك يعطي فكرة عما قد يمكن إنجازه في هذا القطاع.
«أولفين 3» سيرفع صادرات الكويت غير النفطية بمقدار 0.5 مليار دينار سنوياً
ذكر تقرير «الوطني» ان السنتين الأخيرتين شهدت كما كبيرا من النشاط مع بدء الإنتاج في ثلاثة من مشاريع البتروكيماويات، إضافة إلى ذلك، فقد وضعت على بساط البحث خطط إضافية لتطوير وتوسيع قطاع الكويت للبتروكيماويات، ولكن التقدم كان متعثرا. وكانت إحدى الخطط الرئيسية مشروعا مشتركا مقترحا بقيمة 19 مليار دولار بين شركة داو للكيماويات وشركة الصناعات البتروكيماوية، وكان هذا المشروع والذي كان يسمى «ك- داو» سيتيح لشركة الصناعات البتروكيماوية تملك حصة في النشاطات البتروكيماوية العالمية لشركة داو، بما في ذلك ثلاثة أجهزة لتكسير الإيثيلين، وكان سيخلق واحدا من أكبر موزعي البتروكيماويات في العالم. ولكن ألغيت هذه الصفقة في ديسمبر من العام 2008 بسبب معارضة مجلس الأمة.
وبين التقرير انه بعد فشل هذه الصفقة، تدرس شركة الصناعات الكويتية الآن خططا لوضع مشروع تأسيسي يعرف باسم أولفين 3. ويقال إن هذا المشروع البالغة قيمته 5 مليارات دولار ـ والذي قد يبدأ العمل به في العام 2016 ـ يهدف إلى إنتاج حوالي 1.4 مليون طن سنويا من الإيثيلين، وكذلك إنتاج مشتقات الإيثيلين، ولدى اكتماله سيضاعف هذا المشروع تقريبا قدرة الكويت على إنتاج الإيثيلين. ووفق الأسعار الحالية، سيرفع هذا الإنتاج صادرات الكويت غير النفطية بمقدار 0.5 مليار دينار سنويا وسيرفع الناتج المحلي الإجمالي الصناعي ربما بمقدار 0.3 مليار دينار أي بنسبة 10%.