قفز سعر الذهب إلى مستوى قياسي عند 1300 دولار للأوقية أمس مع إقبال المسـتثمرين على شراء المعدن النفيس نتيجة ضعف العملة الأميـركية ومـخاوف بشأن متانة الاقتصاد العالمي.
وبوجه عام يشتري كبار المشترين والمؤسسات الذهب من البنوك الكبرى. وتمثل لندن مركز السوق العالمية الفورية للذهب إذ تتم تسوية تعاملات بنحو 30 مليار دولار عبر نظام التسوية في لندن يوميا. ولتجنب مخاطر التكلفة والمخاطر الأمنية لا يجري نقل الذهب عادة وتتم تسوية الصفقات من خلال تحويلات ورقية.
وهناك أسواق فورية رئيسية أخرى للذهب هي الهند والصين والشرق الأوسط وسنغافورة وتركيا وإيطاليا والولايات المتحدة.
وبإمكان المستثمرين دخول السوق من خلال بورصات العقود الآجلة حيث يتداول المستثمرون عقودا لبيع أو شراء سلعة معينة بسعر ثابت وموعد تسليم معين في المستقبل.
وسوق كومكس في بورصة نيويورك التجارية نايمكس هو أكبر سوق في العالم لعقود الذهب الآجلة من حيث حجم التداول. وبورصة طوكيو للسلع التي تشتهر باسم توكوم أهم سوق للعقود الآجلة في آسيا.
وأطلقت الصين أول بورصة صينية لعقود الذهب الآجلة في التاسع من يناير 2008، كما جرى إطلاق بورصات للعقود الآجلة في عدة بلدان أخرى من بينها الهند ودبي وتركيا.
الصناديق المتداولة
جذبت التغطية الإعلامية واسعة النطاق لأسعار الذهب المرتفعة أيضا استثمارات في الصناديق المتداولة وهي التي تصدر أوراقا مالية مدعومة بالمعدن الأصفر.
ويتيح هذا للمستثمرين الاستفادة من إمكانيات سوق الذهب دون تسلم المعدن نفسه. وتراجعت حيازات الذهب لدى صندوق «اس.بي.دي.ار» جولد تراست وهو أكبر صندوق متداول مدعوم بالذهب إلى 1300.521 طن في 24 سبتمبر من 1301.433 طن في اليوم السابق، وسجلت الحيازات مستوى قياسيا عند 1320.436 طن في 29 يونيو.
ومن بين الصناديق الأخرى المتداولة المدعومة بالذهب صندوق آي شيرز كومكس جولد تراست وصندوق جولد بوليون سيكيوريتيز التابع لشركة اي.تي.افسيكيوريتيز وصندوق اي.تي.اف.اسفيزيكل جولد وصندوق فيزيكل جولد التابع لبنك زيوريخ كانتونال.
ويمكن للمستثمرين المحليين شراء الذهب من تجار المعادن الذين يبيعون السبائك والعملات في متاجر متخصصة أو على الإنترنت. ويدفعون علاوة سعرية ضئيلة مقابل المنتجات الاستثمارية تزيد بين 5 و20% على سعر السوق الفورية بناء على حجم المنتج ومستوى الطلب.
ولايزال تنامي اهتمام صناديق الاستثمار بالسلع الأولية بما فيها الذهب في السنوات الأخيرة عاملا رئيسيا وراء ارتفاع أسعار المعدن النفيس إلى مستويات تاريخية. وقد جذب الأداء القوي للذهب في السنوات الأخيرة مزيدا من المستثمرين كما زادت التدفقات النقدية إلى السوق بشكل عام.
الدولار الأميركي
وبالرغم من التراجع الحاصل مؤخرا في الارتباط القوي المعتاد بين الذهب وسعر صرف اليورو أمام الدولار فإن أسواق الصرف مازالت تلعب دورا رئيسيا طويل الأجل في تحديد اتجاه الذهب.
ويمثل الذهب عادة وسيلة تحوط جذابة ضد ضعف العملات، ويجعل ضعف العملة الأميركية أيضا الذهب المقوم بالدولار ارخص بالنسبة لحائزي العملات الأخرى والعكس صحيح.
لكن هذا الارتباط ينهار أحيانا في الأوقات التي تـتعرض فيها الأســواق المالية لضــغوط على نطـاق واسع مع استفادة الذهب والدولار معا من العزوف عن المخاطرة.
وسجل الارتباط بينهما نطاقا إيجابيا في أواخر 2008 وفي 2009 بعد أزمة بنك ليمان براذرز الأميركي وفي وقت سابق من هذا العام بسبب أزمة ديون منطقة اليورو.
وارتبط الذهب ارتباطا تاريخيا قويا بأسعار النفط الخام إذ يمكــن استخدام المعدن النفيس كوسيلة للتحوط ضد التضخم الذي يشكل النفط سببه الرئيسي، ويعزز ارتفاع أسعار الخام الاهتمام بالسلع الأولية كأصل من الأصول.
التوترات المالية والسياسية
ويعتبر الذهب على نطاق واسع ملاذا آمــنا في أوقــات عدم اليقين، وغالـبا ما تؤدي الهزات التي تصيب السوق المالية كما حدث في أعقاب انهيار بنك ليمان براذرز في 2009 وفي وقت أقرب كما في حالة مشكلات ديون منطقة اليورو المتفاقمة، إلى تعزيز التدفقات النقدية على الذهب.
وقد تؤدي الأحداث الجيوسياسية الكبرى ومن بينها التفجيرات والهجمات الإرهابية والاغتيالات إلى ارتفاع الأسعار.
وتحوز البنوك المركزية الذهب كجزء من احتياطياتها، ويمكن أن يؤثر شراء أو بيع البنوك للذهب عـلى الأســعار.
وفي السابع من أغسطس 2009 اتفقت مجموعة من 19 بنكا مركزيا أوروبيا على تجديد اتفاقية للحد من مبيعات الذهب كانت قد وقعت في عام 1999 وجرى تجديدها لـ 5 سنوات أخرى في 2004.
وتنص الاتفاقية على أن الحد الأقصى للمبيعات السنوية هو 400 طن انخفاضا من 500 طن في الاتفاقية الأخرى التي انتهى أجلها أواخر ســبتمبر، ومازالت المبيعات في ظل الاتفاقية الجديدة منخفضة.
وفي بداية القرن الحادي والعشرين عندما كان الذهب يرزح قرب مستوى 300 دولار للأوقية باع منتجو الذهب جزءا من إنتاجهم المنتظر على وعد بتسليم الذهب في تاريخ آجل.
لكن حينما بدأت الأسعار ترتفع تكبدوا خسائر وحدث توجه نحو إعادة شراء مراكزهم التحوطية للاستفادة بالكامل من أسعار السوق المرتفعة فيما يعرف بتصفية مراكز التحوط.
ويمكن أن يؤدي الإقبال الكبير على تصفية مراكز التحوط من جانب المنتجين إلى تعزيز معنويات السوق ودعم أسعار الذهب، لكن معدل تصفية مراكز التحوط تباطأ بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع انكماش حجم التحوط العالمي.
وبوجه عام لا تلعب عوامل العرض والطلب دورا كبيرا في تحديد أسعار الذهب بسب ضخامـة المخزونات التي جرى استخراجها والتي تقدر الآن بنحو 160 ألف طن أي أكثر من 60 ضعفا من الإنتاج السنوي للمناجم، ولا يجري استهلاك الذهب مثـل النحــاس والنفط.
وتسبب ذروة مواسم الشراء في البلدان المستهلكة الرئيسية مثل الهند والصين بعض التأثير على السوق لكن عوامل أخرى مثل الدولار وأسعار النفط تشكل تأثيرا أكبر.