الغيوم التي تخيم بظلالها على مستقبل دبي بعد أزمة ديون شركة دبي العالمية هي الخطر الداهم الذي تجدر متابعته في دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام، بالإضافة لذلك هناك قدر من بواعث القلق المستمرة المتعلقة بتصاعد النزاع النووي الإيراني مع الغرب وخلاف حدودي طال أمده مع إيران والتشدد الإسلامي.
ديون دبي والاضطرابات المالية
ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل 2.1% هذا العام وهو أبطأ معدل في دول الخليج العربية إذ تؤثر ديون ضخمة تثقل كاهل شركات مرتبطة بحكومة دبي على الانتعاش في أعقاب أزمة ديون شركة دبي العالمية. وكانت الأوضاع المالية في دبي مصدر قلق فعلي بعد الأزمة المالية العالمية التي أنهت فقاعة عقارية وأدت إلى تأجيل مشروعات بمليارات الدولارات وخفض آلاف الوظائف. ويقدر أن اقتصاد الإمارات انكمش بمعدل 2.1% في عام 2009.
لكن الصدمة الحقيقية جاءت عندما قالت دبي العالمية وهي واحدة من ثلاث شركات قابضة تابعة لحكومة دبي في نوفمبر أنها تسعى لتأجيل سداد ديون قيمتها 26 مليار دولار مرتبطة أساسا بوحدتيها العقاريتين نخيل وليمتلس مما أثار اضطرابات في الأسواق العالمية.
وأقرضت أبوظبي ـ عاصمة الدولة التي تضم سبع إمارات والإمارة التي تضم أغلب ثروة البلاد النفطية ـ دبي عشرة مليارات دولار مما ساعد على تجنب التخلف عن سداد صكوك أصدرتها نخيل. وتوصلت دبي في مايو إلى اتفاق لإعادة هيكلة 23.5 مليار دولار من الديون مع جهات الإقراض الرئيسية في محاولة لحل المشكلة الأكثر إلحاحا ضمن سلسلة من المشكلات التي تواجه المستثمرين في دبي.
ووافقت على الاتفاق تقريبا كل البنوك خارج اللجنة التفاوضية الرئيسية التي تملك 60% من إجمالي حجم تعرض دبي العالمية. وعلى الرغم من المخاوف من أن يضر انهيار الاتفاق بقدرة الإمارات على الحصول على أموال من سوق الائتمان العالمية لسنوات قادمة تقول مصادر إن حكومة دبي ستصدر قريبا سندات قيمتها مليار دولار. وأوضحت وثيقة قدمت إلى الدائنين في يوليو الماضي وحصلت عليها رويترز أن دبي العالمية لاتزال مستعدة لبيع أصول قيمة من بينها سلطة موانئ دبي العالمية (دي بي وورلد) في محاولة لجمع ما يصل إلى 19.4 مليار دولار للسداد للدائنين للشركة، وكشفت الوثيقة أيضا أن دين المجموعة المملوكة للدولة بلغ 39.9 مليار دولار. ولاتزال مشاكل الديون في مجموعة دبي وهو الاسم الذي يطلق على شبكة من الشركات التي لها صلات بالدولة مثار قلق للمستثمرين.
وطلبت دبي انترناشونال كابيتال وهي إحدى شركات مجموعة دبي القابضة في مايو تأجيل سداد ديون بآجال استحقاق معينة لمدة ثلاثة أشهر.
وتواجه دبي القابضة التي يملكها حاكم دبي في تلك الأثناء تحديات لسداد التزامات تصل إلى حوالي 14.8 مليار دولار، ويقول المحللون إن أزمة ديون دبي العالمية وترت العلاقات بين دبي التي اشتهرت بالمشروعات العقارية الباذخة وأبوظبي الأكثر ثراء ولكن الأقل إسرافا.
واشتركت الإمارتان في الإمساك بزمام المالية والسياسة في الدولة منذ تأسيسها عام 1971 لكن المزيد من المساعدات من أبوظبي قد يعزز دورها على رأس الاتحاد وربما يخل بميزان القوة الدقيق.
معنويات قطاع الأعمال
الافتقار الى الشفافية والمخاوف المتعلقة بضمانات الحكومة لديون الشركات الضخمة المرتبطة بالحكومة ستشعر المستثمرين بالتوجس إزاء إبقاء أموالهم في البلاد، ويتعين على دبي اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الشفافية والاتصال بعد أن تركت المستثمرين في بادئ الأمر لا يعرفون شيئا عن مصير أموالهم وأدلت بتصريحات مفرطة في التفاؤل ومضللة وقت ذروة الأزمة. وفي حين كانت دول خليجية أخرى تمول النمو من إيرادات النفط الذي ارتفعت أسعاره كانت دبي تقترض للاستثمار عن طريق شبكة من الشركات المرتبطة بالحكومة لا توفر قدرا يذكر من الشفافية.
وأقرض الدائنون الشركات المرتبطة بحكومة دبي معتقدين ضمنيا أن ديونهم تضمنها حكومة دبي لكنهم فوجئوا بأنه لا توجد أي ضمانة رسمية، وأثارت مشكلات دبي العالمية مخاوف بين المستثمرين من أن شركات أخرى على صلة بالحكومة قد تواجه مشكلات. وخفضت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني تصنيفها لسبع شركات مرتبطة بحكومة أبوظبي في مارس مشيرة إلى الافتقار الى دعم واضح من جانب الحكومة في أعقاب أزمة دبي.
وتتمتع الإمارات بإجراءات أمنية صارمة ربما تكون حمتها من الهجمات حتى الآن ولكن باعتبارها مركزا تجاريا قديما في المنطقة فهي منفتحة على أشخاص من مختلف مناحي الحياة، وجعلها ذلك عرضة لتسوية حسابات بين أطراف دولية. هذا وتشعر دول الخليج العربية بالأهمية الإستراتيجية بالنسبة للقوى الغربية بقلق شديد من احتمال استدراجها لصراع مسلح إذا ما تصاعد خلاف نووي بين إيران والقوى الغربية بدرجة أكبر.
وبالإضافة إلى ذلك فإن علاقات دبي الاقتصادية الوثيقة مع إيران غير العربية أثارت عملية تدقيق من جانب الولايات المتحدة التي فرضت جولة رابعة من عقوبات الأمم المتحدة على طهران في 9 يونيو لرفضها وقف أنشطتها النووية. وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران قد يضر دبي التي يقيم بها نحو 80 ألف إيراني وتضم ألوفا من الشركات الإيرانية، وفي العام الماضي ارتفعت قيمة عمليات إعادة التصدير من دبي لإيران ـ منتجات قادمة من أوروبا وآسيا وغيرها يعاد بيعها لإيران ـ بنسبة 4.8% إلى 21.3 مليار درهم ما يعادل 5.8 مليارات دولار.
النزاع الحدودي مع إيران
الصراع الحدودي مع إيران على ثلاث جزر واقعة بالقرب من ممرات ملاحية رئيسية تستخدم في نقل صادرات النفط والغاز مستمر منذ نحو 30 عاما ولا توجد دلائل على تحوله إلى صراع مسلح لكن المسألة مازالت تمثل حساسية خاصة بالنسبة للجانبين.
وردت طهران بعنف في ابريل بعد أن شبه وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان سيطرة إيران على الجزر باحتلال إسرائيل لأراض عربية، وتسيطر إيران على الجزر الثلاث وهي أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى لكن الإمارات تطالب بها بمساندة واسعة النطاق من الدول العربية. وتوترت العلاقات مع إيران منذ أن أقامت طهران مكاتب بحرية على واحدة من الجزر في عام 2008.