بعد عامين من الأزمة المالية في الكويت قررت أخيرا وزارة التجارة والصناعة أن تجد حلولا للشركات المتعثرة والخاسرة لـ 75% من رأسمالها.
هذه الشركات ظلت حتى فترة قريبة مثار جدل في سوق الكويت للأوراق المالية بعد أن تم توقيف معظمها عن التداول لعدم استطاعتها إعلان ميزانيتها العمومية في المدة المحددة قانونيا، وهو ما عده المساهمون فيها والمستثمرون مكافأة مجانية لإدارات الشركات لكي تعالج نفسها ببطء وخارج محاسبة المساهمين، بينما طالب فنيون ومختصون بضرورة تصفيتها، حسب ما تنص عليه المادة 178 من قانون الشركات التجارية.
ورغم مرور 24 شهرا على الأزمة، وأكثر من سنة ونصف السنة على توقيف شركات عن التداول، قال وزير التجارة والصناعة أحمد الهارون إن وزارته تتجه إلى تصفية الشركات الخاسرة لـ 75% من رأسمالها أو أن تجد الأخيرة مخرجا في الدمج.
وفسر هذا في السوق بأنه تحرك في وقت يتم فيه إنشاء هيئة أسواق المال واختيار أعضائها ورئيسها، في مشهد يوحي بوجود حملة تنظيف وإصلاح لما خلفه أكثر من عقدين من عدم تنظيم سوق الأوراق المالية ومراقبته من جهة حيادية كالهيئة التي خرجت أخيرا بقانون خاص من مجلس الأمة.
ومع أن الحملة جاءت بعد التصحيح الجذري للأسعار في البورصة، وهي مؤشر قد يؤثر على التداولات ونفسيات المستثمرين، هناك إجماع على ضرورة فلترة السوق بين شركات قادرة على الاستمرار وأخرى انتهى دورها وعليها الخروج كليا.
والهدف هو أن يتمكن المستثمرون من اتخاذ قرار استثماري صحيح أولا، ولكي تصبح البورصة مركزا لادخار الثروة ثانيا، بعد أن ظلت سنوات مركزا للمضاربة والربح السريع.
لكن البعض يرى أن ثمة تنسيقا خفيا بين بنك الكويت المركزي المسؤول عن مراقبة البنوك وشركات الاستثمار وبين وزارة التجارة المسؤولة عن مراقبة الشركات الأخرى المدرجة في قطاعات العقار والصناعة والتأمين والأغذية والخدمات.
إذ في الوقت الذي يجري فيه «المركزي» حملته «التصحيحية» التي تمثلت في معايير ثلاثة، هي الرفع المالي والسيولة السريعة والاقتراض الخارجي على شركات الاستثمار وتشكيل احتياطي إضافي لمواجهة أي أزمة مالية، كما هي الحال في البنوك التي يفترض أن تطبق معايير «بازل 3» الجديدة، تعمل الوزارة على إيجاد حلول للشركات الخاسرة لرأسمالها.
لكن في كلتا الحالتين هناك أزمة تطبخ على نار هادئة في البورصة عندما تقرر الجهات الرقابية في وزارة التجارة والبنك المركزي المضي قدما في اتجاهها لتعزيز مراكز المال في الشركات، حيث ستكون الحلول الأولية في رفع رأس المال من المساهمين، أي بمعنى آخر إنقاذها من جيوب من تضرروا أصلا من سياسة الشركات في حرق رأس المال.
والمشكلة الكبرى أن معظم أسهم هذه الشركات دون القيمة الاسمية عند 100 فلس التي يفترض أن يدفعها المساهمون لإعادة شركاتهم إلى الحياة، وهو ما يراه معظمهم غير منطقي، إضافة إلى وجود شبه قناعة سائدة بأن المساهمين لن يلدغوا من الجحر مرتين في استثمار في شركات أسماها الوزير الهارون نفسه بـ «العفنة».