- الشركة خاضعة لقانون الشركات التجارية وتتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية المساهمين فيها ولمجلس الإدارة مزاولة جميع الأعمال التي تقتضيها إدارة الشركة وفقاً لأغراضها
- يمكن إحالة الموضوع إلى ديوان المحاسبة.. ويمكن إحالة رئيس الشركة إلى نيابة الأموال العامة إذا ارتأت اللجنة ذلك درءاً للشبهات
المحرر الاقتصادي
أكد وزير المالية، رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاستثمار مصطفى الشمالي ان التحقيق البرلماني لا يجوز ان يتم مع أشخاص القانون الخاص بما في ذلك الشركات التي تساهم فيها الدولة أيا كانت نسبة مساهمتها. واوضح الوزير في رده على طلب لجنة الشؤون المالية والاقتصادية (بصفتها لجنة تحقيق برلمانية) التحقيق مع الشركة الكويتية للاستثمار بناء على طلب تقدم به النائب مسلم البراك بشأن التجاوزات المالية للشركة، والذي حصلت «الأنباء» على نسخة منه انه ووفقا للدراسة الدستورية والمقدمة من الشركة الكويتية للاستثمار والتي أعدها الخبير الدستوري د.محمد المقاطع فإنه قرار خرج عن أحكام الدستور لعدم جواز ان يتم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لمباشرة أعمالها في موضوعات تتعلق بأعمال شركة من الشركات الخاصة والتي لا يمتد عمل لجان التحـقيق البـرلمانية بحـكم الدستور ونص المادة 114 منه. وشدد الشمالي في رده على انه وحرصا على حماية المال العام والتحقيق في الادعاءات المنسوبة الى الشركة والى رئيس مجلس ادارتها، ودرءا للشبهات المثارة حولهما ومن باب التعاون مع اللجنة، فإنه يمكن ان تتم إحالة هذه الادعاءات الى ديوان المحاسبة لتحقيق الوقائع المنسوبة الى الشركة وفقا للصلاحيات المخولة له بموجب أحكام القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة وكذلك وفقا لصلاحيات الديوان المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 1964 الصادرة بشأن الديوان، كما يمكن ان تتم احالة رئيس مجلس ادارة الشركة الى نيابة الأموال العامة، تاركا الأمر في يد اللجنة لاتخاذ القرار ومستعدا لتنفيذ ذلك واحالته للنيابة العامة إذا ارتأت ذلك. كما أبدى استعداده التام لحضور اجتماع اللجنة المذكورة وكذلك حضور المسؤولين في الهيئة العامة للاستثمار للإجابة على أسئلة اللجنة وتقديم البيانات المتعلقة بحدود سلطة الحكومة عن أعمال الشركة المذكورة دون ان نتجاوز ذلك بتقديم أية أمور أو بيانات تدخل في صميم أعمال الشركة ونشاطها. وفيما يلي نص رد الوزير على طلب اللجنة ورأي الخبير الدستوري د.محمد المقاطع المرفق في الرد:
بالاشارة الى كتابكم رقم 1814 المؤرخ في 14/7/2010 بشأن قرار مجلس الأمة الموقر بجلسته المعقودة بتاريخ 29/6/2010 بتكليف لجنة الشؤون المالية والاقتصادية – كلجنة تحقيق – لدراسة ما تم عرضه واثارته من قبل النائب مسلم محمد البراك، بشأن التجاوزات المالية للشركة الكويتية للاستثمار. والى طلب اللجنة تزويدها بالبيانات والمستندات التي سبق للنائب مسلم محمد البراك ان وجه أسئلة بشأنها، والتي تتكون من 56 سؤالا مستندا.
وبادئ ذي بدء، ومع التقدير الكامل للجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولكافة أعضائها ومع ترحيب الهيئة الكامل بتشكيل أي لجنة للتحقيق البرلماني في كل ما تمارسه الهيئة من صلاحيات أو ممارسات، فإن الشركة المذكورة هي شركة خاضعة لقانون الشركات التجارية الصادرة بالقانون رقم 15 لسنة 1960، تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية المساهمين فيها.
وأيا كان ما تملكه الهيئة من حصة في الشركة فهي شخص من أشخاص القانون الخاص، ولمجلس ادارتها ان يزاول جميع الأعمال التي تقتضيها ادارة الشركة وفقا لأغراضها، ولا يحد من هذه السلطة إلا ما نص عليه القانون أو نظام الشركة أو قرارات الجمعية العامة، إعمالا للفقرة الأولى من المادة 146 من قانون الشركات التجارية.
ولم يرد في القانون أو في نظام الشركة أو في قرارات الجمعية العمومية، ما يخول الهيئة أو غيرها من الأشخاص المعنوية المساهمة في الشركة، ان ينوب عنها أو يمثلها في لجان التحقيق أو في التقاضي بوجه عام، حيث ان الممثل القانوني للشركة هو رئيس مجلس ادارتها.
كما ان الهيئة لا تستطيع استخدام قدرتها التصويتية في الجمعية العامة او في مجلس الادارة، بما يهدد الكيان القانوني المستقل للشركة ولادارتها، لان هذه القدرة التصويتية تجد حدها الطبيعي في احترام هذا الاستقلال وعدم الخروج على احكام القانون واحترام قرارات مجلس ادارة الشركة التي صدرت وفقا للصلاحيات المخولة بموجب قانون الشركات التجارية.
وجدير بالذكر ان المشرع قد قصر صلاحيات الحكومة في التدخل في علاقات العمل بالشركات على ما نصت عليه المادة 38 من قانون الخدمة المدنية من اختصاص مجلس الخدمة المدنية باقرار نظم المرتبات للشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة، وعدم جواز تعديل هذه النظم الا بموافقة مجلس الخدمة المدنية.
كما اجازت لمجلس الخدمة المدنية عند الاقتضاء مراجعة نظم المرتبات في الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها بما يكفل تنفيذ السياسة العامة للمرتبات والاجور.
وهو اختصاص تشريعي لمجلس الخدمة المدنية، تقديرا من المشرع للكيان القانوني المستقل للشركات، ولاستقلال مجالس ادارتها بمزاولتها لجميع الاعمال التي تقتضيها ادارتها وفقا لاغراضها، ومن بينها تعيين العاملين بها ونقلهم او ندبهم وجميع شؤونهم الاخرى، وفقا لعقودهم ولوائح الشركة، ولاحكام قانون العمل في القطاع الاهلي.
ومع ذلك، فإنه انطلاقا من مبدأ التعاون مع المجلس الموقر ومع اللجنة الموقرة، نرفق طي كتابنا هذا ما لدى الهيئة من معلومات زودتنا بها الشركة الكويتية للاستثمار ردا على الاسئلة التي طرحتها اللجنة.
الرأي الدستوري
وحول مدى جواز ان يمتد التحقيق البرلماني الى اشخاص القانون الخاص (شركات أو افراد) وهي دراسة دستورية موجزة اعدها د.محمد المقاطع استاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت قال فيها:
يهدف التوزيع الدستوري للاختصاصات الذي هو احدى النتائج الطبيعية لمبدأ الفصل بين السلطات، الى تأكيد نطاق عمل كل سلطة من السلطات في حدود مرسومة ومعروفة حتى يكون الفصل بين الوظائف له واقعه الذي جاء مبدأ الفصل بين السلطات لبلوغه باعتباره احدى ركائز هذا المبدأ الذي بُني على فكرة الفصل الثلاثي فصلا يشمل في ثناياه الاشخاص والمؤسسات والوظائف، فلا يجوز ان يتم اقحام اي سلطة في اي وجه من وجوه اعمال السلطة الاخرى في شأن جوانب الفصل الثلاثة السابقة، ومن هنا نجد ان هذا الفصل الثلاثي يجد انعكاسه المباشر في الدساتير المختلفة حينما تتصدى لتنظيم فكرة التوزيع الدستوري للاختصاصات كي تضمن وجود وظائف محددة لكل سلطة من السلطات الثلاث تستقل بها وفي ممارستها عن السلطتين الاخريين بصورة واضحة وان يحفظ لكل سلطة نطاق اختصاص يختلف عن اختصاصات السلطتين الاخريين.
وتفريعا على هذا المبدأ الدستوري الكلي، نجد ان اختصاص السلطة التشريعية (البرلمان) يقف عند حدود ممارسة تلك الامور او الموضوعات او المسائل التي تدخل في نطاق اختصاص هذه السلطة، سواء اتصل ذلك بالمسائل التشريعية او كان ذلك في نطاق الرقابة السياسية والاختصاص المالي، ولا تملك السلطة التشريعية في الانظمة الدستورية البرلمانية على وجه الخصوص ان تخرج عن هذا المبدأ لتقحم نفسها في ميدان او عمل او امر لا يدخل في اختصاصها، باعتبار ان ذلك انما يكون حصرا وحكرا على سلطة اخرى سواء كانت السلطة التنفيذية او السلطة القضائية، اما اذا عمد أو تعمد البرلمان (مجلس الامة) اقحام نفسه على أمور وموضوعات لا تدخل في اختصاصه أساسا، فإنه بذلك يكون قد تجاوز مبدأ الفصل بين السلطات وخرج عنه خروجا صارخا.
وسائل الرقابة السياسية البرلمانية ولجان التحقيق البرلمانية: وفي ضوء ما سبق، فإنه من ضمن المسائل التي يختص بها مجلس الامة الكويتي وفقا للدستور هو اختصاصه في الرقابة السياسية والمالية، وله في سبيل نهوضه بمهام ممارسة اختصاصه الرقابي ان يستخدم ادوات برلمانية مختلفة، منها الاقتراع برغبة والسؤال البرلماني وطرح موضوع عام للمناقشة وتشكيل لجان التحقيق البرلمانية وتقديم الاستجوابات، وكذلك طرح الثقة للوزير أو لرئيس الوزراء حسب الاحوال، وهذا الاختصاص الرقابي ليس اختصاصا مطلقا، بحيث يمارس دون قيد أو ضوابط أو في نطاق خارج ما حدده الدستور من نطاق لمثل هذه الرقابة من حيث موضوعها وطبيعتها واجراءاتها والتي أكملت احكامها اللائحة الداخلية لمجلس الامة، واذا عدنا الى التحقيق البرلماني نجده ايضا خاضعا للقيود والضوابط السابق ذكرها ولا يجوز ان يمارس دون التقيد بالحدود والنطاق اللذين قررهما الدستور ايضا.
حدود اختصاص لجان التحقيق البرلمانية وما يخرج عنها: ويمكن ان نبين وبصورة موجزة ان التحقيق البرلماني وعلى ما يجمع عليه الفقه الدستوري وتسانده احكام القضاء الدستوري ايضا، هو ذلك الاختصاص الذي يمنح للبرلمان (مجلس الامة) كي يقف هو وبصورة مباشرة على حقيقة أمر أو موضوع أو قضية من الامور الداخلة في نطاق اختصاصه، وهو يمارس رقابته على السلطة التنفيذية سواء تمثلت برئيس الوزراء أو وزير من الوزراء أو لأي جهة أو أجهزة حكومية تابعة لرئيس الوزراء أو الوزير المعني، للتأكد من وجود الخلل أو المخالفة أيا كانت طبيعتها في اعمال الوزير أو الجهاز التابع له، باعتبار ان الرقابة على اعمال الوزراء والاجهزة الحكومية والادارية التابعة لهم مما يدخل في الاختصاص الرقابي السياسي أو المالي للبرلمان (مجلس الأمة) وهو ما يمنحه بسبب هذا الاختصاص القدرة على مباشرة رقابته السياسية عليها من خلال لجان التحقيق البرلمانية.
وبالرجوع الى نص المادة 114 من الدستور نجدها تنص على ما يلي: «يحق لمجلس الأمة في كل وقت ان يؤلف لجان تحقيق أو يندب عضوا أو اكثر من اعضائه للتحقيق في أي أمر من الامور الداخلة في اختصاص المجلس، ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منهم».
اختصاص اللجان البرلمانية حصري وقاصر على اختصاص المجلس تجاه الحكومة: وواضح من هذا النص الدستوري ان التحقيق البرلماني الذي يختص به مجلس الامة يجب ان يكون في الامور الداخلة في اختصاصه أصلا، سواء كانت اختصاصا تشريعيا رقابيا سياسيا أم ماليا، مما يتولاه المجلس في مواجهة السلطة التنفيذية تمثلت بوزرائها وكل الاجهزة الحكومية والادارية التابعة لها، وهذا هو اختصاص حصري أي انه محصور وقاصر فقط على الامور الداخلة في اختصاص المجلس ما يعني خروج ما عداها من الامور والموضوعات الاخرى عن الخضوع للتحقيق البرلماني.
ويقول د.عثمان عبدالملك الصالح في مؤلفه النظام الدستوري الكويتي ومؤسساته السياسية ما يلي: «والحقيقة ان لجان التحقيق التي يؤلفها المجلس من اعضائه المنتخبين تتيح له امكانية مراقبة اعمال السلطة التنفيذية والتي تدخل في دائرة التحقيق».
كما يشير د.عبدالفتاح حسن في كتابه مبادئ النظام الدستوري في الكويت الى ما يلي: «وقد يتشكك المجلس في حسن نية الحكومة أو في صحة ما قد تقدمه من معلومات وبيانات فيرغب في ان يستوضح الامر بنفسه فيجري المجلس تحقيقا».
ويضيف في موضع آخر قائلا: فقد خشي من الجانب الآخر ان يسرف المجلس في استعمال هذا الحق، فترى الحكومة ويرى موظفوها انه لا عمل لهم سوى تقديم البيانات والوثائق للجان التحقيق المنبثقة عن مجلس الامة.
ويورد د.محمد المقاطع في مؤلفه الوسيط في النظام الدستوري الكويتي ومؤسساته السياسية: «ويتبين في هذا النص ان مجلس الامة يملك تشكيل لجان تحقيق في الامور الداخلة في اختصاصه وحدها»، ويضيف في موضع آخر: «ويبلغ رئيس المجلس طلب التحقيق الى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص..... ويجوز للجنة التحقيق استدعاء الموظفين للشهادة أمامها وتستطيع إجبارهم على الحضور أمامها».
وقد قررت المحكمة الدستورية في الكويت في حكميها التفسيريين رقمي 1 و2 لسنة 1986 وبشكل قاطع توضيحا لما يدخل في أعمال لجان التحقيق البرلمانية في مواجهة السلطة التنفيذية قائلة: «فإن المسلم ان التحقيق البرلماني هو حق أصيل للسلطة التشريعية يستمد وجوده من طبيعة النظام البرلماني نفسه، ولو لم يرد به نص في الدستور وبه تتوصل السلطة بنفسها أو عن طريق لجنة تشكلها، الى ما تريد معرفته من الحقائق التي يمكن ان تكون قد خفيت عنها أو وصلت اليها غير واضحة أو ناقصة عن طريق الوزراء المختصين، ومرد ذلك الى ما لها من حق الرقابة والتشريع».
«كما يمكنه من مراقبة سلامة ما اتخذته السلطة التنفيذية من أعمال ومدى ملاءمتها للاهداف التشريعية أو السياسية، وما يرتبط به من تحديد المسؤول عن عدم التنفيذ السليم من الناحية السياسية»، وهذا هو المستقر في النظام البرلماني البريطاني ايضا.
«إذ أن البين من نص المادة 114 سالفة الذكر انه جاء عاما مطلقا من أي قيد أو شرط، اللهم الا اشتراط ان يكون موضوع التحقيق داخلا في اختصاص المجلس النيابي».
«فإنه لما كان الهدف من التحقيق هو في المقام الاول تمكين السلطة التشريعية من القيام بمهمتها والوقوف على سير الجهاز الاداري لعلاج ما قد يكون قد أصابه من خلل وليس هدفه دائما وبالضرورة الاتهام وتحريك المسؤولية السياسية أو الجنائية ومن ثم فلا مانع يمنع أن يطال التحقيق اعمالا صادرة من السلطة التنفيذية في أي فترة معقولة من الزمن وإن كانت قد وقعت في عهد وزارة أو وزارات سابقة».
وقد جاء في حكم المحكمة رقم 2 لسنة 1986 ايضاحا بأن التحقيق البرلماني انما يكون في مواجهة السلطة التنفيذية والاجهزة التابعة لها، حيث أورد الحكم ما يلي:
«وحيث انه من المسلم به ان لمجلس الامة حق تأليف لجان تحقيق في أي أمر من الامور الداخلة في اختصاصه طبقا لحكم المادة 114 من الدستور، وان هذا الاختصاص مصدره المبادئ العامة المترتبة على حق المجلس في التشريع والرقابة، وبالتالي يكون كل موضوع أو أمر يستطيع المجلس أن يمارس فيه صلاحياته المذكورة هو ما تطاله سلطة المجلس المقررة بهذا الصدد، ولا شبهة والحالة هذه في ان تدخل في المجال الرقابي للمجلس اعمال السلطة التنفيذية وما يتبعها من اجهزة ومؤسسات وهيئات عامة». ومما يؤكد ان التحقيق البرلماني إنما يكون مواجهة السلطة التنفيذية والاجهزة الحكومية التابعة لها، هو ان الاصل ان ينظر طلب التحقيق في الجلسة المحددة لموعد نظره، الا ان اللائحة قد أجازت لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص ان يطلب تأجيل نظره لمدة أسبوعين على الاكثر، ويتعين على المجلس ان يستجيب لطلبه ولذا اذا كان التحقيق ممكنا وجائزا في مواجهة طرق غير ماثلة وهذا ما يقتضيه مبدأ الضمانات والعدالة».
ما يخرج عن اختصاص لجان التحقيق البرلمانية: وبالهدي على كل ما سبق فإننا يمكن ان نوضح ان هناك جملة من الموضوعات والامور التي تخرج عن نطاق اختصاص لجان التحقيق البرلمانية، ولا يجوز أن يمتد عملها اليها، والا شكلت خروجا صارخا على احكام الدستور، من أمثلة ما يخرج عن اختصاص أعمال التحقيق البرلماني الذي يباشره مجلس الأمة لأنها لا تدخل في نطاق عملها التشريعي من جهة، كما أنها ـ وهو المهم هنا ـ لا تدخل اطلاقا في مجال عملها الرقابي القاصر على السلطة التنفيذية من جهة اخرى ما يلي:
أ ـ أعمال ونشاط اشخاص القانون الخاص، أي الافراد العاديين أو المؤسسات الفردية الخاصة أو الشركات الخاصة، حتى لو كانت الحكومة تملك جزءا من الملكية في أسهم هذه الشركات كبرت هذه الحصة أم صغرت.
ب ـ أعمال الشركات الخاصة المملوكة ملكية كاملة للحكومة.
ج ـ الاعمال والتصرفات الجزائية التي تدخل في نطاق اختصاص النيابة العامة أو السلطة القضائية.
د ـ مباشرة أعمال التحقيق الاداري الذي يدخل في نطاق المسألة التأديبية التي تملكها السلطة التنفيذية على موظفيها.
و ـ التصدي لأعمال ذات طبيعة قضائية فضا لنزاعات أو باتخاذ اجراءات ذات طبيعية قضائية مما تدخل في نطاق اختصاص السلطة القضائية.
هـ ـ كل موضوع آخر لا يدخل في نطاق الاختصاص الحصري التشريعي أو الرقابي لمجلس الامة مما نصت عليه المادة 114 من الدستور.
الوضع الدستوري لقرار مجلس الامة بتاريخ 29/6/2010 في تكليف لجنته المالية والاقتصادية بوصفها لجنة تحقيق لبحث اعمال الشركة الكويتية للاستثمار: وفي ضوء ما تقدم وتطبيقا لاحكام الدستور الكويتي وما ورد على وجه الخصوص في المادة 114 منه في شأن لجان التحقيق البرلمانية واختصاصها، فإننا نضع قرار مجلس الامة الصادر في 29/6/2010 في شأن التحقيق في اعمال الشركة الكويتية للاستثمار في سياقه الدستوري، وعليه يمكن ان نشير هنا وبصورة واضحة الى ان قرار مجلس الامة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بمناسبة مناقشته لميزانية الهيئة العامة للاستثمار، في شأن اعمال الشركة الكويتية للاستثمار، انما هو قرار خرج عن احكام الدستور لعدم جواز ان يتم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لتباشر اعمالها تلك في موضوعات تتعلق بأعمال شركة من الشركات الخاصة والتي لا يمتد عمل لجان التحقيق البرلمانية بحكم الدستور وصراحة نص المادة 114 منه اليها، بأنه وعلى ما اجمع عليه الفقه الدستوري والقضاء الدستوري انما يكون التحقيق البرلماني في موضوعاته ونطاقه هو في الامور الداخلة في اختصاص مجلس الامة في رقابته على السلطة التنفيذية تمثلت في احد وزرائها او بالاجهزة والمؤسسات الحكومية او الادارية التابعة لها، ويخرج منها حتما وجزما الشركات الخاصة ومنها الشركة الكويتية للاستثمار لما نخلص معه الى عدم جواز القيام بأعمال التحقيق البرلماني في شأن اعمال هذه الشركة.
البدائل القانونية للتعامل مع الامور الخارجة عن اختصاص لجان التحقيق البرلمانية: واجلاء للامر ووضعا للحقيقة في سياقها الطبيعي، نؤكد هنا على امكانية مطالبة مجلس الامة الوزير المعني بإحالة الشركات التي تملك الحكومة جزءا من اسهمها الى النيابة العامة في حالة وجود مخالفات لقانون الاموال العامة، كما يجوز ايضا احالة الامر الى ديوان المحاسبة ليباشر اختصاصه في هذا الشأن وفقا لما هو مقرر في قانون الاموال العامة ايضا، وهذا هو الطريق الصحيح للتعامل مع هذا الموضوع او الموضوعات المشابهة والتي لا تدخل اساسا في نطاق اعمال التحقيق البرلماني.
ونشير في هذا الخصوص الى انه مما ذكره الخبير الدستوري للمجلس التأسيسي د.عثمان خليل عثمان في شأن سلطة التحقيق البرلماني هو ما يلي: «هذه الشهادة ليست لها قيمة الا على سبيل الاستدلال لدى اللجنة البرلمانية، وكل ما تستطيعه اللجنة البرلمانية هو ان ينتهي التحقيق الى تحريك المسؤولية الوزارية او الى وضع مشروع قانون، لكنها لا تستطيع ان تصدر قرارا بإدانة موظف او بإدانة فرد، يعني التحقيق البرلماني ليس يحل محل تحقيق النيابة ولا محل تحقيق الجهة الادارية».
خلاصة الرأي الدستوري
خلاصة لكل ما تقدم فإن التحقيق البرلماني ترد عليه قيود في شأن الموضوعات التي يجوز ان يطالها ومن هذه القيود عدم جواز ان يكون التحقيق في شأن امور تتعلق بشخص من اشخاص القانون الخاص ومجريات شؤونه وادارته لعمله، اللهم الا اذا كان استيضاحا للمعلومات من الجهة الحكومية التابع لها في شأن سلطتها تجاهه فقط، وما لها من اختصاصات بحكم تلك السلطة، دون ان تتعدى ذلك الى امور واعمال تتصل بنشاط الشركة ذاتها او ما يقوم به من عمل او تتخذه من قرارات ولا يعني عدم خضوع الشركات الخاصة لاداة التحقيق البرلماني كونه احدى ادوات مساءلة السلطة التنفيذية من قبل البرلمان، هو الانتهاء الى افلات الشركة او مجلس ادارتها او ادارتها التنفيذية من اوجه المساءلة القانونية، وانما يتم ذلك وفقا للنظام القانوني للدولة، وتوجد في هذا الخصوص بدائل ووسائل اخرى قانونية يمكن ان يتم اللجوء اليها في حالة وجود خروج من قبل اشخاص القانون الخاص ممن تكون تحت ايديهم اموال عامة او مساهمات من قبل الدولة، من خلال اللجوء الى النيابة العامة او ديوان المحاسبة وفقا لنصوص قانون حماية الاموال العامة او قانون الجزاء، وهذه طريقة تختلف تماما عن اخضاعها للتحقيق البرلماني الذي لا تخضع له اطلاقا.