أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير إلى أن عرض النقد بمفهومه الواسع (m2) ازداد في شهر سبتمبر الماضي بمقدار 62 مليون دينار مقارنة مع الشهر السابق، أي بنمو بلغ 0.2%، مسجلا ثاني ارتفاع شهري له بعد سلسلة من الانخفاضات شهدها هذا العام ما بين شهري مارس ويوليو.
ورأى الوطني أن انخفاض عرض النقد في وقت سابق من العام الحالي يعزى بشكل رئيسي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي، ففي ذلك الوقت، كانت التوقعات بشأن خطة التنمية الخمسية للحكومة أقل تفاؤلا عما هي عليه اليوم. ولكن منذ ذلك الحين، يبدو أن الأمور قد تحسنت، كما أن التباطؤ الموسمي الذي كان عنوان شهري يونيو ويوليو، والذي يتصف عادة بتدفقات نقدية كبيرة إلى الخارج، قد انتهى الآن. بينما أدى تجديد الحكومة التزامها بتنفيذ المشاريع الكبيرة الواردة في خطة التنمية بوتيرة أسرع إلى خلق بعض التفاؤل الحذر.
ولحظ الوطني أن حجم القروض الممنوحة للمقيمين نما بمقدار 19 مليون دينار هذا الشهر، أي بنسبة 0.1%، بعد أن ارتفع بواقع 0.2% في الشهر السابق. أما على أساس سنوي، فبقي معدل نمو الائتمان ضعيفا، وتراجع من 2.1% في شهر أغسطس إلى 1.1% في شهر سبتمبر. ولكن متوسط النمو لثلاثة أشهر، محتسبا على أساس 12 شهرا، قد خرج من النطاق السلبي الذي كان قد راوح فيه في الأشهر الثلاثة الماضية. ورغم أن ذلك لا يعتبر مؤشرا ملحوظا للتحسن، لكنه يشير الى عودة الاستقرار إلى سوق الائتمان، او الى بلوغه أدنى مستوى ممكن له، بانتظار انتعاش اكثر ثباتا مع بدء الإنفاق الحكومي.
وأشار الوطني إلى أن القروض الممنوحة لقطاع التجارة، والتي ارتفعت بمقدار 32 مليون دينار عن الشهر السابق، كانت في طليعة العوامل التي أدت الى زيادة حجم الائتمان في شهر سبتمبر، تليها القروض الممنوحة الى قطاع الإنشاءات والقطاع العقاري. إلا أن بيانات التسهيلات الشخصية جاءت متباينة، إذ بينما ارتفعت القروض الاستهلاكية والمقسطة بواقع 26 مليون دينار، انخفضت القروض الممنوحة بغرض شراء أوراق مالية بمقدار 15 مليون دينار، كذلك انخفضت القروض الممنوحة الى المؤسسات المالية غير المصرفية بمقدار 43 مليون دينار.
وبين التقرير ان قطاع التجارة شهد أسرع نمو في الائتمان في الربع الثالث من العام الحالي، مرتفعا بواقع 2.6% (59 مليون دينار) مقارنة مع الربع السابق، وفيما عدا ذلك، كان قطاع التسهيلات الشخصية هو القطاع الوحيد الآخر الذي نما بشكل كبير في هذا الربع، مسجلا ارتفاعا نسبته 1.2% (97 مليون دينار)، نتج ثلثاه عن النمو في القروض الاستهلاكية والمقسطة، في حين شهد الائتمان الممنوح للمؤسسات المالية غير المصرفية أكبر تراجع بين كافة القطاعات، منخفضا بواقع 2.5% (71 مليون دينار). أما القطاعات الأخرى فقد حافظت على مستوياتها السابقة أو شهدت تراجعا طفيفا.
من جهة ثانية، لحظ الوطني أن ودائع المقيمين من القطاع الخاص ارتفعت بمقدار 54 مليون دينار في سبتمبر بعد ان كانت قد ارتفعت بواقع 186 مليون دينار في شهر أغسطس، ما رفع معدل نموها السنوي بشكل طفيف من 2.4% في شهر أغسطس الى 2.6% في سبتمبر.
وفي مقابل هذا النمو في ودائع المقيمين، تراجعت ودائع غير المقيمين بمقدار 168 مليون دينار شهريا، لكنها حافظت على معدل نموها السنوي من دون تغيير، وأشار الوطني إلى أن أسعار الفائدة على الودائع بالدينار الكويتي كانت في انخفاض مستمر منذ العام 2008، خاصة بعد الازمة وما نتج عنها من ضعف في نمو الموجودات المصرفية. ولكن يبدو ان هذا المسار قد شارف على نهايته مع بلوغ الأسعار مستويات منخفضة قياسية جديدة في الشهر السابق.
وبناء عليه، بقيت أسعار الفائدة على الودائع بالدينار على حالها في شهر سبتمبر عند 1.03% لأجل شهر واحد و1.20% لأجل ثلاثة أشهر، فيما ارتفعت بمقدار نقطة أساس الى 1.44% لأجل ستة أشهر و1.72% لأجل 12 شهرا.
من جهة ثانية، لحظ الوطني أن الموجودات السائلة لدى البنوك المحلية (مع احتساب صافي الودائع ما بين البنوك) تراجعت بمقدار 113 مليون دينار شهريا. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تراجع ودائع البنوك لدى بنك الكويت المركزي. ورغم الانخفاض الطفيف الذي شهدته في شهر سبتمبر، بقيت نسبة الموجودات السائلة الى إجمالي الموجودات اعلى بكثير من المستويات التي سجلتها في السنتين الاخيرتين، وبقيت اسعار الفائدة في سوق ما بين البنوك على حالها تقريبا في الاشهر التسعة الاخيرة، ما يؤشر إلى ان البنوك تحافظ على مستويات مرتفعة من السيولة.
اما بالنسبة لأسعار الصرف، فلحظ الوطني أن الدينار ارتفع مقابل الدولار بنسبة2.7%منذ شهر اغسطس، وذلك نتيجة تراجع الدولار مقابل العملات الرئيسية حول العالم. لكن نظرا إلى الخسائر الكبيرة التي مني بها الدولار، لم يفلح الارتفاع الطفيف للدينار مقابل الدولار في تجنيبه تراجعا إضافيا مقابل العملات الرئيسية الأخرى وخاصة اليورو. وبناء على ذلك، انخفض سعر صرف الدينار مقابل اليورو بنسبة 8% إضافية خلال الفترة نفسها.