تنظر الصين والاقتصادات الناشئة إلى قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي بشأن الموجة الثانية من زيادة حجم المعروض من الدولار بواقع تريليون دولار أو كمية أشد احتراسا قدرها 500 مليار دولار، على أنها محاولة لخفض سعر العملة الأميركية.
وحذر محللون من أن قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي المرتقب يهدد بتسريع موت نظام العملات القائم على أساس الدولار مؤديا إلى نظام ثلاثي غير مستقر مع اليورو واليوان أو معيار هجيني من الذهب أو وحدة نقدية عالمية مكونة من معادن متعددة (بانكور) على غرار ما اقترحه الاقتصادي جون مينارد كينز في أربعينات القرن الماضي.
وكانت وزارة التجارة الصينية أبدت انزعاجها من نيات واشنطن يوم الاثنين قائلة إن استمرار هبوط الدولار بحدة أخيرا دفع بلدانا، بينها اليابان وكوريا الجنوبية وتايلند، إلى التدخل في سوق العملات مؤججة «حرب عملات». وتوقعت الوزارة أن يواصل الدولار هبوطه على المدى المتوسط، لتتصاعد معه المناورات بين العملات الرئيسة.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن ديفيد بلوم مسؤول قسم العملات في مصرف «ايج اس بي سي» قوله إن أساس المشكلة هو غياب الطلب في الاقتصاد العالمي تاركا الاقتصادات الغربية أسيرة المراوحة في مكانها عمليا. وأضاف بلوم أنه لم تعد هناك رافعات للسياسة الاقتصادية، ويتعين على البلدان أن تتبع سياسة نقدية تقشفية، مشيرا إلى أن أسعار الفائدة تقرب الآن من الصفر، وبالتالي فإن «الملاذ الأخير هو إضعاف العملة، وهذا ما يحاول الجميع أن يفعلوه». وكان وزراء مالية مجموعة العشرين حذروا الشهر الماضي من السعي إلى كسب افضليات تجارية عن طريق خفض قيمة العملة، ولكن يبدو أن تحذيرهم لم يلق استجابة.
ويوم الاثنين تدخلت تايوان لوقف ارتفاع عملتها، فيما أعلن محافظ البنك المركزي الكوري أن بلاده تدرس فرض ضوابط على حركة رأس المال في إطار خطتها لوقف سيل الدولارات المتدفقة من الولايات المتحدة إلى آسيا. وفرضت البرازيل ضريبة بنسبة 2% على تدفق الدولار إلى سوق السندات والأسهم، لاسيما بعد ارتفاع سعر الريال البرازيلي بنسبة 35% مقابل الدولار هذا العام والعجز التي سجلته البرازيل في حسابها الجاري. وقال نيل ميلور من مصرف نيويورك ميلون إن وقف السيولة المتدفقة على هذه البلدان يزداد صعوبة، ومن المتوقع أن تتحرك مصارف مركزية أخرى لفرض ضوابط على حركة رأس المال خلال الشهرين المقبلين. وهذا يعني أن العولمة أخذت تتفكك أمام أنظارنا. أما بالنسبة إلى البلدان الأربعين أو نحو ذلك التي ربطت عملتها بالدولار فإن سياسة مجلس الاحتياط الفيدرالي غير المنضبطة تسبب لها متاعب جمة. فهي تستورد سياسة نقدية متراخية، بحيث لا تلبي احتياجات اقتصادات تنمو بوتائر متسارعة. وما كان يراد له أن يوفر أساسا للاستقرار أصبح مصدر تهديد.