قال الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي (بيتك) محمد سليمان العمر ان هيئة الفتوى والرقابة الشرعية جسدت المسؤولية الاخلاقية والاجتماعية نحو المجتمع كوحدة متجانسة، وتؤدي دورها في حماية العميل بالتحقق من شرعية المعاملات مما يمثل ضمانة للمصرف وعملائه، وقامت خلال مسيرة «بيتك» بدورها في تطوير العديد من المنتجات التي احدثت نقلة نوعية في تاريخ الصيرفة الاسلامية.
ودعا الحكومات للجوء الى الصكوك لتوفير التمويل لمشاريعها، فهي تخلق الاصول وتجعل لها قيمة بدفاتر الحكومات والشركات، حيث اثبتت الصكوك نجاحا كبيرا في تمويل العديد من المشاريع باختلاف انواعها ما جعلها تحظى باعتماد وطلب كبيرين على مستوى العالم.
وقال العمر في ورقة عمل قدمها لملتقى بيروت للمؤسسات المالية الاسلامية الذي اختتمت اعماله بالعاصمة اللبنانية مؤخرا، ان الصكوك التي تمثل البديل الشرعي للسندات لم تحظ بالفرصة التي تؤكد دورها في توفير التمويل المناسب رغم ما تحمله الصكوك من مزايا من ابرزها انها تعتمد على تحقيق وخلق اصول لها قيمة محددة مما يجعل عملية التمويل بكاملها تستند الى اصول حقيقية ملموسة، كما انها لا تضيف عبئا على ميزانية الشركات والحكومات، ومنها صكوك المشاركة التي تعد من ادوات توسيع الملكية وخلق قاعدة عريضة من المساهمين المستفيدين من الارباح، مؤكدا ان البنوك الاسلامية تعمل على تحقيق الاستغلال الامثل للموارد على صعيد الفرد والمجتمع، وان منهجها الداعم لعملية التنمية وتطوير المجتمع والهادف الى اعمار الارض يجعلها ذات قبول ومصداقية على مستوى العالم ويحمل في مضامينه المسؤولية الاجتماعية.
وشدد العمر على ان البنوك الاسلامية اصبحت قطاعا مهما في الاقتصاد العالمي وترى ان مصلحتها في الالتزام والمؤاءمة مع المتطلبات والضوابط التي تسري على غيرها، مع الاحتفاظ بخصوصيتها وطبيعة عملها المختلفة، ولذلك تنشط هيئات المحاسبة والمعايير التابعة للبنوك الاسلامية والتي تكتسب صفة عالمية في اعداد العديد من المعايير المالية والرقابية والشرعية وتحقيق القبول والاعتماد لها من الهيئات العالمية المعنية بذلك، وهنا تبدو اهمية تطوير واستيعاب معايير بازل 2و3، والعمل على أسس اقتصادية ومهنية، وتعزيز إدارات المخاطر في المؤسسات المصرفية والبنوك الإسلامية، والاهتمام بأقسام الدراسات.
وجاء في ورقة العمر حول البنوك الاسلامية، انها توشك على الخروج من تداعيات الآثار السلبية للازمة المالية العالمية، لكنها مازالت بحاجة إلى الدعم الحكومي الذي أصبح أمرا أساسيا، وقد تسببت الازمة في إعادة هيكلة البنية المالية العالمية، والنظريات الحاكمة للنمو، والتأكيد على فرضية الإنفاق الحكومي.
ولفت الى ان اهمية البنوك الاسلامية تكمن في تقديم حلول للشركات الاستثمارية لاستعادة النمو، والقدرة على توسيع دائرة الاستثمارات الإقليمية العملاقة والمشتركة، حيث تعتمد البنوك الإسلامية على استثمارات حقيقية غير ورقية، وتستهدف المشاركة دوما في جهود إعادة أجواء الثقة في الأسواق، بالإضافة إلى تطوير صيغ تمويلية تعتمد على المشاركة بين التمويل الحكومي والتمويل المصرفي الإسلامي، مع تطوير أسواق رأس المال وتعديل تشريعات الصكوك لتوفير المزيد من مصادر التمويل والدعم.
وحول المسؤولية الاجتماعية لـ «بيتك» فانها تنطلق من منهج عمله الذي يرى للمال دورا في المجتمع ويركز على أهمية أن تستهدف أنشطته «اعمار الأرض»، والأولوية للمساهمة في إنجاح المشروع التنموي العام للدولة وخدمة جميع شرائح المجتمع، كما ان الدور الاجتماعي في مجتمع غني قد لا يعني صرف الأموال فقط بل نقل الخبرة والتجربة أيضا لتعم المنفعة على الجميع.
واكد ان من المجالات الأساسية للمسؤولية الاجتماعية التعليم والصحة والشباب وذوو الاحتياجات الخاصة ورعاية المحتاجين ودعم الأنشطة الخيرية والاجتماعية ومن ابرز المشاريع بناء مركز طبي لعلاج الإدمان، والعمل على انشاء 15 مركز اسعاف، والمشاركة في حملة توعية عالمية بأمراض السكري وأخطارها ومضاعفاتها، كما تم انشاء دور رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة على مساحة 7 آلاف متر مربع، وكذلك استمرار مشروع تأهيل المدارس الحكومية بتوفير احتياجاتها من الأجهزة التقنية والالكترونية الداعمة للعملية التعليمية.
وعلى صعيد المنتجات والخدمات فقد استحدث «بيتك» بطاقة الخير وهي بطاقة مصرفية يتبرع «بيتك» بجزء من عائد استخدامها لمساعدة غير القادرين على أداء الحج والعمرة، وقد تم إيفاد 55 حاجا ومعتمرا بالتعاون مع وزارة الأوقاف منذ بداية إطلاق البطاقة نهاية العام الماضي.
أقسام السيدات
كما استطاع «بيتك» أن يواكب بخدماته ومنتجاته قيم المجتمع وعاداته فأنشأ أقساما خاصة للسيدات لتقديم خدماته ومنتجاته في جو من الخصوصية ساهمت في تكوين كوادر نسائية مصرفية بالإضافة إلى تدوير أموال السيدات المختزنة داخل المنظومة الاقتصادية للدولة.
التمويل العقاري
رغم أنها خدمة مالية إلا أنها تأخذ بعدا اجتماعيا حيث يتم التمويل على فترات طويلة تصل إلى 15 عاما، واستطاع «بيتك» أن يوفر المسكن المناسب لنحو 30 ألف أسرة كويتية بتمويلات وصلت الى حوالي 4 مليارات دولار.
ملتقى بيروت للمؤسسات المالية الإسلامية يختتم أعماله
اختتم ملتقى بيروت للمؤسسات المالية الإسلامية أعماله بعدما انعقد على مدى يومين برعاية وحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبمشاركة وزير الدولة في لبنان عدنان القصار، والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، ورئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ـ رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة الشيخ صالح عبدالله كامل، وأمين عام هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية د.نضال الشعار، ولفيف من الشخصيات الرسمية والخبراء والمصرفيين والقانونيين وعلماء الشريعة الإسلامية.
وشهد اليوم الثاني من الملتقى مجموعة جلسات عمل حول قطاع الصيرفة الإسلامية، وركزت أولاها على «نظرة المديرين التنفيذيين إلى مستقبل الصناعة المالية الإسلامية». وتحدث في هذه الجلسة كل من: مؤسس ورئيس مجلس إدارة أولى المصارف الإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية «مصرف لاريبا» والرئيس التنفيذي الحالي لمصرف «ويتير» الإسلامي د.يحيى عبدالرحمن، والمدير الدولي لقطاع الصيرفة الإسلامية في مجموعة «سيتي بنك» هولوسي هوروزوغلو، ونائب الرئيس التنفيذي ـ رئيس مجموعة تطوير العمل المصرفي الإسلامي في البنك الأهلي التجاري عبدالرزاق الخريجي. وقد عرض المتحدثون للآفاق المستقبلية للصناعة المصرفية الإسلامية انطلاقا من تجربة كل منهم في الأسواق التي ينشط فيها، مع التركيز على مسائل أساسية أبرزها: قدرة المصارف الإسلامية التابعة لمجموعة مصرفية تقليدية على رسم إستراتيجية مستقلة عن الشركة الأم، ونجاح المصارف الإسلامية في الأسواق التي يغلب عليها النشاط المصرفي التقليدي.
أما الجلسة الثانية فناقشت تحدي تطبيق المعايير المحاسبية الإسلامية والدولية. وتحدث في هذه الجلسة نائب مدير في مديرية المحاسبة في مصرف لبنان عضو لجنة تنظيم العمل المصرفي الإسلامي فراس حمدان، مساعد الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية خيرول نظام، الشريك في شركة «ارنست أند يونغ» فؤاد ليق.
وعرض المتحدثون مجموعة من المسائل التي تأخذ حيزا واسعا من النقاش على مستوى الصناعة، كمساحات التلاقي ونقاط الاختلاف بين معايير المحاسبة الإسلامية والدولية وإمكانية توحيد أسس البيانات المالية في ظل تعدد المعايير. كما تطرق المتحدثون إلى الدور الذي تلعبه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في وضع معايير موحدة لنشر وتدقيق المعاملات المالية الإسلامية.
وتطرقت الجلسة الأخيرة في الملتقى إلى مدى أهمية الابتكار في عالم الصيرفة الإسلامية، وتحدث في الجلسة الرئيس التنفيذي للسوق المالية الإسلامية الدولية إجلال ألفي، وأمين الهيئة الشرعية للبنك الوطني للتنمية في مصر د.محمد البلتاجي، والمحامي الشريك في مكتب علم وشركاه عمر الأسير، وناقش المتحدثون مجالات الابتكار التي تتمتع بها الصناعة المصرفية الإسلامية بعيدا عن أسلوب تحويل الأعمال المصرفية التقليدية إلى أعمال متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وكان اليوم الأول شهد بعد الافتتاح مجموعة جلسات عمل ركزت على الدور الاقتصادي والاجتماعي للصناعة المصرفية الإسلامية وتحدي توحيد وإزالة التباينات بين التشريعات الإسلامية وخصوصا القضية الشائكة الخاصة بشرعية التورق والصكوك والوسائل المتعلقة بالتضارب بين القانون والشريعة لدى حدوث النزاعات، كما ألقى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين كلمة تناول فيها موقف السلطات الرقابية والناظمة من الصيرفة الإسلامية.