- فخور بأن يكون لدي أعداء لأنني سأدافع عما أؤمن به بشراسة
- لن أبلغ القمة يوماً فمن يبلغ القمة يبدأ تلقائياً بالانحدار والتراجع وهذا غير مقبول لدي
اعداد: منى الدغيمي
يعتبر صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود، ومن دون أي منازع، أشهر رجل عربي في العالم وأكثرهم نفوذا وثراء. وقد بنى سليل الأسرة السعودية الحاكمة، بمجهود شخصي ما عكف يبذله على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، إمبراطورية تبلغ قيمة استثماراتها المنتشرة في مختلف أصقاع الأرض مليارات الدولارات. ولم يتوان، إلى جانب ذلك كله، عن تقديم هبات ومساعدات بلغت قيمتها 3 مليارات دولار، ليصبح بذلك أحد أكثر أصحاب الأيادي البيضاء عطاء حول العالم. في مقابلة نادرة أجرتها مجلة «ارابيان بيزنس» معه في مخيمه الصحراوي الذي يبعد 80 كلم عن العاصمة الرياض، كشف الأمير الوليد بن طلال عن التحديات وتطلعاته المستقبلية، وعن اعتماده أسلوب المواجهة المباشرة والحازمة في الرد على منتقديه ومهاجميه.
و فيما يلي تفاصيل الحوار:
ماذا عن الأقوال التي راجت حول مساعدتكم في تمويل خطط لبناء مسجد بالقرب من موقع انهيار البرجين في نيويورك.. هل هذا صحيح؟
اسمحوا لي أن أتحدث عن ذلك، وأوضح الأمور معك لأول مرة، لقد سمعت ورأيت الكثير من الأخبار التي تربطني بهذه القضية، وهذا كله غير صحيح. نحن لم نمول هذا المشروع. أنا أقول إنني ضد بناء المسجد في هذا المكان بالذات، وسأقول لك لماذا، لسببين: أولا وقبل كل شيء، يتوجب على الداعمين لمشروع بناء المسجد أن يظهروا الاحترام لسكان مدينة نيويورك، وليس محاولة إعادة الجرح وذلك بوضع مسجد بجوار موقع أحداث 11 سبتمبر. فيما أن الجرح ما يزال يتعافى لا يمكن القول: دعونا نعود إلى حيث كنا قبل الأحداث. لذلك أنا ضد بناء المسجد هناك احتراما لهؤلاء الناس الذين تضرروا هناك. والأهم من ذلك أن المسجد ليس في أفضل موقع للبناء، فالمسجد يجب أن يكون في مكان محترم ولا يمكن أن يتم بناؤه إلى جانب حانة أو ناد للتعري، أو في حي ذي سمعة سيئة. لذا فإنني شخصيا ضد بناء المسجد في ذلك المكان. أنا أؤمن بأن المسيحيين لديهم الحق في بناء الكنائس في المكان الذي يريدونه ولليهود الحق في بناء المعابد حيث يريدون وكذلك المسلمون لهم الحق في بناء المساجد في المكان الذي يريدونه. ولكن يتوجب مراعاة واحترام سكان نيويورك الذين تضرروا بشدة، فمدة 10 سنوات فترة قصيرة عندما يتم التحدث عن التاريخ.
ويهدف سموه لبناء علاقات أفضل بين الشرق والغرب، ليس فقط من خلال تحسين طرق الحوار، ولكن أيضا بعدد لا يحصى من المبادرات التي كان قد أشرف عليها شخصيا. لكنه أول من يعترف بأن الأمور لم تتحسن كثيرا منذ أحداث 11 سبتمبر، ويقارن بين أحداث اليوم بما جرى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية «بعد انهيار ألمانيا النازية لم تعد الأمور إلى طبيعتها بين القوى المتحاربة فورا بل أخذت الكثير من الوقت لتعود الأمور الى وضعها الطبيعي».
إذن هل يلزمنا 30 سنة لتضميد جراح 11سبتمبر؟
ربما نعم.. فإن الجراح عميقة جدا. ما أحاول قوله أنه مضى عقد من الزمان الآن، وأرى أن الأمور تسير في طريق صعب. لم تتحسن الأوضاع بشكل كبير لكنها لم تزدد سوءا. ويمكن ملاحظة الناس السلبيين الذين لا يريدون أن يتحسن مجرى الأمور.
والمعركة ليست فقط في العالم العربي. يمكنك أن تقرأ العديد من المقالات حول الإساءة لمكانة النساء في الغرب أيضا، والواضح أن المشكلة أكثر ظهورا في منطقتنا. ولكن لا علاقة لذلك بالإسلام، لأنك إذا اطلعت على الإسلام الحقيقي في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والناس الذين جاءوا من بعده، فإنك ستجد أن النساء يعاملن مثل الرجال. لقد تخلفنا في العقود الثلاثة الماضية حيث تمت معاملة النساء كمواطنات من الدرجة الثانية».
إذا هل يمكن الانتصار في هذه المعركة حقا؟
إذا قارنا الوضع الحالي بما كان عليه منذ 20 عاما فستلاحظ تحسنا كبيرا. ويظهر ذلك في تسلم سيدات عربيات لمناصب وزارية في أجزاء كثيرة من العالم العربي. ففي السعودية، وللمرة الأولى، تم تعيين سيدة في منصب نائب وزير التربية والتعليم، لذلك فإنه توجد بعض الخطوات التي يجري اتخاذها.
أنا بطبيعتي أكثر اندفاعا، وأفهم وأقدر خطوات الملك عبدالله بن عبدالعزيز إذ يحاول الملك أن يعبر عن نبض الناس، فالسرعة تسير في الحد الأقصى الممكن لها، وأنا اتفق مع ذلك. وقد قابلت من قبل diane sawyer على قناة abc في أميركا وسألتني عن قضايا المرأة، فقلت لها: مع كل الاحترام للولايات المتحدة، فإنه لم يسمح للسيدات بالتصويت هناك حتى عام 1922. وحتى الستينيات لم يكن يسمح للسود بالذهاب إلى الأماكن التي يرتادها البيض. لذلك دعونا نتذكر ذلك أيضا.
كما ان القيام بأعمال الخير واجب بالنسبة لي. فالإسلام حض على خمس فرائض، واحدة منها هي الزكاة. إذا كنت في أوروبا ولا تدفع الضرائب فستذهب إلى السجن. وفي الإسلام تعاقب أيضا. فالزكاة مثل الصلاة أو الصوم بالضبط.
فالإسلام لا يشجع بل يأمر بشكل أقوى من نظام الضرائب في الولايات المتحدة. إن الإسلام دين رائع بشكل لا يصدق، لكن للأسف يتم استغلاله من عدد قليل من الناس.
وبعد أن بلغ سموه الآن من العمر 55 عاما، لا يزال يقضي قدرا متزايدا من الوقت في أعماله الخيرية، وقد وجه كبار المسؤولين التنفيذيين لإدارة كل من إمبراطورية أعماله ومؤسسته الخيرية، في حين أنه يتخذ أسلوب إدارة بيل غيتس في الاثنتين على حد سواء. ومن الواضح أن المؤسسة الخيرية من بين كل أعماله يعطيها اهتماما خاصا.
كما أود أن يذكر اسمي أنه رجل أحدث فرقا وعمل على تحسين حياة أكبر عدد من الناس قدر الإمكان، يمكنك بناء المباني العالية والمدارس والمستشفيات، لكن في نهاية المطاف ما يهم هو كيف تم تغيير نوعية حياة الناس.
لا يزال الأمير واضعا إصبعه على نبض الاقتصاد أكثر من الكثير من كبار رجال الأعمال. لقد زادت أرباحه بفضل الزيادة في إيرادات الشركات، في حين أنه ازداد اهتماما بوسائل الإعلام أيضا كما أنه رفع حصته في news corp التابعة لروبرت مردوخ إلى ما نسبته 7%، ويخطط أيضا لإطلاق قناة أخبار خاصة في الشرق الأوسط. وهذا لا يعني أنه يعتقد أن الأزمة المالية قد خفت. لكنه يرى في هذا الركود فرصة كبيرة للمستثمرين وله أيضا.
إن الركود قد انتهى تقنيا، لكنه في واقع الأمر لم ينته. إن الاقتصاد العالمي خرج من وحدة العناية المركزة، ولا يزال يتنفس لكنه في أزمة عميقة. نحن لم ننته من المشكلة، ولكننا لسنا في ورطة عميقة. عندما تكون نسبة البطالة في أوروبا 8%، وفي الولايات المتحدة 9%، لا تستطيع أن تقول ان الأمور على ما يرام.
لكن، هل هناك خوف من ركود مضاعف يلوح في الأفق؟
لا أعتقد أن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيسمح بحدوث ذلك، فهم يضخون الكثير من الأموال، وأعتقد أننا سنخرج من هذا الركود.
وكونه يملك حصة كبيرة من أسهم البنوك، فإنه يصر على أنه لا يمكن إلقاء لوم الأزمة على البنوك بشكل كامل. إنها أزمة الرأسمالية التي وجهت إلى حدودها بعد انهيار الشيوعية والاشتراكية، وأعتقد أن هناك نوعا من الغطرسة في النهج الرأسمالي، فالرأسمالية تمر الآن بأزمة كبيرة. وهذا مؤشر مهم.
هل يشعرون الآن باليقظة؟
من الأفضل لهم أن يتنبهوا. فإذا لم ينبههم هذا بعد فلن ينبههم شيء آخر».
وماذا يحمل المستقبل لأكثر شخصية عربية مشهورة في العالم؟
يتحدث عن الدخول في مشاريع مهمة، في حين ما يزال ينظر عن كثب على وضع الأسواق المالية في العالم بحثا عن الإنجاز المقبل. لم يتغير روتينه على مدى العقود الثلاثة الماضية كثيرا، ينام من الساعة الخامسة حتى العاشرة صباحا، ويعمل باستمرار على مدار الساعات الـ 19 المتبقية من اليوم.
الجينات والمكان والوقت سر نجاح الوليد بن طلال
«استطعت التعلم من أخطائي وهفواتي. عندما يسألني الناس ما هو سبب نجاحي والحمد لله، أقول لهم ثلاثة أسباب: الجينات المناسبة والمكان المناسب والوقت المناسب. وإذا نقص احدها فلا يمكن النجاح. الجينات المناسبة والحمد لله. المكان المناسب هو المملكة العربية السعودية، فلو كنت في بلد فقير لما نجحت. والوقت المناسب، لو بدأت العمل في عام 1932 لما نجحت».
دور الزوجة
«قلت لها تخرجي في الجامعة وافعلي ما ترغبين في القيام به. سواء في الأعمال التجارية أو العمل الخيري أو كربة منزل، فلتفعل ما تريد القيام به. لا أستطيع أن أعطي لها الحق في تمكين نفسها، ثم أملي عليها ما تريد القيام به».
القيادة لا يمكن تدريسها
«يتوجب على القائد أن يكون ذكيا ويجب عليه أن يعرف إلى أين يتجه ويجب أن تكون لديه إدارة وحسن أداء. عليك أن تعرف توجهاتك وأهدافك. لا يمكنك القول ان لا شيء يمشي معك! قد لا يمكنك الوصول إلى حلمك، ولكن يجب أن يكون لديك هدف. بصراحة، لا أعتقد أن القيادة يمكن تدريسها، بعض الناس يولدون ليكونوا قادة ويولد بعض الناس لا ليكونوا قادة».
أفلست مرتين
«أعتقد أن الشخص الذي درس وتخرج وبدأ العمل في أي مجال يجب أن يكون له هدف. بعدما تخرجت في الولايات المتحدة، بدأت بمكتب صغير تبلغ مساحته 100 متر مربع، ولم يكن لدي سوى ثلاثة موظفين. كنت أعرف أنه علي أن أبدأ في مكان ما. لقد بدأت بمبلغ 30 ألف دولار وأفلست بعد 6 أشهر. ثم عدت إلى والدي وأعطاني 300 ألف دولار وأفلست بعد سنتين. ثم في المرة الثالثة ذهبت إليه لكنه قال: انتهى الأمر أيها الأمير. لذلك قمت برهن منزلي لدى البنك ومن ثم بعد ذلك وفقني الله وأقلعت بعد محاولتين غير ناجحتين والحمد لله».
الأميرة أميرة الطويل: الحلول الضحلة هي أكبر الحواجز أمام حل مشكلة الفقر
لعبت صاحبة السمو الأميرة أميرة الطويل دورا شعبيا واجتماعيا متناميا وازدادت إطلالاتها في الأوساط العامة على مدى السنتين الماضيتين، حيث رافقت الأمير الوليد في رحلاته العالمية لمقابلة حكام وقادة الدول، ولمعاينة المناطق الفقيرة حول العالم، وبصفتها نائبة رئيس مجلس أمناء مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، تقود عددا كبيرا من قضاياها. في أول مقابلة صحافية لها على الإطلاق، تكشف الأميرة عن رؤيتها المستقبلية وتشير إلى التحديات التي عليها أن تتخطاها لتحقق أهدافها.
كانت المفاجأة الأولى موافقتها على إجراء المقابلة، فالأميرة لا تجري مقابلات أبدا. وما حاجتها إلى المقابلات؟ كونها نائبة رئيس مجلس أمناء مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، بإمكانها أن تترك الكلمة للنتائج المحققة، فالمؤسسة كانت السباقة، بكل ما للكلمة من معنى.
تقول الأميرة: أرغب في أن أنقل الصورة الحقيقية للنساء في المملكة العربية السعودية. نحن لسنا مجرد نساء يغطيهن الأسود من رؤوسهن إلى أخمص أقدامهن ويمشين خلف الرجال. ونحن لا نتعرض للقمع في منازلنا ونبكي طوال الوقت. هذه الصورة لا تمثلنا، صدقوني فنحن لسنا هكذا.
وتضيف سموها شارحة: «أنا أؤمن بعدة قضايا. صحيح أن عدم القدرة على القيادة يزعج النساء هنا ويزعجني شخصيا إلا أنه ليس سببا يدعوني للاكتئاب. هذا الأمر يزعجني قليلا، ولكنني أعتبر أنه ثمة قضايا أهم وأكبر كالتعليم مثلا».
والسؤال المحوري هو كم ستستغرق عملية التغيير، وماهي سرعتها. وبخصوص هاتين القضيتين، تؤكد سمو الأميرة أميرة أنها راضية عن السرعة وأنها واثقة من التقدم على المدى الطويل.
«أنا مع الجيل الشاب، وهكذا فإن الأمور في عام 2010 هي أسهل مما كانت عليه قبل 10 سنوات. الأمور صارت أسهل بالنسبة لي لأن غالبية الشعب السعودي هم من جيل الشباب، وهناك الآن هذه الحركة الجديدة. لدينا الآن الإنترنت ووسائل الإعلام ونملك كل سبل الوصول إلى العالم. سترى التغيير، غير أنه لن يحدث في 5 سنوات، التغيير سيستغرق وقتا». وتضيف الأميرة «بالنسبة لنا فإن الدفع باتجاه التحديث بهذه السرعة الكبيرة، قد يتسبب بإلحاق الأذى. ونحن لا نريد هذا الأمر. علينا أن نأخذ الجانب الإيجابي من العولمة وأن نترك الجانب السلبي. أنا مقتنعة بالطريقة التي يحدث فيها التغيير حاليا. نعم في الواقع نحن نرى التغيير، ونتوقع التغيير. وأنا أعلم عندما أنظر إلى الجيل الشاب، أن التغيير، إذا لم يحصل خلال ال 5 أو ال 10 سنوات المقبلة، فانه سيحدث بكل تأكيد خلال ال 15 سنة المقبلة».
ومع الأمير الوليد فإن الأميرة أميرة، جالت كل أنحاء القارة الأفريقية تقريبا، وهي على الرغم من رغبتها في المساعدة، فإنها على دراية بالهيئات، فليس هناك نقص في الكادر البشري، كما ليس هناك نقص في المنظمات التي تريد أن تقيم علاقات مع مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، بهدف وحيد هو الربح الشخصي.
«لقد رأيت الكثير من الفقر في الأماكن التي زرتها، أنت لا تستطيع إطلاق الحكم الصحيح ما لم تكن موجودا هناك، وأنا لا أصدر حكما من المرة الأولى. ولكن عندما أذهب إلى المكان، وأراقبه جيدا، أستطيع أن أرى الأشياء، هناك بعض الأشخاص الذين كنت أكن لهم الاحترام، وهذا الاحترام يزداد بعد أن أقابلهم».
وتضيف الأميرة أميرة قائلة «لا نريد أن تتم سرقة ولو 1000 دولار فقط من المساعدات التي نقدمها. هل تحدث أشياء سيئة؟ الجواب نعم انها تحدث، لكننا نحاول أن نمنع حدوثها».
إذن، هل لايزال هناك حتى الآن الكثير من الحواجز التي تمنع الحد من الفقر؟ تجيب الأميرة «الحلول الضحلة، هي أكبر الحواجز أمام حل مشكلة الفقر. أنا أكره الحلول الضحلة التي تعطي فقط الأموال وسلل الغذاء. أنت بحاجة لتعليم الناس كيفية إدارة مواردهم المالية. وبدلا من أن تطعمهم سمكة، عليك أن تعلمهم كيف يصطادون سمكة، هذه مشكلة أكبر. نحن شركاء مع أناس متخصصين، ومع منظمات، غير أن الأزمات الكبرى تجد الحل في الحلول العميقة والطويلة المدى».
ومادام أن الموضوع الأساسي الثاني لمؤسسة الوليد هو تعزيز الحوار بين الأديان، فإن الأميرة سرعان ما تدخل في الأمور الحساسة، وبشكل خاص العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. غير أن الأميرة أميرة مستعدة جيدا لذلك، ولديها وجهات نظر مباشرة. فهي تتفق مع الأمير الوليد على أن بناء المسجد يجب ألا يكون قريبا من موقعي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وهو ما يعرف باسم «غراوند زيرو»، وذلك لنفس الأسباب التي تحدث عنها الأمير الوليد غير أنها تقول ان على الحكومات ووسائل الإعلام أن تتخذ دورا قياديا أكبر.