- جونتر: لا وجود لنموذج موحد لإصلاح القطاع العام ويجب التركيز على إصلاحات إدارة الإنفاق
منى الدغيمي
قالت عضو مجلس الأمة ورئيسة الجمعية الكويتية الاقتصادية د.رولا دشتي ان الحكومة ستقدم رؤيتها الشهر المقبل حول التمويل الميسر للمشاريع التنموية.
وكشفت على هامش محاضرة عامة حول «تقوية الاستجابة والأداء.. منظور عالمي للإصلاحات في القطاع العام» بمقر الجمعية الكويتية الاقتصادية عن أن آلية التمويل الميسر ستتبين بعد صدور قرار الحكومة بهذا الشأن.
وأوضحت دشتي انه ليست كل المشاريع تحتاج للتمويل الميسر وذلك حسبما ترتئيه الحكومة، مشيرة إلى أنه في غيابه لن تكون هناك تغطية لكامل التمويل المطلوب لمشاريع التنمية.
ورفضت قيام الحكومة بمنح ضمانات على التمويل الذي سيمنحه القطاع المصرفي.
وتابعت: «لن نقبل بأن ينظر إلى القطاع الخاص على أنه جهة المناقصات، فالقطاع الخاص اكبر من أن يكون دوره مقتصرا على المناقصات الحكومية ولن نقبل بأن تسيطر الحكومة على القطاعات الاقتصادية».
وأضافت ان هناك الكثير من الآليات للتمويل وليس بالضرورة آلية واحدة كبنك التنمية، لافتة الى ان الحكومة ستحدد الآلية المناسبة للتمويل الميسر للشركات التنموية التي ستطرح بالسوق.
وقالت دشتي: نحن نرى كمجلس أمة أن جميع المتنافسين يجب أن يعلموا قيمة التمويل الميسر مدته وتكلفته لتكون هناك نسبة شفافية عالية ومنافسة بين الكل.
وتابعت: «أنا أتحدث عن المبادئ الأساسية للتمويل وليس على مسميات أخرى هناك بعض المشاريع التنموية تحتاج إلى تمويل ميسر وهناك اتفاق حكومي على هذا التمويل وآليته».
وأشارت قائلة: «بعض المشاريع تحتاج إلى التمويل الخاص وهذه ليست بدعة حيث ان العديد من البلدان في العالم اعتمدت التمويل الميسر لمشاريعها التنموية التي نفذتها».
وأكدت على أنه سيشجع ويخلق أعمالا للبنوك التجارية وبالتالي يوفر ضمانا أكثر ونشاطا فعالا وحركة تجارية اكبر.
وأفادت بأن المشاريع التنموية إذا لم يقدها القطاع الخاص ستنتظر دورها بالمناقصات، مؤكدة على أن استفادة البنوك بالمناقصات ليست استفادة كبيرة باعتبار أن التمويل سيكون مقابل ضمانات.
ورأت أن التمويل الميسر سيخلق ديناميكية ونشاطا للقطاع المصرفي إذا نظر إليه من منطلق كل أبعاده، لافتة إلى أن هذا التمويل لن يغطي كل التمويل المطلوب للمشاريع التنموية المطروحة.
وأضافت: «هناك مشاريع محددة ستؤسس لها شركات تطرح للاكتتاب، موضحة انه ليس كل مشروع يطرح للاكتتاب العام يأخذ التمويل الميسر».
وكشفت أن منح التمويل الميسر يعتمد على الجهة الحكومية التي ستقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع وستحدد رأسمال الشركة واحتياجات التمويل الميسر، مشيرة إلى أن التمويل التجاري سيخص البنوك التجارية.
القطاع الخاص شريك
وأضافت دشتي: «اليوم لدينا خطة تنموية نريد أن نحققها ونشرك جميع القطاعات الاقتصادية فيها وفلسفتنا أن القطاع الخاص شريك في التنمية و ليس قطاعا مغلقا يقتصر دوره على المناقصات والمقاولات، لذلك يجب على القطاع الخاص أن ينتج ويدير ويمول ويمتلك مع المواطنين الكويتيين هذه الأنشطة الاقتصادية».
وتابعت: هناك الكثير من القطاعات يجب أن نعززها، واليوم الاقتصاد بحاجة إلى تعزيز هذه القطاعات بقيادة القطاع الخاص وهذا ما يخلق فرص العمل ويدعم الوظائف.
وأشارت د.دشتي إلى أن الخطة التنموية تضمنت في سياسياتها العامة أن من يقود الإصلاحات الاقتصادية بالمشاركة هو القطاع الخاص.
وأضافت: مفهومنا للقطاع الخاص ليس البنوك بل كل الاقتصاد الكويتي والاقتصاد الكويتي ليس بنوكا بل هو قطاعات الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي تخلق فرص العمل والتي تحافظ على الطبقة الوسطى وتعزز هذه الطبقة، وهذا يأتي في إطار تحويل الكويت إلى دولة لا تعتمد على النفط فقط بل إلى دولة قادرة على خلق ثروات من خلال قطاعاتها الاقتصادية.
وأكدت د.دشتي على أن القطاع الخاص شريك في التنمية وهو من سيقود الإدارة والتمويل، مشيرة إلى أن دور الحكومة في الأنشطة الاقتصادية سيكون دورا رقابيا وتنظيميا أما التملك فسيكون للشعب الكويتي.
وعن بداية الشروع في تنفيذ الخطة، قالت دشتي: لا يمكن أن نبني بيتا دون خريطة ولا يمكن بناء فيلا خلال يوم أو شهر كذلك الخطة تحتاج إلى بنية تحتية وتشريعية وتنظيمية وإدارية للشروع في تنفيذها.
وأفادت د.دشتي بأن جميع البنوك المحلية والأجنبية سيكون لها دور في التنمية، حيث ان العديد من الشركات الأجنبية المتخصصة ستساهم في المشاريع التنموية وستلعب دور الشريك الاستراتيجي في المشاريع المطروحة باعتبار أن الاقتصاد الكويتي اقتصاد مفتوح. وأوضحت أن هناك قانونا ينظم عملية مشاركة الشركات الأجنبية في مشاريع التنموية، حيث يسمح هذا القانون للشركات الأجنبية ذات الخبرات العالمية المتخصصة بأن تدخل كشريك استراتيجي وذلك عبر التقدم بتأهيلها ثم ينظر في خبراتها ويؤخذ قرار بشأنها من قبل مجلس الوزراء.
الحد من البيروقراطية
واعتبرت د.رولا دشتي أن الخطة التنموية تضمنت سياسات إصلاحية تطالب بالحد من البيروقراطية وتقديم الخدمات الأمثل، لافتة إلى أن هذه السياسات دعت إلى الحد من زيادة الحجم في القطاع العام وإعطاء الكفاءات الكويتية فرصة لإثبات قدراتهم والاستغناء على القياديين الذين مر عليهم الزمن، قائلة «أظن انه آن الأوان للقول لهم شكرا على أدائهم في السابق لاسيما أن المرحلة الجديدة تحتاج إلى طاقة وكفاءات قادرة على تطبيق الخطة».
وأشارت د.دشتي إلى أن من القوانين التي شملتها خطة التنمية حرية المعلومات. وأضافت أنه ستتم إعادة هيكلة وإصلاح القطاع الحكومي لييسر السبيل إلى الحكومة الالكترونية، مشيرة إلى أن الإصلاح سيشمل في الوقت نفسه الشفافية ومحاسبة القياديين عن طريق عقوبات من خلال معايير تحدد للقياديين للتقيد بها. وأكدت على ضرورة أن تستخدم موارد النفط للإصلاح عن طريق خلق الثروات وليس الاستنزاف، مشيرة بقولها «ما نعيشه اليوم أننا نستنزف الموارد النفطية ولا يمكن لهذه الموارد أن تستمر في الاستنزاف، مؤكدة على أهمية أن توجه ثروات الموارد النفطية للإصلاحات الاقتصادية ولخلق ثروات اقتصادية لكي يكون لدينا اقتصاد مستدام».
وقالت النائبة ورئيسة الجمعية الكويتية الاقتصادية د.رولا دشتي في كلمتها خلال المحاضرة التي ألقاها مدير قطاع إصلاحات القطاع الحكومي والحوكمة في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا د.جونتر هايدنهوف اول من امس وذلك ضمن انشطة برنامج «محاضرات خبراء البنك الدولي» الذي ينظمه مكتب البنك الدولي لدى الكويت ان إصلاحات الإدارة الحكومية وتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة من القضايا التي شملتها الخطة التنموية التي اقرها مجلس الأمة بالتعاون مع الحكومة.
وأضافت د.دشتي أن الخطة التنموية دعت إلى تخفيف العبء على الإدارة الحكومية وبناء مجتمع معلومات حتى يكون المواطن مطلعا علي ما يدور من حوله في الوقت نفسه ويستطيع أن يجري كل خدماته باستخدام البوابة الالكترونية.
وقد تركزت النقاط الرئيسية في محاضرة د.جونتر، على الضغوطات التي نجم عنها تشكيل الهيكل الحكومي على مر التاريخ وتحديدا خلال العقود القليلة الماضية، وبشكل خاص المنافسة العالمية المتنامية، التي تمثلت في الطلب المتزايد لإحداث حالة من الاستقرار الكلي وتحفيز مناخ استثمار تنافسي. كذلك من ضمن تلك المؤثرات كانت المطالبات المتنامية من المواطن لتقديم خدمات عامة تتميز بالفعالية والشفافية والمسؤولية، إضافة إلى الطلب المتزايد لإصلاح الجوانب المالية من اجل تحقيق الكفاءة والفعالية.
وحدد د.جونتر المطالبات التي يجب أن يوفرها القطاع العام ليكون أفضل أداء وذلك عن طريق «الوفاء بالتزاماته وان يكون اقل عزلة عن الموطنين وهادفا إلى الأداء الأفضل وتحقيق الأهداف والمخرجات الرئيسية».
أنماط الإصلاح
وأجرى د.جونتر مقارنة حول أنماط الإصلاح في ثلاث مناطق: دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية oecd ذات الدخل المرتفع وتحديدا دول الكومنويلث المتمثلة في اسبانيا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة حيث يتأثر القطاع العام فيها بشدة بدوافع المستهلك والتي ترتب عليها تركيز عقلي أحادي يتمثل في الاستجابة والأداء وأيضا تنمية «الإدارة العامة الجديدة» والوكالات التنفيذية والتعاقدات القائمة على الأداء والتي ترتب عليها تحول إلى ثقافة الإدارة.
وقال ان القطاع العام في البلدان الاسكندنافية (فنلندا والسويد) والى حد ما هولندا حقق أداءه المصاحب لتطوير المشاركة في العملية السياسية المحلية والقومية بينما ركز على الحفاظ على بعض الجوانب التقليدية من ثقافة الإدارة لديه. وعلى النقيض من ذلك، فان فرنسا وألمانيا وبلدان أخرى يركز فيها القطاع العام بشكل اكبر في الحفاظ على الأساسات القانونية الجوهرية للقطاع العام، وضمان إدارة تمتاز بأساس قانوني، وأيضا إصلاحات تركز بالدرجة الأولى على الأداء. وفيما بعد دمج المحاضر بين إصلاحات القطاع العام في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية oecd وغيرها من البلدان بأنها قامت على أربعة أبعاد رئيسية وهي تحديدا: إصلاحات إدارة الإنفاق العام والمساءلة المالية وإدارة الموارد البشرية وهيكلة القطاع العام وأيضا جانب المطالبات.
شجاعة سياسية
وأجمع الحضور خلال فتح باب النقاش على أهمية إصلاح القطاع العام وتعزيز الشفافية والحد من البيروقراطية داخل الإدارة الحكومية الكويتية وذكر بعضهم أن عملية إصلاح القطاع العام تتطلب شجاعة سياسية وثقافة من المواطنين.
وأكد البعض الآخر على أن إصلاح القطاع العام يجب أن يكون إصلاحا استراتيجيا وذلك عبر زيادة فعالية الخدمات عن طريق تحويلها إلى القطاع الخاص.
وأفاد بعضهم بأن عملية الإصلاح ستأخذ وقتا طويلا وتساءلوا عن النموذج الأمثل الذي يتطابق مع تركيبة القطاع الحكومي الكويتي. ورأوا أن عملية الإصلاح لابد أن تكون تدريجية حتى يقتنع الناس بأن هناك مصلحة عامة في عملية إصلاح القطاع الحكومي. من جانبه قال مدير مكتب البنك الدولي لدى الكويت د.رضوان شعبان انه ضمن انشطة برنامج «محاضرات خبراء البنك الدولي» سيعمل البنك الدولي على تقديم النصيحة والكشف عن التجارب التي مرت بها الدول الغربية في عملية إصلاحها وهيكلتها للقطاع العام. ودعا إلى ضرورة الاستفادة من هذه التجارب التي ستمكن القائمين على إصلاح القطاع العام الكويتي من التوصل إلى النموذج المناسب وأنماط الإصلاح التي تتطابق مع بيئة أعمال الدول الخليجية.